نصف رؤية.... المثقف العربي و محنة الكردي «الحلقات1-2-3»
التاريخ: الأربعاء 13 اذار 2019
الموضوع: اخبار



إبراهيم اليوسف 

المحور: اليسار ، الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي 
1-المثقف العربي و محنة الكردي!

( لا ضير ، اذا كان هناك من ينظر إليك بعين واحدة ، فذلك أفضل و بكثير ممن يغمض كلتا عينيه زاعماً أنه لا يراك البتة ..!!)
(عامرالأخضر)
إذا كان الكردي ، و خلال اشتراكه مع صنوه العربي، مكانياً، قد دفع ضريبة الدم التي طالما أكدت لكل ذي ضمير يقظ، نبله ، واخلاصه، ووفاءه، من خلال التضحيات الجسام على مذبح هذه الأخوة ، غير مبال البتة، حتى بخصوصيته التي كادت تمحي في هذه المعمعة ، فان احداث 12 آذار جاءت لتكون امتحاناً متميزاً،حاسماً، لإدراك صورته ، و بأدق ملامحها ..،.في مرايا شريكه ، ليكون في ما بعدإزاء غربلة مهمة، لقراءة موقفه ..!


و إذا كنا - قد وجدنا أنموذجين من المثقفين العرب ، كل منهما يقف على النقيض من الآخر تجاه -الكردي - حيث هناك، من تناول هذا الشريك من خلال رؤى ثأرية ، كيدية، تنم عن أزمة و قطيعة أخلاقيتين ،لدرجة إقدامه على جريمة النفخ في لهيب الفتنة و التنظير لسفك الدم الكردي ، و هو أنموذج سأتناوله بكثير من التفصيل فيما بعد ، فإن أنموذجاً آخر - لا يمكن التلكؤ في معرفة خصاله الإنسانية الرائعة ، من خلال عدم انجراره ، وراء حملة الإساءة العظمى الى صورة هذا الكردي ، بل الإنطلاق من روح سامية، في أروع صورها، و تجلياتها ...!..
بيد أنني ، لا أجد البتة أي غرابة في مثل هذين الموقفين الطبيعيين اللذين يقفان على طرفي نقيض، تماماً ، و ذلك في ضوء ممارسات كل منهما على حدة ، مقابل -أنموذج معتدل، عقلاني ضمن حدود فهمه للممكن -إن جاز المصطلح على هذا النحو في هذا المقام ، يرى ضرورة إعادة النظر في الكردي ، كي يغدو مواطناً نافعاً في مجتمعه ، بل و إعادة ما سلب منه من استحقاقات المواطنة ، و لهذا ثمة دواع عديدة في منظوره، و منها: 
1- ان المصلحة الوطنية ، تتطلب عدم الاستمرار في سياسة التمييز العرقي بحق الكردي ، و من هنا ، فللكردي الحق أيضاً أن يعيش في نسيج مجتمعه السوري، و ينبغي مراعاة خصوصيته ، مع ضرورة التفكير بالضوابط، و الروادع ، كي يسير هذا المواطن ضمن هذا المسار المحدود .
2- ان الكردي - يشكل نقطة الضعف الوحيدة في حياة سوريا، داخلياً ،وذلك على ضوء الصورة التي نقلت عنه طويلاً بلؤم، وخبث، ودهاء، و من الممكن ، لا سيما في ظل التهديدات الخارجية ، أن يتحول هذا الكائن الى ثغرة يخترق الأجنبي، من خلاله، أو بسببه، الى البلاد، ويمضي هؤلاء بعيداً في التنظير لهذا الجانب ، من خلال استحضارالتجربة العراقية، واهمين - في أكثر الحالات، أن الكردي كان حصان طروادة-العراقي ، دون تكليف ذواتهم في قراءة النتائج، ضمن جملة الأسباب التي دفعت بالعراق الى الهاوية، ويأتي الواقع المرير للأكراد، كتحصيل حاصل من ضمن خيوط تلك اللوحة ، ،ومن خلال ضريبة الدم التي دفعوها ، لاكعامل حاسم، ورئيس ،كما يخيل إالى أكثرهم .......!.
3-تتطلب البرهة العصيبة التي آلت اليها أحوال المواطن في ظل استمرار آلة النهب، و الفساد، وهيمنة حالة الطوارئ، وانعدام حرية الرأي، والى آخر القائمة ،التي يتفق عليها الجميع في آن واحد ،وجوب ازالة شتى الأسباب التي تتذرع بها السلطة السياسية، لديمومة هذا الواقع ، و لعل وجود ربع مليون كردي من عداد الأجانب ، يشكل غبناً فظيعاً، و انتهاكاً فظاً، صارخاً، بحق هذا الجزء الأصيل من الفسيفساء السوري، و الذي تم قبوله - على مضض ،من قبل كثيرين، حتى ممن ينادون بمثل هذه الطروحات ، لأن ثمة وهماً في ذهن السواد الأعظم، منهم ، مفاده أن الأكراد قد أقدمو الى مناطقهم ما بعد 1962 أو 1958 و في أحسن الأحوال، بعد ارتكاب المجازر العرقية التركية بحقهم ...!!!.
ان هذا الأنموذج ،اذ يبدي سعة صدر واضحة المعالم ضمن حقل المواطنة، تجاه الصنو الكردي، الا أنه يكاد لا يتحرر تماماً - من سطوة الأنموذج المضلل بحق شريك المكان، من خلال نسجه الدسائس المغرضة، لا سيما ازاء أكاذيب تخوينية، فاقعة ،من طراز هتاف الكردي ب- اسم بوش، أو السير تحت راية العلم الأمريكي - النيل من العلم الوطني!!! - الى آخر الأثافي المتخيرة، بدقة، ودهاء ، ،وعدوانية لا متناهية، للتأليب عليه، بل لوهم الاجهاز عليه، و اجتثاث جذوره كما قد يقال علناً ، و بلا مواربة!، و هي جهبذيات الذهنية التخوينية التي تم تكريسها طويلاً، بل هي مهارات رخيصة، لتزوير الحقائق، و قلب الوقائع بكاريكاتيرية ،حيث باتت تكرر اسطوانتها على نحو واحد، من قبل أطراف عديدة: منفذ الجريمة - و من رافع عنه- ومن استبدت به الحمية القبلية، أو الثأرية،لا الوطنية الحقة ، لمناصرته- بل و اعلاميه، و مثقفه، و آلة قمعه - كل على حد سواء لدرجة، أن أحد اً منهم لا يتعامل مع جملة الأسباب - و هو ما أشرت اليه أكثر من مرة- في مقالات سابقة - الأسباب التي دعت لردة الفعل الكردي ،احتجاجاً لهدر دمه، و هو-اي الكردي - مغال جداً في هذا و ذاك في منظور شريكه في المواطنة والمصير - لاسيما،أن هذا الهدر تم في بورصة الأخوة من طرف واحد، دون محض الإشارة الى دماء كل هؤلاء الضحايا، ومن خلال ايغالهم، بل غرقهم المدروس، في نتائج ردات الفعل غير المقبولة، أو تضخيمها، و تحميل تبعاتها على كاهل الكردي، و هو تزوير مفضوح لمجريات الجريمة .جملة وتفصيلاً.

المثقف العربي و محنة الكردي 2 من 3
المحور: القضية الكردية 

تحت عنوان ( الإصلاح في سورية- بين الضرورة القصوى و الفرص المفوتة ) يكتب د. طيب تيزيني عن أحداث - قامشلي - و إن كان عنوان مقاله لا يشي بذلك ، بعكس مقال - سليم عبود - المكرس للغرض نفسه ، و المنشور في العدد نفسه من جريدة المحرر العربي 440 - حيث يستهل د. تيزيني مقاله بالحديث عن الأحداث الدامية في السويداء ( و قد قدمت في حينه على حد قوله ) أدلة عن أن أعداء سورية العربية الوطنية لن يتخلوا عن استراتيجية تقويضها من الداخل قبل الخارج ) كي يكتب عن الإفساد و الفساد - وهو أحد مفكرينا السوريين الأكثر أهمية ممن تنطعوا لتناول تلك الظاهرة ، كي يحمل قوى من داخل السلطة مسؤولية إبقاء الأمور على ما هي عليه ، خدمة لوضعها ، ثم يدحض عقلية الارجاء، و المماطلة، و التسويف التي تقف حاجزاً أمام معالجة قضايا مهمة ، على غاية من الخطورة، و الحساسية ، ممن لا يكتفون بتعليق مثل هذه القضايا بل ( إدانة من يحاول اخراجها من دائرة (( المسكوت عنه )) إلى دائرة الخطاب المعلن، و الشفاف، و الحوار العقلاني الديمقراطي الوطني. و هذا التيار ، أو النمط كما يسميه ، يقابله تيار ، أو نمط آخر ، (( فيتمثل في انتاج مشكلات زائفة، لا تعكس حاجة حقيقية للمجتمع السوري ، و هذا يدخل عموماً تحت مصطلح (( المجتمع الاستهلاكي )) و قد جاء (( الإعلام الداخلي )) ليقوم بدور المجمل ، و المسوغ في حجبه للنمط الأول من المشكلات ، و في تسويقه للنمط الثاني منها ، و هو ما انعكس على المواطن : أفراداً، و فئات، و طبقات، و شعباً، و أقليات ، و أكثريات ، و كأنهم أشباح أو تماثيل شمع ، لا حراك لهم )) 
على هذا النحو، من المصير الكافكوي - غريغوري سامسا - في رواية المسخ نموذجاً -يصل حال المواطن كما يرى د. تيزيني - يستوي في ذلك كافة أطياف المجتمع ، أو كامل ألوان فسيفسائه ، دون تفريق ، إلا ممن انتمى بحكم مصالحه الوثيقة بقوى الخفاء، أو العلن، التي يشير اليها د. تيزيني ، و التي تنافح عن ديمومة مصالحها، الأعلى ، مغمضة العين ،عن كل ما آل إليه سواد الجماهير، على طول البلاد و عرضها ...! ، و ان هذه القوى هي التي تنوب - عادة - عن الجماهير ، وهي التي تنطق بأسمائهم ، ومن هنا، فإن ما تقوله، يتصادى ، و على نحو منظم ،على ألسنة اعلامييها، و جهابذة مثقفيها ، بل و كورس المصفقين، في آن واحد .... 
و إزاء - الدرس البغدادي - الذي دعا وزير الخارجية الأمريكية الى قراءته ، يؤكد - د. تيزيني - قائلاً :(( لقد قلناها واضحة صريحة صراحة الانتماء الى وطن هو في طور الاستباحة : افتحوا انتم أيها المسؤولون المؤتمنون على الوطن ، الدائرة من الداخل ، قبل أن يفتحها الأغيار ، افتحوا ملف الوطن، وفق جدلية الواقع و الممكنات ! راهنوا على على الشعب القوة الأعظم في التاريخ ...! )) 
ضمن مثل هذه المشهدية، تبرز القضية الكردية في ضمير مفكرنا، إذ يرى الأكراد الأقرب إلى قلب الوطن، و (( تبرز المسألة الكردية، المعلقة منذ عقود : لا تجعلوا منها (( مسمار جحا )) جديداً ! .. وهذا الجحا هو أكثر من قريب من قلب الوطن الآن ، فظلت" المسألة" الكردية - مع غيرها - معلقة لتكبر، و تكبر، مكونة ما يمثل (( قنبلة موقوتة )) إن هناك (( شيئاً ما )) فيها ، و على هذا الشيئ أن يواجه من حيث هو ، أي بكل حيثياتهن واشكالياته ، و على نحو تتحقق فيه العدالة و حقوق الإنسان )) ...... و من هنا، فالاصلاح برأيه، تحول من خيار سياسي، إلى خيار وجود .. ! لا سيما و أن ( الوطن الصغير كبير بقدرته على احتواء الجميع ) . و يستغرب، كيف أن فرصاً كبرى مرت دون استثمار ، بسبب ( عقلية الجمود و المعاندة و الترهل التاريخي و التمترس وراء مصالح كبرى أ و صغرى ) !!!...... و بالتالي ( تجاهل المشكلات (( المعلقة )) و الأخرى (( الزائفة )) من شأنه أن يوسع رقعة الخراب ، و يجعل من الداخل لقمة سائغة ). 
كل هذا ، يكاد لا يجد سوى حل واحد لمعالجته و هو : ( إن سوريا تحتاج إلى مبادرات تاريخية كبرى تكون بمثابة ورشة عمل، يشترك فيها الجميع من أقصى قرية إلى أقصى مدينة ) و لا بد من التوجه إلى الشعب، بكل فئاته و شرائحه و طبقاته ، و ليس إلى ( الشعب الحزبية في حزب أو آخر ...! ) و كمن يقرع ناقوس الخطر، يخلص إلى القول بصدد مواجهة المؤامرة على الوطن : ( إن اهتبال الفرصة على هذا المشروع في سوريا يمر عبر طريق واحد، هو اهتبالا)لفرصة التاريخية للبدء بشجاعة وحكمة ورؤية استراتيجية،بمشروع الاصلاح الوطني الديمقراطي ) صحيح أن الكردي ، في سوريا ، هاجسه الرئيس، أن يعامل ضمن حدود و سقف المواطنة ، لا كضيف غير مصنف تراتبياً ، و عبر أجراء استعلائي غير منصف ، دولتياً ، الأمر الذي ينعكس على هيبة الحكومة ، و يترك ندوباً في العلاقة بينها و هذا المواطن ، رغم ان كلمة - حكم - تعكس تماماً جذورمفردة الحكمة و الحكومة، و غير بعيد عن الحنكة، بمعناها المفعم بالإحساس و المسؤولية في آن واحد ، و بهذا فإن مصداقية الحكومة، تتوقف على ذلك القدر من حكمتها .. لا تهورها ....! . 
و معروف، أن هناك أكثر من سبل لتعزيز دعامة الدولة ، يبرز من بينها سبيلان هما : الديمقراطية أوالاستبداد! - رغم أن أية سبل أخرى، تتدرج بين هذين القطبين، لتعد أشكالاً هجينة ، غير واضحة ، تخدم في جوهرها آلة الاستبداد ، أولاً و أخيرا......
ثمة كثيرون من الأخوة المثقفين العرب ، فهموا الدرس العراقي - كردياً - لا سيما، في ما يتعلق بالأكراد السوريين ، على نحو خاطئ ، و مقلوب ، فاذا كان الكردي - في كردستان العراق - قد آثر العيش ضمن وحدة بلده ، رغم أنه - و في المدى القريب - كان في مكنته - و على ضوء أقصى توافر للشرط الخارجي - إعلان انفصاله ، و هذا درس فهمه أكراد سوريا ، بدقة، و عمق ، و لم يكن ذلك بعيداً البتة عن صوابية رؤيتهم التاريخية، للعلاقة مع أخوتهم في الخريطة ، ممن شطب كثيرون منهم ،على تاريخ كامل، من ضريبة الدم، المشتركة بينهم ، من خلال التعامل المؤدلج و الاوتوماتيكي، مع محض نتائج - لأحداث القامشلي! - لا يمكن فهمها، إلا في ضوء قراءة معمقة للمسببات و الأسباب معاً...، و هي برمتها، خارج ارادة الكردي .....!.....، بل، وهي موطن كارثية القراءة الإنفعالية، من قبل من انطلت عليهم اللعبة ضدالأكراد ! ، ناهيك طبعاً ،عن راسمي اللعبة، و منفذيها، ممن لهم شأن آخر .... ! 
إن أية مراجعة للتاريخ - تبين ، أنه وعلى الدوام - كان التأريخ المدون هو تأريخ - السلطة السياسية - بيد أن المعادلة تغيرت، منذ أن كان للمحكوم تاريخه ، و الذي يعد المرجعية ذات المستقبل، و المصداقية ، مقابل سقوط أي تاريخ مزور ، مدفوع الأجر ، مسوغ للجريمة أوالخطل ، أينما كان ، بيد أن عصر الثورة المعلوماتية ، و انتقال سلطة الكتابة، من القامع إلى المقموع ، خصوصاً، في ظل امكان تصوير الحدث ، و بما لا يدع أي مجال للشك ، وفي لحظة رؤيته، و رغم كل هذا ، نجد أن من لا يزال في منجى، من إمكان تطوير أدواته البالية ، إزاء كل هذه التبدلات الهائلة ، حيث التعامل مع علمنة التاريخ المعيش ، بعقلية مشعوذ ، أو بهلوان، أو ضارب مندل ، لخدمة وجهة نظر محددة ، ضمن لعبة مبتذلة ، مفضوحة ، لا تملك أية إمكانات تجعلها تحظى بأي احترام ، خارج برهة زمكانية ، و عقلية محددة بذاتها .. ! .
صحيح، أن د. تيزيني ، رغم وضوح انحيازه الكامل لقضية الكردي في سوريا ، بيد أنه و وفقاً لطبيعة المعادلة الدقيقة ، يعفي نفسه عن ذكر تفاصيل حقوق هذا الإنسان ، رغم عدالة حقه كمواطن ، أو كمنتم لأقلية قومية ، قياساً ،إلى الأكثرية القومية السائدة طبعاً ... ،ومن هنا ،فإننا و
رغم ما نراه في حديث د. تيزيني من جرأة بادية لتناول المسألة ضمن الإطار العام ، و عدم النظر إلى الكردي على أنه : ضيف! - غير جدير بالثقة - و ينبغي اجتثاث جذوره - و لماذا يرفض أن يكون منضوياً تحت لواء القومية العربية .و ذلك، كما راح يفعل بعضهم ، ممن يتوهمون حقاً طارئية الكردي في الفضاء المكاني و الزماني ، بل و البشري ، مع ملاحظة فارق الرؤى الوطنية الحقة عند مفكرنا د. تيزيني، بعكس سلوك، وممارسات جوقة معروفة من قبل محيطهم . ممن يسعون جدياً لتكريس ،وتأصيل هذا التزوير . 

إن ما يقوله د . تيزيني - رغم أهميته القصوى - و رغم أنه ينم عن شعور وطني إنساني نبيل ، بيد إنه يتراوح ضمن إطار دائرة الحد الأدنى ، رغم إن للرجل تقديراته ، بل و رؤاه ، ذلك أنه ليس معقولاً البتة، و نحن في مطلع الألفية الثالثة، أن يأتي أحدهم ، و يطالب بامحاء ملامح الكردي ، و الإجهاز على خصوصيته ، كي يتكيف مع الطابع العام المطلوب ، تبعاً لذهنية الأكثرية ، بل أن الاعتراف بهذا الجزء من الكل ، يفرض على كاهل شريكه المكاني ، بل شريكه في المصير من ركاب السفينة الواحدة ، تصويب رؤيته الاستعلائية ، و تحقيق أقصى مديات حق الطيف المتمايز ، و بما يعزز وحدة وطنية فعلية ، لا ورقية ، فحسب .....!

المثقف العربي و محنة الكردي 3 من 3
المحور: القضية الكردية 

أحفاد صلاح الدين ... تاريخ مشرف .... و أيد بيضاء ....! 
يستنهض الكاتب سليم عبود خلال مقاله المعنون ب : قراءة في أحداث الشمال السوري ( المحرر العربي 440 ) ، لمواجهة الفرية الكبرى على الكردي ، و اتهامه بالتبعية للأجنبي ، و التبييت لمؤامرة كبرى وخيانة وطنية ، كل ذلك الإرث بين أشكال الطيف السوري ، و بخاصة، تلك الوشائج القوية بين العربي و الكردي ، سواء من خلال عودته إلى التاريخ ، أو لجوئه إلى التجربة الحياتية الشخصية ،المعيشة ، و التي بدأت منذ نهاية ستينيات القرن الماضي ، و حتى هذه اللحظة ... وهو يركز خلال مقاله المهم هذا ، على إيراد كل المسوغات التي تؤكد أن الأجنبي - ومنذ عام 1916 حيث وقف العرب مع الغرب لمواجهة العثمانيين و مروراً بالعام 1920 حيث ركل غورو قبر صلاح الدين الأيوبي قائلاًله في تحد: ها قد جئنا يا صلاح الدين !،لم يكن صادقاً مع الشعوب ، مفنداً بذلك كل سلوك، و وعود الغرب ، بل و يركز على هذا القائد الاستثنائي ، الذي أسس لشخصية لا عربية ، و لا كردية ، بل هي صورة اسلامية ، أرقى ، من خلال وجهة نظره ، و يذكر ان كل أبناء الشعب السوري ، رفضوا خطة فرنسا في تقسيم سوريا إلى خمس دول طائفية ، رافضين الولاء الطائفي، أو العرقي ، و هم بهذا شركاء في هذا البلد ، و هم مؤسسو وحدته عبر التاريخ ... 
و يرى ان صدام حسين لم ينزل القتل في الكرد وحدهم، فحسب ، بل ان اجرامه دفعه لارتكاب حرب إبادة بحق العرب ، و على نحو مضاعف ، كي يخلص أخيراً إلى أن الكرد ( أكثر الناس وعياً بحقيقة الخصوصية السورية الوطنية التي لم تفرق بين أي فئة من فئات الشعب ، و الأكراد، تحديداً، كانوا دائماً وطنيين ، ومن هذا المنطلق كان حب السوريين للأكراد، لدرجة أن سوريا كادت تجر لحرب مع إحدى جاراتها من أجلهم ).وهي شهادة مهمة تأتي كأكبر رد على المتخرصين والمصطادين في الماء العكر ،ممن وجدو ضالتهم في أحداث 12آذار ،كي ينفثوا مافي أرواحهم من قيوح وسموم مزمنة لتخوين الكردي،الذي لاتوجداية شائبة في سجله الوطني ،رغم محاولات تنفيره اليائسة في العقودالأخيرة. .
تحتوي كافة الاشارات في مقال الكاتب السوري - سليم عبود - وهو كادر بارز في حزب البعث العربي الاشتراكي - و عضو قيادة فرع اللاذقية- بخصوص الأكراد في سوريا ، على موقف ، إنساني، رائع، من أبناء الوطن ، و هي نتاج رؤى موضوعية ، و تجاوز للخبز و الملح المتبادل الذي لا ينساه الكردي ،و لا ينساه هو الذي عاش مع الأكراد ، على مقربة تامة -،صوب استحضار ارث ضريبة الدم المشترك ، و لم تزل تلك الأواصر قائمة ، وهو بالتالي، موقف مختلف عن الموقف الذي سمعته شخصياً في المؤتمر السنوي لنقابة معلمي القامشلي ، من عضو قيادة فرع حزب البعث العربي الاشتراكي - مدلول الشاهر - و الذي راح ، بعكس التوجهات والتوجيهات الخيرة لاطفاء فتيل الفتنةالقذرة ، يتحدث بلغة أقل ما يمكن أن توصف بها، هي صب الزيت على النار ، و تحوير مجمل ما تم ، ولا أريد الاشارة إلى جملة اتهاماته اللاواقعية ،وهوالذي كان في- الحسكة- ساعة ايقاظ الفتنة ، وجاء يشرح سيرها وأبعادها لأبناء قامشلي !!، ناهيك عن عدم منح المؤتمرين - و أنا منهم - المجال للحوار ، على اعتباره كان آخر المتحدثين ، و اعتذاره مني، و من ممثل الحزب الشيوعي السوري- الذي تقدم معي( باتجاهه، عندما طلبت منه منحنا بعضاً من الوقت، لتقديم بعض الحقائق ،حول مجمل ما قال !!.
و هنا ، عندما أتحدث عن مقال سليم عبود - و هو نفسه من موقع قيادي في هذا الحزب ، ولكنه متجاوز لأية عقدة استعلائية تجاه الكردي ، كما يظهر - من خلال الروح الوطنية العالية - التي تدفعه لابراز نقاط الالتقاء الوطنية بين الكردي و سواه ، ضمن الخريطة ، التي تطفح برائحة الكردي ، في .مكان تواجده ، كما تطفح تماماً برائحة سواه.، حيث هو الآخر، أيضاً ، بل ان ضريبة الدم الكردية، لا تتوقف البتة عند اسهام الأكراد في صنع الجلاء ، و تأسيس سوريا المعاصرة ، بل ان تاريخ ضريبة الدم الكردية يتجاوز مرحلة تأسيس سوريا ، إلى مئات السنين ، ضمن حرم الدولة الإسلامية ، أثناء مرحلة الناصر صلاح الدين في أقل تقدير ...! .
و حقيقة، اننا نقع على مواقف الكثير من امثال الكاتب سليم عبود ، ممن يعود اليهم الفضل في كسر حدة الخطاب الوعيدوي، المزمجر، الذي بدأ به بعضهم لمواجهة ذيول الفتنة ، التي التزم الأكراد من جهتهم - بوعد حركتهم السياسية - و أطفؤوها ،وذلك قبل عسكرة المدينة ، و الإقدام على الاعتقال الاعتباطي ومن خلال : الاسم و اللغة - أثناء مطاردة كل كردي ، مع ان جميعنا يدرك ان من مصلحة ( بعضهم ) و في مواقع القرار، أن تستمر الأمور على النحو الذي بدأته ، بسبب موقف خاص بها من الأكراد ، بل توجيه الضربةإلى كبد حالة الاستقرار الموجودة ، و هي ممارسة مكشوفة ، واضحة ، أمام أمثال الكاتب سليم عبود ، و طيب تيزيني -بل وكامل التيار الذي يمثلانه ضمن حزب البعث العربي الاشتراكي .
ولا يمكن أن تفوت هؤلاء ، الذين استشعروها بأحاسيس وطنية، نبيلة ، لا بد من العمل لخلق آلية التطوير، ورفع وتيرة العمل الوطني في هذا الميدان !.
و إذا كنت - مرة أخرى - اريد الحديث في جانب مهم ، فهو أن مصلحة الكردي في سوريا مرتبطة تماماً مع شركائه في الخريطة ، تحديداً ، و ان كانت العقود الماضية - برمتها - لم تظهر أي تفهم يعتد به من قبلهم، لحل جملة مطالب الكردي ، ضمن الحالة الوطنية العامة ، و هي حالة استطاعت الحركة السياسية الكردية في سوريا صياغتها ، كي تكون مطالب واقعية ، في انتظار حلها ضمن البيت الداخلي .
و إذا كانت هناك - لجنة أمنية - رفيعة المستوى ، من حيث المسؤولية ،تتابع الامور على طريقتها ، فانني أعتقد انها مطالبة بالالتقاء بالمواطن العادي ، الشاهد العيان على ما جرى ، بعيداًعن الغاء دور السياسي ، و المثقف ، لا التوجه إلى - الرمز العشائري - و احياء رميمه ، ضمن لعبة خطيرة للعودة إلى الوراء ، و الحط من دور طليعته ، رغم اننا تلمسنا ضميراً حياً عند أولئك الرموز الأكراد ، و هذا مؤشر مهم، حول تقويم علاقة الحركة السياسية الوطنية الكردية بالاوساط التي تعمل ضمنها ، و من أجلها .....،في ظل صحوة الأحداث الأخيرة .
أجل ، هي ذي الفتنة انطفأت ، و نحن جميعاً أمام الخطوة التالية ، التي لا تناسبها مظاهر الاستعراض المقيت ، و الاعتقال ، و العنف ، و التي من شأنها أن تضاعف حالة الاحساس بالقهر و الاحتقان لدى الكردي، و التي اعطت نتائج مؤلمة ،كارثية ، كما رأينا جميعاً ، و بعكس ما نحن أحوج إليه،وفي هذه اللحظة الخطيرة- ومن مفهوم وطني محض ، ازاء ضرورة معالجة حكيمة ، عاقلة ، لأسباب هذه الفتنة ، دون الالتفاف عليها ، بل مواجهتها ، وهي إجابة عن أسئلة الكردي الملحة،والوطنية، ، ضمن البيت الوطني ، ناهيك عن إنصافه، في مواجهة جملة الممارسات الأخيرة التي مورست ضده في الأصل ، و التي يعد بقاءالسيد محافظ الحسكة - حتى الآن - على رأس عمله ، استفزازاً صارخاً ......... له .......!
و لعل رأس الحكمة الصائبة تقتضي ، و قبل أي شيء ، المعالجة الفورية لهاتيك الاشكالات ، مجتمعةً ، كي يتنفس الكردي في سوريا الصعداء ، و يعود للانخراط لممارسة دوره الوطني الذي انماز به على مر الدهور ، وهو ماينتظره كل وطني شريف ،غيور على مصلحة الوطن ..لامصلحته الضيقة ..فقط.

*هوامش:
يلاحظ أنني عنونت المقالات بنصف رؤية
تطلعت منذ الأيام الأولى للانتفاضة إلى موقف المثقف السوري، فسجلت ملاحظاتي على من نظر إلى الكردي بعين قاتله، وأنصفت حتى من نظر إليه: بين بين، ضمن حدود المواطنة، وحتى بدعوى تفهم واقعه من أجل مصلحة البلاد، كما رأى بعضهم..!
سلسلة المقالات التي خصصت ولاتي مه بإعادة نشرها، أتركها كما هي، بلغة تلك المرحلة، ومن دون أي تنازل عن تبيان حق الكردي وفضح جرائم استبداد النظام الدموي..!

روابط المقال بأجزائه الثلاثة في موقعي الفرعي في -الحوار المتمدن-










أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=24713