كل ذلك جعلت من سوريا أن تكون محط أنظار وأطماع القوى الدولية والاقليمية المتعددة فمع انهيار الامبراطورية العثمانية بانتهاء الحرب العالمية  الأولى (1916 ) تقاسمت فرنسا وبريطانية تركة هذه الامبراطورية فكانت سوريا من حصة فرنسا ومنذ ذلك الحين وحتى الآن لم تنعم سوريا إلا بفترات قصيرة ومتقطعة من الحرية والديمقراطية والازدهار ومع استلام حزب البعث الحكم في سوريا عام ( 1963 ) بدأت عقود الظلم والاضطهاد والنظام الشمولي الاستبدادي مما أدى الى احتقان الشعب السوري نتيجة تراكمات عقود من الاستبداد والديكتاتورية والوضع الاقتصادي المزري الذي وصل اليه الشعب السوري فكان لا بد لهذا الضغط والاحتقان أن ينفجر فكانت ثورة الشعب السوري في (15/3/2011 ) والتي أختارها الشعب أن تكون سلمية من أجل الكرامة والحرية لكن النظام الديكتاتوري دفعها باتجاه الطائفية والتسليح ( الأسلمة والأسلحة ) ففتحت أبواب الجهنم بوجه الشعب السوري بجلبه للعديد من الميليشيات الطائفية الى الأراضي السورية مما حدى بالساحة السورية أن تكون حلبة للصراع بين القوى الاقليمية والدولية على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية والمخابراتية  وبدأت ما يشبه حرب عالمية ثالثة مخفية  وبدت سوريا كمستعمرة دولية وذلك من خلال الظواهر التالية :

1)    سياسيا ودبلوماسيا: عقدت العديد من المؤتمرات والجلسات بخصوص سوريا الى جانب مؤتمرات جنيف وأستانا والتي شاركت فيها العشرات من الدول سياسيا ودبلوماسيا مما يدل على تدويل المسألة السورية وتداخل وتشابك المصالح الدولية في سوريا وكل واحد يجر المسألة صوب مصالحه والتي عقدت القضية أكثر فأكثر.

2)    عسكريا : الى جانب التدخل السياسي هناك تدخل عسكري على الأرض سواء كان مع النظام أو مع المعارضة حيث الميليشيات الايرانية وميليشيات المالكي وحزب الله والـ PYD والقواعد العسكرية الامريكية وعددها ( 7 ) اضافة الى قواعد تركية وفرنسية وألمانية وروسية وبريطانية اضافة الى القواعد البحرية وجلب ما هب ودب من أصقاع العالم من عناصر للمشاركة في القتال سواء كان مع المعارضة أو الموالاة فأخذت المسألة شكل صراع دولي على الأرض السورية .

3)    استخباراتيا وأمنيا : لأجهزة المخابرات دور حاسم في الانتصار عبر التاريخ فمنذ أولى العمليات الاستخباراتية التي قام بها الفراعنة عام ( 3590 ) قبل الميلاد حيث أرسل ( توت ) ضابط الاستخبارات الفرعوني ( 200 ) جندي داخل أكياس القمح الى يافا فتمكنوا من السيطرة على ميناء المدينة وتسليمه للجيش المصري المرابط حول يافا ومايجري في سوريا هي أكبر حرب للمخابرات العالمية في القرن (21 ) حيث العشرات من أجهزة المخابرات الاقليمية والدولية تنشط على الاراضي السورية فوصل عددها إلى 16 جهــاز استخباراتي منها       ( 11 )جهــاز مخابـرات عمِــل ومازال ضــدّ المخـابــرات السـورية هـي: المخابرات الأمريكية، الفرنسية، الألمانية، الإنكليزية، التركية، السعودية، الإسـرائيلية، القطرية، اللبنانية، الأردنية، الإماراتية و بعض هذه الأجهزة بدأ يُنسّق سراً أو علانية مع المخابرات السورية تحت عنوان محاربة الإرهاب و( 5 )أجهــزة استخباراتية تعمــل  بالتنسـيق مـع المخابــرات الســورية هــي: الروســية، الإيرانية، العراقية، استخبارات حزب الله، وهنـاك حضور خفـي للاستخبارات الصينية ووجــود غيـر دائم لاسـتخبارات دول أخـرى مثـل: البلجيكية، الكندية، الكورية، المصرية، الباكستانية  وغيرها لكن المخابرات الكورية تلعبُ دوراً خفياً هاماً، فيما يخصّ الأسلحة غير التقليدية.

اضافة الى العديد من غرف العميات التي يشارك فيها العشرات من أجهزة الاستخبارات الاقليمية والدولية ومنها غرفة عمليات (موك ) مقره الرئيسي الاردن في عمان العاصمة وله مركز مساعد في مدينة أضنة التركية  الدول الفاعلة فيها الولايات المتحدة، إسرائيل، بريطانيا، فرنسا، تركيا، السعودية، الإمارات، والأردن ابتدأت عملها في أوائل عام 2013  وهو مركز استخباراتي سري كذلك غرفة (انطاكيا) هي غرفة عمليات عسكرية استخباراتية

تعمل في الغرفة تركيا, أميركا, السعودية, قطر، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، إسرائيل نشطت هذه الغرفة في شهر حزيران 2014 وهناك غرف عمليات في كوباني واعزاز اضافة الى العديد من غرف العمليات المخفية والسرية

كل هذه العمليات السياسية والدبلوماسية وبالتوازي مع العمليات العسكرية والاستخباراتية والتدخلات الاقليمية والدولية عقدت المسألة السورية وأظهرتها على شكل حرب كونية مخفية ودمرت سوريا وطنا وشعبا سببه دكتاتور أرعن ومستبد ضد شعب طالب بالحرية والكرامة .