الغرب وتنظيم الإخوان ...هل حانت ساعة الطلاق ؟
التاريخ: الجمعة 17 ايار 2019
الموضوع: اخبار



شاهين أحمد

يحاول الرئيس ترامب تمرير قراره الخاص بإدراج جماعة الإخوان المسلمين في لوائح المنظمات الإرهابية ،فهل ينجح في ذلك ؟ وهل القرار المذكور فيما إذا كتب له النجاح سيقتصرعلى فرعٍ محددٍ للجماعة في دولة معينة ، أم أنه – أي القرار- سيكون شاملاً لكل الفروع المنتمية لذات المرجعية الفكرية والعقائدية للإسلام السياسي بغض النظر عن المكان والمسميات مثل الإخوان في مصر وسوريا ، والنهضة في تونس ، وحماس في فلسطين ، والحزب الإسلامي في العراق ....إلخ ؟. وماتداعيات الحراك الجاري في دهاليز مؤسسات القرار الأمريكي حول احتمال قيام إدارة الرئيس ترامب بتصنيف " الإخوان المسلمين " جماعة إرهابية على مستقبل المعارضة السورية بشكل عام والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة بصورة خاصة ؟.


بعد الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر مهد إنطلاقة الجماعة ، ومن ثم تحميل الجماعة وأخواتها ، ومشتقاتها مسؤولية الانحرافات التي أصابت ثورات الربيع في المنطقة ، وتحميلها  وزر الانتكاسات التي أصابت هذه الاحتجاجات . يعتبر البعض بأن المطلوب من كافة عواصم القرار أن تقوم بتصحيح " الخطأ التاريخي " الذي ارتكبه الإنكليز والمتمثل في وقوفهم خلف تأسيس التنظيم عام 1928في مصر ورعايتهم له . وبالتالي يعتبر هذا البعض بأن القرار الأمريكي المزمع اتخاذه بخصوص إدارج جماعة الإخوان المسلمين على لوائح الإرهاب هو قرار جدير بالإهتمام ،ولو أنه أتى متأخراً لتصحيح الخطأ المذكور الذي ارتكبته المملكة المتحدة قبل قرابة قرن من الزمن . ومن الأهمية التذكير هنا بأن القرار الأمريكي لن يكون منطلقاته مصالح شعوب المنطقة التي ابتليت بآفة جماعات الإسلام السياسي وإكتوت بنار أجنحتها الراديكالية المسلحة ، بل سيكون دوافعه المصالح الأمنية والسياسية والاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية . لكن على القوى السياسية لشعوب المنطقة أن تولي إهتماماً كبيراً بما يجري ، وتستفيد من القرار المذكور - فيما إذا تمكنت الإدارة من تمريره -  وذلك لاستثماره لجهة نبذ العنف و التطرف ، وفصل الدين عن الدولة ، وإنقاذ مجتمعاتها من المستنقع الآسن للجماعات الإسلامية الراديكالية الوافدة التي حولت المنطقة إلى محرقة ، وإعادة صياغة منظوماتها الفكرية ، وتأسيس تعبيراتها السياسية – التنظيمية بعيداً عن التطرف . وأن شعوب المنطقة وقواها السياسية تأمل بأن يكون القرار المذكور شاملاً الإسلام السياسي المنظم بشكل عام ، وأن لايقتصر على المسمى الإخواني في دولة محددة فقط . لأن المتتبع لأدبيات هذه الجماعات وأعمالها ،على اختلاف مسمياتها وأشكالها ظاهرياً وتكتيكياً ، ولكن في حقيقتها متفقة فكرياً وعقائدياً ومرجعياً ، وتؤمن جميعها باستخدام شتى الوسائل المتاحة من عسكرية عنفية قتالية إلى إقتصادية وسياسية مغلفة بغطاء ديني،ولايخلو الأمر من تلون براغماتي أحياناً لتحقيق مآربها .  واضح أن إجراءات الطلاق بين الغرب عموماً والولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص ، وبين جماعات الإخوان المسلمين بمسمياتها المختلفة تسير بإتجاه استكمال شروط إنجاز القرار الذي يطمح إلى إتخاذه إدارة الرئيس " دونالد ترامب " بخصوص إدارج الجماعة في لوائح المنظمات الإرهابية ، ويبدو أنهم - الغرب عموماً وأمريكا تحديداً – قد وصلوا إلى قناعة تامة بأن جماعات الإسلام السياسي بمختلف مسمياتها وتلاوينها باتت تهدد مصالحها وأمنها القومي ، بالرغم من وقوف الجماعة وفي محطات تاريخية عديدة إلى جانب الغرب في مواجهة الاتحاد السوفيتي السابق وروسيا لاحقاً. وكذلك بات واضحاً أن الغرب فشل في تقديم نسخ معتدلة من أنظمة حكم الإسلام السياسي ، مختلفة عن نموذج " بن لادن " والطالبان وفق المعايير الغربية والأمريكية ومصالحها . 
مناسبة الحديث عن جماعات الإسلام السياسي من جديد هو ماصدر عن الإدارة الأمريكية من خلال "ساره ساندرز" المتحدثة باسم البيت الأبيض في تصريحات خاصة لـ بي بي سي " إن الرئيس تشاور مع فريقه للأمن القومي ، وأصدقائه من زعماء المنطقة الذين يشاركونه القلق ، وأن ضم الجماعة للقائمة – قائمة الإرهاب - يأخذ مساره داخل الدوائر الداخلية لصنع القرار ". وهنا جدير ذكره بأن الرئيس الأمريكي يواجه جملة تحديات داخلية وأخرى خارجية ، عليه تجاوزها كي يتمكن من إتخاذ هكذا قرار ، ويتوجب عليه وعلى إدارته في البيت الأبيض والأجهزة المختصة في شؤون مكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة تقديم وثائق وأدلة دامغة تؤكد ممارسة الجماعة لأعمال وأنشطة إرهابية تهدد مصالح الولايات المتحدة وأمنها القومي ، كما أن تمرير هكذا قرار يحتاج بدون أدنى شك الكثير من المشاورات والتوافقات بين أركان الإدارة ، ومؤسسات صناعة القرار ، والوزارات المعنية ( الخارجية والدفاع و العدل والخزانة .....والهيئات الأمنية ....إلخ ". ومن جهة أخرى يحق لـ مجلس الشيوخ تجميد أي قرار من هذا النوع وإيقاف العمل به خلال اسبوع من صدوره ، وكذلك للجهة المستهدفة ( الجماعة ) الحق في طعن القرار أمام المحاكم الفدرالية الأمريكية خلال شهر من تاريخ صدوره . 
ومن أبرز التحديات الخارجية التي تواجه الإدارة الأمريكية في هذا الموضوع هو شبكة العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول التي تجمعها علاقات اقتصادية وتحالفات سياسية وعسكرية قوية ، وفي مقدمتها تركيا نظراً للعلاقات القوية التي تربط بين جماعة الإخوان وحزب العدالة والتنمية الحاكم ، وكذلك وجود الكثير من أعضاء الجماعة الفارين من سوريا وأيضاً من مصر وخاصة بعد الإطاحة بحكم الإخوان في الأخيرة ، وحظر نشاط الجماعة فيها وملاحقة منتسبيها ، وكذلك قطر التي تستضيف هي الأخرى الكثير من قيادات الجماعات الإسلامية للقاعدة والإخوان وطالبان والجبهة الإسلامية الجزائرية للإنقاذ ...إلخ . وكذلك العلاقات الاقتصادية ، والودائع المصرفية للكثير من الشخصيات ورجال الأعمال المنتمين للجماعة أو المقربين منها في البنوك والمصارف الأمريكية والغربية. ومن الأهمية بمكان هنا أن نشير إلى أن مايهمنا في هذا الموضوع كسوريين هو مصير كيانات المعارضة السورية على ضوء هذا القرار ، حيث ندرك جيداً بأن المعارضة بشكل عام والمسلحة منها بصورة خاصة ابتليت بآفة الإسلام الراديكالي ، هذا البلاء الذي أتى كنتيجةً طبيعية لعوامل عديدة ، منها : وجود التربة الخصبة لهذا الفكر المتطرف نتيجة البذور التي دفنتها الإخوان المسلمين في أعماق الحاضنة الشعبية العربية السنية ، والتصحر السياسي الذي طغى على المجتمع السوري نتيجة غياب الحياة السياسية خلال حقبة البعث ، وغياب القيادة الثورية الجامعة والمتسلحة بالوعي السياسي الوطني ، وبالتالي فشل من تصدر المشهد السياسي المعارض في صياغة مشروع وطني سوري جامع يأخذ بعين الاعتبار كافة المكونات القومية والدينية والمذهبية للشعب السوري،مماترك فراغاً فكرياً وسياسياً في أوساط المكون العربي السني . ووضع الجماعة على لوائح الإرهاب يعني أن الأغلبية الساحقة من ممثلي أكبر مكون من مكونات الشعب السوري – المكون العربي السني الكريم – سواءً أكانوا كيانات أو أشخاص سيكونوا مشمولين بالقرار الأمريكي ، وسيتعرضون للعقوبات الأمريكية، وكذلك فإن أكثر من 90% من الفصائل العسكرية  للمعارضة أيضاً منتمية بشكل أو بآخر إلى أجنحة الإسلام السياسي المختلفة ، مما يعني شمولها بالعقوبات ووجوب محاربتها على غرار تنظيمي " داعش وجبهة النصرة " .
 وهنا تستوقفنا نقطة في غاية الخطورة والأهمية  وهي : مصير أكبر كيان للمعارضة السورية والمتمثل بالإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية كوجود وكذلك كمشروع على ضوء القرار المذكور فيما إذا كتب له النجاح ، وذلك كون الإئتلاف مؤلفاً في جزءٍ كبيرٍ منه من كيانات وشخصيات منتمية للإسلام السياسي بشكلٍ أو بآخر ، وبالتالي سيصبح مستقبل هذا الجزء الهام من المعارضة السورية ومؤسساتها الرسمية الموجودة بشكل عام أمام سؤال كبير هو : هل سيتم حرمان المكون العربي السني من المشاركة في رسم مستقبل سوريا ، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار غياب كيانات سياسية – تنظيمية  مؤثرة وقوية للعرب السنة خارج حقول الإسلام السياسي ؟ . 







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=24933