اجتياح العسكر الكمالي للإقليم الكردستاني في العراق الفدرالي هو كويت الكمالية
التاريخ: الأحد 21 تشرين الاول 2007
الموضوع: اخبار



  المجلس الوطني الكردستاني – سوريا

لم تتخلص تركيا الكمالية من إرث الإمبراطورية العثمانية. كما لم تتطور الكمالية ذاتها مع مرور الزمن. ولن تتطور الكمالية مهما تطور الزمن. فالأنظمة من هذه الشاكلة تطورها في موتها. وقد أثبت التاريخ ذلك على مر العصور.
انهار الاتحاد السوفيتي وذاب جليد القطب المتجمد الشرقي، ولكن الكمالية ومعها القوميون العرب لم يتغيروا قيد شعرة. هذه العقليات تطفو على السطح ومعها سمها القاتل.


منذ فترة والعسكر الكمالي يحاول اجتياح شمال العراق بحجة وجود من يقلق راحة واستقرار دولة الكمالية "العصرية". بالأحرى تدعي كمالية القرن الواحد والعشرين أن "المشاغبين" في جبل قنديل يحاولون تفتيت تركيا الكمالية. هذه الادعاءات وغيرها التي تطلقها كمالية العصر لا توحي بشيء سوى عن تأخرها عن ركب الحضارة وعن روح العصر. تدل تحركات عسكر الكمالية على جر تركيا الكمالية إلى عراق من طراز صدام، وهذا غير مستغرب؛ لأن جوهر الاثنين ومرتكزهما كان العنف والقتل، وإحداث كويت أخرى هي شمال العراق.
لولا مصالح بعض الدول ذات الشأن في المنطقة لكانت تركيا الكمالية قد تفتت بعد الحرب العالمية الثانية. لأنها في جوهرها ليست متجانسة البنية من حيث التكوين السكاني. يختلط فيها الكردي باليوناني والروماني بالبلغاري والصربي بالألباني وهكذا. فالعنصر التركي فيها قليل ويكاد بالمجهر أن يحصل المرء على التركي ذو الملامح المنغولية. وقد فرضت الكمالية لغتها على الكرد واللاز وغيرهما من سكان هذه الدولة؛ نتيجة هذا الحكم القسري كاد اللاز أن ينحلوا تماما. وفقد الكثير من الكرد لغتهم الأم؛ بينما صمدت الغالبية أمام القوانين الكمالية الجائرة وواصلت النضال ضدها ولا زالت تقدم الضحايا من أجل حقوقها المشروعة.
لم تستطع العلمانية الكمالية أن تأخذ من بقايا تلك الشعوب المتواجدة في تركيا الكمالية في الوقت الحاضر الحيوية، التي كانت ذات يوم تمد ظلالها من كردستان شرقا إلى فينا غربا والجزائر جنوبا. عندما طبقت الكمالية قوانينها العلمانية الخاصة بها على تلك الشعوب التي انحلت غالبيتها من الناحية اللغوية في القومية التركية. قبلت تلك مرغمة ولكنها لم تقتنع  بها من الناحية الواقعية. وفي أول فرصة سانحة للديمقراطية النسبية فاز عدنان مندريس بغالبية المقاعد النيابية وشكل حكومة كانت ترنو إلى تدريج الكمالية نحو الديمقراطية العصرية. غير أن عسكر آتاتورك رأت ذلك خطرا على إرث العنف والقتل وإبادة الشعوب فقامت بانقلابهم وحكموا على أول رئيس وزراء منتخب ديقراطيا بالإعدام ونفد الحكم، بينما حكم على رئيس الدولة جلال بيار بالسجن المؤبد لكونه قد تجاوز السن القانوني للإعدام حسب دساتير الكمالية. وتخلخلت منذ تلك الفترة إلى الوقت الراهن تدخلات العسكر في طمس الديمقراطية التي تظهر كفطر الربيع من موسم إلى آخر، وهذه التدخلات أغلبها كانت على شكل انقلابات عسكرية، وبعضها كانت بشكل تهديد وإجبار للبرلمان أن يحل نفسه ويعيد الانتخابات بالشكل الذي يرضيها.
اليوم نرى أن العسكر يقوم بدوره ليس بالتدخل في حل البرلمان؛ وإنما إجباره على اتخاذ قرار يقضي بالتدخل في دولة مجاورة وصلت إلىيها بشائر العولمة لينعم شعبها بالديمقراطية الحقة. وطبيعي أنها ستشكل على الديمقراطية الكمالية خطرا ماحقا. فلا بد من تشويهها. وذلك باجتياح جزء منه بحجة مطارد "مثيري القلاقل" لأركان الكمالية. وهذا خير دليل على زيف ديمقراطية الكمالية وانطلائها على وسائل الفتك والإبادة.
ومن الغريب أن نفس تلك الكمالية المتمثلة بالديمقراطيين الإسلاميين يرغبون في الانضمام إلى الاتحاد الأوربي الذي تتنافى مبادئه وقوانينه مع أي نوع من هذا الشأن. ولا يسأل هؤلاء الكماليين إن كانوا في ثوب الإسلام أو في بزة العلمانية أن القلاقل التي تثار ضدها من قبل أناس لا ينتمون إلى قوميتها لهو خير دليل على تمسكها باستخدام العنف والإبادة حيال مسائل لا يمكن إخفاءها أو طمرها تحت جنازير الدبابات ورعيد الطائرات وأزيز الرصاص. فأوربا التي ترتأي الكمالية الإسلامية حاليا في الولوج إليها ستفضحها إن حاولت الانضمام إليها. ولن تكون بوسعها الدخول إلى البرلمان الأوربي بالدبابة الكمالية ولا بالمدفع الآتاتوركي ولا بندقية "الغازي" مصطفى كمال.
يرى المجلس الوطني الكردستاني أن اجتياح العسكر التركي للإقليم الكردستاني في العراق الفدرالي من الأمور الصعبة والتي ستكلف تركيا الكمالية كثيرا. ولن تكون تلك التكلفة أقل مما كلفت الصدامية عندما دخلت الكويت.
حسب تقييم المجلس للاوضاع القائمة في المنطقة يكون اجتياح تركيا للإقليم غير ممكن؛ وذلك لهشاشة الاقتصاد التركي. ليس بوسع تركيا تحمل أعباء الاجتياح والبقاء في الإقليم لأنها مكلفة. وتركيا مدينة بما يتجاوز المائة والسبعين مليار دولار للعديد من الدول. عدا الدين الداخلي. كما أن التركيبة السياسية للمجتمع التركي غير متجانسة وتفتقر إلى المساندة الشعبية لها. فالأحزاب الحالية في البرلمان قد حصلت على مقاعدها نتيجة التهديدات العسكرية للبرلمان وبشكل غير مباشر للناخبين. كما هناك تدخل كبير لدول الجوار في الشؤون التركية ومنها وصولها إلى مراكز حساسة في البنية العسكرية والإدراية لتركيا الحالية. ومن جهة أخرى الوجود الكردي وبشكل كبير في تركيا الكمالية يستبعد اجتياح عسكر الكمالية للإقليم في العراق الفدرالي.
هناك دوافع قوية وراء اجتياح عسكر الكمالية للإقليم؛ وذلك لأن الإقليم يشكل خطرا حقيقيا على كل من تركيا وسوريا وإيران، بيما يشكل العراق بمجمله خطرا على المنطقة ابتداء من أفغانستان وانتهاء بموريتانيا. إذا ثبتت الديمقراطية أركانها في العراق لا بد أن تنطلق شرارتها إلى دول الجوار أولا ومن ثم إلى بقية دول المنطقة. لذا نرى أن الكمالية تحظى بدعم من الدول النفطية في المنطقة وتلقى التشجيع من جميع هذه الدول بشكل غير معلن لاجتياح الإقليم؛ حيث الإقليم هو المنطقة الوحيدة التي أثبتت على شرعية إزاحة قوات الحلفاء نظام صدام وإنهاءه. إذا استطاعت الكمالية أن تحتفظ بقواتها في الإقليم بعد الاجتياح هذا يعني فشل الحلفاء في المنطقة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية. وليس غريبا أن يدك أسامة بن لادن أركان عالم الحر بعد ذاك الاجتياح المرتقب.
ينظر المجلس إلى هذا الاجتياح المرتقب أنه كويت الكمالية وهي نهاية للكمالية بجميع أطيافها إن كانت إسلامية أو علمانية أو ليبرالية أو اشتراكية أو يسارية أو ما بينها.
المجلس الوطني الكردستاني – سوريا
شيركوه عباس
واشنطن، 20/10/2007م







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=2812