العراق الحلقة الاضعف في المنطقة و التقارب بين أقليم كوردستان و تركيا أمام الضغوط الامريكية
التاريخ: الأحد 25 تشرين الثاني 2007
الموضوع: اخبار



   هشام عقراوي
akreyii@gmail.com

قد يكون الحديث عن كون العراق اضعف حلقة في الشرق الاوسط أمرا مفروغا منه و لا يختلف علية اثنان. و لكن كون العراق الحلقة الاضعف يترتب علية الكثير من التبعات أهونها تدخل دول المنطقة في أمورها الداخلية و أخطرها بالنسبة الى دولة تتواجد على الخارطة هو تقسيم هذه الدولة حسب معادلات المنطقة و السياسة الدولية.
قد تكون ايران و بسبب وجود أغلبية شيعية في العراق من أولى الدول التي يتبادر اليها الاذهان و يتوخى منها الحذر في التدخل في العراق و تقسيهما أو السيطرة عليها سياسيا و جعلها دولة ملحقة بها و تسير في فلكها.


المخاوف من أيران و من تمكنها من تقسيم العراق في غير محلها لسبب بسيط ألا وهو العداء الايراني الامريكي. هذا العداء يجعلها من المستحيل أن تتمكن من السيطرة على العراق أو الفوز بجزء من العراق. فوجود أمريكا في العراق هو ليس بسبب العراق وحدة بل من أجل الحفاظ على مصالحها في الشرق الاوسط أجمالا. و بما أن المصالح الامريكية و الايرانية لا تلتقيان لذا فأن فرص فوز ايران في العراق  محدودة جدا و لكن الصراع الامريكي الايراني قد يدوم طويلا.
أمكانية أن تلعب دولا مثل سوريا، السعودية، الكويت و الاردن و حتى مصر دورا في تقسيم العراق ضعيفة جدا وهم الذين يريدون سيطرة سنية من أجل اضعاف الدور الايراني – الشيعي و الدور الكوردي في العراق و يصفون الحقوق الشيعية و الكوردية في العراق بالطائفية و الانفصالية. وهذا يعني أنهم يريدون ابقاء الوضع على ماهو علية أو العودة الى عصر العراق الصدامي المخلوط بالفكر القومي العربي. و بسبب القضية الفلسطينية و التداخل الحاصل بين الفكر القومي العربي المعاصر و الفكر الاسلامي المتشدد و جماعات القاعدة، فأنة من الصعب أن يحصل تحالف أستراتيجي قوي بين أمريكا و هذة القوى القومية الدينية المتطرفة.
الغريب في الشرق الاوسط و معادلات العولمة فيها، هو عدم ظهور أي علامة من علامات التغيير الديمقراطية و رسم واضح للسياسات الجديدة و التحالفات الجديدة في المنطقة. التغيير الوحيد هو قدوم القوات الامريكية الى العراق و المنطقة و سقوط النظام الصدامي و بدأ مشروع يسمى بمشروع ديمقرطة المنطقة عن طريق استعمارها و بشكل مباشر. قدوم أمريكا الى المنطقة و سياساتها أديا الى اضعاف الدور العربي أمام قوى أخرى في طور التكوين. فلم تعد هناك دولة عربية تستطيع التأثير على السياسة الامريكية أو أجبارها على أتخاذ خطوات تحترم فيها المصالح العربية  المشروعة في المنطقة.
قدوم أمريكا الى المنطقة كان في وقت تتوجه فيها تركيا نحو الاسلام السياسي و فازت فيها حزب العدالة و التنمية بالسلطة و مشاعر العداء الى أمريكا كانت في أوجها و كان هناك توقعا كبيرا بحصول تعاون صدامي- تركي. وقد يكون وقوف تركيا و برلمانها و حكومتها ضد الهجوم الامريكي على النظام الصدامي دليلا واضحا لتقارب تركي صدامي. هذا العداء لو قورن بالعداء الايراني التقليدي لامريكا يعطينا الهدف من قدوم أمريكا الى العراق.
 النتائج الاولية لاحتلال العراق من قبل أمريكا هو سقوط صدام و حصول تقارب تدريجي بين تركيا و أمريكا. و قد يكون التقارب الامريكي مع حزب العمال الكوردستاني سبيلا لجر تركيا الى التعامل مع أمريكا في العراق و أنهاء عدائها لامريكا. بكلمات أوضح حاولت أمريكا أستغلال القضية الكوردية في تركيا من أجل أنهاء عداء حزب العدالة و التنمية لامريكا. و يمكننا أعتبار قدوم القوات التركية الى حدود أقليم كوردستان و تهديدها بالدخول في الاراضي العراقية  و الذي حضي بتأييد من اسرائيل ذروة الصراع بين أمريكا و تركيا لرسم سياسة و خارطة جديدة للنفوذ السياسي و العسكري و الاقتصادي و التحالفات الجديدة في المنطقة.
اذن قدوم أمريكا الى المنطقة تمخض عنة  تغييرين استراتيجيين أولهما سقوط النظام العراقي المعادي لامريكا و تحويل مسار التغييرات داخل تركيا من معادات المصالح الاميريكية الى الرجوع كحليف استراتيجي في المنطقة. هذان التغييران لوحدهما حققا الهدف الاولي لقدوم الجيش الامريكي. أما الهدف النهائي لقدوم الجيش الامريكي فهو في طور التكوين و يعتمد على التناقضات في المنطقة.
يجب أن لا ننسى أن سبب التحشدات التركية على حدود أقليم كوردستان هو قرار مجلس الشيوخ الامريكي بأعتبار قتل الارمن في زمن الدولة العثمانية عملية ابادة جماعية، و بعد أن صدر تقرير من مجلس الشيوخ يدعوا الى تقسييم العراق الى ثلاثة اقاليم، و بعد أن وقفت حكومة الاقليم ضد أعطاء10% من النفط العراقي الى تركيا حسب أتفاقية 1926، وقرب الاستفتاء على كركوك و زيادة التعاون بين أمريكا و حزب العمال الكوردستاني. وهذا يعني ضغطا أمريكيا على تركيا من أجل تغيير السياسة العدائية لتركيا الاسلامية أمام المصالح الامريكية.
الازمة الاخيرة بين اقليم كوردستان و تركيا، هي الحلقة الاولى في رسم سياسة جديدة للمنطقة و توزيع الادوار بين قوى الشرق الاوسط و ستتمخض عنه تحالفات جديدة  كلها تصب في المصلحة الامريكية. تم رسم الخطوط الرئيسية لهذا التحالف الجديد في اللقاء الاخير بين ألرئيس الامريكي و رئيس وزراء تركيا  و فيها أتفقت أمريكا و تركيا بالتعاون فيما بينهم من أجل حماية المنطقة و المصالح الامريكية  و فرضت بموجبة أمريكا نهجا جديدا على اقليم كوردستان يتحالف فيها مع تركيا و أمريكا.
حسب الاتفاقية الجديدة سيكون لتركيا اليد الطولى في المنطقة وستتحول الى دولة رئيسية في المنطقة ضد الدور الايراني و العربي القومي الاسلامي . وسيكون أقليم كوردستان جزءا مكملا لهذه السياسة. و حسب هذا الاتفاق فأن أمريكا ستبدأ بتخفيف قواتها في العراق وستحل محلها القوات التركية أن دعت الضرورة اليها.
حسب نفس الاتفاقية فأنة في حالة تقسيم العراق الى ثلاثة اقاليم سيلحق أقليم كوردستان ومن ضمنها محافظتا كركوك و الموصل بتركيا.
في المقابل ستقوم تركيا بمنح الحقوق الثقافية للشعب الكوردي في تركيا و سيكون لهم حق أختيار ممثليهم في البرلمان و أدارة محافظاتهم. يجب أن لا ننسى أن هناك نظام أدارة المحافظات في تركيا يشبة نظام الدول الاوربية و في حالة رفع الاحكام العرفية في المحافظات الكوردية و منح الكورد الحقوق الثقافية سيتمتع الكورد بحقوق لا بأس بها و هذا ما يطالب به الاتحاد الاوربي أيضا.
التصريحات الاخيرة  للمسؤولين الاتراك بمنح الكورد الحقوق الثقافية و نشرهم لخارطة تركيا الجديدة و التي فيها ألحق أقليم كوردستان بتركيا، و مطالبة المراكز الدراسية التركية بألحاق ولاية الموصل و كركوك بتركيا حال تقسيم العراق كلها دلائل واضحة للتحول الجديد في  تركيا. و حسب العديد من المصادر فأن هناك أجتماعا مرتقبا سيعقد بين القادة الكورد و الترك باشراف أمريكي  و أن العملية التركية ضد حزب العمال الكوردستاني ستتحول الى عملية مشتركة بين أمريكا و تركيا و اقليم كوردستان في حالة تنفيذها.
وقد تكون تصريحات رئيس وزراء العراق حول الفدرالية في العراق و مخاوفة من أن تؤدي هذا النوع من الفدرالية الى تقسيم العراق و تفككة تصب في هذا التغيير الحاصل في المنطقة و مخاوفة من ألحاق اقليم كوردستان بتركيا في استفتاء لسكان الاقليم. ولكن هذا التصريح  لرئيس الوزراء سيزيد في الطين بله و سيقرب أقليم كوردستان أكثر فأكثر من تركيا التي رحبت بموقف القادة الكورد حيال حزب العمال الكوردستاني و دعوا الى علاقات مباشرة مع اقليم كوردستان.
السياسة الضعيفة للدولة العراقية الجديدة أمام تركيا و خاصة في الازمة الاخيرة بين اقليم كوردستان  و تركيا و ضعف السياسة العربية بشكل عام  أمام المد التركي و أعتبارهم تركيا دولة اسلامية و صديقة أدى الى تمتع تركيا بوضع يسمح لها بلعب دور اللاعب الاهم في المنطقة و تحولة الى الحليف الاسترتيجي مع أمريكا و اسرائيل  و بموافقة الدول العربية.







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=3049