( عفرين) كردستان ما بين الإستلام و التحرير
التاريخ: السبت 20 كانون الثاني 2018
الموضوع: اخبار



مروان سليمان*

إن التحرير هو مفهوم يعبر عن حلم كل كردي في أن يرى وطنه محرراً و لكن يبقى السؤال المحير كيف يتم تحقيق هذا الحلم؟
 و هل يمكن تحقيق إشكالية تحرير الأرض و الشعب؟ و هل هناك إجماع كوردي على هذا الهدف و المطلب؟
لا بد لنا من الرجوع إلى ذكريات الماضي و أحاديثه و تاريخه تحديداً لكي نفهم بأن التحرير يعني الإنتزاع إي إنتزاع الحق من الذين إغتصبوا هذا الحق في غفلة من الزمن لأن القديم سلب وطننا و قسمه و وضعه تحت إحتلالات أربعة و كما أخذت(بضم الألف) الأرض بالقوة فعلينا و هذا واجب بأن نسترجع أرضنا بجميع الطرق الممكنة و الإمكانات المتوفرة.


و عندما قامت ( الثورات) في المنطقة عقدنا الآمال عليها و قلنا بأنها فرصة سانحة بأن نسترد حقوقنا المسلوبة و لو بحكم ذاتي تابع للدولة على الأقل نتعلم لغتنا في دوائر الدولة بشكل رسمي و نسجل أسماء أطفالنا كما نريد نحن لا كما يريده رجل المخابرات و نحصل على وظيفة كما بقية المواطنين و نتخلص من تهمة خطر على أمن الدولة أيضاً و تصبح ممتلكاتنا في أمان بدون خوف من إعطائها لآخرين و تسكينهم على شكل مستوطنات كما حصل في السبعينات من القرن الماضي ………الخ من هذه المشاريع العنصرية التي كان النظام ينفذها بدون أية روادع و تفائلنا بالثورة خيراً و هتف الكورد بوحدة الشعب السوري و الحفاظ على الدولة السورية و لكننا نطالب بحفظ حقوقنا كشعب كوردي يعيش على أرضه و لكن بين ليلة و ضحاها سلم النظام الأرض في المنطقة الكوردية و سلم المدن و لكنه زرع هناك من يحميها و عندما نشأت المعارضة و توضحت معالمها و الجميع يريد بيع الوطنيات و تسجيل النقاط على الطرف الآخر على حساب دماء الشعب فقوي شوكة النظام من خلال حراسه و أعلنوا عن تحرير الأرض و القرى و البلدات و أصبحوا يعقدون المؤتمرات و الإجتماعات و يتباهون بالتحرير المغشوش الذي جلبوه و بطشوا بالآخرين و جندوا و خطفوا و افتعلوا المعارك و الحروب و في النهاية وجد الشعب الكوردي نفسه أمام معضلة صعبة جداً و قضية جوهرية و هي: أن الكورد لم يفقدوا الأرض و لا الوطن بل إن الوطن هو الذي فقد الشعب أي أن كوردستان سورية أصبحت بدون كورد.
إن الباقين على الأرض من الشعب الكوردي في كوردستان سوريا يمكن أن نقسهم إلى صنفين أساسيين الأول الذي يعيش فيها يفكر بالحفاظ على أرضه و وطنه و لا يريد أن يهاجر إلى بلدان أخرى و يعيش تحت الخيام و ينتظر المساعدات من أصحابها و يريد أن يحافظ على كرامته و الحفاظ على حقوقه و المطالبة بالحقوق المشروعة و الوقوف في وجه المؤامرات التي تحاك ضد الوطن و المواطن و يطالب لنفسه الحرية و الإستقلال أو على الأقل حق تقرير مصيره بنفسه و هو يطالب بهذه الأمور كمواطن كوردي و كإنسان بل و حتى كمواطن سوري يسعى لتحقيق المساواة مع بقية الأعراق السورية و هو الذي يتكلم باسم الشعب الكوردي في المحافل و يعمل جاهداً في فتح الأبواب المغلقة أمام قضيتنا العادلة.
أما الثاني فهو نفسه الذي عمل على فقدان الأرض و وضع نفسه في خدمة الأعداء و تنفيذ مشاريعهم في تهجير الشعب الكوردي و التضييق عليه في العيش و ملاحقة الأطفال الكورد و تجنيدهم إجبارياً سواء لخدمة أجنداته الحزبية الضيقة أو لخدمة النظام السوري و داعميه من إيران إلى حزب الله و المليشيات الرديفة للنظام السوري كما حصل في منبج عندما إنسحبوا منها بعد مقتل المئات من أبناء الشعب الكوردي فيها بدعوى تحريرها و يهدف أيضاً الوقوف في وجه الطموحات الكوردية في جميع أجزاء كوردستان و ما إعلان كانتون شنكال إلا دق إسفين الشر في تلك المنطقة و تحديداً التحالف مع الحشد الشيعي ضد أقليم كوردستان و الإشتباكات في شنكال ما هي إلا نقطة في بحر مشاريعهم العدائية للشعب الكوردي  و سوف يتم تسليم المناطق الأخرى للنظام كما حصل من قبل في منبج و مناطق من حلب و هذا ما سوف يحصل في الرقة و دير الزور و الآن جاء الدور على عفرين.
باختصار، فإنه لا يحق للذين يرفعون شعارات تحرير الأرض  و أخوة الشعوب و الأمة الديمقراطية أن يقوموا بالإعتداء على الآخرين، لأن ذلك يناقض مشروع التحرير الذي يدعيه أؤلئك. وقد يصبر الشعب على مرارة المعاناة والحرمان لفترة من الزمن، لكن من الطبيعي أن تنفجر الأوضاع يوماً ما  في وجه هذه القوى التي نصبت نفسها على الشعب بقوة سلاح النظام، وعندما تفقد هذه الحركات مبرر وجودها و سبب نشوئها يقوم النظام بإغتيالها بعد أن حقق أهدافه ، و لكنها سوف تحاول التخفي تحت أوهام الإنتصارات المزيفة و الشعارات المهترئة كما يحصل اليوم في عفرين. و ما تم تسليمه في الأمس يجب أن تسلمه اليوم لمن سلمك.
و أخيراً إننا أصحاب حق و مقياس حقنا هو أن نحدد هذا الحق بوضوح و نناضل من أجل تحقيقه و لذلك فإن تحرير الأرض يعني تخليصها من الأعداء و إنتزاعها من المغتصبين و إسترجاعها إلى أصحابها الحقيقيين  و تحرير الشعب يعني حصوله على كافة حقوقه مثله مثل الشعوب الأخرى و التمتع بكافة حقوقه السياسية و الأجتماعية و الثقافية و حقه في تقرير مصيره بنفسه و لكن تحرير الأرض و الشعب غير متلازمتين فقد تتحرر منطقة ما من أرض كوردستان و لا يبقى فيها العدو أو المغتصب و يرحل عنها و لكن الأثار التي كانت تطبق على الأرض في زمن الإستعمار قد تبقى لمدة من الزمن و لذلك فإنه على الكورد أن يعملوا على إستعادة جميع الأراضي المحتلة و إنتزاع كافة الحقوق و بعد ذلك يأتي دور تغيير السلطة السياسية  بعد أن يصبح الشعب أصحاب القرار و هذا يبقى مقترناً بدعوة الشعب إلى ذلك. 
لا نريد أن نعتدي على أحد و لكننا نرفض أن نبقى تحت رحمة الآخرين.
*مدرس في المدارس المهنية في المانيا- سالتزغيتر
20.01.2018







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=23237