سموم أورينت نيوز
التاريخ: الجمعة 26 اب 2016
الموضوع: اخبار



د. ولات ـ ح ـ محمد

   ساعة النشرة الكوردية (التي تقلصت إلى 35 دقيقة) في قناة أورينت بثت أمس الخميس تقريرأ تطرح فيه سؤالاً واحداً على مجموعة من مسؤولي الأحزاب الكوردية في تركيا. والسؤال هو ما معناه: كيف ترى التزامن بين وجود السيد مسعود بارزاني وبدء تركيا عمليتها العسكرية في جرابلس ؟. هل حصل أردوغان على موافقة البارزاني قبل بدء العملية ؟.
   هذا هو مضمون السؤال بغض النظر عن صيغته الفعلية. اليوم أعادت القناة في نشرتها الكوردية التقرير ذاته، وهو إجراء لا تقوم به عادة هذه النشرة التي أشاهدها منذ سنوات وبشكل يومي تقريباً إلا نادراً جداً، ويكون (إن حصل) لمادة فنية تنويعية تُبَث في آخر النشرة لعدم وجود مواد أخرى غالباً. !!!


 الغاية من طرح هذا السؤال وإعادته في اليوم التالي واضحة، وهي زرع الشك في قلب المشاهد الكوردي؛ إذ يكفي أن تطرح الوسيلة الإعلامية سؤالاً من هذا النوع كي تدغدغ مشاعر فئة معنية بذلك السؤال مهما تكن الأجوبة عليه، فذاك ليس مهماً.
   الذي جهز هذا السؤال والذي طرحه والذي قرر إعادته في اليوم التالي يعرفون أن أردوغان لن ينتظر موافقة البارزاني على عملية كهذه أو غيرها لسببين: الأول أن أردوغان المعروف باستبداده وتفرده بالرأي قد يتجاوز حتى حكومته وأعضاء حزبه إذا تطلب الأمر، فكيف سينتظر موافقة البارزاني الذي لا تكفي قوته لحماية إقليمه. أما السبب الثاني أن البارزاني لا يمتلك  في تلك المنطقة قوة سياسية أو عسكرية تمكنه من أن يمنع  الجيش التركي من دخول المنطقة أو يسمح له بذلك. إضافة إلى هذا بات معروفاً لدى القاصي والداني أن قرار دخول منبج تم اتخاذه بعد موافقة كل من روسيا وإيران والنظام السوري وبمباركة أمريكا، بدليل طلبها من قوات سوريا الديمقراطية الانسحاب من منبج ومن كل غرب الفرات إلى شرقه بعد دخول القوات التركية. فهل يمكن أن تفعل أمريكا ذلك إن لم تكن موافقة مسبقاً على هذه العملية ؟؟.
   إذا كان كل هؤلاء موافقين على دخول الجيش التركي إلى الأراضي السورية، فهل يحتاج أردوغان موافقة البارزاني ؟؟! وهل البارزاني (مع كل تلك الموافقات وبدونها) قادر على أن يمنع تركيا من القيام بتلك العملية ؟؟!! فإذا كان غير قادر على ذلك فلماذا سيطلب أردوعان موافقته ؟!.
   بعد إعادة بث التقرير السابق واستكمالاً استضافت النشرة السيد صلاح بدرالدين لتطرح عليه السؤالين الآتيين: 1 - تم الاتفاق بين أردوغان والبارزاني على محاربة الإرهاب، هل من ضمنه محاربة حزب العمال الكوردستاني؟. 2 - هناك أنباء عن دخول بيشمركة روج إلى منبج، هل هذا صحيح ؟. وهما سؤالان يهدفان إلى تقديم الرئيس البارزاني وكأنه ذهب إلى تركيا ليتآمر على أشقائه في كل من تركيا وسوريا، وإلى تحريض بعض المندفعين الذين يريدون أن يصدقوا مثل هذا الكلام للكتابة عنه وشتمه وتخوينه كما حصل في السابق. وكأن أورينت حريصة على الدم الكوردي وعلى عدم محاربة pkk ، وحريصة على عدم دخول بيشمركة روج حفاظاً على مكتسبات ypg وعلى عدم نشوب اقتتال بين الإخوة!!. إن أورينت تسعى إلى عكس ذلك تماماً؛ أي بث الفرقة والشك والخلاف بين الإخوة الذين تجمعهم روح الكوردايتي رغم كل خلافاتهم، لأن هدفهم واحد. إن لم تكن هذه غايتها فما الفائدة من طرح مثل هذه الأسئلة الافتراضية التي لا توجد مؤشرات واقعية على مشروعيتها؛ فلا الأطراف المتباحثة أعلنت عن هذه الموضوعات، ولا الوقائع  على الأرض تشير إلى إمكانيتها حتى الآن على الأقل. إنها افتراضات في ذهن أورينت ومخيلتها التي تتمنى أن تتحول إلى حقيقة، ولذلك تقوم بإثارتها، مرة بين الكورد والعرب، ومرة بين الكورد والتركمان، وهذه المرة بين الكوردي والكوردي: " لعلها إن خابت سابقاً أن تصيب هذه المرة ".
   أورينت تعلم أن البارزاني القومي الكوردي الذي يريد لكل كوردي في كل مكان أن ينتصر لن يفعل إلا ما يخدم القضية كلها، لأنه يعتبر انتصار الكورد في أي مكان انتصاراً لكل الكورد وله شخصياً ولإقليمه، ومع ذلك تطرح هذه الأسئلة التي من خلال متابعتي لم أر قناة أخرى أثارت مثلها.
   الذين قرروا السؤال وأعادوا نشره ثانية، ثم دعموه بأسئلة أخرى يعرفون شخصية البارزاني وموقفه القومي، ولكنهم يعرفون أيضاً أن مثل هذه الأسئلة ستثير مشاعر طرف كورديٍّ جماعةُ أورينت نفسُها تحاربه وتهينه كل يوم. ولكنها لعبة بث السموم بين الكورد لزرع الشك والكراهية بينهم، ولكي ينشغلوا بعضُهم ببعض (هجوم وشتائم وتخوين ...)، وتتفرغ أورينت وغيرها لمشاريعها العنصرية المقيتة.
   سموم أورينت عبر برامجها المختلفة باتت معروفة لدى المشاهد الكوردي، أما أن تتحول نصف الساعة الكوردية إلى نافذة للمساهمة في بث تلك السموم فهذا ما يجب التنبه له. وهنا علينا أن نسأل إخوتنا الذين يعملون على نشرة الأخبار تلك إعداداً وتقديماً  : ألا تدرون ما تفعلون، أم إنكم تدرون وتفعلون ؟؟!!! في الحالة الأولى ثمة مصيبة، وفي الثانية المصيبة أعظم ...!!!.









أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=21087