التقرير السياسي لحزب الوحــدة الديمقراطي الكردي في سوريا-يكيتي-
التاريخ: الثلاثاء 01 ايار 2007
الموضوع: اخبار



    قبل أيام، انتهت عملية (انتخاب) الدور التشريعي التاسع لمجلس الشعب، والتي ودّعت بمثل ما استقبلت به من فتور ولامبالاة واضحة في الشارع السوري الذي لم تفاجئه النتائج مسبقة الصنع، ولم تحرّكه كل المحاولات اليائسة والساعية إلى تجميل الصورة المشوهة التي تركتها التجارب المريرة للدورات السابقة نحو المشاركة في عملية التصويت


الذي تدنت نسبته حسب شهادة المراقبين، إلى حدود بات معها الحديث عن انتخابات حقيقية حرة ونزيهة حسب التعبير الرسمي، يثير التهكم والقلق على مستقبل الحياة السياسية في البلاد، وعلى إمكانية الإصلاح والتغيير المنشود الذي يفترض أن ينطلق من مجلس يعبّر عن إرادة الشعب السوري بمختلف مكوناته السياسية والقومية والدينية. لكن طبيعة قانون الانتخابات من جهة وطغيان التدخل الأمني من جهة أخرى، يبعدان مثل هذا المجلس عن دوره المرسوم في الرقابة والتشريع وعن حقيقة تمثيله لإرادة وطموحات كل المواطنين السوريين. فتقسيم المرشحين إلى فئتين عمال وفلاحين بنسبة الثلثين، وباقي فئات الشعب بنسبة الثلث، ينسف أحد أركان العملية الديمقراطية التي يكون فيها الفوز بالضرورة لمن ينال الأغلبية، حيث يحدث أن يفوز مرشح في إحدى الفئتين قد يكون حصل على نصف ما حصل عليه منافسه من الفئة الأخرى بسبب مبدأ المحاصصة، مما يعتبر تجنياً واضحاً على الديمقراطية. كما أن اعتبار المحافظة دائرة انتخابية، يحرم المرشح من إمكانية التعريف بنفسه بعيداً عن وسطه الاجتماعي وموقعه الإداري، ويحرم العديد من المناطق، ومنها المناطق الكردية من أن يكون لها ممثلوها في حال اعتبار المنطقة الإدارية دائرة انتخابية. أما تعمّد السلطة عدم اعتبار يوم الانتخاب يوم عطلة، فإنها تخلق بذلك إرهاباً على الموظفين والعاملين في الدولة، لإجبارهم على الاقتراع لقائمة (الجبهة الوطنية التقدمية)، ولكي يكتمل المشهد المسرحي للانتخابات وتفصّل تماماً على مقاس السلطة، فإن الهامش المتروك للمستقلين في قائمة الجبهة يوجّه لصالح بعض المرشحين المحسوبين عليها، وبذلك، فإن النتيجة هي أن حزب البعث وحلفاءه داخل (الجبهة الوطنية التقدمية) وخارجها، يحتكرون كافة المقاعد في مجلس الشعب الذي لا يمكن أن يتمكّن، بمثل هذه التركيبة، وبتلك الآلية التي يختار بها أعضاءه أن يصبح أداة ديمقراطية فعالة للتغيير والإصلاح، بل أنه يتحول، في هذه الحالة، إلى مؤسسة تابعة للسلطة.
   فالإصلاح يبدأ بتعديل المادة الثامنة من الدستور التي تبيح لحزب البعث قيادة الدولة والمجتمع، وإقرار قانون عصري لعمل وتنظيم الأحزاب يفسح المجال للتعددية السياسية والقومية ولحرية التعبير، ومن هنا، فإن المراهنة على مجلس يحتكر فيه حزب واحد غالبية مقاعده ، في إطار ذلك الاحتكار الدستوري ضرب من الخيال، لأن هذا الحزب هو المستفيد الوحيد من مفاعيل وتطبيقات المادة الثامنة والتي لن يفرط بها، رغم كونها المفتاح اللازم لأي إصلاح حقيقي.
   مما تقدم، فإن قرار المقاطعة الذي اتخذه حزبنا، في إطار الهيئة العامة للجبهة والتحالف، والذي التقى مع قرار إعلان دمشق في هذا الموضوع، كان صائباً ولاقى صدى إيجابياً واضحاً في الوسطين الشعبي والسياسي، وكان التجاوب معه واسعاً، مما أثار حفيظة السلطة التي خرج العديد من مسؤوليها عن طورهم في كيل الاتهامات للمعارضة وتوصيفها بالتنسيق مع الخارج والتآمر معه على الوطن، وغير ذلك من التصريحات  التي عبّرت بصدق عن فعالية المقاطعة وتأثيرها الكبير. لكنها، أي السلطة، وكعادتها دائماً، تتقصد ربط أي تحرك ديمقراطي أو مطلبي بالعامل الخارجي في محاولة منها لعزل المعارضة عن محيطها الجماهيري بذرائع مختلفة وتهم ملفقة يحاكم البعض من نشطاء المعارضة بموجبها الآن أمام القضاء المدني الذي يتم توريطه من قبل النظام في لعبة التوظيف السياسي، مثلما حصل في الحكم الجائر الصادر بحق الناشط أنور البني والذي حكم بخمس سنوات وتغريمه بمائة ألف ليرة سورية، لتوجيه رسالة تهديد لجميع أصحاب الرأي وأنصار حقوق الإنسان والمدافعين عن حرية التعبير، في الوقت الذي يوحي فيه، أي النظام، بتخفيف عزلته الإقليمية والدولية، خاصة بعد انعقاد مؤتمر قمة الرياض وتوالي زيارات المسؤولين الأمريكان لدمشق، وفي مقدمتهم زيارة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب. وبغض النظر عن النتائج، فإن تلك الزيارة تجاوزت طابعها الدبلوماسي لتترجم في واشنطن على أنها عملية تمرد داخل دائرة القرار الأمريكي، وتندرج في إطار الرسائل الموجهة للرأي العام الأمريكي حول أهلية الديمقراطيين في اتباع سياسة خارجية جديدة، يأتي الحوار مع سوريا من ضمن بنودها، تطبيقاً لتوصيات تقرير بيكر-هاملتون، كما تأتي تلك الزيارة في إطار تهيئة مسرح الأحداث استعداداً لاحتمالات توجيه ضربة عسكرية قادمة للمنشآت النووية والصاروخية الإيرانية، وحرمان إيران من حلفائها وأصدقائها ومنهم سوريا التي طالبتها بيلوسي كذلك بالتوقف عن دعم حماس وبقية الفصائل الفلسطينية، ومنع الجماعات المسلحة من التدفق عبر الحدود السورية العراقية، وبالمقابل، حملت بيلوسي إلى دمشق رسالة من رئيس الوزراء الإسرائيلي يبدي فيها استعداده للتفاوض من اجل السلام، وذلك كإحدى مكافآت فك الارتباط مع طهران، حيث يسعى الجانب السوري وبطرق مختلفة إحياء المفاوضات حول استعادة الجولان، ومنها المساعي الأخيرة التي قام بها رجل الأعمال السوري إبراهيم سليمان الذي عرض أمام الكنيست أفكاراً حول السلام كان قد ناقشها سراً مع وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلية (آلون ليئيل)....وبغض النظر حول درجة علاقة هذا المغترب مع الحكومة السورية وتمثيله لها، فإن احتمالات وجود صفقة من هذا النوع ليست مستبعدة، خاصة وأن الجانب السوري شارك بفعالية في مؤتمر بغداد وسهّل توقيع اتفاق مكة بين فتح وحماس ويستعد الآن للذهاب إلى شرم الشيخ لحضور المؤتمر الثاني لدول الجوار العراقي بمشاركة الدول الثمانية الكبرى في 3-4 من شهر أيار الجاري، والذي يعتبره فرصة للتنسيق- بشأن ما تسميها وحدة العراق والخطر الكردي المزعوم- مع كل من إيران التي حسمت مسألة حضوره بعد تردد واشتراط إطلاق سراح الدبلوماسيين الإيرانيين في العراق، وكذلك مع تركيا التي أبدت انزعاجها من نقل مكان المؤتمر إلى شرم الشيخ بدلاً من استانبول برغبة من الجانب العراقي، وذلك على خلفية التدخل التركي في الشأن الداخلي من خلال بوابة كركوك من جهة، والتواجد المسلح لحزب العمال الكردستاني في إقليم كردستان، من جهة ثانية، وإذا كانت قضية الحزب الأخير داخلية تجد حلاً سياسياً لها من خلال الاعتراف التركي بالوجود القومي الكردي والإقرار بالحقوق القومية الكردية، وإصدار عفو عام عن قيادة وقواعد الحزب المذكور لتسهيل مهمة انخراطه في العمل السياسي في كردستان تركيا، فإن قضية كركوك هي شأن داخلي عراقي، اتفق العراقيون على حلها عن طريق المادة 140 من الدستور والتي يعترض عليها النظام التركي الذي يقدم نفسه حامياً للتركمان، مما يجد مواجهة حادة لدى شعب كردستان العراق عبّر عنه الأخ مسعود البارزاني رئيس الإقليم بموقف مبدئي قائم على أساس المعاملة بالمثل، ليتخذ منه المسؤولون الأتراك في الجيش والحكومة ذريعة لإطلاق التهديدات الجوفاء التي ما لبثت أن خفّت حدّتها تحت ضغط وثبات موقف حكومة إقليم كردستان وتضامن الحكومة المركزية والبرلمان الفيدرالي العراقي، الذي أكّد على أن كركوك، بما فيها من مكونات، هي جزء من السيادة العراقية، وأن خصوصيتها وموقعها في الداخل العراقي سيتقرر بموجب الاستفتاء الذي تهدف له المادة 140 من الدستور الذي يخضع له الجميع. ومن هنا، فإن تصريحات الرئيس البارزاني جاءت لترسخ هذه الحقائق ولتقطع الطريق أمام المحاولات الرامية لاختراق الداخل العراقي، وتفضح حقيقة تلك التهديدات التي جاءت ضمن سياقات اللعبة السياسية في تركيا، خاصة بعد أن أبدى السيد أردوغان رغبته في الترشح لرئاسة الجمهورية، فجاء تحرّك العسكر بطلب الموافقة الحكومية لشن عدوان على كردستان لإرباك رئيس الوزراء أردوغان وإظهاره بمظهر الضعيف المتردد حيال الدفاع عن (السيادة التركية)، وكان من نتائج الضغوطات التي مارستها رئاسة أركان الجيش التركي تحت شعار حماية العلمانية، تراجع أردوغان عن الترشح واستبداله بالسيد عبدالله غول من قبل حزب العدالة والتنمية، والذي يتوقع له النجاح لتقف تركيا بذلك عند مفترق طرق، فإما أن تتمكن القوى السياسية المدنية من إنهاء احتكار العسكر للقرار النهائي، أو العودة إلى زمن الانقلابات العسكرية.. والذي يحدد ماهية خيار المستقبل هو حزب العدالة  الذي حقق، خلال سنوات حكمه، المصالحة بين الإسلام والحداثة، وواصل درب الحكومات العلمانية في السعي للاتحاد الأوربي، وانتزع موافقة البدء بمحادثات انضمام تركيا إليه، وسحب البساط من تحت أقدام العسكر بإنجازاته الاقتصادية الداخلية والسياسة الإقليمية، مما جعل من محاولات الجيش في التصدي لمرشحه أمراً محفوفاً بالمخاطر بسبب التعاطف الشعبي الواسع مع هذا الحزب، إضافة إلى الضوء الأخضر الذي تقدمه الإدارة الأمريكية إلى حزب العدالة والتنمية كنموذج للإسلام المعتدل الذي تراهن عليه في التصدي للفكر الأصولي والجماعات الإرهابية من جهة، والوقوف في مواجهة الأطماع والنفوذ الإقليمي الإيراني من جهة ثانية، والتعاون مع دول الاعتدال العربي وخاصة  مصر والسعودية والأردن من أجل سد الفراغ القيادي في منطقة الشرق الأوسط وإخماد بؤر التوتر خاصة في فلسطين التي نجحت فيه جزئياً في إنجاز المصالحة بين حركتي فتح وحماس والعمل على إخراج الأخيرة من دائرة الارتهان الإيراني، وكذلك في لبنان الذي يزداد فيه الصراع حدة حول المحكمة الخاصة باغتيال الحريري بين أنصار الحكومة والمعارضة. وتوالت في الفترة الأخيرة زيارات عديدة للمستشار القانوني للأمين العام للأمم المتحدة (نيكولا ميشل) ولنائب وزير الخارجية الروسي (سلطانوف) وكذلك الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون) وذلك لتذليل العقبات أمام بناء تلك المحكمة والتوصل إلى توافق لبناني بشأنها. لكن إصرار المعارضة على ربط موضوع المحكمة بقيام حكومة وحدة وطنية حالَ حتى الآن دون التوصل إلى اتفاق، ولهذا، وبسبب عجز السلطات اللبنانية عن استكمال الاستحقاقات الدستورية، فإن من المرجح أن يقرر مجلس الأمن اللجوء إلى الشرائع الدولية التي يفوق مفعولها مفاعيل الشرائع الوطنية المحلية، ويقدم على بناء محكمة دولية بموجب البند السابع.
30/4/2007
اللجنة السياسية
لحزب الوحــدة الديمقراطي الكردي في سوريا-يكيتي-







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=2021