هل يكفي للسيد اردوغان مساندة الرئيس السوري له ؟!!
التاريخ: السبت 27 تشرين الاول 2007
الموضوع: اخبار



عبدالباقي اليوسف*

       منذ اكثر من عام تتزايد باستمرار جلجلة الدولة التركية بتهديداتها المستمرة لاقليم كردستان مرة بقطع المنافذ الارضية والجوية ، وقطع الطريق امام التجارة مع هذا الاقليم او بتحويل طريق التجارة بين تركيا والعراق الى منافذ اخرى من خلال المرور بسوريا . مرة بادعاءات تركية بحقوقها التاريخية في كركوك أوالدفاع عن الاقلية التركمانية فيها ، والتي لم نسمعها يوما ايام حكم صدام حسين ومشروعه التعريبي لكركوك وتهجيره للكرد والتركمان منها ، مرورا بالتهديدات الحالية باجتياح اقليم كردستان بحجة حماية اقليم كردستان لقوات حزب العمال الكردستاني – تركيا، متناسية ان القوات المذكورة كانت موجودة منذ عهد صدام حسين في تلك المناطق


ورغم الحملات العسكرية التركية ضد الحزب من خلال اجتياح الحدود العراقية والتي كانت مسموحة لها حينها ، الا ان القوات التركية لم تتمكن من القضاء على مسلحي الحزب المذكور ، ورغم مساعدة القوى الكردستانية العراقية لتركيا اعوام 1995 ، و 1997 لم تتمكن من اخراج الحزب المذكور . و ان الجهود العسكرية المشتركة لم تؤدي الى نجاح يذكر في انهاء تواجد مسلحي  PKKمن المناطق الجبلية الوعرة المحاذية للحدود التركية ، كما ان نشاط الحزب لم يتوقف حتى في داخل تركيا .
       لا شك ان التهديدات التركية الحالية تقف خلفها دوافع اخرى ، لان تركيا الحكومة والجيش على علم تام بان القضية القضية الكردية في تركيا لن تحل بالحملات العسكرية ، ان كانت القضية كذلك لما راينا اليوم مشكلة كردية في تركيا . فحتى حملات الابادة الجماعية والتي ستحاسب عليها تركيا من قبل المجتمع الدولي يوما لم تتمكن من انهاء القضبة ، وتركيا شاءت ام ابت سيتحتم عليها فتح باب الحوار مع القوى السياسية الكردية في كردستان تركيا للتوصل الى حل عادل ، يؤمن حقوق الشعب الكردي ، ويضمن الاستقرار والسلام الاهلي لكل تركيا وليس لمنطقة محددة من تركيا .
     دوافع التهديدات التركية لاقليم كردستان العراق في جوهرها ليس بخافية على احد ، انها تستهدف التجربة الديمقراطية الكردية في العراق ، لان تركيا  حتى اليوم بقواها العلمانية ، والاسلامية ، ضد الاعتراف بالهوية الكردية ، وقبول الكرد كشعب من شعوب المنطقة له الحق كما لغيره من الشعوب .
     اما الجلجلة الحالية فتعود الى اكثر من سبب :
1-      سعي تركيا الى مقايضة الادارة الامريكية بعدم التدخل في اقليم كردستان مقابل  تعطيل تمرير القرار  الذي اتخذته لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الامريكي في مجلس النواب ، والذي يحمل تركيا مسؤولية الابادة الجماعية للارمن عام 1915.
2-      محاولة تركيا لاظهار هيبتها ، خاصة وان دورها الاقليمي في تراجع مستمر .
3-      توقيت اتخاذ لجنة العلاقات الخارجية لهذا القرار ، حيث ياتي في وقت يشتد فيه الصراع في تركيا بين القوى التي تدعي العلمانية ، والجناح الاسلامي والذي سيطر على معظم مؤوسسات الدولة ، حتى مؤوسسة الرئاسة ، والتي دافع عنها الجيش التركي كثيرا من دون جدوى ، لان القرار سيحرج القوى الاسلامية امام الجيش .
4-      اقتراب موعد تنفيذ المادة 140 من الدستور العرقي بخصوص كركوك ومناطق النزاع.
     لا شك ان حزب العدالة والتنمية بزعامة اردوغان حقق نجاحات اقتصادية كبيرة في تركيا ، انعكست تلك النجاحات في انتزاع حتى موقع الرئاسة ايضا ، وكان موقف ضباط الجيش من ذلك في غاية السلبية . فهل النجاح الذي حققه حزب العدالة والتنمية قد وصل الى القمة ، وقد بدا بالهبوط .
     دخول الحرب قد يكون بارادة طرف واحد لكن الخروج من الحرب ليس بالامر السهل ، حيث ستتدخل فيها اكثر من ارادة  ، خاصة وان الشعب الكردستاني بقيادة قواه السياسية هذه المرة لن يتعاون مع تركيا وبالعكس سيدافعون عن تجربتهم الديمقراطية ، وهذا ما اعلن عنه رسميا الناطق باسم رئاسة اقليم كردستان ، هذا من ناحية ، من ناحية اخرى ليعلم السيد اردوغان ان منح الجيش قرار الاجتياح يعني انتقال زمام المبادرة من حزب العدالة والتنمية الى ضباط الجيش ، وبالتالي ستكون عواقبه وخيمة على الحكومة ، وعلى مشروع حزب العدالة والتنمية في اجراء الاصلاحات  الديمقراطية وادخال الاصلاحات على الدستور ، ومشروع انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي .
   المصيبة لدى ساسة تركيا بجناحيها ، لا يريدون ان يستوعبوا المتغيرات الدولية ، انهم لا يزالون ينطلقون من كبرياء الدولة العثمانية ، دون تحمل المسؤوليات التي تترتب على ذلك من حملات الابادة الجماعية ضد الارمن والكرد وشعوب اوروبية . يجب ان يقتنع الاتراك بان "قطار العولمة لا يمكن ان يعكس اتجاهه" ، كما ان قضايا الشعوب وحقوق الانسان لم تعد قضايا داخلية ، بل قضايا تمس المجتمع الدولي.
     من المستغرب ان يقارن السيد اردوغان بلاده وحكومته بدولة مثل امريكا في تصريح له " كيف تجيز امريكا لنفسها ان تدخل العراق التي تبعد عنها الاف الكيلومترات وتمنع ذلك على تركيا " متناسيا تجربة التدخل التركي في قبرص وانشاء كيان سياسي للقبارصة الاتراك ، ورغم مرور اكثر من 30 عاما لم يعترف بهذا الكيان سوى الدولة التركية ،  واليوم تحول هذا الكيان الى عبئ يلاحق الدولة التركية.
      من الحكمة ان تراجع الحكومة التركية لمواقفها المتشنجة جاه تجربة اقليم كردستان ، وتعيد النظر في موقفها تجاه الشعب الكردي في تركيا ، فالقضية لن تحل بالاساليب العسكرية . حتى اليوم لم تلقى الحكومة التركية اي مساندة دولية او اقليمية سوى من الرئيس السوري والذي تنصلت وزارته الخارجية من تصريحاته في تركيا ، بينما تتلقى تركيا تحذيرات رسمية من ثلاث اكبر القوى الدولية ، الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية.
  19/10/2007
...............
*عضو اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكردي في سوريا.







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=2855