المخاض العثماني وانهيار الإمبراطورية (وجهة نظر حول متواليات السقوط والتفتيت)
التاريخ: الجمعة 06 تشرين الاول 2023
الموضوع: اخبار



وليد حاج عبدالقادر

القسم الأول
• في بداية هذا العرض المفترض به كوجهة نظر – وإن كان متخماً بالحقائق – وفي قسمه الأول وباختزال على الرغم من ـ أنني ـ أخاله سيطول كثيراً في أقسامه ، وذلك بفرض أنها ستكون الركيزة التي ستتأسس على قاعدتها قراءة عرض حال آليات تشكّل خرائط هذا الجزء من العالم، والتي تموضعت بالتتالي حينها ، هذه الخرائط التي غطّت بقعة جغرافية واسعة من جهة، ومرحلة تعاقب تاريخي زاخر بمآسٍ وحروب أوجدت خرائط بحدود متبدلة، تعدّدت مخلفاتها بنتائجها الكارثية أيضاً.


وعليه: فلا غرو أن يختلف الباحثون في تصوراتهم حول الهدف الأساس، وبعبارة أدق: تحديد النقطة الرئيسية التي يتوجّب أن يتمّ منها تشخيص المشكلة والغاية التي حالما ينتهي من دون أن يتوقّف هذا الصراع، وحينها فإنّ (الراوي _ الروائي يبدأ بالموت) 1. وسأعود من جديد للتذكير بأنّ هذا العرض _ المبحث إن جاز التعبير سأحدّد فيها (تصوراتي) والتي ستغطّي المرحلة العثمانية، وبشكلٍ خاص، في خواتيمها مرتكزاً _ متمماً لمحددات سابقة لمواضيع تمّ نشرها، وذلك من إعداد الزميلة ليلى قمر وأنا والتي غطّت مرحلة زمنية طويلة وصولاً إلى مقدمات تشكّل التصورات الأولى لمآلات الجغرافية السياسية في العالم ككل، وبالأخص منها الإمبراطورية العثمانية والتي لامست وبعجالة الصراع العثماني مع الصفويين ومصر محمد علي وكذلك حروبها في الشمال واليونان.
وفي هذا المدخل _ المقدمة وبالإذن من الزميلة ليلى قمر ‘ فقد ارتأينا أن أقدّم لهذا الموضوع الواسع والحسّاس فأضيف مؤكّدين على أنه لابدّ من التركيز على بعض من المحددات الأساسية وتعريفها وكمثال: لابدّ لنا من التوضيح كتعريف على أنّ الشرق الأوسط (لا يعني فقط مصر وإسرائيل وإيران وتركيا والدول العربية والآسيوية بقدر ما تعني الحروب النابليونية لحماية طريق الحرير / الهند من روسيا 2، والتي تسمّت ب (اللعبة الكبرى) 3 و كانت الأرضية التي تشكّلت عليها الشرق الأوسط الحديث وأيضا حتى بلغت ذروة اللعبة الكبرى في القرن ال 19 والتي كانت لروسيا فيها الدور الأقوى، وعود على بدء وتحديداً إلى مرحلة تشكّل _ رسم الخرائط الجديدة ومخططات النيل من الإمبراطورية العثمانية ومن ثم تفكيكها مثلما فعل نابليون بروسيا بعد هزيمتها، وما تمّ بعدها من توجيهٍ للهجرة اليهودية المكثفة إليها، وبالتحديد إلى العراق قبل التوكيد النهائي باختيار فلسطين …
ومن جديد لابدّ من التأكيد : أنّ التاريخ الذي تمّ منهجته لتتوافق وبأدلجة فظة وكانت لأهداف وغايات محددة وكأني بمدونيها يخاطبون بيئة بكرة أو كوكب بعيد جداً، وفي تناس وتجاهل مطلق لحجم الأدلة بوثائقها والتي يمكن الوصول إليها.
ولعلّ مخططات وتسوبات ما سميت بتعديل الحدود السورية مع التركية، وقضية / أزمة الحدود بتتبعاتها وصولاً إلى ما سمي بأزمة (اقتطاع وضمّ لواء إسكندرون) وقسم كبير من (دشتا سروجي) وحملات التهجير الداخلي التركي ـ وهذا ما سنعود إليه لاحقاً ـ و لمجرد خروجنا من شرنقة ماتمّ تدوينه رسمياً ومن قبل جهات ما همّها مطلقاً الحقائق والمعطيات بوقائعها بقدر هيمنة الأدلجة المغلفة بنزعات استحواذيه هادفة.
ومن جديد وباختصار: إنّ هذا العرض كغاية سيكون وكاستهداف أولي هو بتجاهل كلّ ما طرحته مناهج التعليم للنظم السورية والعراقية وبالتالي إهمال محدداتها الخيالية والعودة إلى سرديات التاريخ وفق الوثائق الأصلية ومن مصادرها الأجنبية، وفي متابعة لأهم القضايا ومناطق التأزم في محيطنا الشرق الوسطي وكسعي رئيسي سيكون التركيز على ذات النقطة ـ الركيزة التي تمّ الاستناد عليها وأعني بها التشكل الخرائطي الحديث بدءاً من اتفاقية سايكس و بيكو وبالتأكيد أنها لن تكون بذات المنطق الذي صورته مناهج التعليم للنظم المعنية لدول (سوريا والعراق تحديداً) بقدر ما هو تسليط للضوء على الحقائق بكلّ مفرداتها المتوفرة وكل هذا بالاستناد على مصادرها الأساس وأيضاً ليست كشروحات للمفردات بقدر ما هو عنونتها .. وباختصار شديد : فقد تعرّضت كُردستان وشعبها لإجحاف معرفي ـ حقوقي معفد وتمّ تشويهه ببراعة.
وكُردياً وللأسف الشديد فقد ركزنا وسط ذات المخاض المترافق للنزف المستمر وكسريالبية تاريخية مؤلمة استهدفت لا الأرواح فقط بقدر ماهي الأعماق بشقيه الجغرافي كمفهوم واسع والتاريخي بأبعاده المتعاقبة.
إنّ الحقائق بمعطياتها مهما سعى المدلسون إلى تشذيبها لتتوائم مع غاياتهم إلا أنّ الحقائق بوقائعها تبقى حية ومستدامة .
لتكشف النوايا الخبيثة والغارقة في التزييف وكلّ هذه الوقائع التي تلفّ وتدور لتتداخل وتتركّز بصلابة لا تلبث أن تطرح ذاته السؤال الأساس وبعنوانه الصريح كُردياً : لماذا كُردستان ؟ وكلّ هذه الخرائط البائسة بقواطعها وفواصلها التي تأبى حتى رف الطيور المهاجرة بين خطوط الحدود أن تنقل في ترحالها أعشاشها ..
يتبع……
هوامش
1 _ كولن ولسون: فن الرواية / ترجمة محمد درويش ـ الدار العربية ـ ناشرون ـ مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم.
2 _ دافيد فرولكين: سلام مابعده سلام – ترجمة أسعد كامل إلياس 1914 _ 1922 مؤسسة الريس للكتاب والنشر (وفي الواقع فأنها تغطي المخرجات النهائية لاتفاق لوزان التي ما استطاعت عمليا أن تفعل مبادئ ولسون إلا كغطاء أو كعناوين بقيت هكذا لا أكثر .
3 ـ اللعبة الكبرى: وهو العنوان البارز للتصور الذي وضع ومهد السبيل لخلق الشرق الأوسط الجديد وكذروة لها في القرن ال 19 ..







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=29525