أزمة السكن تحرم الكثيرات من حق الأمومة وأشياء أخرى ؟
التاريخ: الأحد 09 ايلول 2007
الموضوع: اخبار



لافا خالد 

تعيش في ضواحي العاصمة دمشق ,   الحاجة وضيق الحال دفعنا كي نقبل العيش حتى ولو في دكانة استأجرها زوجي منذ سنة ليكون المأوى والبديل الأرخص عن عقارات لم ولن نستطيع حتى مجرد حلم السكن فيها , سألتها ولما دكانة صغيرة للعيش ؟ هل ضاقت بكم مساحة هذا الوطن الشاسعة ؟ أم ماذا ؟


 أجابتني :
وهل تظنين أننا الأسرة الوحيدة التي تعيش في دكاكين ,أزمة السكن التي استفحلت وتفاقمت ليس في العاصمة  دمشق  فحسب بل في مختلف المحافظات  و تبقى للشام الخصوصية  كونها مدينة العمل  وهو ما كان الدافع ليكون استقرارنا في العاصمة حتى وان كان مبيتنا في  دكانة أجبرتنا الظروف عليها , يبقى  طولها وعرضها أمتار قليلة فيها  مأكلنا ومشربنا ومبيتنا وحمامنا وتهويتنا  حتى بتنا نتفنن العيش في هكذا أعشاش بائسة لابل نتقن تماماً كيف نقاوم ضيق المكان في فسحة العاصمة الكبيرة ولا يهم إن كانت النتائج على حساب حرماننا من أشياء وأشياء كثيرة وربما على حساب صحتنا في مكان يفتقد لأبسط شروط السكن الصحية  , انظري حولك بيوت بنيت على عجل في مدينة وعاصمة كبيرة وجميلة كما دمشق , أليست الكارثة أن يعيش نصف سكانها في الضواحي على قمم ومرتفعات جبلية في حالة استيطان غريبة والأغرب هي الحاجة الاقتصادية التي ترافقت مع هذه الأزمة الجنونية في السكن وارتفاع أسعارها واضطرار أسر كثيرة القبول بأي بديل حتى ولو كان العيش تحت خيمة طلباً للرزق وتفادياً لسعر مجنون يتعالى على واقعنا المؤسف في إحدى المحافظات الجميلة كزبداني التي رأيتها وسمعت قصتها شخصياً ,
أم حسن تلك السيدة المتعلمة التي سطرت أوجاعها لنا بدموع علها تصل لمسامع المهتمين فأزمتها حالة عامة وليست فردية تتابع وعندها الكثير مما لم تكلمنا حوله :
تركت مقاعد الدراسة وأنا على مشارف الجامعة كي أعمل في حصاد الصيف والقطن مساعدة لأسرتي الفقيرة و ها هي أختي التي تصغرني بعد أن حصلت على أعلى المعدلات في شهادة الثانوية ستضطر تحت ضغط الحياة الصعبة والظروف الأقسى أن تدمر حياتها وتترك مستقبلها رغما كي تعيش ويعيش معها أهلها , تزوجت منذ سبع سنوات لم يتغير شيء ما بشكل جوهري في حياتي ف خارطة الفقر شملت المسكين زوجي الذي يتابع ليله بنهاره عله يشتري لنا بيتاً صغيراً ويساعد في الوقت نفسه أهله واخوته اليتامى , لم نفكر بالإنجاب في السنوات الأولى وفوق كل ذلك ما كنا نستطيع أن نغير من حياتنا شيئاً , لم نجد سوى العاصمة بديلاً علنا نلحق الكثير مما فاتنا لتبدأ رحلة أمر وأسوأ فالمعيشة تكاليفها باهظة وراتب زوجي بالكاد يكفيه ليسدد أقساط بيتنا أقصد الدكانة التي استأجرناها بمبلغ 2500 مع  فواتير المياه والكهرباء في عش الورور  التي يحسدنا عليه كثيرون يستقدمون للعاصمة ولا يجدون لا دكانة لا بل حتى أجار السكن فيها
وماذا بعد
عمل زوجي بشكل متواصل في أحد المطاعم لساعات طويلة أصيب خلالها بدسك في ظهره الآن نبحث عن علاج وعمل اسهل ,مع سعي أيضاً للعمل في أي شيء يحفظ لنا كرامتنا ويمنعنا من الحاجة للآخرين , مع إن الرحلة شاقة ولكن الحياة ترغمنا على المحاولة كي نعيش ً في قدر تمنيناه ألا يعاكسنا ولو لمرة واحدة , وتبقى المحاولة في سبيل كل شيء لنقول لطفلنا الذي نحلم به أن يأتي:
 إننا سعينا لأجلك ومستقبلك فما فاتنا من دروب,  سنفترشها لك في ساحة أجمل وبيت افضل  حتى لو عشنا في أفقر الأحياء وأحقرها  حتى لو كان على حساب عمرنا وشبابنا الذي دفن وهو يصارع الفقر وأزمات كثيرة ليس أسهلها  إننا ارتضينا ونحن آدميون أن نعيش ونقتنع بكل هذه الأوجاع التي  اجتازت دونما إحساس لإنسانيتنا وكرامتنا ,فالفقر والمرض وغربة المكان في وطن نعيش في هوامشه كان كفيلاً أن يقتل فينا حتى فكرة الإنجاب وفوق كل ذلك لا زلت أنتظر ابني حسن الذي يصارع فضاءً هلاميا يبحث هو بذاته عن أحشاء دافئة في عالم داخلي عندي وحتى خارجي لا يهدأ أبدا ولم يعرف للاستقرار سبيلا  وهو واقف مذهول  لهول ما ينصدم به
حالات أخرى والمعاناة تتشابه
سيدة أخرى في نفس الحي في منطقة وادي المشاريع تعيش في دكانة مع طفلها الوحيد والآخر الذي ينتظره الحي كي يشرفهم ويكمل طفولته في أزقة صغيرة وحواري شعبية بائسة  لأعجب كيف لم يعمر فيها بيوت أخرى ,




تروي المعاناة :
إن بيتها أقصد الدكانة التي تحميهم ونظرات المارة تحول  لساحة حرب بينها وزوجها الذي يعمل يوما ويجد نفسه في طابور العاطلين عن العمل أيام أخرى كثيرة,   لأنها قررت الإنجاب ثانية  فهي لن تكرر تجربة جارتها أم حسن التي دفعتها الظروف لتأجيل الإنجاب وها هي الظروف الأقسى حالت أن تصبح أماً كما غيرها
أخريات وأخريات قد لا يكون مأواهم دكانة ما في حي فقير في منطقة ما من الشام الجميلة لكنهم يعيشون في ضواحي حينما تدخلها لأول مرة تذهلك أشياء كثيرة بعضها بنيّ تحت الأرض وكأنه كهف من كهوف  تورا بورا في  أفغانستان , وبعضها فوق الأرض بمساحات صغيرة  لاتتوفر فيها أدنى شروط البناء السوي والمتين , وبعضها الآخر كأنه بيت معلق  سينهار مع أية ريح قوية تصفع الجبال دائماً في قمة جبلية بعيدة لا بل بعيدة جداً لا تصلها المواصلات بأي شكل كان
للمسؤولين فقط 
 مشاهد أخرى وأكثر من مؤلمة صادفتها في أحياء عشوائية هي المسكن وساحة لذكريات الطفولة التي تعبث بهم ويعبثون بقمامتها المرمية هنا وهناك , وآخرون يسلكون طرقاً وعرة عليهم يصلون ويستدلون على عشهم الذي سيخزن في ذاكرتهم ما لم يتمنونه ذات يوم في صيف ملتهب وشتاء لطالما أوقع الكثيرين في حفره الكثيرة , ونبقى نحن لنقول  إن ما ذكرناه حالات مؤلمة في بحار من أوجاع الكثيرين  تبقى تفاصيل معيشتهم الدليل  والصفعة الأقوى لكثيرين يتجاهلون فئات مهمة من نسيج هذا الوطن الكبير يعيشون ليس في الضواحي بل على الهامش كما قالت السيدة أم حسن  التي تنتظر مع غيرها صدور قانون الاستثمار والتطوير العقاري وحل هذه أزمة السكن في سوريا التي تجاوزت حدود المعقول سواء بأسعارها الحمراء أم بالأزمة التي دفعت الكثيرين القبول بأي بديل عن سكن حتى ولو كان العودة للوراء كثيراً والسكن في خيم أو في بيوت يتوفر فيها كل شئ إلا أن يكون المسكن للأدميين

 






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=2592