مجموع الأحزاب الكردية وسياسة الأمر الواقع 2
التاريخ: السبت 19 نيسان 2008
الموضوع:



بقلم محمد سعيد آلوجي

سبق وأن حَملتُ الحلقة الأولى من مقالتي المنشورة بنفس العنوان الذي أنشر به هذه  نقداً لمجموع أحزابنا الكردية في سوريا بخصوص قراراتهم  المتضمنة إعلان الحداد العام بين شعبنا الكردي على ما ارتكبته بحقهم السلطات السورية من جريمة بشعة أدت إلى قتل ثلاثة من أبناء مدينتنا قامشلو وجرح عدد منهم بالرصاص الحي وهم يحتفلون بعيدهم القومي نوروز. فقد أعلنوا الحداد بقصد تهدئة مشاعر الشارع الكردي الذي كان قد توتر إلى أعلى الدرجات حتى لا تصدر عنهم أية ردود أفعال ضد سلطات المدينة. كما انتقدتُ أحزابنا لإلغائها الاحتفالات بنوروز هذا العام أيضاً لنفس المقاصد التي كانوا قد فرضوا به الحداد إضافة إلى أنهم حققوا ما كانت ترمي إليها السلطات عندما أقدمت على تنفيذ جريمتها تلك التي ارتكبتها في ليلة 20.03.2008.



وعندما كنت أسجل نقدي بحق أحزابنا لم يكن يغيب عني حقيقة ظهور كل حزب الواحد منهم تلو الآخر على ساحة المعارضة الكردية مع شعاراتها التي كانت تطرح تزامناً بولادة كل منها، والتي كانت تقول بأنهم قادمون من أجل التغيير نحو الأفضل، وليبرهنوا للجميع بأنهم الأقدر على حمل هموم شعبنا والأقوى على رفع لواء النضال ضد من يستعبدونهم وبالتالي لاستعادة حقوقنا المغتصبة. لم يكن يغيب عني مطلقاً توال ظهور حزب بعد الآخر عن طريق تلك الانشطارات والانشقاقات الغير مبررة لا من قبل شارعنا الكردي في ذلك الوقت، ولا لاحقاً من قبل من قادوا بهم حركاتهم الانفصالية عندما لم يستطيعوا أن يبرهنوا للجميع بأنهم ليسوا هم الأجدر على قيادتهم وإيانا، ولا الأقوى على حمل لواء النضال من الذين كانوا قد سبقوهم  للظهور. وليصطف بعدها الجميع كل بجانب الآخر وبأسماء وإديولوجيات متشابهة وآليات عمل متقاربة. حيث أصبح جلياً لنا الآن أكثر من أي وقت مضى بأن الجميع يتحملون معاً وزر ضعف حركتنا الكردية وما آل إليه حال أبناء شعبنا تحت قيادتهم وبين أيدي السلطات الشوفينية السورية. فلقد أصدروا لنا قراراتهم تلك، وأسمعونا فيما بعد بأنهم لن يسمحوا بأن يراق المزيد من الدم الكردي حيث لم يفصحوا لنا في ذلك الوقت من هم الذين قد يتسببون لاحقاً في سفك المزيد من الدم الكردي وتحت أية أسباب.!!.


كما لم يغيب عني بأن هناك الكثيرون ممن أصبحوا أسيري أشخاص يعملون بشتى السبل من أجل إبقاء أهلنا راضخين لسياسات الأمر الواقع الذي يفرضها عليهم البعث الحاكم وبذلك لا بد لنا إلا أن نشهر بأولئك ليتم عزلهم عن حركتنا كما هم عليه جماعة عبد الحميد درويش وأرجو ألا تكون هناك من أحزاب في التحالف ممن يساندونهم أو يحمون ظهورهم، وإن كان كذلك فلا بد أن ينكشف أمرهم عاجلاً أم آجلاً.

هذا وإذا ما أمعنا النظر في آليات عمل أحزابنا الكردية وتحركاتهم نرى بأن معظمها بقيت تعمل وفق آليات عمل قديمة وبوسائل لم تعد تجدي نفعاً في هذه الظروف. لا سيما وأنهم يواجهون نظاماً مستبداً يعمل بكل ما في وسعه لإبقاء كل مواطني سوريا أسير حكمه، وإدامة تسلطه على رقاب البلاد والعباد ويزيد من ضغوطاته على كل من يشعر بأنهم قد يصبحون عقبة في وجه مخططاته الدنيئة تحت حجج تعرض الوطن لأخطار (وهمية) تحدق به، واتهام كل من لا تروق لهم تحركاتهم بانتمائهم إلى جمعيات سرية تعمل من أجل اقتطاع قسم من الأراضي السورية وإلحاقها بدول أجنبية ووو. هذا النظام الذي انتهك معظم حقوق شعبنا القومية والوطنية والعرب وباقي الأقليات القومية في البلد.

وإذا ما حاولنا أن نعمل جرد لأحزابنا التي تدعي لنفسها شرعية تمثيل شعبنا وإرادته. يمكننا أن نحصرها كما حصروا هم أنفسهم ضمن التجمعات والأحزاب التالية والتي نوردها بحسب قدم تشكيلاتها كالآتي:


  1. التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا. (وهي مؤلفة من أربعة أحزاب كردية).
  2. الجبهة الوطنية الديمقراطية الكردية في سوريا. (وهي مكونة من ثلاثة أحزاب كردية).
  3. التنسيق. (وهي الأخرى مؤلفة من ثلاثة أحزاب كردية).

كما أن هناك أحزاب تتواجد على الساحة الوطنية الكردية السورية بأحجام ودرجات متفاوتة مثلها مثل تلك الأحزاب المتواجدة ضمن تلك التشكيلات. ندرجها أيضاً وحسب أقدمية تواجدها أيضاً على الساحة نفسها وهي:


  1. الحزب الديمقراطي الكردي السوري. والذي لم يعد له أية فعاليات تذكر على الساحة الكردية  (يعمل تحت قيادة السيد جمال شيخ باقي).
  2. حزب الاتحاد الديمقراطي PYD. (وهو جناح من حزب العمال الكردستاني يعمل ضمن أجندة (Pkk). بخلاف كل الأحزاب المتواجدة على الساحة الكردية السورية لنكه بالرغم من ذلك يعتبر ذو حضور لافت على هذه الساحة. (ويعمل بقيادة السيد فؤاد عمر الموجود حلياً خارج سوريا).
  3. البارتي الديمقراطي الكردي في سوريا (الذي انشق مؤخر عن البارتي والذي يعمل لإرجاع البارتي إلى ثوابته الأصلية كما يُعرف قياديوه بذلك. (يتزعمه السيد عبد الرحمن آلوجي).
 

أما إذا حاولنا أن نوجز آليات عمل تلك الأحزاب مجتمعة. مستثنين من بينها من يعمل خارج الأطر التنظيمية. فيمكننا أن نقول بحقهم الأتي:

1. أحزاب التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا تنحصر أعمالها في الآتي:


أ. إصدار نشرات دورية تقليدية تكاد تكون خبرية، تُصدر باللغتين الكردية والعربية.
ب. نشرة خاصة بالتحالف لا ترتقي إلى ذلك المستوى الذي يصدر عن حزب لوحده.
ت. بيانات وتصريحات عن أحداث قديمة وجديدة.
ج . أحياء أعياد ومناسبات بواسطة فرق فلكلورية خاصة بكل حزب من أحزابها.
ح. العمل بمناهج وأنظمة قديمة لم تعد تجدي نفعاً في ظل التطورات الحالية.

كما لا توجد لهم أية نشاطات عملية سلمية لمواجهة ما كان قد تم تنفيذه من مشاريع عنصرية وشوفينية من قبل السلطات السورية السابقة للبعث بحق شعبنا. والتي ما زال البعث يتمعن في تطبيقها كالإحصاء والتعريب. أو ضد ما تم تنفيذه في عهد هذا النظام  كما جرى في تطبيق الحزام وتوسيع التعريب ليشمل كل شيء، وما يخص تسجيل الولادات الكردية ومنع السفر والاعتقالات المستمرة. أم تلك التي تخص مظاهر الفساد والرشوة والتفرد بحكم البلاد والأحكام العرفية، واضطهاد شعبنا قومياً ووطنيا، وتجويعه والتمعن في إفقاره وحتى ارتكابه لعمليات القتل المتعمد وووو...أو لما يخص انتهاكاته لحقوق الإنسان وفقاً لكل الأبعاد والمعايير الدولية والقانونية وفي كل مجالات الحياة وما أكثرها.


2. الجبهة الديمقراطية الكردية في سوريا.

يمكننا أن نقول أيضاً بأن أعمالها ومناهجها وأنظمتها الداخلية تماثل نفس أعمال ومناهج وأنظمة أحزاب التحالف تماماً.
 

3. التنسيق.

تعمل هي الأخرى أيضاً بنفس تلك الآليات وضمن نفس تلك المعايير التنظيمية القديمة، وأن كانت نشرات أحزابها الدورية قد تخطت في أحجامها وأشكالها ومضامينها الطابع التقليدي المتبع لدى أحزاب التحالف والجبهة. لكنها لم ترتقي هي الأخرى إلى المستوى المطلوب.
كما أن بياناتهم أصبحت تصاغ بأسلوب يبتعد نوعاً ما عن مغازلة ومهادنة السلطات.
وعرف عنهم محاولات متواضعة لتنظيم اعتصامات و تجمعات في مناسبات. أمام المحاكم العنصرية والعسكرية للنظام السوري لدى النظر في قضايا المعتقلين الأكراد. لكنهم لم يستطيعوا أن يوظفوا فعالياتهم الميدانية تلك لاحقاً بالشكل المطلوب حتى يستطيعوا جني ثمارها لأسباب عديدة منها:
1. قيامهم بتنفيذ تلك النشاطات بآليات قديمة، وفي أوقات وأمكنة غير مناسبة.
2. استهداف السلطات لهم بكل عنصرية ولأموال وممتلكات الأهالي والانتقام منهم وكأنهم يواجهون غزاة وليس مواطنين سوريين حتى يصبح ذلك وبالاً بحق تلك الأحزاب التي قادتهم إلى تلك الأعمال.
3. تعرضهم لاحقاً لعمليات التضييق عليهم بين الجماهير من قبل الجبهة والتحالف. لا سيما من قبل جماعة عبد الحميد درويش الموالية للنظام. ويمكننا هنا أن نقول بأنهم قد تخلفوا هم أيضا عن النشاطات الميدانية على الأقل في الوقت الحاضر.


نذكر من تلك النشاطات. المسيرة التي أعقبت مقتل الشيخ الشهيد محمد معشوق الخزنوي، والتي سيرت في مدينة قامشلو وواجهتها السلطات الشوفينية بمنتهى القسوة والصلافة. والتي جوبهت لاحقاً بمعارضة قوية من الجبهة والتحالف وبشكل سافر كما قلنا من قبل جماعة عبد الحميد درويش، ومنها أيضاً تلك التي سيروها في دمشق والتي عرفت فيما بعد بمسيرة الأطفال.
 

وبناءً على ما أوردناه فنرى بأن على أحزابنا أن تعمل من أجل الخروج عن نطاق مواجهة النظام بالبيانات، والتصريحات التي لم تعد تنفع حتى للبرهنة على أن أصاحبها ما زالوا متواجدين في ساحة المعارضة كأحزاب يمكن أن يُحسبَ لهم حسابٌ في الوقت الذي لم يعد النظام يهتم بمثل تلك الانتقادات التي يتلقاها من الداخل والتي لم تعد بالنسبة إليه بذات أهمية كي لا يتلهى بها عما يتعرض له من ضغوطات خارجية كبيرة. وقد يعتبر النظام ما يأتيه من انتقادات داخلية تنفيساً للغضب الشعبي. حيث كان يمرر أموراً مماثلة عبر مسرحيات غوار كما في (كاسك يا وطن) على اثر ما كانت تتعرض لها سوريا من مآزق بسبب سياساته الفاشلة.
لا سيما وأن المنظمات المدنية والحقوقية قد استطاعت مشكورة أن تحمل هذه المهمة عن أحزابنا بكل أمانة وجدارة دون أن يغيب عنها لا الحوادث العادية ولا المسائل الحساسة للغاية لتنقلها بنوعية إلى الجهات المعنية.


فإن كانت السلطات قد استطاعت أن تغيب إلى حد كبير دور أحزاب المعارضة في سوريا. سواءً الكردية منها أم العربية وغيرها تحت ضغوط أحكامها الجائرة. لكن ذلك لا يعني بأن هذه الأحزاب لا تستطيع أن تستعيد دورها إن أرادت، وهم يعلمون جيداً ما هو ثمن ذلك، فإن لم يعملوا من أجل استعادة دورهم. فلن يبقى أي معنى لوجودهم، وبالتأكيد لن يتحقق لهم ذلك لا بمعجزة ولا برحمة تنزل عليهم من السماء. فإن بقوا عاجزين عن دفع الثمن فسوف يبقون رهينة سياسات الأمر الواقع.
 

لا شك بأن تسلح أحزابنا بإيمان قوي نابع من قدسية تلك المبادئ التي حملتها هي على عاتقها طوعاً للدفاع عنها. هو ما يرتب عليها التزاماتها الحقيقية تجاه قضايانا العادلة والدفاع عنها بكل قوة، وبذل كل التضحيات من أجل تحقيقها. وإلا فإنهم سوف يبقون رهينة للنظام الأسدي بلا حول ولا قوة، ولن ينجدهم أحد من تلك الدول المناصرة للديمقراطية والمدافعة عن حقوق الشعوب في تقرير مصيرها طالما هم يرفضون أي تدخل خارجي حتى ولو كان سلمياً في الشؤون الداخلية السورية تحت حجة عدم الاستقواء بالخارج. (وهي من تطبيقات النظام الذي يستقوي هو عليهم بكل شيء ).

ومن جهة أخرى نرى أحزابنا تثور وتمور  وتقيم الدنيا ولا تُقعدها على رأس كل من يتجرأ على طرح أسئلة عليها لتستفسر منهم عن معنى بقائهم في المعارضة طالما أنهم لا يجرؤن على الدخول في أية مواجهات عملية ضد السلطات الحاكمة حتى ولو انحصرت تلك المواجهات في مسيرات أم اعتصامات  سلمية على ما ينتهك من حقوق شعبنا ويضطهدون بكل قسوة في بلدهم. وبالمقابل نراهم يمنعون الناس من أن يدافعوا عن أنفسهم  بحجة عدم السماح بسفك المزيد من الدم الكردي.
 

على كل الأحوال فإننا لا نرى بأن أحزابنا الكوردية سوف تستطيع أن تصعد من نضالها ضد سلطات القمع السوري طالما بقيت تعمل بنفس تلك الأنظمة الداخلية القديمة وتتحرك ضمن تلك المناهج التي لم تعد هي الأخرى صالحة للمرحلة الراهنة وتبقى عاجزة عن اللحاق بالمستقبل لا سيما وأنهم جميعاً مرصودين بالكامل من قبل نظام القمع البعثي...
لذا فلا نرى بداً إلا أن نقتحم عليهم عرينهم من خلال ما يعيق نشاطاتهم. عَلنا نستطيع أن نعطيهم معا دفعاً إلى الأمام...



وإلى اللقاء في مقالة أخرى.
 

19.04.2008






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=3690