التقرير الســـياسي الشهري لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)
التاريخ: الخميس 30 اب 2007
الموضوع: اخبار



تصدر وسائل الإعلام إشارات متضاربة حول مستقبل الوضع الإقليمي في الشرق الأوسط، وتتأرجح تلك الإشارات بين احتمالات نشوب حرب جديدة وبين إمكانية المباشرة بعملية سلام .وتنطلق تلك الإشارات من ان حالة اللا سلم واللا حرب القائمة حالياً لم تعد ممكنة خاصة بعد أن اقتربت كل الملفات الإقليمية الساخنة من الحسم، سواء كان ذلك لجهة التسوية السياسية او لجهة التحرك نحو المواجهة والتصعيد .ففي لبنان دخل الوضع السياسي المحتقن مرحلة الاستحقاق الرئاسي الذي تحدد بيوم 25 أيلول القادم , لكن طرفي الصراع لم يتوصلا بعد الى الإجماع على رئيس توافقي مما يهدد بحصول فراغ دستوري ويفسح المجال أمام حكومتين تتوجان حالة الانقسام الحادة التي تذكّر بالوضع الفلسطيني الذي لا يزال الانقسام الجغرافي والإداري على الأرض، التي يفترض أن تقام عليها الدولة الموعودة، قائما، ويؤثر سلباً على القضية الفلسطينية .


أما في العراق فان الأيام القادمة قد تحمل تطورات جديدة على ضوء التقرير الذي سيقدمه قائد القوات الأمريكية والسفير الأمريكي حول تقييم نتائج زيادة القوات ومستجدات الوضع السياسي الأمني داخل العراق .وبانتظار ذلك التقرير فقد ازدادت الضغوطات في الداخل والخارج على حكومة المالكي. ففي الداخل توالت انسحابات كتل التوافق والعراقية والصدرية من الحكومة بالتزامن مع التصريحات الأمريكية المعبّرة عن خيبة الأمل تجاه هذه الحكومة التي لجأت بالمقابل الى إعلان (جبهة المعتدلين) لتأمين الأغلبية البرلمانية اللازمة، من جهة، وتوجّه المالكي الى دول الجوار تركيا _إيران _سوريا، من جهة أخرى، في محاولة للحصول على تعاونها في دعم الأمن والاستقرار وعدم التدخل في الشأن الداخلي العراقي ومنع تسلل الإرهابيين والعمليات الإرهابية التي استهدفت مؤخراً طائفة الكرد الايزيديين في منطقة سنجار عبر تفجيرات كبيرة أودت بحياة المئات بين قتيل وجريح بهدف إجبار أبنائها على الرحيل وثنيهم عن المطالبة بالانضمام لإقليم كردستان، مما يشير الى أن التدخلات الإقليمية متواصلة رغم الوعود الصادرة، قبل وبعد تلك الزيارات، مثلما يحصل الآن في المناطق الحدودية لكردستان العراق التي تشهد قصفاً إيرانياً وتركياً مشتركاً، يهدف الى الضغط على حكومة الإقليم وزجها في الحرب على PKK وعلى القرار السياسي الكردي والتراجع عن تطبيق المادة 140من الدستور بشأن تحديد هوية كركوك الكردستانية. 
وتؤشر تلك التدخلات الإقليمية لضآلة النتائج التي حصل عليها المالكي في جولته الإقليمية، وتؤكد على ضرورة العودة الى تنشيط عملية المصالحة الوطنية التي شكّلت محور لقاءات قادة الكتل البرلمانية التي تناقش مطالب كتلة التوافق التي تدور حول: قانون اجتثاث البعث- والجيش العراقي المنحل- وإعادة النظر في بعض مواد الدستور- وإطلاق سراح المعتقلين السنة.. وتلقى تلك العملية التشجيع من جانب الإدارة الأمريكية في إطار سياستها الرامية لمواجهة النفوذ الإيراني المتعاظم في العراق وإعادة الطمأنينة والدور لدول الاعتدال العربي، وخاصة السعودية ومصر والأردن التي كانت قد حظيت، لنفس السبب، بصفقة كبيرة من السلاح الأمريكي لمواجهة ما تسميها بأطماع إيران في منطقة الخليج، بشكل خاص، وتدخلاتها في الشأنين اللبناني والفلسطيني، وكذلك لتأمين وتوفير استعداداتها الدفاعية في حال اندلاع حرب إقليمية يزداد الحديث عنها مؤخراً في ظل الاستقطاب الحاد الذي يمثله الصراع بين مشروع أمريكي لشرق أوسط كبير ومشروع أيراني لشرق أوسط إسلامي والذي يمر بحالة استعصاء، وقد تشهد المنطقة على خلفياته حربا جديدة لم يحدد موقعها بعد... ورغم أن إيران هي المستهدفة أصلاً بهذه الحرب فان تبعاتها الكبيرة وصعوبة احتواء آثارها وردود الأفعال المترتبة عليها وانعكاسها المباشر على الوضع الأمني العراقي الحساس يبعد إيران ، حسب رأي المراقبين، عن المواجهة العسكرية المباشرة، فإن الأنظار تتّجه الآن نحو الجولان بسبب احتمالات سخونة الجبهة السورية مع إسرائيل.. ومما يدعم هذا الافتراض هو إن مثل هذه الحرب قد تكون أصبحت حاجة سورية، بقدر ما هي وسيلة إسرائيلية أمريكية، لكن تبقى أهداف الطرفين متباينة، فالجانب الأمريكي قد يرى فيها فرصة لإزاحة إحدى الحلقات الداعمة للسياسة الإيرانية، وبالتالي إضعاف التحالف الإيراني، وإخراج سوريا من دائرة الصراع، لينعكس ذلك ، حسب اعتقاده، على انهيار حزب الله وإضعاف حماس، ويراهن الأمريكان في هذا الموضوع على أن إيران لن تدفع الأمور الى النهاية في ردها على اندلاع حرب بين سوريا وإسرائيل، فضلاً على أنها- أي إيران- تشهد أزمة اقتصادية وتذمراً داخلياَ واسعاً بسبب انحسار شعبية الرئيس احمدي نجاد في مواجهة التيار المعتدل.. أما إسرائيل الساعية لإجراء مفاوضات مع سوريا، ترى أن شروطها ملائمة إسرائيلياً، لو لا معارضة الإدارة الأمريكية، فإنها ترمي من وراء هذه الحرب وقف تدفق الأسلحة للبنان واستعادة الرصيد المعنوي للجيش الإسرائيلي.
ويلتقي هذا التوجه نحو الحرب مع احتمالات مقابلة لدى الجانب السوري الذي يرى في حرب محدودة  خياراً لتحريك حالة الركود السائدة بهدف دفع إسرائيل نحو طاولة المفاوضات بشروط مناسبة ,والتهرب من تبعات الأزمة الاقتصادية السائدة ،والاستعداد لمواجهة المحكمة الدولية المعنية باغتيال الحريري، ويراهن في هذه السياسة على غطاء ومبرر مشروع وهو استرداد الأراضي المحتلة، ويستند إلى فشل سياسة التهدئة التي طالت كثيراً ،نتيجة المماطلة الإسرائيلية المعروفة في عملية التفاوض، كما يستند الى نتائج حرب تموز على لبنان والتي كانت نتائجها ليست لمصلحة إسرائيل حيث أعطت انطباعاً بأن محاربتها مرة أخرى أمر ممكن وسهل .
لكن، وبغض النظر عن ساحة الحرب المقبلة وموقعها، فان مكاسبها غير مضمونة للطرفين، بينما قد تمتد خسائرها وآثارها إلى كل المنطقة الشرق أوسطية، وان الاجتماع الدولي الذي سوف ينعقد في الخريف القادم، والذي يجب ان تدعى إليه كل الأطراف المعينة  يعتبر مناسبة لتحقيق التقدم على ملف الصراع العربي الإسرائيلي وحل القضية الفلسطينية التي تعتبر المحرك الأول لهذا الصراع، وتتخذ منها قوى الإرهاب غطاءاً لتدعيم مواقفها وتضليل الشارع الشعبي بشعاراتها.
وفي تركيا كان معروفاً أن الفوز الكبير لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة فتح الباب واسعاً أمام انتخاب (غول) لرئاسة الجمهورية، وفي هذه الحالة فان تركيا مقبلة على أزمة من نوع آخر، فالجيش التركي فقد مبررات الاعتراض دستورياً،لكن استلام حزب واحد ذو خلفية إسلامية للرئاسات الثلاث في تركيا أمر مستجد لم تشهده البلاد من قبل، ويطرح المزيد من التساؤلات حول هوية تركيا السياسية والاجتماعية، وكذلك إستراتيجيتها وخياراتها السياسية، وحول إمكانية هذا الحزب الحاكم على التوليف بين توجّهه الإسلامي، وبين العلمانية التي يدّعي الجيش حمايتها، والذي سوف يخسر الكثير من أسباب نفوذه وتدخلاته في الحياة السياسية، كما سيتراجع دوره التاريخي.. ومن هنا فإن البلاد سوف تشهد المزيد من الانفتاح على التغيّرات الديمقراطية التي تصيب العالم، كما يصبح بإمكان الحكم الجديد الإقدام على إصلاحات سياسية واقتصادية أخرى في طريق الالتزام بمعايير الانضمام للاتحاد الأوربي, بما في ذلك رفع الحظر عن اللغة والثقافة الكردية في كردستان تركيا.
أما في الداخل السوري فان إقدام الحكومة على اختبار ردود الأفعال حول مشروعها لرفع الدعم عن المشتقات البترولية خلق حالة من الذعر والقلق بين المواطنين، وزاد من حالة الاحتقان السائدة بفعل الغلاء الكبير وانتشار ظاهرة الفساد وعدم الثقة بالحلول السلطوية للازمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي يعاني منها المجتمع السوري، ولذلك فإن الحوافز التي أوردها المشروع مثل زيادة الرواتب بنسبة تصل إلى 20%أو دفع مبلغ 12الف ليرة لكل عائلة في العام، لا تبدد قلق الناس وخشيتهم من الارتفاع الفاحش للأسعار التي تأتي بعد زيادة أسعار المحروقات، وخاصة المازوت الذي يؤثر ارتفاع أسعاره على مختلف السلع والخدمات, ويعتبر المراقبون هذه الزيادة المفترضة سوف تحقق فقط وفراً لخزينة الدولة يقارب 60مليار ليرة، لكنها لن تسهم بالمقابل في خفض نسبة التضخم، أو تقدم حلاً مناسباً للازمة الاقتصادية المتفاقمة .حيث لم تتمكن السلطة حتى الآن من تحقيق التقدم على طريق الإصلاح الاقتصادي نتيجة لتفشي الفساد وغياب القضاء المستقل، مما أدى الى تدني مستوى المعيشة وانحدار فئات واسعة من المجتمع الى ما دون خط الفقر..
ومن جهة أخرى فان إجراء السلطة لانتخابات الإدارة المحلية والبلدية، وإصرارها على عدم تحديث القوانين المتعلقة بالانتخابات بما تنسجم مع عملية التغيير الديمقراطي السلمي، قوبل في الشارع السوري بمقاطعة واسعة عبّرت، ليس فقط عن الاستجابة لدعوة قوى إعلان دمشق ,بل إنها جاءت كذلك نتيجة لإدراك المجتمع السوري، بعربه وأكراده وأقلياته القومية، لطبيعة هذه الانتخابات وانفضاح مفهوم توسيع المشاركة لدى السلطة وهشاشة الجبهة الوطنية التقدمية التي تمارس السياسة بعيداً عن القرار السياسي، بسبب تأكيد السلطة على قيادة حزبها الحاكم للدولة والمجتمع ورفضها لضرورات التداول السلمي للسلطة، ولتوسيع المشاركة الشعبية في إدارة شؤونها، وسعيها لإثارة الفتن والاحتقان بين أبناء الوطن الواحد، مثلما تفعل الآن بقرارها القاضي بتوزيع أراضي ما تسمى بمزارع الدولة، الملحقة أصلاً بمشروع الحزام العربي في منطقة ديريك، على عوائل فلاحية تريد استقدامها من منطقة الشدادي البعيدة عن تلك المزارع المعنية بمسافة 250كم، رغم أن تلك المزارع  كانت أصلاً لملاكين أكراد وكان يستثمرها فلاحون انتزعت منهم بموجب مشروع الحزام العربي ولا يزالون يعيشون فيها محرومين من أراضيهم التي أحيوها بجهودهم المتواضعة .
ورغم إقرار الجميع بحق الفلاحين المغمورة أراضيهم بتعويض مناسب، ورغم تشكيك العديد من الرموز الاجتماعية العربية، والوطنية السورية، بما فيه قوى إعلان دمشق، بالخلفية السياسية والعنصرية لمثل هذا القرار,فان السلطة لا تزال تسعى لاستكمال إجراءات التوزيع بطريقتها العنصرية التي تعني حرمان الفلاح الكردي من لقمة العيش، دون أن يعني ذلك بأنها متعاطفة مع الفلاح العربي الذي تتعامل معه كمجرد أداة لتنفيذ سياسة شوفينية واضحة.. ومن هنا فإن مشكلة الفلاح الكردي ليست مع مثيله العربي، بل مع قرارات استثنائية يفترض أن يقف الجميع للحيلولة دون تطبيقها بهذا الشكل المنافي لأبسط القيم الوطنية.
28/8/2007
اللجنة السياسية
لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=2541