فلتكن هذه الخطوة إقامة مجلس سياسي كردي
التاريخ: الخميس 24 تموز 2008
الموضوع: اخبار



رشاد موسى

منذ عام تقريبا  يمكن القول بان أجواء من السكون خيمت على الحراك السياسي الداخلي الكردي في سوريا لجهة توحيد الصف ولملمة الشمل والخروج من الحالة الراهنة اللا مواتية أي منذ توقف حوارات المرجعية الكردية التي كانت ولا زالت تمثل مطلبا هاما وملحا وعاجلا لمعظم جماهير وفئات شعبنا الكردي في سوريا التي كانت تتوقع وتتمنى من خلال تفاهمات وقواسم مشتركة وإرادة جادة وفاعلة في تغليب نقاط الاتفاق على نقاط الاختلاف من قبل الأطراف الكردية المتحاورة وفي وقت قصير البدء بالتحضير لمؤتمر وطني كردي موسع يشارك في معظم ممثلي فعاليات الشعب الكردي الوطنية في سوريا من حزبية ومستقلة


لتأتي المرجعية الكردية المنشودة على مقاس الجميع تحقيقا لديمومتها ولضرورتها النضالية وأهميتها العملية والواقعية في تماسك و توحيد الصف الكردي الموسع وترتيب بيته الداخلي وإعادة اللحمة إلى جسم الحركة الكردية التي تشكو منذ زمن طويل من إشكالات الانقسام والتشرذم والتباعد والتنافر.
 من الأهمية بمكان أن نذكر بان تلك الإشكالات الغير لائقة إطلاقا بنضال شعب مضطهد ومحروم من حقوقه القومية والديمقراطية المشروعة ويمثل القومية الرئيسة الثانية في البلاد مثل الشعب الكردي في سوريا والتي أساءت كثيرا إلى سمعة حركته السياسية على مختلف الصعد وهدرت الكثير من الطاقات والإمكانات في غير محلها أخذت في مراحل معينة تتجه نحو مسارات ايجابية بعض الشيء تحت ضغط الشارع الكردي ومتطلبات العمل النضالي تجلت بظهور بعض الأطر تباعا جمعت كل منها عددا من الأحزاب الكردية تحت مظلتها وباصطفافات معينة لم تخلو في الحقيقة من السعي والبحث عن المواقع وتثبيت الذات الحزبية وربما الشخصية أيضا على الأقل من قبل البعض مع هذا كانت محل رضا واستحسان وتقدير كبير لدى أبناء شعبنا الكردي في سوريا الذي رأى في تلك الخطوات الايجابية كقطرات ماء في أول الغيث في اتجاه حل الإشكالات القائمة في بنية حركته السياسية فأعادت إليه قدرا ملموسا من الحيوية والنشاط والحراك السياسي وعززت لديه الثقة والأمل بمستقبل نضالي واعد للحركة الكردية أكثر توحدا وأهمية وإشراقا وفي هذا السياق ذاته وبعد أن تبين بان الحاجة النضالية بدأت تتخطى هذه الأطر نفسها تبعا لتغيير الظروف وتشعب المهام والمسئوليات وضرورة التغيير والتقدم نحو الأفضل والأرقى وبما يرفع المزيد من مستوى الحركة الكردية ومن ثقلها وفعاليتها ويكسبها المزيد من دعم وثقة الجماهير الكردية ويؤهلها للقيام أكثر بمهامها النضالية على كافة الصعد في هذا السياق ذاته دخلت قيادات الأطر الثلاث (التنسيق – الجبهة – التحالف) في حوارات مطولة في العام الماضي من أجل انجاز مرجعية كردية تكون حاضنة حقيقية وجدية لوحدة الصف الكردي الذي طال انتظاره وبات  تأجيله ينذر بما لا يحمد عقباه وقد تمكنت هذه القيادات بعد جهود مضنية عبر جولات متعددة من الحوار من الوصول إلى اتفاق على رؤية سياسية مشتركة بصفتها الخطوة الأساسية والهامة للانطلاق نحو مؤتمر المرجعية لكن سرعان ما أضحت هذه الرؤية هي نفسها مصدرا للخلاف من جهة نشرها أو عدم نشرها لم يتم تداركه في الحقيقة لاحقا ولم يتوفر للخلاف المستجد مخرجا موضوعيا فأضحى بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير كما يقال وبذلك وصلت تلك الحوارات إلى باب مسدود الأمر الذي أفسح المجال لأجواء من  السكون أن تخيم في الساحة السياسية الكردية بشأن المرجعية رغم من بعض الأطروحات التي ظهرت فيما بعد تحت عنوان الانطلاق إلى المرجعية ذاتها دارت حول إقامة تحالفات جديدة  بشكل رباعي أو خماسي أو بغير لكسر هذا السكون حسب المزاعم لكن دون جدوى حتى تاريخه لان وضع الحركة الكردية القائم يبدو انه لا يسمح بذلك. ومن جهة أخرى حدث ما يزيد الطين بله في وضع الحركة تمثل في ظهور شرخ في جدار إطار التحالف يمكن انه وصل إلى مرحلة اللا عودة نظرا لحالة التباعد الحاصلة بين طرفي الخلاف فيه وذهاب كل طرف في حال سبيله كما يبدو وكان مسئولية ما حدث في التحالف ليس له يد فيه وساعيا في الوقت نفسه لإلقاء اللوم على الطرف الآخر بينما جماهير شعبنا الكردي في سوريا يحمل المسئولية لكلا الطرفين قد يكون ليس بذات السوية. وهنا تجدر الإشارة بان كل ما أتينا على ذكره لا جديد فيه كونه بات معروفا على نطاق واسع لكنه يظل مثيرا للجدل ومبعثا على القلق في الشارع الكردي خاصة إن ذلك حصل ويحصل في وقت تتوسع وتتصاعد فيه حدة السياسات الشوفينية ضد شعبنا الكردي في سوريا نذكر منها على سبيل المثال لا على سبيل الحصر نية الحكومة في توطين 150عائلة عربية من خارج المنطقة في أراض خمسة قرى كردية في منطقة ديريك وحرمان فلاحيها الكرد من أرض الآباء والأجداد و ما حدث في عشية  نوروز هذا العام في مدينة القامشلي بإطلاق الرصاص الحي على مجموعة من الشبان الكرد العزل الذين خرجوا إلى الطرقات ليلا للاحتفال بقدوم عيد نوروز المجيد الأمر الذي أدى إلى استشهاد وجرح عددا منهم وأيضا حرمان عشرات الآلاف من المواطنين الكرد المكتومين بفعل تطبيقات مشروع الإحصاء الاستثنائي العنصري السيئ الصيت من قسائم المازوت التي تم توزيعها اثر ارتفاع أسعاره مؤخرا بدرجة قياسية بالإضافة إلى قرار مكتب الأمن القومي السوري الذي تم تبليغه في وقت سابق لقيادات الحركة الكردية والمتضمن كالتالي (يمنع الاحتفالات العامة إلا بموافقة وزير الداخلية وتمنع رفع الأعلام الكردية وتحويل رافعيها إلى المحكمة بتهمة الخيانة العظمى واقتطاع جزء من سوريا.
وفي جانب آخر وكما يلاحظ إن هناك مؤشرات جديدة في السياسة الإقليمية والدولية تنذر بان المنطقة بما فيها بلادنا مقبلة على تطورات جديدة تدخل في أكثر الاحتمالات في إطار التغييرات الجارية على الصعيد العالمي منذ نهاية القرن الفائت والتي تتغلف أحينا بمصالح الدول الكبرى الآنية لتأتي النتائج عكسية على البعض ربما يكون وضع الشعب الكردي في سوريا من هذا البعض وفي هذه الحالة قد تشهد الساحة الكردية في سوريا مزيدا من السياسات الشوفينية الظالمة والسؤال الذي يطرح نفسه هنا أين وضع الحركة الكردية الغير مواتي من هذه الاحتمالات الواردة التي يجب أن تؤخذ بالاعتبار والحسبان دون تردد  ومن الآن فصاعد.
 ومثلما يقال فان أية مسافة  تبدأ بخطوة واحدة فلتكن هذه الخطوة إقامة مجلس سياسي كردي أو ما يماثله كما هو مقترح سابقا يضم معظم فصائل الحركة الكردية ليتولى قيادة النضال الكردي في سوريا في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة بدراية وحكمة وموضوعية وبما تفرضه المسئولية التاريخية وما تتطلبه المستجدات الراهنة والمقبلة التي قد تسير على سكة سريعة. 
 ومهما كانت تداعيات وانعكاسات هذه المستجدات سلبية كانت أم ايجابية ففي كلتا الحالتين يأتي إقامة مثل هذا المجلس السياسي الكردي كضرورة مرحلية وذات قدر كبير من الأهمية وخطوة في الاتجاه الصحيح ومقدمة سليمة بل وجسر عبور من شأنه أن يقود نحو تحقيق المرجعية المنشودة التي يجب أن تكون نصب أعين الجميع لا بديلا عنها هذا إذا كان الجد هو السبيل والمسئولية في المقام العالي لدى كل من يعنيه وبيده الأمر.
 
23/7/2008

reshadmusa@hotmail.com 







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=4207