ما يحتاج إليه جنوب غربي كردستان - الجزء السادس
التاريخ: الأربعاء 31 ايار 2017
الموضوع: اخبار



د. محمود عباس

وعلى خلفية ما جرى للحزب الديمقراطي الكردستاني السوري منذ مؤتمرهم التوحيدي وحتى اليوم، بدءً من التراجع في منظماته ونشاطاته، والتي معظمها تتحملها القيادة الجديدة، حيث محدودية، الإمكانيات المعرفية لمواكبة العصر سياسياً، وقدراتهم على تطوير دور الحزب الجديد ضمن الحركة الكردية الهزيلة أصلاً في جنوب غربي كردستان، إلى جانب غيرها من السلبيات الذاتية، كثرت حوله الشكوك السلبية، ومنها: 
1- سبب تراجعه في لهجته المعارضة للسلطة، لا يعتقد بأنها استنتاجات ذاتية أو رؤية منطقية لمجريات الأحداث، بل يعولها البعض على العامل الموضوعي، ويقال بأنه نتج تحت ضغط من الإقليم، والذي لا يزال له شبه قنصلية وبنفس الشخص ومنذ قرابة ثلاثين سنة في مدينة قامشلو، ويبررها آخرون، بأن أية تصريحات أو معارضة قوية من الكردستاني الجديد ستعكس بشكل سلبي على سياسة الإقليم مع الهلال الشيعي. 


2- وبأن مجموعة من قيادته كانوا وراء تخلي قيادة الإقليم عن دعم الأحزاب الكردية الأخرى المشكلة للمجلس الوطني الكردي، في محنتهم المالية، المتفاقم منذ بداية ظهور معاناة الشعب الكردي وهجرة أو تهجير معظم كوادرهم والمؤدية إلى نضوب منابع تمويلهم، وفي القضية الأخيرة بالضبط ل ب ي د دور غير قليل فيه. وهذا الضغط غير المباشر دفع ببعضهم إلى تقبل نهج الإقليم، حتى الذين لم يشتركوا في الوحدة، وغير محسوب على نهجه، بررها البعض بأنهم أصبحوا البديل عن الديمقراطي الكردستاني الجديد، خاصة إذا لزم الأمر وتطلب تصريح ضد السلطة السورية، وعليه حجم دوره على الساحة. 
 البارتي الديمقراطي الكردستاني، أحد الأحزاب المعارضة الرئيسة التي تسخر مع الأخرين جل نشاطاتها وجهودها للصراع الكردي الكردي، حتى ولو كانت بدرجة أقل من ال ب ي د وبلهجة مغايرة، وبدعم من الأحزاب المشاركة في حكومة الإقليم الفيدرالي، وهي دلالة أن دراساتهم ( لا يستثنى أحد من الطرفين) لمجريات الأحداث الإقليمية والدولية ضحلة وتخيم عليها رؤية ضبابية، ولا تعكس حقيقة الصراع القائم على أرض كردستان، وخلافاتهم الداخلية تعكس ضحالتهم، وسذاجة تعاملهم مع الواقع، وعليه فهم لا يمثلون الشعب ولا مطامحه، وصراعاتهم لا تنجرف لخدمة الأمة ولا القضية الكردية والكردستانية، حتى ولو كانت تصدر نداءات قومية ووطنية في زوايا من إعلامهم، لكن في عمقها لا تتجاوز نطاق امتصاص نقمة الشارع الكردي، وإن استمروا على ما هي عليه، فإن المكتسبات التي جلها بفضل القوى الكبرى ومصالح البعض من الإقليمية، ستنهار وقد يكون الأسف يوما ما متأخرا جداً.
  يدرك الشعب ومنذ سنوات، أن أحزابهم، لا يحاربون محتلي أرض كردستان، بل يدورون في فلكهم، والقوى الإقليمية هي التي فرضتهم على الشعب، ولا يمكن عزلهم، وإن تمكن الشعب من القضاء عليهم فتلك القوى ستخلق البديل الأضعف عنهم وسيضعونهم كممثلين، وهي دلالة أن السلطات الإقليمية ليست فقط حافظت على أحزابنا بهذه النوعية، بل تمكنت من خلالهم تحجيم تنامي قوة الشعب والإبقاء عليه ضعيفاً، وهذه الحقيقية واضحة لديه ومنذ عقد وأكثر، ولا يخفيها في حواراته السياسية والعامة، لكنه مع ذلك لا يزال سجين صوره النمطية السابقة، وراضخ لدورهم المفروض كممثل عنهم من قبل المربعات الأمنية، وعليه تتطلب من الحركة الثقافية، بل ومن الشعب ذاته إزالة تلك الصور النمطية المشوهة من لا شعوره، والتحرر من هيمنة سيادتهم الشكلية، وتبيانها لهم وللعالم بأن هذه الأحزاب لا يمثلونهم، فهم دمى وأدوات تحت هيمنة السطات المحتلة لكردستان، ولا قدرة لهم، حتى ولو كان يرغبونها، على التخفيف من خلافاتهم المتلائمة والأجندات الخارجية.
  من أولويات الشعب الكردي، الثقة بالذات، بعد أن تأكدت له ماهية أحزابه، وعليه أن يؤكد لذاته قبل المحتلين أن هذه الخلافات الحزبية لا تمثله، فمعظمها شكلت لأن تكون على هذه النوعية، وأن قضيته ليست محصورة بيدها التي فرضت عليها الضحالة في معالجة القضايا القومية والوطنية. وبشكل أو آخر فأن خلافاتها وتلاسنها ومواكبتها لأجندات القوى الإقليمية، عداوة للشعب الكردي قبل أن تخدش الأعداء، فهي وبأساليبها الجارية تساعد أعداء كردستان وتحارب الأمة الكردية، فهم السبب الرئيس في تبيان الكردي ضعيفا أمام المحتل والعالم الخارجي، وهم بأساليب نضالهم الضحل وصراعاتهم جعلوا الأمة الكردية خارج الجغرافية الدبلوماسية العالمية. 
   سذاجة أحزاب جنوب غربي كردستان الذين التهوا بالثانويات ومنذ بداية الثورة السورية، وعلى خلفية خلافاتهم المفتعلة من قبل المربعات الأمنية، والتي كانت ولا تزال تخدم سلطاتهم، أوصلتهم إلى واقع مأساوي، ومنه المعاناة في الوضع المالي، وأشيع، على سبيل المثال، بأنه لولا مساعدات السليمانية، الحزب الوطني الكردستاني، لعاش أعضاء قيادة اليكيتي والحزب مأساة حقيقية، مثلما حصلت للأحزاب الأخرى والتي يقال بأنها كانت من أحد أسباب انضمامهم إلى البارتي، تحت صيغة الاتحاد، علماً بأن الدعم الذي قدم لحزب اليكيتي، كانت بالقطارة، كما بلغنا من مصادر موثوقة. 
  وقد خرجت من واقع الاحتمالات، أن المساعدة المادية قدمت بفضل رئيس حزب التقدمي الكردي السيد حميد حاج درويش، لعلاقاته التاريخية المعروفة مع الحزب الوطني الكردستاني، وبها تمكن اليكيتي الحفاظ على البعض من نشاطاته، في الوقت الذي أطلقت السلطة يد ال ب ي د في جمع ما يتمكن عليه من المنطقة الكردية وشعبها، واستأثرها لذاته دون الأحزاب الأخرى. وهنا يطرح السؤال ذاته هل كانت المساعدات على حساب إملاءات؟ وتقبلتها قرابة سنتين تقريباً، أم مجرد خدمة وطنية؟ قدمها لهم الشخص الذي يعد من مؤسسي البارتي، والأكثر تمسكا في نهجه منذ نشأة الحزب وحتى اللحظة، بغض النظر عن توافقنا أو اختلافنا معه، وتبين وكأنه الأصدق لنهجه، الحزبي والوطني، وكثيرا ما فضل المواقف القومية على الحزبية، رغم تعرضه لأبشع الانتقادات والهجمات، وحتى الشخصية منها. ومن ضمن ما تم هو تحيزه للمجلس الوطني الكردي، كبعد وطني، والمخالف لمسيرته المتماشية مع نهج السليمانية أي استراتيجية الهلال الشيعي، والسير مع سياسة المعارضة والديمقراطي الكردستاني لجنوب كردستان، وعلى الأغلب كانت الصورة والمستقبل السياسي للمنطقة لديه أوضح، ولربما كان يرى كردستانا يتشكل، والظروف أصبحت ملائمة، ولهذا فضل التحالف مع الأحزاب التي كان طوال نصف قرن في خلافات معهم، كأحد أهم ضروريات مرحلة ما قبل تشكيل كيان كردستاني في جنوب غربي كردستان، وعمل ضمن المجلس الوطني، ولم يتخلى عنها حتى بعد تشكيل ال ب ي د لمجلس الشعب الكردي المتماهية مع السلطة، الأقرب لنهجه، وعلى الأغلب كان يتوقع بأنه في الجانب الأخر أو بشكل مشترك من المجلسين كانوا سيستفيدون من السلطة أكثر من استفادة السلطة منهم، وهو ما صرح عنه السيد حميد حاج درويش قبل فترة بأنه كان خطأ تكتيكي، وكأن لسان حاله يقول كان الأولى المشاركة مع ال ب ي د في الإدارة وبمجلس وطني كردي حتى ولو كانت نصفها ل ب ي د ، منذ البداية، وأن المهادنة مع سلطة بشار الأسد، والتي رغم تاريخها الغارق في الاستبداد والعنصرية خير من أغلبية المعارضة التكفيرية التي أبدت بأنها ليست بأفضل منها، أو لربما بأنه كان يجب مسايرة المصالح كما هي الدارجة بين جميع القوى الإقليمية والعالمية، وهذا النقد الذاتي يعد الأكثر صدقا بين الأحزاب الكردية والكردستانية (إن كنا موافقين معه أم لا) وهي جرأة سياسية رغم ما جلبتها له من مطبات، مع ذلك فضل السيد حميد حاج درويش ذكر الأخطاء وبدون مواربة، وتنم عن نزعة التجديد في النضال وحسب المصالح القومية والظروف الدولية، وهذه هي المكيافيلية التي يستخدمها جميع سياسي العالم، والحركات السياسية، والسلطات والأنظمة لبلوغ مآربهم، ولا يدركها معظم قادة الأحزاب الكردية والكردستانية، وإن أدركوها فلا قدرة لهم على استخدامها.
  هذه الرؤية السياسية أو لنقل التعامل مع الظروف، غائبة بطريقة أو أخرى عن قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني السوري، وهي التي أدت إلى ضمور دوره في المجلس وعلى الساحة. ويقال إنه دفع به ليكون وراء الخلافات المتصاعدة بين الأحزاب المشكلة للمجلس الوطني الكردي، وبالتالي تراجعه والمجلس إلى الحالة المزرية الحالية، ولهذه خلفيات وبوجهات نظر متضاربة:
1- منهم من يقول بأن البعض من قادة الحزب كانوا وراء سياسة الإقليم الكردستاني الجنوبي الازدواجية، المتبعة مع الأطراف المعادية للسلطة السورية، والتي أدت إلى نتائج ليست في صالحه، ومنها تغاضي ال ب د ك -ع عن تجاوزات ال ب ي د كسلطة أمر الواقع، وعدم دعم الأحزاب الكردية المعارضة بالشكل المطلوب، وهو ما أدى إلى التأثير العكسي عليهم بشكل مباشر، وبالتالي أخليت الساحة ل ب ي د للتفرد السلطة، ولا شك الأغلبية تعلم مجريات الأحداث والدعم الإقليمي في فرز القوى الكردية في جنوب غربي كردستان. 
2- والبعض من الحركة الكردية الثقافية والسياسية عرض تأويلات مخالفة للمسيرة المشبوه، وهي أن الإقليم هو الذي فرض عليهم وعلى معظم الأحزاب الأخرى نهجه، وكان وراء الإشكاليات التي سايرت عملية تشكيل المجلس الوطني الكردي، إلى أن بلغ ال ب ي د من حزب كان يطالب بالثلث إلى النصف وبالتالي إلى سوية مواجهة الإقليم ذاته.
3- وآخرون يضعون احتمالية أن البعض من قيادات البارتي الديمقراطي الكردي السوري كانوا وراء عدم تقديم حكومة الإقليم الدعم المادي للأحزاب الكردية المعارضة، لأسباب، ومنها: الضغط عليهم للانضمام إليهم، وهو ما تم، ليواجه ال ب ي د المتصاعد، باستثناء اليكيتي والذي نفذ من الذوبان، على الأغلب، بسبب المساعدة التي حصل عليها من الاتحاد الوطني الكردستاني، واستمرت المعاملة السياسية الجافة، إلى أن وجد ال ب د ك –ع أن بقاء اليكيتي في الطرف الأخر تؤثر على رجحان كفتها السياسية، لذلك تجاوزت سياسية الديمقراطي( في فترة تحوله إلى الكردستاني) السوري وقدمت الدعم المادي، لإعادته إلى صفها. والبعض يقول إن الحزب الوطني الكردستاني هو الذي كان البادي بقطع المساعدة عنهم، كورقة ضغط لضمهم إلى مجموعة أحزاب الإدارة الذاتية. ويقال بأنه لولا الدعم المقابل لدخل قادة اليكيتي في إشكالية غير مستحبة، ولربما قبلوا عرض الوطني الكردستاني مثلما حدث للتقدمي، بعد أن سبقه النقد الذاتي أو رافق خروجه من المجلس الوطني الكردي. مع ذلك فهذه المساعدة المالية من البارتي د ك –ع لم تنقذ المجلس الوطني الكردي من الضمور، رغم محاولات اليكيتي في الداخل والذي حصر معظمها في الصراع مع ال ب ي د والإدارة الذاتية، وهو ما يريده ال ب ي د والسلطة السورية، فأصبح يبدو وكأنه حزب لا يمثل نهجه المعروف. كما وأن مساعدة الإقليم في إقامة علاقات دبلوماسية خارجية للمجلس الوطني، لم تنقذه، لأنها كانت شحيحة ودون المستوى، إلى جانب أن ممثلو المجلس الوطني لم يعرفوا كيفية استغلالها.
 وبشكل عام للحزب الديمقراطي الكردستاني المتشكل من أربع أحزاب دور مباشر في الضعف الحاصل للمجلس الوطني، إلى جانب ال ب د ك –ع، ولا شك لا نستبعد ما تقوم به الإدارة الذاتية من إجراءات تعسفية، كأي سلطة استبدادية، بدءً من الاعتقالات إلى تهجير الكوادر النشيطة، إلى حد أن الأصابع توجه إليهم بالاغتيالات، إن كانت من ذاتها أو بأوامر من السلطة، كإجراءات جانبيه ضد أحد أطراف المعارضة السورية، وهي في الواقع تؤثر سلباً على القضية الكردستانية بشكل مباشر. فمعظم الصراعات الحزبية المخططة لهم إقليميا، ومن الجانبين لا تخدم القضية، وهي تنجرف لصالح الأعداء، وستتبين نتائجها السلبية عليهم والكارثية على الأمة عاجلا أم آجلا، وأول من يعاني هو الشعب الكردي الصامد في الداخل وقضيتنا ...

يتبع...

الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
2/5/2017م







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=22241