بين الهوية الوطنية ومنهجية العمل النضالي
التاريخ: الأربعاء 12 ايلول 2007
الموضوع: اخبار



عبد الرحمن آلوجي

 يلح كثير من المراقبين على أهمية تفعيل دور البارتي في الحياة النضالية , وإرجاعه إلى عمقه الوطني , ومنهجة نضاله , وبرمجة حياته السياسية , وإعادته إلى عمقه الفكري وثوابته وقيمه ، مستهدياً بتراثه بعمق في أبرز القضايا التي كان له رأي واضح فيها , يستند إلى وسطية فكرية وسياسية , واعتدال منهجي يرقى إلى عمل فكري منظم.. يقود  إلى عملية سياسية صائبة تترجم الآلية التنظيمية والجماهيرية , والرؤية الاجتماعية المتصلة بالنخبة والجماهير , وخيرة الكوادر المنظمة لهذه الآلية , والتي تعرضت منذ منتصف الشهر الخامس من عام  (2003) إلى نكسة وتراجع وارتداد حقيقي


في حالة تنظيمية وجماهيرية اتسمت بكثير من التردد والانكسار , واهتمام ثانوي بالأمور غير المجدية بل المعيقة في الطريق إلى رسم سياسة جديدة , قائمة على التمحور حول الذات , والتآكل الداخلي , والترهل النضالي , مما أصاب الحزب في الصميم وجعله يتلكأ في الارتقاء على منهجة وبرمجة العمل النضالي ، بعد أن وجد مصداقيته في الالتفاف الجماهير , والرؤية المنهجية المتبادلة بين  الحزب وهذا القطاع العريض , ممّا أكسبه ثقة عالية , خصوصاً في بداية الترجمة الميدانية لعمل وطني وجماهيري منظم , كان البارتي محوره وأداته وعمقه النضالي ..
لقد أعاقت العراقيل والعقبات التنظيمية , والبرامج التكتلية , وعقلية الإقصاء، تلك التوجهات الميدانية , وذلك الفهم العميق للرؤية الوطنية والهوية المعرفية الجامعة للبارتي , والمبادرة الفعلية لكوادر وصفوة المناضلين في القيادة والقاعدة , ليؤهل لعملية فاعلة , وقدرة على تخطي العراقيل , وتذليل العقبات , إلا أن الغربة التي أصابت الصميم في9/5/2003, وما تلته من نكسات حال دون إتمام البرنامج الوطني , وإبراز الصيغة الوطنية المثلى لتوجهات الحزب ورؤيته المتوازنة , وقدرته على رسم منهجية العمل النضالي , ونقلها من حالة الركود والتراجع إلى حالة حيّة , من شأنها أن تجمع القدرة والعمق والكفاءة لخيرة المثقفين , وقدماء الرفاق, ممن كانوا على أهبة الاستعداد , لرفد الحزب بطاقاتهم وقدراتهم , ومنحه ما يملكون من خبرات وثقة عالية , وقدرة على التحرك.. وهو ما يفترض أن يعود إليه الحزب , ويرسم طريقه إليه , في وضوح وشفافية , وقدرة على التعاطي مع الحدث , وإعادة رسم هذه المنهجية برؤية علمية ديمقراطية معاصرة , تجعل من الفهم العميق لضرورات المرحلة عالمياً وإقليميا , وعلى الصعيد القومي والوطني , نبراساً حقيقياً يهتدى به في تحديد المسار , ومنهجة العمل النضالي , وتأطير البعدين الوطني والقومي , في ضوء رؤية شاملة معاصرة , تدرك التداخل الحقيقي بين التراث الإنساني ببعديه النضالي والمعرفي والعلمي الواسع , وفلسفته ورؤيته المتكاملة والارتقائية , وعمقه النضالي , ليكون للعولمة بأبعادها الثقافية والاقتصادية والمعرفية , وخصائص المجتمع المدني , وما يستوجب ذلك من إدراك عميق لخصوصية الثقافات والرؤى والتراث القومي لكل أمّة , وما يتبع ذلك بالضرورة من تداخل عميق بين التراث والخصوصية والمعاصرة , والنهج الخيّر في إعلاء شأن المجتمعات الإنسانية , وضرورة تكاملها وتعاضدها , في محو كل آثار الفقر والدكتاتورية والاستغلال والإلغاء والشطب, في انفتاح فعلي وحقيقي على الثقافات والحضارات وقيمها المادية والروحية والأخلاقية العالية , لنقل المجتمع الإنساني إلى حالة من الازدهار والتقدم العلمي والاجتماعي والاقتصادي, ورفع سوية العيش المشترك والرغيد, وتحقيق قواعد وأسس العدالة الاجتماعية , وفق صيغ ديمقراطية منهجية عالية, من شأنها أن تجعل من طاقات العلماء والمبدعين والمفكرين, والسواد الأعظم من الشعوب والأمم نقطة تحوّل كبرى تخدم الإطار الإنساني المجتمعي , وتنقله من حالة ركود وتناحر وتصارع , إلى حالة من الوئام والتعارف والانخراط في صيغ مدنية جديدة , ترفع القواعد والأسس الكبرى لعملية انتقالية عالية من كل الانحدارات ولغة العنف , وقيم الإرهاب وكبت الطاقات وكمّ الأفواه والحيلولة دون انطلاق المفهوم المعاصر , لإنسان حرّ مبدع , قادر على العطاء في أجواء يتيح له كل إمكانات الانفتاح والتحرر والمنهج المعرفي , والرؤية النضالية القائمة على قوّة الإقناع , وقوّة التحاور , ومنطق التفاهم , والإيمان بالآخر , فكراً و ممارسة وقدرة تعبير..
إن هذا الفهم العلمي , وتلك الرؤية الإنسانية الجامعة , يعطي للبارتي أهمية ثوابته ومنطلقاته , ونهجه المعرفي الديمقراطي المعتدل , وإيمانه العميق بمستقبل إنساني رفيع، والتعاضد في رسم مشترك لبناء مجتمع إنساني قادر على تقبل المفاهيم وإثرائها وإغنائها، وربطها بالقيم النضالية المشتركة ، في ظل فهم حضاري رفيع المستوى ، يؤمن بما للإنسان من دور في البناء والإعلاء والإبداع، و نبذ التطرف والعنف ، وكل أشكال التربية والتوجيه والإعلام الخاضعة لمنطق الهيمنة والشمولية والإقصاء..
إن البارتي إذ يرفع قواعد منهج نضالي مبدع وجديد وهادف إلى تحديد الهوية الوطنية والقومية ، وربط ذلك بروح علمية وديمقراطية , والرؤية الفلسفية والفكرية القائمة على الإبداع والابتكار وحوار الحضارات , وقيم الحرية والديمقراطية والقانون الدولي , تعطي للبارتي قدرته على التحرك والانطلاق والتجدد , وتمنح ثوابته في العمل الوطني والقومي الإنساني قيمة معرفية وأخلاقية عالية , تجعله في البؤرة من التطور ومواكبة الحدث العالمي , وإدراك خصائص سياسية واضحة تحسن الربط بعمل ميداني متكامل , ومنسجم مع رؤية متحركة قادرة على الإبداع ، وتلك من أبرز ثوابت النهج المرن المعتدل , والمتفهم للغة حضارية تستند إلى  قواعد المجتمع المدني , وطاقاته في الاتصال بمجمل السياسة العالمية وضروراتها وتطوراتها ، وقدرتها على الاتصال بعمق العمل الجماهيري والإبداعي المنظم .. ممّا يولّد حالة من التواؤم والرؤية المتوازنة وهو ما  يميّز العمل الجاد والدؤوب من عمل هامشي معيق ومترهل وبعيد عن فهم الحياة السياسية بعمقها الفكري وضوابطها التنظيمية , ورؤيتها الجمالية والأخلاقية العالية , وانعكاسات ذلك على العمل الميداني , وتحديد الهوية النضالية , ومنهج عمل وطني ديمقراطي منظم ..







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=2605