إن الفكر الإرهابي الذي يعتمد على بنية أساسية بكم الأفواه وتهديد المخالف بالقتل والخطف والأسر والسلب والنهب وسبي النساء وتزويجهم عنوة وبيعهم في أسواق النخاسة كجاريات له جذر ضاربة في التاريخ الشرقي عامة والعربي خاصة وقد تختلف أشكالها وصفاتها لكنها تتفق بالجوهر والمحتوى مستندين على مفهوم الإقناع بالقوة والمناقضة والمنافية لمفهوم قوة الإقناع بالدليل والمنطق وقد جاء ولادة فكرة إعادة تأسيس الخلافة الإسلامية التي تنبتها تنظيم داعش من تزاوج فكرتين أساسيتين هما (الفتح الإسلامي والفكر القومي البعثي العفلقي الشوفيني معتمدين على تفسير خاطئ لجوهر الإسلام ومفاهيمه المتسامحة وأهدافه السلمية والمتآخية وتشويه مبدأ الجهاد وتجاوز أسسه . اقتداءً بسلفنا الصالح عندما أوصى الخليفة الإسلامي جنوده أيام الفتوحات بقوله ((لا تقتلوا شيخاً مسناً ولا كاهناً ولا تدمروا معبداً ولا تقطعوا شجرة أوشاة إلا لحاجة )) 

وما نراه ونسمعه هو اعتماد التنظيمات الإسلامية السياسية على النقيض من ذلك بالاعتماد على القتل و الخطف والنهب والسلب وسبي النساء وفرض الفدية والجزية بغير وجه حق وهذا ما يخالف الأسس التي اعتمدها رسولنا محمد (ص) عندما بدأ بنشر الدعوة الإسلامية خارج إطار أهله ودياره فأخذ يراسل الملوك والقادة والأباطرة بتوجيه الرسائل إليهم متضمنة شرحاُ للمبادئ الإسلامية ودعوتهم لاعتناق الديانة الإسلامية السمحاء فكان الرسول (ص) يخاطبهم بصفاتهم وألقابهم ويعنون رسائله بمقولة إلى كسرى عظيم فارس ، وإلى هرقل عظيم الروم .

معتمداً بأسلوب مخاطبته على المبادئ الأساسية للفكر المعتدل والتسامح والسلام والتآخي والمحبة والعدالة والمساواة في الدين الإسلامي.

إن قيام داعش وباقي التنظيمات ( الإرهابية- كالقاعدة –وأنصار السنة وأخواتها) التي تعتمد على التفسير الخاطئ للمبادئ الإسلامية السامية الواردة في القرآن والسنة تسيء للإسلام والمسلمين قبل الإساءة لباقي الشعوب والأديان في أوربا وأمريكا وآسيا وسائر القارات الأخرى وأصبح هذا الفكر الإرهابي المتطرف يشكل خطراً يداهم الجميع وعليهم مواجهتها متكاتفين على أكثر من جبهة وبأكثر من أسلوب ومنها 

-1المواجهة العسكرية بتعزيز التحالف الدولي وضم أحزاب وقوى ودول من قلب الحدث وجوارها من القوى السياسية والعسكرية كحكومة إقليم كردستان وباقي القوى الكردستانية والعربية والتركية المعتدلة وضرورة التركيز على تجفيف منابع الإرهاب في منابعها ونخص بالذكر في سوريا والعراق وليبيا وسائر البلدان المبتلية بالإرهاب.

2-الاعتماد على القوى السياسية السلمية لنشر مفاهيم الديمقراطية والسلم والسلام والتآخي بين الشعوب في المناطق الساخنة للحد من نشر الفكر الإرهابي والوقوف سداً منيعاً أمام ذلك المد ودحض مفاهيمه بين الجماهير وعملت بعض القوى الكردية والكردستانية على هذا الصعيد وذرعوا بذور أفكارهم وقيمهم النبيلة عبر نشر الوعي القومي الديمقراطي واستقطبت الجماهير الكردية واستطاعت جذبها للالتفاف حولها وتوجيهها للنضال القومي وانتزاع حقوقها المشروعة وإزالة المظالم عن كاهلها ورفض المشاريع العنصرية بحقها ونشر ثقافتها وتثبيت حقوقها دستورياً وشكلت بذلك سياجا منيعا وحصنا حصينا لم تتمكن تلك الحركات الإرهابية اختراقها وعجزت عن تشكيل فروع لها أو تشكيل الخلايا النائمة في مناطق نفوذها رغم وجود الطرق الصوفية بقوة.

ونعتز بالقول إن كردستان سوريا ظلت حتى يومنا هذا خالية من تلك الأفكار الشريرة وقد نجحت أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سوريا في هذا الصدد رغم المآخذ وبعض الانتقادات التي تواجهها في مسائل نضالية أخرى لها مثل ENKS و tv dem وغيرها من الأحزاب رغم المآخذ العديدة التي تسجل عليها وخلاصة القول إن المواجهة العسكرية وحدها لا تكفي بل يجب أن يرافقها مواجهة فكرية وبأشكال مختلف كدعم المنظمات الشبابية ذات المحتوى الديمقراطي وسائر منظمات ومؤسسات المجتمع المدني وتشجيع القوى المعتدلة والمناوئة للتعصب الديني والمذهبي والقومي وإشراك الجميع أفراداً وجماعات وأحزاب للقيام بدورهم للحد من هذا الخطر الداهم والقضاء عليه.