الحسكة محافظة الكنوز تزداد فقراً ........ و الهجرة اتجاه إجباري
التاريخ: السبت 05 نيسان 2008
الموضوع: اخبار



حسن برو

لم  يكن في بالي يوماً بأن المنطقة الغنية في سورية بخيراتها الزراعية والنفطية أن تكون المنطقة الأكثر فقراً  حيث لم يكن الفلاح في هذه المحافظة يفكر بالهجرة إلى المدن الداخلية (كدمشق وحلب واللاذقية)، ولم يكن يفكر المزارع يوماً ببيع أرضه ليهاجر أيضاً  لأن الارتباط بالأرض مرتبط بمفهوم العرض عند سكان المحافظة وكان يٌقتل في سبيل المحافظة على شبر منها، أما أصحاب المحلات كانت تجارتهم مزدهرة نوعاً ما في مضى، بعكس الوقت الحالي ينتظرون الزبون وبالكاد يتردد عليهم بعض الزبائن ويأخذ البضاعة بالدين، أما الفقراء والعاطلين عن العمل فحدث ولا حرج حيث يتكاثر أعدادهم باضطراد


وتزداد المشاكل معهم، سواء أكان من حيث عدد المشاجرات الجماعية بين شبان مراهقين أو عدد السرقات التي باتت تتكرر بشكل يومي، حيث باتت في كثير من الأحيان مخافر النواحي والقرى لا تستوعبهم لكثرة هذه الحالات وتكرارها، فحاولت أن أتقرب من هذه الفئات جميعاً ولم يكن في بالي أن ألتقي أناس فيهم المثقف وحامل لأجازة جامعية والموهوب والعادي والغير مهتم
- حسن (بائع بسطة) حامل دبلوم في التجارة والاقتصاد كانت أحلامه كبيرة وكثيرة ،و من الأشخاص الأوائل في مدينته إلا أن هذه الأحلام الكبيرة والكثيرة تبخرت عندما تخرج وقضى نصف حياته  في التحصيل العلمي وأزداد الأمر سواءً عندما تزوج من زميله له ، وأنجبا الأولاد ويقول  : (كلما كبرت العائلة والمسؤلية صغرت معهما أحلامنا التي كنا نرسمها ونحن في الجامعة ) أنا الآن أبيع الأغراض (القطعة بعشرة)على البسطة لأنه لا قدرة لي على العمل العضلي، ولم يكن في حسابي يوماً بأنني سأكون بائع بسطة ودخلي في كثير من الأحيان لايتجاوز المئتي ليرة سورية إلا نادراً (في المناسبات والأعياد) هذه حالنا إلا أن هذا الحال يزداد سوءً  بعد موجة الغلاء التي تجتاح الأسواق وكل يوم المادة بسعر مختلف لم أعد أستطع التحكم  بالمصروف الذي بات لا مقياس له ولا يستطيع أي عاقل أن يضبطه ، أما الآن فأقوم مساءً بفتح دورات خاصة لبعض الطلاب (الثانوي والاعدادي) لأعبر بأسرتي  إلى رأس الشهر فقط ولا شيء غير ذلك .
 
- هوزان  يجلس أمام براكية  وبيديه دفتر وقلم –أراه دائماً  يكتب وعندما تقربت استقبلني وجلب لي كرسيه الخشبي فسألته : (الحسابات ماعم تزبط معك مو هيك) فرد قائلاً نسيتها من زمان فأعطاني دفتره ،  وإذ بها أشعار جميلة لم أكن أتصور أن يكون هو من كتبها وعندما قرأها لي فاجأني أكثر فهو يمتلك أسلوب راقي في الإلقاء وقال بأنه أصدر مجموعتين شعريتين حينما كان يدخر من دخله عشرة ألاف ليرة كان يسرع لطباعة أشعاره ، أما الآن فمن المستحيل القيام بذلك لأن لقمة العيش أهم بكثير من الأشعار اللي ماعم بتطعمي حدا (كما يقول ) وقال : أنه يفكر بالهجرة إلى المدن الداخلية لأن البراكية بالأجرة البيت بالأجرة ، لذلك الهجرة هو الحل الوحيد أمامه وربما أن أحداً يكتشف موهبته  .
 
- إبراهيم  مزارع  (يمتلك هو وعائلته   100دونم)  يقول : لم يعد إنتاج الأرض تكفي لتغطية تكاليف معيشتي أسرة مؤلفة من (12) شخص  السفر والبحث عن لقمة العيش ، بالأول قاموا بتحديد مساحة القطن ،وبعدين رفضوا استلام الحنطة ،وبعدين أشتروها بالرخص الكلام كل يوم يزداد الحديث عن ارتفاع سعر المازوت ، بس الأسعار الثانية صارت نار يازلمة (أتصور الرز صار بخمسين ليرة) طيب هذه العائلة ألن تحتاج اللباس وعلاج  ، الزواج ، أنا الآن مديون وأحاول تأجير أرض أو رهنه مقابل هذا الدين  وأخي الأكبر أمني لي ولأولادي العمل في دمشق (البنات في معمل لمعجون الأسنان) (والشباب راح يعملوا بالبناء) قالها بحسرة كبيرة ، والله قبل سنين كنا مرتاحين أما الآن لم يعد بإمكاننا المرور في سوق المدينة بسبب الديون  .
 
هذه المشاهد وغيرها لم تعد غريبة على المحافظة وان أردت أن تكون بصورة الهجرة اليومية والوضع ألمعاشي في هذه المحافظة التي كانت في يوم ًما خزنة للذهب الأصفر والأبيض والأسود ،فما عليك سوى الجلوس على طريق حلب في بلدة تل تمر لترى كم الهجرة الذي يفوق كل تصور أو عليك زيارة إحدى مكاتب الشحن (قدموس أو اكسبريس أو هفال) لترى كمية الأغراض التي تشحن إلى دمشق لأناس يبحثون عن لقمة العيش ، إذاً مال الذي تفعله الحكومة سمعنا كثيراً بموضوع تنمية المنطقة الشرقية (دير الزور والرقة والحسكة)  وعقد مؤتمر في بداية الشهر الماضي في محافظة دير الزور على أساس أن يتم الاستثمار في المناطق الشرقية بخطط متوالية الأولى منها تبدأ  ب 2008 وتنتهي ب 2010  وتم رصد مبلغ (67) مليار ليرة سورية كما يقال إلا أن المواطنين يعتبرون كل هذا الكلام في الهواء  ، مالم يترجم كل ذلك إلى منشآت وأبنية  على أرض هذه المحافظة المعطاء .
------
كلنا شركاء 4/4/2008







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=3637