الحرب والاعتقالات الأخيرة في تركيا .!
التاريخ: الثلاثاء 08 تشرين الثاني 2016
الموضوع: اخبار



عنايت ديكو 

 عندما نتضامن مع قضية ما سياسية كانت  أم إنسانية أم اجتماعية ؟ ... فقبل كل شيء نبحث عن موقعنا وعن قربنا وبعدنا وعن تقاطعاتنا مع هذه القضية ، وأيضاً نقوم بدراسة ماهية هذه القضية وعناوينها الرئيسية وتفاصيلها حتى نعطي رأينا وتضامننا مع هذه القضية أو تلك ، وأيضاً نبحث ونسأل ، هل هذه القضية تهمنا وتلامس مصالحنا الكوردستانية وحدودنا الفكرية والسياسية والقومية وتمسنا مباشرة ؟، أمْ أنها قضية هامشية بالنسبة لنا وليس لها إلا التأثير الخفيف علينا وعلى محيطنا .؟ فمثلاً سوريا احترقت كلها وأصبحت رماداً ... بينما الداخل التركي والحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التركية لا زالا بعيدين عن ذاك التأثير المباشر لهذا الحريق السوري عليهما. فالحياة في تركيا لا زالت طبيعية وأكثر من طبيعية بالرغم من ضخامة الحريق السوري .


فعندما نقول بأنه يتوجب علينا التضامن مع قضية ما في الشأن العام والدفاع عنها ؟ يجب وقبل كل شيء أن نعرف ، هل تتقاطع هذا القضية مع مصالحنا الفكرية والاجتماعية والسياسية والقومية ... أمْ لا .؟ وكم هي بعيدة عن أولوياتنا السياسية والفكرية والقومية ، وهل تتناغم هذه القضية مع أهدافنا ومبادئنا وفلسفتنا الكوردستانية في الحياة أم لا ؟ وعلى ضوء هذا سيتفاوت نسبة تضامننا وتفاعلنا مع هذه القضية والدفاع عنها.! 
 لنسقط هذه الحالة على الحملة التركية الأخيرة بحق قيادة حزب الـ " HDP " واعتقال الساسة والطبقة الأولى والصفوف الأولى من الحزب وزجهم في السجون بتهمة الارهاب وغيره.فمن منطلقٍ إنساني واجتماعي وديمقراطي ، سأتضامن حتماً مع كل سجينٍ سياسي في العالم ، وسأدين حتماً كل السياسات التي تؤدي الى الاعتقال الفكري والسياسي والثقافي والإنساني وفي كل بلدان العالم وتركيا طبعاً ليست باستثناء . فالاعتقال وسياسة كم الافواه وزج القيادات الحزبية والسياسية المعارضة في السجون ... هي ممارسات خاطئة ومدانة ، وأدوات رخيصة تستخدمها السلطات الديكتاتورية للنيل من عزيمة المعارضين لها ، وكل السلطات الديكتاتورية والتوتاليتارية في العالم تنتهج نفس هذا المنطق وهذه الفلسفة في تعاملها مع المخالفين والمعارضين لها . من حافظ الاسد الى صدام حسين الى كنعان ايفرين الى معمر القذاقي الى بشار الاسد الى سلطة الامر الواقع في كوردستان سوريا الى أردوغان الى النظام الايراني الى كوريا الشمالية ... وغيرهم وغيرهم .
 فالاعتقالات مدانة وبكل أشاكالها وألوانها وأدواتها وأصنافها، والشعب الكوردي في كل كوردستان ومعه كل أصدقاء الحرية في العالم يدينون هذه التصرفات اللا أخلاقية واللا إنسانية وغير اللائقة بحق الطبقة السياسية لحزب الـ " HDP " في تركيا .
 لكن كما قلت في البداية علينا أن نعرف ونقيس مدى قربنا وبعدنا عن قضيةٍ سياسية وحزبية كهذه التي نشاهدها في تركيا لحزب الـ " HDP " وقبلها شاهدنا الاعتقالات في صفوف المعارضين من جماعة " فتح الله غولن " ومن العسكر والشرطة التركية أيضاً .  
قبل كل شيء ... حزب الـ " HDP " هو حزب وطني تركي يعمل ضمن حدود الجمهورية التركية ومن أجل الأمة التركية الديمقراطية ، ويعمل أيضاً من أجل العدالة والتنمية والرفاهية في كل تركيا بما فيها المناطق الكوردية . ولا يختلف كثيراً عن الأحزاب التركية الأخرى في الحدود الوطنية التركية والسياسات العامة .
 حزب الـ " HDP " هو حزبٌ اعترف بالقسم التركي وبالدستور التركي والخارطة التركية والعلم التركي وبالمؤسسة العسكرية التركية ، وأثناء القسم في البرلمان قال هذا الحزب بأننا نعيش هنا في ظل دولةٍ واحدة وعلم واحد .
 حزب الـ " HDP " ليس حزباً خاصاً بالكورد في كوردستان تركيا كما يروج له زوراً وزيفاً بعض الجماعات الكوردية السورية الآيكولوجية ومن لفَّ لفهم من منحبكجية بعض الأحزاب الكوردية السورية المعاضدة لهم . فالعنصر التركي في هذا الحزب مثلاً له نسبته الكبيرة ووزنه وحتى في هرم قيادة هذا الحزب .
 فالـ " HDP " وهو حزب وطني تركي ، يعمل لتركيا ومن أجل تركيا ، ولكل المواطنين الترك ، بغض النظر عن عرقه ولونه ودمه ومعتقداته . فعندما تقترب من هذا الحزب وتقرأ برنامجه السياسي ؟ لا تشاهد فيه ما يصبوا بإتجاه سياساتٍ قومية كوردستانية وحقوق سياسية كوردستانية في تركيا ، ستراه حزبٌ لكل الاتراك والاكراد واللاز والعرب ، وهو حزبٌ جامع لكل المواطنين الأتراك . أي إنه حزبٌ وطني تركي بامتياز ، مثله مثل باقي الأحزاب السياسية الأخرى في تركيا .
حزب الـ " HDP " حزبٌ يريد أن يبني في تركيا مجتمعاً أيكولوجياً ديمقراطيا ، ويعمل من أجل تركيا ديمقراطية وشعوبها كافة ، ومن أجل الثقافة التركية بالمعنى الوطني ، ومن حق هذا الحزب أن يكون هكذا ، لأنه حزب وطني تركي بالدرجة الأولى والأخيرة . 
 طيب هنا أنا شو ذنبي ككوردي سوري أن أترك مشاغلي وهدم بيتي وحريق مدينتي وحروبي مع النظام السوري وأتجه الى تحقيق العدالة في ازمير وطرابزون وكوتاهية وبوضروم وغيرها في تركيا . ؟
 ففي الانتخابات الأخيرة مثلاً نال هذا الحزب أصوات المواطنين الأتراك والأكراد معاً ومن كل الألوان والقوميات والصبغيات حتى من مثليي الجنس . أي بمعنى آخر: إن هذا الحزب يشبه كثيراً وكثيراً تلك الأحزاب الشيوعية والأممية التي كانت تنادي بأخوة الشعوب في تركيا وسوريا والعراق وإيران . فلا فرق لهذا الحزب عن أي حزب أممي وشيوعي سابق .
 فعندما تقوم السلطة التركية باعتقال معارضيها اليوم من الكورد أو الترك او العرب او اللاز او الشركس أو العسكر أو جماعة غولن في تركيا " ؟ "، فهي تمارس سلطتها وقوانينها ، بغض النظر إذا كانت هذه السلطة علمانية أو ديكتاتورية أو إسلامية أو ديمقراطية أو غيرها ، وبغض النظر عن تنديدي بهذه الممارسات ، فهذا شأن سياسي داخلي تركي ، وخاضع للدستور والقوانين التركية والحريات السياسية في تركيا ، فمثلما نحن نريد من تركيا عدم التدخل في شؤون الرقة وحلب وعفرين والقامشلي ، فمن حق الأتراك أيضاً مطالبتنا بعدم تدخلنا في شؤونهم الداخلية . مثل مطالبة العبادي بعدم تدخل تركيا في كركوك والموصل ... فمن حق تركيا أن تطالب السيد العبادي بعدم التدخل في الشأن الداخلي التركي .
 في الأخير ومن منطلق مثلٍ شائع يقول : إذا كان جارك بخير ... فأنت بخير .! 
 أنا اطالب بالخير والهدود لجارتنا تركيا وشعوبها ولكل جيراننا الصحة والهدوء ، وأتضامن مع السيد "صلاح ديمرتاش " وزملائه في السجن من منطلق إنه مواطن وسياسي تركي ديمقراطي يساري علماني ومن أبوين كورديين ، يريد العدالة الاجتماعية والمساواة والحريات العامة لكافة المواطنين في تركيا ... وليس من منطلق إنه يترأس حزباً كوردستانياً في شمال كوردستان وله مشروع كوردستاني كالأحزاب الكوردستانية في شمال كوردستان . وهذا ما تؤكده دورياتهم ومراسلاتهم ونشراتهم  وبياناتهم ونشاطاتهم السياسية والحزبية الى جانب برنامجهم السياسي والذي لا ترى فيه فقرة باللغة الكوردية .
منذ يومين ، هناك الكثيرون من الأخوة والزملاء كتبوا إلي على البريد الخاص ، طالبين منّي إبداء الرأي بهذه الاعتقالات لقيادة الـ " HDP " في تركيا.!
أقول لأولئك الأخوة والأخوات : لو كان لهذا الحزب مشروعٌ كوردستاني سياسي قومي وأهداف سياسية محددة ، ولو كانت لهذا الحزب جريدة مركزية تطبع باللغة الكوردية ، ويطالب هذا الحزب من أعضائه وقياداته تعلم اللغة الكوردية .؟ ، ولو كان برنامجه السياسي يحتوي على الحقوق السياسية والسيادية للكورد ؟ لكان لي تضامنٌ قومي عارم وكبير مع هذا الحزب ، ولدافعت عن سياسة هذا الحزب كوردياً وكوردستانياً وبكل ما أمتلكه من قوة وأدوات .! لكن يا جماعة الخير ... هذا الحزب هو ليس حزباً كورديا ولا كوردستانياً ، وأنا شخصياً لا أطالبه ليصبح حزباً قومياً كوردستانياً ، لأن المواطن التركي هو أولى بالدفاع عن سياسات هذا الحزب وليس المواطن السوري او العراقي او اليوناني . لأن هذا الحزب .. سيجلب الديمقراطية والعدالة والحريات لهذا المواطن التركي وليس للسوريين والعراقيين والإيرانيين .
 بلا شك تركيا دولة غير ديمقراطية ودولة عسكرية تتجه صوب الراديكالية وبات " أردوغان " يُوصف إعلامياً بالديكتاتور ، وهذه الديكتاتورية هي ليست موجهة للكورد فقط كما يحلو للبعض تصورها ، بل بإتجاه كل من يفكر بالحريات السياسية والاعلامية ، وبإتجاه كل المواطنين في تركيا .!
 فالصراعات اليوم هي بين الاحزاب التركية على مَنْ سيجلب الديمقراطية والحرية أكثر لتركيا ولمواطنيها ؟ ومَنْ سيحقق العدالة الاجتماعية أكثر في تركيا ولمواطنيها ؟ ومَنْ سيساهم في تحقيق المساواة أكثر في تركيا ولمواطنيها ؟ طيب هنا .... ما دخل الكوردي العراقي أو الكوردي السوري أو الكوردي اللبناني بهذه الصراعات الداخلية البينية .؟ 
 فلا تزجوا بالكورد من سوريا ومن العراق ومن إيران ومن لبنان في معارككم الخاسرة . فلا يهمني أنا ككوردي سوري وبيتي مهدم ، اذا كانت هناك عدالة ومساوة وديمقراطية وحرية في منتجعات البحر الاسود أو في مضيق البوسفور ... بينما انا وأخي وجاري وخالي وعمي وعمتي كلنا رهن الاعتقال والسجن والحبس والزنازين والطرد والتهجير في مملكة الرعب مملكة ( روجآڤا ) في كوردستان سوريا .!
 بس شو دخل مسعود البارزاني بكل ما يحدث ؟
 أتمنى لكم مشاهدة ممتعة مع هذه السيدة الآيكولوجية .
 هنا وفي هذا الفيديو ... تدعوا هذه المخلوقة الى القتل ... والضرب...  والارهاب ... وإشعال النار ... والفتن .... والتطرف ... والحرق ... والذبح ... والبتر ... والاعتقال ... والشوي ... والقلي ... والكي ... والفرم بحق الآخرين ، عبر فضائية ÇIRA TV ، يقيناً لو عَلِمَتْ الشرطة الأوروبية بما تنشره هذه الفضائيات من سموم وكراهية ؟ لأغلقت كل هذه الدكاكين والشبابيك الآيكولوجية .!
 







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=21467