المنطقة «المصيرية» التي يتقاتل عليها الجميع ....وأهلها «نائمون»
التاريخ: السبت 30 تموز 2016
الموضوع: اخبار



شاهين أحمد

يبدو أن لكل قاعدة " شواذ " ، حيث كنا نسمع دائما المقولة المأثورة " أهل مكة أدرى بشعابها " . ولكن يبدو أن هذه الحقيقة لاتنطبق على المعنيين في الحركة التحررية الكوردية في كوردستان سوريا وخاصة مجلسنا الوطني الكوردي ، مناسبة هذا المقال ، الأحداث ، والمعارك السياسية ، والعسكرية التي تجري على الأرض ، في المنطقة " الهامة " والاستراتيجية التي تفصل الضفة الغربية لنهر الفرات " شرقا " ومنطقة عفرين وتحديدا قرية " قسطل جندو " التابعة لعفرين " غربا " .


هذه المنطقة التي تمتد بطول حوالي " 100 " كيلو متر ، وعرض يتراوح بين " 30 إلى 65 " كيلومتر " تضم مئات القرى والبلدات والمدن ، يتكون سكانها من مزيج من عدة مكونات هي الكورد والعرب والتركمان والشركس حيث يشكل الكورد الغالبية في هذه المنطقة مقارنة مع بقية المكونات الأخرى بالرغم من محاولات النظام الحفاظ على التغير والخلل الذي أحدثه وفرضه على هذه المنطقة طوال عقود من حكم البعث الشوفيني الذي أصدر الكثير من القوانين والعديد من المراسيم التي هدفت ترسيخ " التعريب " والحفاظ على الواقع الذي خلقه البعث وكان المرسوم التشريعي رقم ( 49 ) تاريخ 10 / 9 / 2008 الذي أصدره رأس النظام حاسما في هذا المجال .
لفتت هذه المنطقة اهتمام اللاعبين الدوليين والاقليميين بعد اشتداد الصراع على سوريا ، وخاصة بعد احتلال تنظيم " داعش " الإرهابي لهذه المنطقة  .
حيث شكلت هذه المنطقة نقطة خلاف سياسي كبير بين " الحلفاء " وصراع دموي بين مختلف المجاميع المسلحة المتقاتلة في سوريا عامة وفي هذه المنطقة الحيوية بصورة خاصة .
فمن جهة كانت هذه المنطقة نقطة خلاف مستمر بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوربيين من جهة ، وبين حليفتهم الاستراتيجية في المنطقة المتمثلة " بتركيا " من جهة أ خرى . بالرغم من طرح تركيا العديد من الخيارات التي صبت جميعها في خانة محاولة السيطرة على هذه المنطقة ، وطرحت فكرة المنطقة العازلة ، والمنطقة الآمنة ، وتأمين ملاذ آمن للنازحين السوريين الفارين من الصراع الدموي ومن بطش النظام وقصف البراميل المتفجرة من قبل طائراته . وهددت تركيا بالتدخل العسكري غير مرة وأعتبرت أن عبور قوات سوريا الديمقراطية لنهر الفرات هو " خط أحمر " بالنسبة لها ، بالرغم من معرفتها وكذلك الجميع ، أن قوات " قسد " التي تشكل وحدات حماية الشعب " YPG   " ووحدات حماية المرأة " YPJ " عمودها الفقري ، لا تحمل أية أجندة قومية كوردية . إلا أنها أبدت معارضتها القوية لسيطرة هذه القوات على هذه المنطقة ، بالرغم من أن المنطقة المذكورة تسيطر على غالبيتها تنظيم " داعش " الإرهابي منذ حوالي سنتين . والتخوف التركي من سيطرة أية قوة يشكل الكورد فيها أغلبية عددية أو هيمنة سياسية ، ناتج من :
أولا : حساسية تركيا تجاه القوات العسكرية الموجودة على الأرض في هذه المرحلة والمحسوبة على حزب العمال الكوردستاني " PKK " والمتمثلة في مختلف المكونات المسلحة التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي " PYD " كفرع سوري لحزب العمال الكوردستاني " PKK " وتحالفات هذه القوات مع نظامي طهران ودمشق .
ثانيا : القلق التركي الناتج عن احتمال امتداد الصراع الخاص بالمطلب الكوردي إلى " كوردستان تركيا " . وخاصة فيما إذا حصل الشعب الكوردي في سوريا على مكتسبات مشابهة لتلك التي حصل عليها أشقائنا في إقليم " كوردستان العراق " في مجال " حكم " وإدارة اقليم كوردستان سوريا بعد طي حقبة البعث .
ثالثا : وجود " معبرين " بريين هامين في هذه المنطقة هما  معبر " جرابلس " ومعبر " باب السلامة " الحيوي ، والذي يشكل أهم شريان حيوي " لمد " الفصائل العسكرية المقربة من تركيا والتي تقاتل قوات النظام السوري في حلب وريفها بالسلاح والدعم اللوجستي .
ومن ناحية أخرى فإن من يسيطر على هذه المنطقة سيكون له دور مؤثر على مستقبل العلاقة بين الدولة التركية وسوريا ما بعد التخلص من حقبة " البعث " ، فضلا عن الموارد المالية والاقتصادية لهذه المعابر.
وكذلك فإن هذه المنطقة ومن سيديرها ويسيطر عليها ستحدد مستقبل " الاقليم " الكوردي في سوريا ، فهي– أي هذه المنطقة – تشكل حلقة الوصل بين عفرين وكوباني . ولكن بالرغم من انشغال الجميع والخلاف والصراع بين أمريكا وروسيا ، وتركيا وإيران ، والنظام والمعارضة المسلحة الإسلامية تحديدا على هذه المنطقة ، نلاحظ وبكل أسف أن المعنيين بهذه القضية - وأقصد هنا المجلس الوطني الكوردي تحديدا - " غافلون " عن ما يجري من صراع " علني " و" سري " على هذه المنطقة التي ستحدد " شكل وهوية " الدولة السورية  مستقبلا .
الأسباب التي جعلت من هذه " المنطقة  المصيرية " بعيدة عن اهتمامات المجلس الوطني الكوردي تتلخص بتقديري فيما يلي :
1 – غياب الأغلبية الساحقة من أحزاب الحركة التحررية الكوردية عن هذه المنطقة ، حيث لم نلاحظ نشاطا سياسيا إلا من قبل طرف أو طرفين تاريخيا .
2 – الأمية السائدة وغياب الوعي السياسي والمشروع القومي الكوردستاني عن ذهنية الكثير من القيادات الحزبية الكوردية .
3 – كوردستان سوريا في نظر الكثيرين من هذه القيادات الحزبية تتحدد في أماكن وجود منتسبي أحزابهم ، وبالتالي فإن مساحتها تختلف من حزب إلى آخر ، حتى ضمن نفس الإطار .
4 – نظرا " لاقتصار" وجود أغلبية الأحزاب وقياداتها في منطقة " الجزيرة " فقط ، نلاحظ أن الكثير من قيادات الحركة الكوردية تجهل تماما المساحة الحقيقية للجزء الكوردستاني الذي ألحق بسوريا بموجب اتفاقية " سايكس – بيكو " .
5 – التغير الديمغرافي الذي حصل في هذه المنطقة خلال مراحل زمنية مختلفة وخاصة خلال حقبة البعث " الفاشي
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح على " المجلس الوطني الكوردي " وكافة الفعاليات والشخصيات الوطنية الكوردية المستقلة وجميع المؤمنين بالمشروع القومي الكوردستاني ، لماذا لا تدركون أهمية وحيوية هذه المنطقة التي " يتقاتل " عليها الجميع ، هذه المنطقة التي كتب عنها العلامة " علي سيدو كوراني " في كتابه " رحلة من عمان إلى العمادية " وأثبت بالدليل القاطع بأن الأغلبية الساحقة لسكان هذه المنطقة هم من الشعب الكوردي ، وفي بداية التسعينات من القرن المنصرم ، وبالرغم من التغير الديمغرافي والمشاريع العنصرية التي استهدفت الوجود الكوردي في هذه المنطقة من قبل نظام البعث ، فقد فاز فيها كل من المرحومين " مدحت قول آغاصي والدكتور يوسف طربوش " بعضوية مجلس الشعب في عام 1990 وهما من السكان الأصليين في هذه المنطقة ومن أبناء شعبنا الكوردي ، وكذلك فاز المهندس "علي إبراهيم مسلم " في انتخابات مجلس محافظة حلب عام 1991. هذه المنطقة التي أنجبت الكثير من الشخصيات الهامة أمثال العلامة الدكتور " أحمد محمود خليل " وفنان الكاريكاتير المعروف يحيى سلو.....الخ  ؟؟؟؟!. 







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=20916