وجوه قامشلي التي لم تكنْها «في زيارتي السنوية إليها صيف 2019 » - 16/8
التاريخ: الثلاثاء 10 ايلول 2019
الموضوع: اخبار



ابراهيم محمود

16- بورتريهات وجوه  
8"- وجه حسين فرمان شهيد ماء متجهم
أن أكتب عن حسين فرمان الخمسيني عمراً، كردي من بني جلدتي، و" ابن مدينتي وحارتي " إنما، وقبل كل شيء، لأن خاتمة حياته الفاجعة المفجعة، تحفّز ما هو إنساني، بأكثر من معنى. حسين فرمان " بافي باران، كما كان يلقَّب. كيف أتيح له أن يقطع نهراً " غادراً، غير مألوف، وفي أوج طغيانه الشتوي، صوب الحدود " التركية " وعبر حدود إقليم كردستان، وهو الذي كان يحذّر من قطعه؟ وليبقى شهوراً عدة في " ضيافة " طميه، مائه العكر، مفارق روح ؟


مأساة من نوع آخر، وما أعظم، وأقسى، وأشرس هذا المسمى بـ" الآخر ": حزناً، غربة، ابتعاداً عن المكان، مجهولاً، هاجس خوف..الخ، مأساة كردي انقلبت به سفينة نوحه التليدة، في وطن مقلوب على رأسه، وشعب مغلوب على أمره، و" قدوة " في " الاتجاه الآخر للجاري!
عزاء يرفَق بعزاء، ويذكّر بعزاء، فأي بيت كردي لا يعيش مناخ عزاء ما، عزاء أهله، عزاء أصحابه، عزاء المكان، عزاء المعلوم، عزاء المجهول، عزاء يضاعف عزاء...ما أكثر أنساب هذا العزاء الذي لا نهاية لعزائه. عزاء لموت فارق اسمه الفعلي. موت مصنّع، وموت متكاثر، ومستحدث في جهات معلومة ومجهولة، موت برّي، موت حدودي، موت مائي، موت قتلاً، موت كماً، موت مقيَّد ضد مجهول. وليس من موت طبيعي إلا في أقل الأقل.
ليس من جنازة تقوم على موت يهيَّأ له، إثر تشييع جنازة، ودفن مرئي، ونصْب خيمة عزاء بحضور الأهل، المعارف، كما يليق بالموت الطبيعي. إنما لا شيء من ذلك. ولكم تأسّيت، لكم داريت نفسي، وما لا أعلمه داخلي اختناقَ روح، وأنا في خيمة عزاء، بحضور بعض أخوته من أوربا، ولتبقى عائلته هناك. حيث المسافة مأهولة بالمصاعب والهلاكات. وجه الأخ ، أخيه خليل فرمان كان يترجِم تعبه المضاعف، انكسار روحه، ضعفه، لا أدريَّه تجاه ما جرى ويجري، وهو يستقبل معزّيه. كما لو أنه يعيش فولكلوريات الموت، والألم العائلي. يذكّر شهيد ماء مجهول، ومباغتة مميتة، أعني به الراحل حسين، بالكثير من المآسي التي كوَّنت معجماً ينطوي على أسماء لا تحصى، وهي مأخوذة بميتات غفلة. لنتصور رعب الانتظار، القلق الناخر في كلّية الجسد، بالنسبة لأهله، وأحبته، وهم في مسعى السؤال عنه، وعلى مدى شهور، وهم في قرارة أنفسهم يعيشون شبح الموت، لكنهم، أبوا تصديقاً، حباً لحياة لفقيدهم الذي ظهر بهيئته الصادمة، نزيل قاع نهر، وطافياً ومستقراً على ضفة نهر، يبدو أنه أطلقه بحسب قانونه الفيزيائي بعد هذه المدة، سؤال عن عزيز، صحبة هلع، وفزع وموت متوقع، يتطلب الكثير من المكاشفة النفسية. لتترى أحاديث، حكايات عبر ألسنة شتى عن شعب تناثر، منذور ميتات .
زوج دون زوجة، زوجة دون زوج، ولد دون أهله، أهل في عائلة، يغيب عنها ولد أو أكثر، عائلة منقسمة على نفسها، أخ في جهة، وآخر في جهة أخرى. أب يعيش يتماً في الجاري، أم تعيش أكثر من حالة ترمل، تنزف روحها على فلذة كبدها التي ضاقت بآلامها..
هل يمكن الاسترسال في ذلك أكثر؟ وأنا أعيش أحزان من أتيت على ذكرهم مشرقاً ومغرباً ؟
...... يتبع
"9- وجه الصديق خليل مصطفى مفجوع ولديه، لم يعد بيته







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=25224