خمسة أعوام على الثورة السورية
التاريخ: السبت 19 اذار 2016
الموضوع: اخبار



 صلاح بدرالدين

في شهر آذار - مارس بدأت بعض صفحات مواقع الفيسبوك تدعو إلى التظاهر خلال يوم الثلاثاء 15 مارس تحت شعار "يوم الغضب"، وبالفعل خرجت مُظاهرة في سوق الحميدية خلال ذلك اليوم شارك فيها العشرات ،. وقد حاول الأمن في البداية إقناع المتظاهرين بلطف بالانفضاض، لكن سرعان ما جاءت مجموعة من الشبيحة وشكلت مظاهرة مؤيدة لبشار الأسد، ثم اصطدمت مع المظاهرة المُعارضة وفضتها .


-         * -
في يوم 16 مارس اعتصام أمام مبنى وزارة الداخلية السورية تحول إلى مظاهرة  في ساحة المرجة، حيث احتشد المُتظاهرون الذين بلغ عددهم وقتها 150 شخصا بينهم مجموعة من النشطاء الكرد معظمهم من عوائل السجناء وأخذوا بالهتاف ضد النظام ثم قام الأمن سريعاً بتفريق المُظاهرة واعتقال 32 شخصاً من المُشاركين بها.
-         * -
في يوم الخميس 17 فبراير/شباط 2011 م وعلى غير المتوقع اشتعلت مظاهرة بشكل عفوي حيث بدأ الأمر عندما انهال رجال شرطة بالضرب على ابن لأحد ملاك المحلات في منطقة الحريقة في دمشق، مما أثار سخط الناس في السوق فبدؤوا بالاحتشاد وبترديد عبارات مثل "الشعب السوري ما بينذل". قدر عدد المتظاهرين بحوالي 1500شخص، وقد أدت هذه المظاهرة إلى مجيء وزير الداخلية السوري الذي تحاور مع المحتجين وسألهم عن مطالبهم، ثم وعد بإجراء تحقيق بشأن ما حدث للشاب الذي ضرب، ثم انفضت المظاهرة . 
-         * - 
في الثامن عشر من شهر آذار 2011 ، وفي ماأطلق عليها ” جمعة الكرامة ” ، اندلعت شرارة الثورة السورية في مدينة درعا ، وانطلقت معها رصاصة شبيحة الأسد   التي أودت بحيا ة أول شهيدين في تلك الثورة ،هما محمود قطيش الجوابرة ،وحسام عبد الوالي عياش .
  مشتركات ثورات الربيع وخصوصياتها 
    كان سبق الانتفاضة الثورية السورية وفي سياق ثورات الربيع انتفاضات في تونس ومصر التي اشتركت جميعا في المسائل الأساسية مثل المطالبة بالحرية والكرامة والتغيير الديموقراطي واسقاط الاستبداد وسلطة المخابرات مع احتفاظ كل حالة بخصوصياتها التي عكست الحالة الاجتماعية ودرجة الوعي والثقافة والبنية التحتية فعلى سبيل المثال هناك بلدان متعددة الأقوام والأديان والمذاهب مثل سوريا وهناك بلدان ليست بتلك الدرجة من التعددية كما اختلف دور وطبيعة الجيش الوطني بين بلدان الربيع ففي حين شكل الجيش في سوريا الذي يغلب عليه الطابع الطائفي أداة مساعدة للاستبداد مما انشق عنه العدد الكبير من الشرفاء الأحرار كان الجيش محايدا في تونس وطرفا مع الشعب بصورة نسبية في مصر  .
-         * -
 ومن مشتركات ثورات الربيع أيضا الدور الفاعل الرئيسي للشباب وتنسيقياتهم وخاصة في الانتفاضة السورية وعدم جاهزية الأحزاب التقليدية لمواكبتها أو الاستعداد لها أو التخطيط لتفجيرها وقيادتها فقد اكتملت الثورة السورية بصورة جلية بعد التحام تشكيلات الجيش الحر مع الحراك الثوري الوطني العام وتنسيقيات الشباب وحينها تجلت أهداف الثورة وشعاراتها في ( اسقاط النظام وتفكيك سلطته والتغيير الديموقراطي واعادة بناء سوريا التعددية الجديدة ) .
-         * - 
  مشترك آخر جمع كل التجارب في جميع الساحات وخصوصا في تجربتنا السورية وهو تسلق جماعات الاسلام السياسي ورأس حربتها الأكثر تنظيما ( الاخوان المسلمون ) الذين استثمروا الجغرافيا التركية تحت حكم الحزب الاسلامي والمال القطري وهم البلدان اضافة الى حكومة الاخوان المصرية برئاسة – مرسي – اللذان وضعا مخطط أسلمة وأخونة ثورات الربيع بتواطىء غير معلن من ادارة أوباما وللتاريخ نقول أن الاخوان السورييون كانوا السبب الرئيسي في اضعاف وتفكييك تشكيلات الجيش الحر وقوى الثورة واغراق الانتفاضة بالمسلحين الاسلامويين وابعاد الوطنيين المخلصين والمناضلين من مراكز القرار بعد سيطرتهم على ( المجلس الوطني السوري ) واستحضار حفنة من الانتهازيين الباحثين عن مصالح خاصة باسم الليبراليين والأكاديميين واليسار والكرد وقد ظهرت هذه الحقيقة تباعا .
-         * - 
  لقدتكامل سعي نظام الاستبداد الأسدي في اغراق الانتفاضة بجماعات الاسلام السياسي الارهابية ( القاعدة ثم النصرة ثم داعش ووو ) واستحضار مسلحي حزب الله والجماعات الشيعية الأخرى مع مساعي سابقة ولاحقة للاخوان المسلمين  بنفس الاتجاه والنتيجة كانت الثورة المتضرر الأول وتراجع دور التيارات العلمانية والديموقراطية بما في ذلك شرفاء الجيش الحر .
-         * - 
 كان ومازال لجمهورية ايران الاسلامية الدور الأكبر في الحفاظ على النظام بل السيطرة على المفاصل الحساسة والدفع ماليا وبشريا وعسكريا باتجاه صيانة النظام كقاعدة لها في دعم واسناد ميليشياتها المذهبية في لبنان والاطلال على البحر المتوسط وجزء حيويا في استراتيجيتها بشأن تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط بدء من العراق ومرورا بسوريا ولبنان وانتهاء باليمن ولذلك تم وحسب خطط مدروسة تشويه الثورة السورية وخلطها بالصراع الشيعي السني .
-         * - 
 العامل الروسي الذي تعاظم مؤخرا على الصعيد العسكري واحتلال أجزاء من سوريا وبناء قواعد عسكرية في محافظة اللاذقية بعد أن كان داعما في تزويد النظام بالسلاح والعتاد والدعم الدبلوماسي قد أخل بالتوازنات على الأرض لمصلحة نفوذ النظام وسياسته العدوانية .
-         * - 
  على ضوء مايطرح دوليا حول الحل السلمي والتفاوض يمكن القول أن الانتفاضة السورية قامت سلمية وتهدف السلام ولكن مايحاك الآن عبر وثائق جنيف وفيينا ليس الا نوعا من الاجهاض للثورة ودعوة صريحة الى صيانة مؤسسات النظام والاتفاق معه في حكومة واحدة وذلك بالضد من أهداف الثورة التي قدمت في سبيلها مئات آلاف الشهداء .
-         * -
 مايطرح الآن من أطراف النزاع أو القوى الاقليمية والدولية المعنية بالملف السوري حول مستقبل البلاد والنظام السياسي القادم الأمثل وشكل الادارة ومستقبل الكرد والمكونات الأخرى ماهي الا مجرد آراء ومواقف غير ملزمة مع أن بعضها قد يكون مناسبا ومطلوبا فأي طرح من جانب النظام الفاقد للشرعية أو الأطراف الدولية غير المخولة لتقرير مصير بلادنا أو أية سلطة أمر واقع أقيمت بقوة السلاح وعبر الاخضاع لن يكون نهائيا أو شرعيا فأي حل نهائي للمسائل السورية وخصوصا القضية الكردية يجب أن تخضع للتوافق الوطني مع شركاء الوطن وفي ظل الحكم الديموقراطي والسلام والاستقرار حتى يكون مصانا وقابلا للاستمرارية لاأن يتسبب في حروب عنصرية جديدة وكوارث للكرد والآخرين .
-         * -
  منذ اندلاع ثورات الربيع أعيد الاعتبار للأقوام والشعوب التي تعد أقل عددا نسبة للقومية العربية السائدة ففي كل من ليبيا وتونس تم من جديد طرح وجود وحقوق شعب الأمازيغ وفي مصر انحسر المد الارهابي باسم الاسلام على الأقباط وفي بلادنا أعيد النظر في السياسة المتبعة تجاه الكرد والمكونات الأخرى وتم الاعتراف بوجود الكرد وحقوقهم من جانب قوى الثورة منذ مؤتمر أنتاليا عام 2011 ولولا المواقف المدمرة من جانب جماعات – ب ك ك – وولائها للنظام وعدائها للثورة ولولا هزالة مواقف الأحزاب الكردية الأخرى وضعفها ولو استمر الشباب والحراك الكردي الوطني الثوري قبل ازاحتهم قسرا من جانب السطة والأحزاب الكردية لكان هناك مكاسب أكثر للكرد وقضيتهم .
-         * -
  مع كل الاحتمالات السلبية الظاهرة الآن حول المستقبل السوري فان الطريق الأسلم لانقاذ الثورة وتصحيح المسار هو الدعوة لعقد المؤتمر الوطني السوري العام من خلال لجنة تحضيرية سورية لتقييم تجربة الأعوام الخمسة والخروج ببرنامج سياسي ومجلس سياسي – عسكري لمواجهة تحديات المرحلة القادمة وقبل ذلك يمكن تحقيق الأمر نفسه على صعيد الحالة الكردية أي مؤتمر عام يشارك فيه كل الأطراف والتيارات والمستقلين وممثلي الشباب والجماعات والأحزاب الذين يؤمنون بمبادىء الثورة والتوافق والشراكة الوطنية والعيش المشترك ويتقبلون الرأي الآخر المخالف للاتفاق على برنامج مشترك وانتخاب هيئة أو مجلس أو لجنة تمثيلية شرعية للشعب الكردي السوري .
  كرد سوريا والثورة 
  منذ البداية شارك الكرد في الثورة من خلال تنسيقيات الشباب والحراك الوطني الجماهيري  بل سبقوها بأعوام منذ 2004 وقدموا التضحيات فقد سقطَ خلال يوم السبت 8 أكتوبر الذي انطلقت فيه المظاهرات تحت شعار «سبت مشعل تمو» 14 قتيلاً، منهم 6 في القامشلي و3 في ريف حماة و3 في دوما و1 في الضمير و1 في حمص. خرجَ حوالي 50ألف متظاهر لتشييع مشعل تمو - الذي كان قد اغتيل يوم الجمعة - في القامشلي وعامودا والدرباسية ورأس العين وعين العرب، وتمكن محتجو عامودا من إسقاط تمثال حافظ الأسد في المدينة . وخارج سوريا، حاول متظاهرون - أغلبهم أكراد من أصل سوريّ - اقتحام السفارات السورية في بريطانيا وألمانيا والنمسا فضلاً عن مقرّ البعثة الدبلوماسية السورية في سويسرا .    
-         * -    
    في جمعة آزادي (الحرية) قتل 23 شخص وأغلب القتلى سقطوا في حمص، وتم احراق مقر لحزب البعث الحاكم في البوكمال وقتل 4 اشخاص في برزة بدمشق، وشهدت المناطق الكردية مثل الحسكة والقامشلي وعامودا والدرباسية وراس العين وكوباني وعفرين مظاهرات حاشدة للتضامن مع المدن السورية المحاصرة .
-         * - 
ثمّة عوامل عديدة أسهمت في قيام الثورة السوريّة واستمرارها حتّى الآن، ومن أهمّ هذه العوامل التغلّب على الخوف الذي زرعه النظام في نفوس السوريين.كما  بدأت تظهر ملامح وطنيّةٍ سوريّةٍ جديدةٍ، وبدا ذلك واضحًا في هتافات المتظاهرين وشعاراتهم.
  في الختام 
  نستشهد هنا بكلام أحد الناشطين الشباب المصريين الثائرين في الذكرى الخامسة لثورة يناير المصرية يقول أحد رموزها الشبابية – شادي الغزالي – الذي التقينا به محاطا بمجموعة من الناشطين في مقر تنسيقيات الشباب كوفد من المعارضة السورية بالقاهرة في – 2011 – " أن رموزًا شكلوا جيلًا كاملًا ناضل من أجل تحقيق أهدافها، وما زال هذا الجيل يسعى إلى تحقيق أهداف الثورة التي لم تكتمل بعد" " هذا الجيل، بعضه الآن داخل السجون، بينما البعض الآخر يتم التنكيل به وتهديده بلقمة عيشه"، مشيرًا إلى أن "هناك عددًا من شباب الثورة لا يزال مقتنعًا بأن الثورة مستمرة، ويسعى إلى تحقيقها" " إلى أن رموز الثورة يعانون من التضييقات والتهديدات الأمنية، لافتًا إلى أن "البعض منهم قرر السفر إلى الخارج، حفاظًا على أنفسهم من البطش والتنكيل بهم " وهناك "  "من يوجد الآن في مصر من الوجوه المعروفة والمحسوبة على الثورة باعوها وهذا التقييم ينطبق على الحالة السورية أيضا  .






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=20427