شذرات من ثورة اللا زمن
التاريخ: الأثنين 11 تشرين الثاني 2019
الموضوع: اخبار



د. محمود عباس

1-
 عندما هاجمت اليابان على ميناء بيرل هاربر الأمريكي في هاواي، ونجحوا فيها، بين ضابط ياباني لقائد الحملة، وكان أدميرالاً، سعادته بقوله انتصرنا يا سيدي، فرد عليه الأدميرال عابسا حزيناً، لقد أيقظنا المارد. ما يجري على الساحة الكردستانية، من عفرين إلى ديركا حمكو، تخالف ما تم وتدار في الأروقة الدبلوماسية، وما ينفذ بشكل متناثر هنا وهناك عسكريا لا تعكس حقيقة ما هو متفق عليه، حيث الشكل النهائي للتقسيمات السياسية والإدارية، أمريكا وروسيا مطلعتان على مخططات تركيا والمراحل التي يحتل بها جنوب غربي كردستان وطموحاتها الأبعد من شرق الفرات، ويعرفان أنها بدأت بالباب وجرابلس، وتمددت في عفرين، واحتلت ما بين كري سبي وسري كانيه، وطموحها نحو قامشلو، وبعدها إلى عين ديوار وسيمالكا، وفي المراحل اللاحقة نحو شنكال... والميزان السياسي لصالحها حتى الآن.


 فليس المهم معرفة ما يخططه، بل كيف الوقوف في وجهه، وتقويضه، ولا بد لنا من البحث عن وسائل لتغيير هذه المعادلة. فنحن الكرد لنا الإمكانيات، فقط نحتاج لكيفية استخدامها، فلولا إمكانياتنا هذه لما تم كل هذا التكالب علينا، ولما كانت كل هذه الرهبة من أبسط صعود كردي على الساحتين الداخلية والخارجية. جدلية لا جدال عليها، أنهم يخافون من يقظة المارد الكردي. 
2- 
الإصرار على المطالب الكردية إلى درجة الفيدرالية ضمن الدستور، والذي سيبقى هشاً أمام مجريات الإحداث المؤلمة، حتى ولو كتب بسطور مقدسة، والإصرار من ضرورات النضال. ولنحصل على نتيجة إيجابية، لا بد من معالجة الداخل الكردي المشتت، والتخلص من السذاجة السياسية المنتشرة تحت حجج التعامل مع الظروف والوقائع. 
3-
دولة قطر التي شكرها وزير خارجية تركيا مولود تشاويش أوغلو، على تمويلها للعمليات العسكرية في المنطقة الكردية والمسماة بنبع الإرهاب (السلام)، هي ذاتها التي أسست المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، حاضنة شريحة من الاكاديميين العنصريين العروبيين والتكفيريين، وحثالة حزب البعث، أمثال عزمي بشاره ومحمد جمال باروت، الذين سخروا جل نشاطات المركز الثقافية والتاريخية والسياسية لتحريف التاريخ الكردي في جنوب غربي كردستان، والطعن في الديمغرافية الكردية وحضورها التاريخي في هذا الجزء من كردستان. والاجتياح التركي اليوم ليس بأكثر من محاولة لتطبيق ما عرضه هؤلاء من أفكار وتحريفات، وما عملت عليه دولة قطر على مدار العقدين الماضيين. فلا عجب أن يمولها الطامح لقيادة العرب مثلما كان يحلم بها صدام حسين يوما، متناسيا أن الصورة النمطية المترسخة في ذهنية الأتراك تعكس كراهيتهم للعرب وستبقى هي ذاتها في ذهنيتهم كشعب دوني المستوى.
4-
 المسيرات والمظاهرات الجارية في دول الشرق الأوسط، وحركات الشعوب المطالبة بالحرية، لا تزال تعاني من المبثوثين وراكبي الثورات، ومحرفيها، ومن القوى الظلامية والتكفيرية والانتهازية الذين شكلوا شريحة واسعة من تجار الحروب، والأن تحاول القوى الدولية السيطرة عليها وتسخيرها. 
هؤلاء بشكل ما تلاقت مصالحهم ضد الحركات التنويرية وموجات الثورة العفوية، رغم صراعهما على السلطة، فعتموا على شعاراتها، واستغلوا بساطة وتشتت روادها من الجيل الصاعد لبلوغ مآربهم، وأول أهدافهم وأهمها هي الحصول على السلطة بعدما غيروا من شعار إسقاط النظام إلى تغيير السلطة، ولكن الوعي الجمعي لدى الشعوب والجيل الثائر يعيد تكوين ذاته، وتنوير الشارع، وترسيخ الأهداف. 
 الثورة في هذا العصر لا تحتاج إلى فلاسفة وقادة كالعصور الماضية، بل إلى متنورين، بإمكانهم بلوغ كل الأماكن ودخول الأذهان، والتأثير على المفاهيم والأفكار من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وخدمات الأنترنيت السهلة، ولذلك نرى أن هذه الأداة من أحد أهم أعداء الأنظمة الشمولية والقوى الظلامية، والتي تحاول بكل الأساليب الحد منها، فكثيرا ما يتم قطعها للحد من الاتصالات بين الناس وخاصة بين الجيل الصاعد الثائر الأكثر استخداما له، لفترات طويلة وخاصة أثناء تصاعد هيمنة القوى الثورية النقية الواعية في الشارع. 
 الثورة التنويرية في شرقنا، ولربما في العالم الثالث لاحقا، بدأت ولن تنتهي بمجرد التحريفات الأنية التي حصلت في السنوات الماضية والتي تحولت إلى حروب أهلية ومذهبية وأثنية، وركبها البعض من القوى المنافقة والضلالية والإسلام التكفيري السياسي، فهؤلاء جميعهم يدرجون ضمن الأنظمة الشمولية الفاسدة، ولذلك تتصاعد الأصوات من أعماق الشارع الثوري المطالبة بإسقاطها بل وإزالتها مع الأنظمة الموجودة. 
 الشعوب تتجه إلى النهضة الحضارية، ولن توقفها كل القوى الفاسدة والأنظمة الدكتاتورية، قادتها جيل صاعد أصبح يعي ما يجري في الداخل والخارج، ويدرك أسباب مآسيه، من خلال الإنترنيت، لكنه لا يزال عاجزا على حماية نفسه وتنظيم ذاته. 
5-
أصبح يدار في الأوساط الإعلامية أن خليفة البغدادي قد يكون التركماني (حجي عبد الله العفري، أو البعض يقول إن أسمه الحقيقي أمير محمد سعيد مولى) من مدينة تلعفر، مسؤول دواوين داعش في العراق، المعروف لدى أردوغان، والمقرب لدى حكومته والميت التركي، فهو مع أخيه كانا مديري ملف التفاوض مع تركيا لإطلاق سراح القنصل التركي مع طاقم القنصلية، إبان السيطرة عليهم في الموصل منتصف 2014م، ويقال أنهما رافقوهم إلى الحدود التركية وسلموهم إلى قواتها، وبالتالي هو أحد مهندسي العلاقات بين حكومة أردوغان وداعش، وأخوه من نسق مع القوات التركية لدخول مدينة الباب بدون مواجهة عسكرية. والتنصيب يتأرجح ما بين فرض أردوغان خليفة تركماني مقرب لتركيا على بقايا داعش، أو أن داعش تحاول النهوض بسند أردوغاني.

الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
4/11/2019







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=25612