احزاب النانو
التاريخ: الأثنين 11 شباط 2019
الموضوع: اخبار



زاكروس عثمان 

لكل امة او شعب (ناجح)، حركة سياسية تتوزع  بين احزاب وتنظيمات، لها توجهات مختلفة وكذلك خلافات، انما اختلافها وخلافها يكون تحت سقف /التزام طوعي/، بمبدأ جامع لا يسمح اي تنظيم لنفسه بتجاوز المبدأ العام، سواء كان حزب في السلطة او حزب معارض، لان الطرفين بالنهاية يعملان لغاية واحدة وهي (خدمة الشعب والوطن)، والمفروض ان التنظيم السياسي خُلق لتأدية هذه الخدمة، بكلام اخر حزب المعارضة وحزب السلطة متفقان على المبدأ العام، وخلافهما فقط يكون في اسلوب العمل على إنجاز هذه  الخدمة او هذا المبدأ.


 هذا النموذج الحزبوي السليم، متوفر في بلدان الاتحاد الاوروبي وحتى في البلدان السلطوية ايضا، اذ هناك احزاب (اليمين، الوسط، اليسار)، متباعدة فكريا، وداخل كل تيار تتواجد اجنحة متعددة، مع ذلك تنتفي  بينها العداوات، انما فقط اختلاف في الرؤى حول الطريقة التي يخدمون بها شعبهم وبلادهم، لان هذه الخدمة هدف واحد لكافة التيارات السياسية، حزب اليسار يخدم المانيا بطريقته، وكذلك الحزب الديمقراطي المسيحي يؤدي نفس الخدمة بأسلوب اخر، وهذا يفسر لماذا الحزبان اللدودان في الولايات المتحدة يتفقان على مسائل كثيرة تمس الامن القومي او المصالح العليا للبلاد، رغم ان احدهما معارض والاخر حاكم، فالمبدأ لدى كليهما ان شعب الولايات المتحدة الامريكية، اعلى شأنا من التنظيم السياسي والمنافسة الحزبوية. 

واذا اتينا الى نماذج قريبة من الواقع الكوردي، نجد غالبية التنظيمات السياسية التركية، تجتمع تحت سقف الايديولوجيا الشوفينية /الطورانية-الاتاتوركية/، التي تعتبر عقيدة رسمية للدولة التركية، وتقوم على تمجيد الدولة الاستعمارية التركية والعرق التركي، حيث تلتزم الاحزاب التركية الفاعلة بهذه الايديولوجية طواعية، حتى رجب طيب اردوغان بنزعته العثمانية "الاسلاموية" يعتبر اشد غلاة الاتراك التزاما بالطورانية. 

ولا يختلف الامر في ايران، حيث تعمل الاحزاب هناك انطلاقا من مبدأ تفوق القومية الفارسية، واحتكار الدولة لصالح هذا العرق دون غيره من الشعوب الايرانية، في عهد الشاه تم الالتزام بهذا المبدأ تحت يافطة /الدولة العلمانية/، وتم الحفاظ على نفس المبدأ في عهد نظام الجمهورية الاسلامية، حيث لم يتغير منه شيء سوى عنوان اليافطة /الدولة الخمينية-الشيعية/، وتتبنى احزاب المعارضة العلمانية و كذلك الاحزاب الخمينية، المبدا ذاته.  

اما في الدول العربية الرئيسية، فقد التزمت الاحزاب بفكرة القومية العربية وما زالت، الا ان تخلف المجتمعات العربية لم يساعد على بناء فكرة جامعة بين الاحزاب في اي بلد عربي، رغم ذلك هناك التزام بدائي بفكرة القومية العربية، ولكن بالنسبة للتنظيمات السياسية، تنقلب القاعدة راسا على عقب، ويصبح الشعب والبلد العربي في خدمة زعيم الحزب ثم الحزب، ولهذا الوضع العربي في اسفل السافلين من الخليج الى المغرب، حيث لا يوجد قاسم مشترك يجمع بين الاحزاب في هذا البلد العربي او ذاك، فالصراع على السلطة والثروة، يصبح غاية اما التنافس على خدمة الدولة وشعبها فهو مجرد وسيلة للوصول الى السلطة.
 
من سوء حظ شعب روزآفايي كوردستان، ان احزابه اقرب ما تكون الى احزاب النموذج  العربي الفاشل، الا ان التنظيم السياسي الكوردي يكون افشل الفاشلين، ويحتل اسفل القائمة تحت الحزب العربي الفاشل، هنا لا اريد التجني جزافا على احد، ولكن الواقع الكوردي خير مثال على فشل الاحزاب الكوردية، هذا لان معيار نجاح او فشل اي طرف مرتبط بالنتائج التي انجزها، فهل هناك منجز ذو قيمة حققه اي حزب كوردي طوال الازمة السورية 2011- 2019، النتائج تظهر انهم زادوا الحركة الكوردية تمزقا، و نجحوا نجاحا باهرا في تمزيق المجتمع الكوردي، وطرحوا مشاريع شعاراتية لحل ملف روزافايي كوردستان، وعلى الارض يعملون على نسف الشعار الذي يتجارون به، حتى ان الحل القائم على قدم واحدة، والمهدَد من الارض والسماء، يتم محاربته دون هوادة من جانب الاحزاب "المحرومة" من السلطة، وتتسابق اغلب التنظيمات الى الارتماء بحضن هذا الخصم او ذاك، للنيل من بعضها البعض، حتى ان مسؤولين كثر في هذه الاحزاب، يتفاخرون على الفضائيات بدعوة الخصم للهجوم على ديار الكورد، فاين هو المبدأ الجامع الذي يردع الحزب الكوردي عن الاتيان بمواقف وافعال، اخف وصف لها انها (غدر)، ليس بحزب اخر بل بالشعب والارض، حيث انه مهما كان حجم الخلاف والاختلاف بين التنظيمات الكوردية غائرا، فلا يجوز الاستعانة بالخصم لتصفية الحسابات فيما بينها، والا فان جلب العدو لا يقضي على هذا الحزب او ذاك، بل ينهي القضية الكوردستانية اولا واخيرا، وهذا الذي يحصل حرفيا حاليا، احزابنا تستقوي على بعضها البعض بالعدو، والعدو لا يريد النيل من احزاب ملوثة، بل من قضية كوردستان. 
  
من هنا يمكن توصيف احزابنا بانها، بلاء نزل فوق راس شعب مغلوب على امره، اقل من 3 مليون انسان ابتلي منذ 70 عام، بأحزاب موغلة في الجهل والتخلف، والانانية الغرائزية- البدائية، انها حقا احزاب (النانو) او تنظيمات مجهرية، في حجمها المعرفي والعلمي وكيانها التنظيمي والعددي.

مسؤول (نانوي)، لا يمكن مشاهدته الا بمجهر الكتروني بالغ الدقة، يظن ان الكرة الارضية لا تدور الا لسواد عينيه، عنده قناعة مطلقة ان القومية الكوردية خُلِقت كي تكون قربانا له، فالشعب والوطن وسائل رخيصة لتحقيق نزواته المريضة التي تنزع الى السلطة والثروة، هذا الكائن (النانوي) متناهي الصغر، يوجز الكورد وكوردستان في حجمه المجهري، من وراء هذا الاعتقاد بات لنا 60-70 تنظيم نانوي، يختزل قضية شعب كامل في تحقيق غرائز و رغبات السكرتير النانوي ثم مطالب حزبه المجهري.

 وهذا ادى الى تشقق الحركة الكوردية، وتمزيق المجتمع الكوردي، ومنع ظهور مدرسة كوردية جامعة تترفع عن النانويات، وتم افساد الشريحة الشعبية الواسعة  الـ/غير محزبة/، بعقلية التعصب الاعمى لطرف نانوي محدد، حيث لم يعد احدنا يفكر بكوردستان، بل شغلنا الشاغل هو ان يكون السكرتير النانوي وحزبه, مرتاحا وسعيدا، ولا مانع ان نحرق ارضنا واهلنا من اجل نزوات المجهريين. 

مثل بيانات كل الاحزاب الكوردية، جاء بيان المجلس الوطني الكردي الاخير محشوا بديباجة طويلة عريضة خالية من الدسم، والجيد هو ان البيان طبخ في قامشلو دون ان تبادر السلطة دكتاتورية  وهذا شيء جيد 
-  

فيدرالي
لحماية شعبنا الكوردي و كافة المكونات الاخرى و لجعل مناطقه آمنة سالمة تجاه الأخطار المحدقة به ، و كذلك رأى الاجتماع انه يجب ان يستوجب ضرورة الرعاية الدولية لأي مشروع يتم طرحه لمناطقنا ليضمن أمنها في ظل إدارة جامعة إداريا وعسكريا ويكون للمجلس الوطني الكوردي دور بارز فيه الى جانب بقية المكونات السورية وان يكون لبيشمركة روج دور فاعل في الحفاظ على أمن شعبنا ومناطقه بالاضافة الى تطمين دول الجوار باقامة علاقات جيدة على قاعدة الإحترام المتبادل .

كما رأت الأمانة العامة أنه لم تتوفر حتى الان المناخات المناسبة لتحقيق وحدة الموقف الكوردي والتي تشمل فتح المكاتب وتسليمها لاصحابها دون استثناء و حرية العمل السياسي و الجماهيري وإطلاق سراح المعتقلين وطي هذا الملف وعودة المبعدين قسرا و كذلك الكف عن الممارسات التعسفية بحق المواطنين وعودة ممتلكاتهم الخاصة بهم ، و يجب الكف عن الخطاب التخويني من قبل اعلام البيدا وبعض قياداته اتجاه المجلس الوطني الكوردي وأحزابه ، و هذا ان دل انما يدل على عدم جديته في التعامل مع وحدة الصف الكوردي و هذا مما يؤكد عدم مصداقية دعواته تجاه المجلس واحزابه فهذا الامر كفيلا بأن يزيد من الإنقسام ويعرقل البدء بأي حوار ما لم تتوفر الارضية المناسبة لتلك الأجواء السابقة وبوجود ضامن دولي .







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=24625