بين الحزبية والكوردياتي..
التاريخ: الأحد 27 نيسان 2008
الموضوع: اخبار



عبد الرحمن آلوجي

لقد صبرنا طويلا قبل أنم نضطر إلى إيضاح الخط الذي ننتهجه .. فقد سمعنا الكثير من الهجوم و التحامل , و غضضنا النظر عن كثير من المواقف الهجومية , إلا أن التمادي في الإقصاء و الإنكار , ثم الحملة المبطنة و المعلنة أحيانا .. جعلتنا نضطر لإيضاح حقائق عن واقعنا الحركي , و نضالنا اليومي , و حرصنا على توكيد ثوابت الحزب , و منطلقاته التي ترسخت منذ عقود عبر نضال متواصل , واضح المعالم , جليّ في مواقفه , ثابت في قناعاته الوطنية , بعيد عن المكاسب الحزبية الصغيرة , و الاهتمامات السريعة العابرة , مؤكدين أن الصبر على المكاره و الحصار و الالتفاف , و أساليب التشويه ..


لن يحرفنا عن مسيرة آمنا بأنها سوف ترسخ قيمنا , و تزيد من إصرارنا على مواصلة عملنا في ضوء معطيات رفدت حركة البارتي , و أعطته قوة دافعة , ووهبت من جماهيره و عمقه الوطني ما جعله يتمتع بمصداقية الفكر , و صدق التوجه , و نصاعة الرؤية .. بعيدا عن أجواء المشاحنات و الإحن و التصعيد غير المنتج – في غمرة نصال يستوجب حسا رفيعا من العمل الوطني و القومي الدؤوب – في غير التفاتة إلى الحملات الفردية و الجماعية المنطلقة من دوافع ذاتية و مواقف مسبقة , و كراهية مستكنة في نفوس بعض المرضى , ممن يضيرهم أن ينطلق رفاقنا بعزم الرجال , و همة وطنية عالية , و فهم دقيق لخصوصيات الحزب و دقة و حراجة المرحلة التاريخية التي تمر بها المنطقة , و تمر بها سوريا , في ظرف يستوجب كثيرا من الإحساس بالمسؤولية , و الترفع عن الهابط و المتدني من القول و الفعل ,و الفكر و الممارسة ..
لقد توالت الأحداث , خاصة في شهر آذار الذي عودنا بمآسيه و مصائبه و مناسباته , أن نتجرع الغصص و الآلام , و أن نقف بعزم و قوة إرادة لمواجهة الموقف المطلوب ,  فكان القرار الصعب الذي اتخذه الحزب , بإعلان الحداد و إيقاف كل الفعاليات التي همّت بها فرقنا الفلكلورية , و استعدت لها , على مدى أشهر مضنية ,  لتزف إلى أبناء شعبنا مباهج التراث و ثمراته , و أهازيج العيد و مياسم الفرح .. لتتحول بسمات أطفالنا إلى دموع و آهات .. و كان قرارنا هذا منسجما مع الإجماع , في التزام منازلنا  و عدم الخروج إلى أحضان الطبيعة , على الرغم من حراجة الموقف , و تأخر ساعة الإعلان إلى بدايات فجر الحادي و العشرين .. رغم أن قرارنا كان في انطلاقتنا بالخروج إلى أحضان الطبيعة و تحويل المباهج إلى حداد و مآتم .. تعبيرا عن الأسف على ضحايا الغدر, بيد من حاول جرّ شعبنا إلى أتون فتنة عارمة  في يوم الفرحة الذي يفترض فيه أن يكون عرسا وطنيا عاما في سوريا تحتفي به و تقدر مشاعر أبنائه .. وقد آثرنا أن
نكون مع الإجماع , ولكن الإجماع آثر أيضا أن يحشرنا في قرار منفرد , مما جعلنا نخرج   ببيان متفرد , يعبر عن أسفنا على هذا التصرف , و رغم موقفنا القوي و المحتج , لم نخضع لأية ردة فعل , لأننا نتعامل بإرادة واعية , و مسؤولية و يقظة تجاه الضرورات و المواقف الجادة و على رأسها السعي لرأب ما تصدع , و جسر الهوة , غير مدفوعين بالدواخل و الهواجس القلقة التي يعيشها البعض في رعب داخلي , سوف يحكم عليهم إن عاجلا أم آجلا  .. وتأتي أحداث متوالية في أعياد الصحافة كذلك , و في فعاليات مشتركة أخرى تقوم على تجاهل حزب له وجوده و حضوره القوي , و قوته الجماهيرية , و عمقه التاريخي .. و كوادره الوطنية , المبدئية , و القادرة على ترجمة نضاله عمليا ,   ومن خلال عمل وحدوي حقيقي  ,عكس طرازا رفيعا من نكران الذات , و قبول الآخر , و الانفتاح و التوجه النزيه , هذه الوحدة التي بذلنا من أجلها كل ما كان في المستطاع , و ضحينا من أجلها سنين طويلة , و ضحينا من أجلها ما شهد عليه الوطنيون , و وقف عليه المخلصون القريبون من هموم البارتي , و تطوراته , ومحاضر جلسات التوحيد , و أدق التفاصيل المتعلقة بمباحثاتها , و ما رافق ذلك من تصريحات و تعهدات
, و أحداث , و تفاعل كل ذلك  , و تناقض الساعين – ظاهريا – إلى حماية خط الحزب و نهجه  , و الدفاع عن مقدراته .. مما لا يمكننا الخوض فيه مرة أخرى , حرصا على الإبقاء – و لو على خيط رفيع – من التوافق و التواصل , و إمكان تحقيق مرجعية عليا , أكبر بكثير من الاهتمامات و المعايير الحزبية الضيقة , و الحرص الذاتي البالغ و المتضخم لدى فئة عاشت و نمت و ترعرعت على الكراهية و التناقضات , و الاتهامات الرخيصة الباطلة , و الهم الذاتي و الشخصي المندفع نحو هاوية سوف يقدر لها أن تكون محور الإخفاق و الارتماء و الخوض في أوحال هذه الهاوية , و الهبوط إلى الدرك الأسفل انحرافا و تحدّرا و انكفاء , في مرتكس وبيء .. نرتفع فوقه , و نسمو إلى ما يعزز مسيرة النضال , و يؤكد على ثوابت باتت جزءا من عملية نضالية دؤوبة , تعرف بها كوادر الحزب الأساسية .. مما لا يمكن أن ينفع فيه من يذهب إلى اعتبار هؤلاء منشقين أو ساعين إلى الانقسام , أو مسببين لذلك , مما يمكن دحضه بدلائل و حقائق أدركتها اللجان و الوفود الوطنية , الشاهد الحق و العدل , في عملية البناء و التحول و الإعداد لوحدة الحزب و تأصيل قيم هذا التوحيد كما أسلفنا ..
لقد أدرك كل مراقب أمين أن القرار كان صائبا في عمليتين وحدويتين وأن الآخرين خرجوا على هذا القرار و خرقوا كل اتفاق , و التفوا على قيم و ثوابت الحزب , مما يعد ردا مفحما على مدعي انقسامنا , و كوننا منشقين عن الآخرين , الذين كانوا تلامذة ملحقين بالحزب  , يتعلمون المبادئ الأولى التي ساهمنا في إرسائها مع أساتذتنا الكبار الذين غيبتهم الأيام  , فالقاعدة الأساسية التي تميز القيم النضالية الوطنية و القومية , و النهج العملي و الميداني للمدرسة النضالية التي اختطّ قواعدها , و رفع أعمدتها , و المتمثلة بنهج كوردستاني و وطني رائد , و المنهجية في خط البارزاني الخالد كان رؤية ميدانية , و فكرا عمليا قادرا على ترجمة قيم و ثوابت وأفكار و منهج ديمقراطي مدني تعزز رؤيتنا و تنير الدرب أمام جيل هو امتداد حقيقي لكل أساسيات و كوادر و مناضلي الحزب , و أعلامه و مفكريه ممن كان لهم فضل الريادة , حتى أن نفرا لا يزال قائما و مرشدا و قادرا إلى الآن على رفد الحزب بعطاءاته بما يبلغ العشرات ممن تجاوز نضاله أربعين عاما مما يؤكد على هذا التراث , و تلك التجربة الغنية التي تثبت وجود البارتي و امتداداته إلى عمق المؤتمر التأسيسي حيث رفاق ذلك الدرب لا يزالون يعملون ميدانيا- على الرغم من بلوغهم مرحلة الشيخوخة و حنكة الأيام و حكمتها - إضافة إلى  الكتاب و المثقفين و الدارسين ممن يرفدون الكادر الثقافي بكل ما يملكون من إمكانات تحقق القدرة و التواصل و الإبداع و الاتصال بجيل جديد متجدد في فكره متطور في نظرته؛ ساع إلى بناء معالم فكر يتطور و يتأصل و ينشد المعاصرة من مئات الكوادر الشابة , و الهادفة إلى الاتّصال بعمق التجربة و الارتقاء إلى قيم ميدانية عملية , معتمدة على رصيد كفاحي طويل , يتجسد في المزيد من الأبحاث و الدراسات و الأدبيات التي شكلت على مدى سنين طوال زادا معرفيا, لا يزال بحاجة إلى الكثير من التؤدة و الأناة و المنهج العلمي , و المتابعة و الدرس و التواصل مع الرؤية الإنسانية و الفكرية العالمية و الجامعة , و الساعية إلى بناء حالة ازدهار فكري تواصلي و متكامل مع التراث الإنساني و القيمي و المعرفي إلى جانب رؤية مدنية مجتمعية جامعة , تؤسس لتواصل قومي ووطني و إنساني , مشبع بروح العصر , و آفاق المدنية المزدهرة في طابع مجتمع مدني , مرتسم المعالم, واضح التوجه..
لقد آن لكل أولئك المتربصين أفرادا و جماعات أن يراجعوا هذه الحالة , و أن يدركوا أن البارتي حيّ و متجدد , و ساع إلى حياة أكثر عصرنة و عمقا و إنسانية, وأنه في نضاله لا يستهدف فردا ولا جماعة , إلا وئاما وتلاحما ومسيرة نضالية تأخذ بعدا فاعلا وجادا في منهج لاحب وفسيح ..








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=3723