اغتصاب الحق الكوردي جريمة ضد الانسانية
التاريخ: الثلاثاء 18 تموز 2017
الموضوع: اخبار



جان كورد

نحن نعمل بقوة لحرية الرأي في كوردستان، إلاّ أن الرأي الذي يخدم مخططات الأعداء ويساهم في تنفيذ مؤامراتهم هو رأي الأعداء أنفسهم، وهذا يجب أن يكون واضحاً للجميع. 
إن الدول التي لا تزال تحتفظ بالإرث الاستعماري الناجم عن تقسيم كوردستان، أي لا تزال تسيطر على ممتلكات وإرادة الأمة الكوردية، على شكل أجزاءٍ وحصصٍ من أرض كوردستان، لا تتفق على شيءٍ سوى موضوع الاستمرار في اغتصاب الحق الكوردي، وهذه جريمة ضد الإنسانية، ووقوف المجتمع الدولي صامتاً على الدوام إزاء هذه الجريمة النكراء، مساهمةٌ غير قانونية في اعتداء حكومات هذه الدول على القانون الدولي، الذي يسمح لكل الأمم والشعوب أن تتحرر من العدوان وتعلن استقلالها وسيادتها على أرضها ووحدتها التامة. 


بالتأكيد، تلعب المصالح الاقتصادية مع الدول المحتلة لكوردستان واستراتيجيات بعض الدول العظمى دوراً أساسياً في استمرار هذا الاغتصاب غير المشروع للحق الكوردي، ولا يمكن الخروج من هذه الدوامة التي طال أمدها، منذ الحرب العالمية الأولى، إلاّ باضطراب العلاقات بين هذه الدول الغاصبة للحق الكوردي والدول العظمى، وهذا الاضطراب لم يحدث في زمن الحرب الباردة لوجود قطبين أساسيين في العلاقات الدولية آنذاك، وقدرة كل قطب منهما على السيطرة على مفاصل القوة والحياة السياسية لمناطق واسعة من العالم، والتأثير في نواحي متعددة من الشؤون الداخلية والخارجية لكثيرٍ من البلدان، وعلى وجه الخصوص في منطقة الشرق الأوسط، حيث البترول الوفير والغاز والموقع الاستراتيجي الهام على سطح الكرة الأرضية. 
وبسقوط وانهيار المعسكر الشيوعي والضعف الذي استشرى في الاقتصاد الوطني لروسيا، وما كان له من تأثير سلبي قوي على الدول الدائرة في فلك الاتحاد السوفييتي البائد، ومنها دول أوروبا الشرقية والعراق وسوريا، إضافة إلى ما سبق ذلك من انهيارٍ لنظام الشاه الإيراني، ظهر أن الدول الغربية الثرية هي التي ستقود المجتمع الدولي، وكان لا بد لها من أن تعزز تلاحمها واتحادها من مختلف الجوانب كما لاحظنا من تقويتها للاتحاد الأوروبي وتعميقها للعلاقات عبر الأطلسي مع الولايات المتحدة الأمريكية التي باتت القوة الدولية المتماسكة اقتصادياً والقادرة على التدخل في كل مكان من العالم من دون مساعدةٍ من أحد، وهذه المجتمعات الغربية تقول في كل مناسبة بأنها مع إرادة وحق الشعوب، ويجب الوقوف في وجه مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، إلاّ أنها لم تتمكن حتى اليوم من إيجاد القاعدة الضرورية للدفاع عن هذه الحقوق ولتقليل حدوث الجرائم التي ترتكبها الحكومات والتنظيمات السياسية والحركات الإرهابية، ولم تقم بوضع حدٍ لانتهاكات الدول والجماعات المتطرفة التي تقوم بحروب الإبادة والتطهير العرقي أو الديني في شتى أنحاء العالم، وبخاصة ما يحدث لأمتنا الكوردية من نهبٍ منظّم وعدوانٍ مستمر ومحاولاتٍ للإبقاء عليها مجزأة وضعيفة، حتى لا تستطيع رفع يدها للمطالبة بحريتها واستقلالها، رغم أنها أمة كبيرة، وقادرة على الإنتاج الكافي لها ولجيرانها، ولا تريد سوى الحرية والعيش بسلام على أرضها، كما أنها أمة مقاتلة من أجل حرية وتعارف وتضامن وتفاعل الشعوب المختلفة بعروقها وأجناسها وأديانها. 
إلا أن الدول الغربية، كما نلاحظ عن كثب، لا تملك مشروعاً واضح المعالم للشرق الأوسط، وإنما كانت على سياسة (دع الذئاب تنهش طالما لا تهاجمنا في منازلنا) على الرغم من مساعيها الحالية المشكورة في "الحرب على الإرهاب"، فالحرب على الإرهاب لن تكون ظافرة إلا بالقضاء على الظروف الموضوعية التي أنتجت الجماعات والتجمعات الإرهابية، ومن تلك الظروف (الفقر والجهل وتسخير الدين بشكلٍ خاطئ في سبيل أهداف سياسية، والتربية المدرسية غير السليمة، ودعم النظم السائدة عن طريق القوة أو السكوت عن جرائمها وإرهابها، والسكوت عن اضطهاد الأقليات، وعدم الجلوس مع حركات المستضعفين وممثلي الشعوب التي تئن تحت طغيان النظم المستبدة والدكتاتورية الساخرة بالديموقراطية والحريات السياسية، وترك ثروات الشعوب منهوبة من قبل فئاتٍ حاكمةٍ لا يهمها سوى الثراء الفاحش على حساب شعوبها...)، فإن القضاء على منظمات مثل القاعدة و داعش لا يعني أبداً الانتصار النهائي على الإرهاب، وفي الغرب نقاشات ودراسات ونظريات تخدم مصالح دوله وشركاته، والمشكلة تكمن في عدم وجود استراتيجية غربية موحدة وواضحة للتعامل مع الأسباب التي تؤدي لظهور الحركات المعادية لها والقادرة على إحداث المشاكل الكبيرة حتى في البلدان الغربية ذاتها. 
إن شروخاً عميقة قد حدثت في الدول التي تقتسم بأرض كوردستان وتسيطر على إرادة أمة الكورد، ومنها الحرب العراقية – الإيرانية التي كانت بسبب الصراعات المذهبية والاقتصادية وبسبب النزعة الطائفية للخمينية مقابل النزعة القومية العنصرية لحزب البعث العربي الاشتراكي في ظل زعيمٍ طموحٍ لا يتوانى عن الدخول في الحروب، هو صدام حسين التكريتي الذي وقّع بعد ثماني سنواتٍ مدمرة من الحرب معها اتفاقية ذليلة مع إيران التي تتوسّع باستمرار في المنطقة دون رادع خلقي أو مانعٍ سياسي ولا تعترف بالمعاهدات والاتفاقيات الإقليمية والدولية.  ومن الشروخ العميقة الأخرى، غزو الجيش العراقي للكويت، ومن ثم الجلوس بذلٍ ومهانة مرةً أخرى في خيمة صفوان مع الذين حرروا دولة الكويت وأعادوها لأهلها، وما تلى ذلك من حرب الولايات المتحدة على نظام صدام حسين وتصفيته سياسياً وجسدياً فيما بعد، وكانوا قد أخرجوه من جحرٍ تحت الأرض ذليلاً ضعيفاً وفي هيئة دبٍ قذر، وهو القائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة و (حارس البوابة الشرقية للأمة العربية!)، كما تسببت ثورات "الربيع العربي" في مرحلةٍ أخرى، وتدخّل المنظمات الإرهابية والقوى الإقليمية والدولية في كلٍ من العراق وسوريا في تضعضع الكيانين المصطنعين (العراق وسوريا) من قبل الاستعماريين القدامى (الانجليز والفرنسيين)، وهذا ما أدى إلى أن يتمكن الكورد من استنشاق ريح الحرية ولو بشكلٍ بسيط للغاية، إلاّ أن ما يجري من تدافع سياسي ونزاعاتٍ داخلية حادة في كلا الدولتين (تركيا وايران) اللتين تسيطران على الجزأين الكبيرين من كوردستان سيفتح مجالاتٍ أوسع أمام حركة التحرر الوطني الكوردستاني، فيما إذا كان لهذه الحركة أساس موحد وثابت وهدف واضح وتفريق دقيق بين الأعداء والأصدقاء، وقبل كل شيء تحديد جيد لأولويات الكفاح الوطني الذي يجب أن يكون مسؤولية مشتركة، والكفاح الوطني لا يعني تلقائياً العمل المسلّح فقط، وإنما جملة أسباب القوة مادياً ومعنوياًـ سياسياً ودبلوماسياً، حزبياً وجماهيرياً، ويعتمد ذلك بالدرجة الأولى على وعي الأمة وتحقيق العدل والمساواة والحقوق والأمن والاستقرار لها.   
ولكن مع الأسف، لايزال تجار السياسة الكوردية منقسمين على أنفسهم، بحكم مصالحهم المالية ومدى نفوذهم السياسي وحتى الحزبي، ففي الوقت الذي تناضل جماهير شعبنا من أجل انتزاع حقها في استفتاء على استقلال جزءٍ من كوردستان، في هذه الظروف التي تواجه الدول الغاصبة لوطننا رياحاً عاتية ومشاكل جمة مع العديد من مراكز القوة في العالم، وتحضّر الجماهير نفسها من جوانب عديدة للإقدام على هذا الاستفتاء بحرية ونزاهة، تقوم الأوساط الأمنية في الدول المتشاركة في جريمة اغتصاب كوردستان بالعمل الصريح بالاستفزازات والتآمر والتخريب ضد تمتّع شعبنا في جنوب كوردستان بحقه المشروع شرعاً وبموجب القانون الدولي، ومع الأسف يتطوع جزء هام من قوى شعبنا يضم (الجاش) و(كوردستان قوروجى) و(الطابور الخامس) بتنفيذ المؤامرة التي وضع مخططها عنصريون وطائفيون معادون للكورد منذ الحروب الصفوية – العثمانية، بل أبعد منها. وهؤلاء الجاش القدامى وأتباعهم وكوردستان قوروجى والطابور الخامس لن يستطيعوا صد شعبنا عن القيام بواجبه تجاه نفسه، وسيدخلون التاريخ ك"خونة الأمة الكوردية"، إلاّ أنهم سيضرون بهذه المسيرة العظيمة التي تتطلب منا جميعاً الوقوف معاً بحزم في وجه الذين يعقدون المؤتمرات على أرض شهداء حلبجة وبارزان، وفي مدينة ملك كوردستان الشيخ محمود الحفيد بالذات، للتشويش على الاستفتاء ولتنفيذ ما يطلبه الأعداء ويرفضون حتى رفع علم كوردستان الذي أعلن في ظله الرئيس الشهيد قاضي محمد الدولة في مهاباد، والعلم الذي رفرف عالياً على ذرى جبل آغري أثناء ثورة (خويبون)، وحمله بيشمركة كوردستان ومناضلوها أينما كانوا ووارى الآباء والأمهات نعوش أبنائهم وبناتهم الشهداء به، وهو العلم الرسمي للإقليم الذي فيه مدينة السليمانية، فلم يحترم هؤلاء المسيرون من قبل الأعداء مواطني هذه المدينة البطلة التي رفعت علم كوردستان على الدوام عالياً في عزٍ وإباء.  
من أجل أن يعترف العالم بحقنا القومي في إدارة أنفسنا ذاتياً وليساعدنا في دفع عجلة كفاحنا صوب الأمام لتحرير كل أرض كوردستان، لابد من التحدي والتصدي لكل مؤامرات الأعداء، ومنها مؤامرة ما سموه بالمؤتمر التشاوري في السليمانية الذي هدفه الواضح هو النيل من مشروع الاستفتاء ولا شيء غيره. 
نحن لسنا ضد حرية الرأي في كوردستان، بل نعمل له بقوة، إلاّ أن الرأي الذي يخدم مخططات الأعداء ويساهم في تنفيذها هو رأي الأعداء أنفسهم، وهذا يجب أن يكون واضحاً للجميع. 
‏18‏ تموز‏، 2017 
kurdaxi@live.com 
 facebook: Cankurd1







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=22427