سجون وطن
التاريخ: السبت 20 ايار 2006
الموضوع: اخبار


لقمان حمزة

إلى مايا و توليب أجمل أحلام فاتح جاموس وخليل حسين

اعذريني( مايا) أن أضفت إلى كلماتك بعض الكلمات في اغتصاب حرية أبيك
اعذريني (توليب) أن حملت قلمي وكتبت ما يدور في خلجات نفسك في هذه اللحظات
لا تكترثوا ولا تندهشوا مما يحصل من حولنا أنه الطوفان جاء ليدمر أجمل ما فيكم و أروع ما فيكم
 لكن حذاري إن تنهار سدودكم فهو الحلم الذي يحلمون به
 تناقض يصل بك إلى حد الجنون  لتظنوا لبضع لحظات أنه كالصوت أو كصدى


ربما عاصرت معكم تلك اللحظات العصبية أمام باب محكمة أمن الدولة من أجل تصريح الزيارة  وحفظ رقماً على ظهر قلب رغم ذاكراتنا المغتصبة ،ومن ثم المشي في أورقة الفرع العسكري في القابون  لنذهب أخيراً في مجموعات إلى كراجات صيدنايا
هناك على قمة ذلك الجبل الأحمق الذي بات يوحي لنا بذكريات أجملها هي تلك الصورة المؤلمة بأن زيارتنا لن تدوم سوى بضع دقائق ،فنجتاز معاً أولى نقاط  التفتيش لنصل بعده إلى النقطة الثانية حيث البوابة الحديدية  التي من المحال أن يصل الصدى إلى أجزائها فيستقبلنا ذلك المساعد بلائحة من التعليمات الممنوعة
أعترف لكم كنت أبكي قبل دخولنا إلى سراديب  ذلك السجن حتى أحتفظ في مخيلتي بأكبر عدد من حركات وصور أخي حتى أرويها بأدق تفاصيلها إلى أمي  و أخوتي الذين ينتظرون عودتي
لندخل في طابور طويل أمام شبكات قاعة الزوار  و عيوننا و عقولنا متجهة نحو الباب لربما لمحنا بصورتهم قبل أن يسمحوا لنا بالمقابلة فيكون وقتاً إضافيا و ربما من أجمل اللحظات حيث تسرق بضع ثواني وترفع لهم يدك ملوحاً ليدخلوا فنمد بأيدينا من تلك الفتحات الضيقة لربما تلامس أطراف أصابعهم الناعمة لنقبلها بعد انتهاء الزيارة فمنها تفوح رائحتهم ، ونتوسل من ذلك الحارس أن يسمح لنا بان نتكلم بالكردية وخاصة أن أختي لا تعرف  التكلم بالعربية  فتختلط الكلمات بدموع العين بتلك الهداية الصغيرة والتي كنا نحتفظ بها ذكريات مؤلمة لحياتنا القادم ،  لنودعهم بغصة في القلب ودمعة لن تجف إلى الزيارة القادمة دون أن تعرف متى وأين سيفرج عنهم
تماماً مايا
تماماً توليب
كثيرة هي الأسماء التي نتذكرها معاً من
جوان آشيتي إلى سلام وخاله الذي هاجر وراء أحلامه المفقودة إلى حسن الحلقة الضائعة في عالم المال و الثروة المزيفة
و"عربو " طالب كلية الحقوق والذي أنفصل من الكلية بعد خروجه من السجن  لمناقشة هي من  ابسط حقوقه مع مراقب إثناء تقديمه  للامتحانات ( يقينا ًانه كان  مستخدماً تسكر بنشوة منصبه)
والذي حمل إلى سجنه حكايات عامودا حتى يوم أفرج عنه ، أبى أن يغادر دمشق ليضيع في شوارعها الهائجة بقصص زوارها  ظنا ًمنه انه مازال في أزقة عامودا حيث رائحة بلقيس في سوبارتو  و شخوص بركات وتجربته الأولى  في إحياء ذكرى  حريق سينما عامودا
وبينهم لابد تتذكرون" درست " ذلك الذي رسم لنا جميعاً وكتب لنا جميعاً من وراء تلك القضبان لكنه ضاع بين أسوار دمشق  دون أن يكتب لنا عنوانه أو يرسم لنا الطريق الذي يؤدي إلى بيته كم هي مؤلمة هذه الحياة
وحبيب وخالد وغسان الذي يكتب دون أن يعطي قلمه قليل من السكون حتى أتوقع كل يوم أن أقرأ نبأ اعتقاله
كذلك أبو جورج الذي شأت الأقدار أن يعمل مندوبا لبيع الأدوية دون أن يتمكن على إيجاد دواء لسنين عمره المسروقة
أسماء كثيرة  تجمعنا و ذكريات وتواريخ كالتي كادت مايا إن تحتفل بها مع أبيها العائد باتت تجمعنا في هذا الوطن
أحياناً أفكر في المقولة التي تعودنا على النطق بها  (نموت جميعاً ويحيا الوطن ) فما فائدة وطن من دون شعبه و أي الأوطان هي التي تكون مجرد حروف ملتصقة بقائمة الدول
أحلامنا
أرواحنا
أبنائنا
 فداء لمقدسات هذا الوطن ، أي المقدسات لم أعد استوعبها .............. ؟
وأي رمز أو تمثال  أو دستور أقدس من الإنسان ألم تكتب جميع الدساتير من أجل صيانة كرامته وحريته
لماذا كل هذا التشويه في العقائد و المبادئ ،وبأي ذنب نسجن و  نحاكم
ربما هو حنين السجن إلى أجسادهم  الهشة فقد آلفهم طول السنين التي قضوها بين جدرانها الصماء
وربما هي سخرية القدر في هذا الوطن الذي لم يعد يفرق بين
 الــــثــورة  و  الـــثــروة ، والمـنـاضل و المـتـخاذل
 مهما تكن المبررات أظنها لا تقارن بدمعة من دموعكم الطاهرة 
أو أنها تستحق  اغتصاب حلم من أحلام هؤلاء الأشخاص الذين ذكرتهم
 أو أولئك الذين لم تسعفني ذاكرتي بأسمائهم
ليبقى  فاتح جاموس وخليل حسين وغيرهم من المناضلين الشرفاء ،  الأنبياء لهذا الوطن المذنب
 يمشون إلى  مصيرهم بلا وجل
 لتحيا أوطانهم ،وتخرج القيم و المفاهيم من صناديق اللغة الرثة إلى عظمة الفعل الحي.
إلى ذلك اليوم  الذي تكحلون عيونكم برؤيتهم من جديد ، نقول معكم
إلى متى  ستستمر الرحلة ؟ وكيف؟
   






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=306