قامشلو: أوان الموعد مع الرصاص الحي
التاريخ: الخميس 21 نيسان 2016
الموضوع: اخبار



 ابراهيم محمود

ليس من مدينة مستثناة من الدمار والموت في الجغرافيا السورية المأزومة منذ سنوات خمس ونيّف، وإذا كانت المدن المعرَّفة بكرديتها تعيش وضعاً شبه آمن، إلا أن وقوعها ضمن الجغرافيا تلك، لم يضمن لها التعرُّض لهزات موت وتهديد بالموت وملاقاة أو مجابهة للموت. ولقد ذاقت المرارة هذه " سري كانيه- الحسكة "، وما كان يُخشى منه جرَّاء خطورة الوضع قد وقع محظوره، أي قامشلو إذ تنبهت منذ صباح الأربعاء " 20 نيسان 2016 " لهذا المحظور..أي كان أوان موعدها غير المرغوب فيه مع الرصاص الأهوج.


قامشلو كأي مدينة كردية هنا، سوى أن لقامشلو موقعاً آخر في الإعراب الجغرافي والسياسي والديموغرافي والدلالي، وكنا نتابعها على مدى اللحظة، لنقل على طريقة أحد الشعراء" قامشلو مرتقانا ومرتجانا "، وهي الأخت الكبرى لكل أخواتها من المدن التي تنبسط حدودياً مشرقاً ومغرباً، كأنها أردانها الأسطوريات. والنظام، كما هو المعهود فيه، يريد الاستمرار في لعبته البغيضة" كيفية الإيقاع بقامشلونا " والدفع بمن يستمرئون لعبته، وهم نهابو الفرص الرخيصة، كما شهدت أحداث مأثرة قامشلو " 12 آذار 2004 "، اعتقاداً منهم أن الدم الكردي رخيص، كما هو رخيص ارتباطهم ليس بالحياة فحسب، وإنما بكل ما له صلة بالوطن والمجتمع وقيم التشارك، أي من طأطأوا رؤوسهم للنظام.
تابعنا ونتابع مقاومة كل كردي في المدينة وخارجها، كل كائن حي، كل جماد، ولا بد أن النظام مصدوم، وأن ذيليي النظام مصدومون ومرعوبون، والذين يتحدثون الكردية ويقاومون بلسان كردي ويد كردية، بغضّ النظر عن كل ما يمكن القول فيهم أو عنهم، قادرون على طمأنة قامشلونا وطمأنة من يتابع أخبار قامشلو ومن يتنفس على إيقاع قامشلو، بأن كل شيء بخير.
نبقي الاتصالات مفتوحة، نتصل بكل من يمكننا الاتصال به داخل قامشلو وخارجها، نقلب المواقع الالكترونية وغيرها، نتوسل كل جملة خبرية، كل صوت يشدنا إلى جهة قامشلو " جهتنا الكبرى الآن "، لأن قامشلو تستأهل منا كل ذلك.
أقرأ ما هو مخيف " صديقنا الشاعر الكردي فرهاد عجمو محاصر في محلّه "، نتواصل فيما بيننا نحن الذين يهمنا أمن البلد، أمن قامشلو، وأمن أحبتنا، وأمن كل من كان في وزن صديقنا الشاعر عجمو.".
لا شيء يعادل بقاء أي شبر من المكان الذي توحَّدنا فيه، وأعطيت من خلاله وباسمه وثيقة محبة، وثيقة تشارك مصيرية، في الصورة الحية والنقية التي نريد، كما لو أن الحدود غير قائمة، كما لو أن دهوك التي تتدفق هذه الكلمات تحت ظل وارف لها في فسحة البياض الالكترونية، هي في قلب قامشلو، كل مدينة كردية تعيش هم أخواتها من المدن الأخريات، أملها، صمودها، صحوة الدم المقاوم في جسد كل كردي خارج الحدود الفئوية..
نعيش قامشلو جواراً ومتناً، حياً حياً، شارعاً شارعاً.. نسمع زخ الرصاص الحي، أصوات انفجارات، أيدينا على قلوبنا، وعيوننا تخترق المسافات ونحن خلل المسافات المقابلة والمتقاربة من قامشلونا.
لا أسمّي أحداً في اللحظة هذه، فقط، أسمّي زمرة الكردية الوحيدة لمن يهمه أمر الكردية ليس إلا، لا أسمّي في اللحظة هذه، إلا قامشلو بنبرتها وعِبرتها وبطولتها، لا أسمّي الآن إلا كرديتها وهي تعلو جهاتها من " علايا " إلى " هلالية "، ومن " بدنيه " إلى " ميركَا حلكو "، وأبعد من كل هذه الجهات والمواقع. أسمّي أبطالنا الكرد ممن تعنيهم كردية قامشلو وغير قامشلو هنا.
لا أسمّي إلا الذين يثِبون نموراً في مواقعهم، ومن زاوية إلى أخرى، من شارع إلى آخر، وهم يلاحقون سيئي الصيت ممن يحملون دمغة النظام وحافز التخريب المودَع فيه.
لا شيء فوق كل معلومة تصلنا بقامشلو، لا وقت الآن إلا ما تلوّنه قامشلو بصوتها الكردي.
ربما أنا على يقين الآن أن كل رصاص المتربصين بقامشلو مرتد عليهم، وأن قامشلو اليوم، كما كانت قامشلو الأمس، وكما هي شقيقاتها، أخواتها المنافحات بطولة في محيطها الكردي وأبعد، فلقامشلو جهات مفتوحة عليها معزّزة بكرديتها !
دهوك- في 21نيسان 2016 .







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=20566