ارفعوا وصايتكم عن الملاك المبدع ! ... الجزء الثاني
التاريخ: الجمعة 08 كانون الثاني 2016
الموضوع:



م.عاصم عمر

- متطلبات المرحلة تقتضي رفع الوصاية عنها كقاصر.
اذا كان لابد لنا من المحافظة على السلام العالمي والمحافظة على اكولوجيا كونية سليمة  ووطن ينعم بالعدل يسوده ثقافة التسامح ونشتاق  فيه لرؤية عالم أجمل ,فانه يجب اعادة النظر في تشكيلة الهيئات التشريعية والقضائية والتنفيذية,ومصادر القرار لدينا وبالتالي التمثيل الاداري لها في قيادة المجتمع بل وتسليم القيادات السياسية والادارية لأكفاء بيولوجيا وعقليا ,حيث أثبتت الذكورية عدم (نجاحه في هذا المجال) كفاءته, وكماأن الاعتراف القانوني والعمل التشريعي الذي اصدره المجتمع الذكوري لانصاف المرأة لوحده ليس كافيا بل يبدو انه رفعا للعتب و يحتاج الى الزامية التطبيق ,فمن أصل 119 عضوا في الائتلاف الوطني السوري فقط هناك ستة نساء,ولم يسبق أن استلمت واحدة منهن مهمة رئاسة الائتلاف أو الأمانة العامة . 


وكذلك الحال في الحكومة المؤقتة فمن أصل اثني عشر وزيرا كانت هناك وزيرة واحدة. وربما الوضع على ما هو أسوأ عليه في مؤتمر الرياض فقط ستة نساء من أصل116 مؤتمرا،وكما ان الوضع لم يكن يختلف لدى النظام نفسه كثيرا بالرغم من استخدامه صفة التظاهروالدعاية السياسية عنده حيث لم يتجاوز عدد مندوبات الشعب عن 12% وفي عمل الوزارات عن 8% ، والوضع يختلف لدى داعش تماما فانه بصريح العبارة يعيدها الى قفص الحرملك علانية , أو بضاعة للعرض والطلب خصوصا نتائج الغزوات, ولكن يبدو ان البعض الآخر يحبذ لها قفصا مضمرا مما يعني اجحافا فاحشا بحقها وبالتالي في حق المجتمع ككل, واذا كنا  نريد حقا ونهدف الى بناء مستقبل يليق بشعبنا في القرن الواحد والعشرين, فانه يتوجب علينا ان نستفيد من جميع طاقات الشعب بدأ من الآن ودون تجميد النصف بحجج أوجدته الأنانية الذكورية فان متغيرات الحياة بمختلف أشكالها (علاقات الانتاج وتغير وسائله) لم تعد تساعد على الاستمرار على وضعية النهج القديم لحالة المرأة, والتي كانت المرأة فيها أكثر انتاجا من الرجل اضافة الى ولوديتها وتأمين راحة الرجل , واذا كنا نتذرع بالظروف الموضوعة والمناسبة حتى نبدأ ذلك ,ما فتئ النظام في سوريا ان تذرع بها حتى أوصلنا الى الوضع الذي نحن فيه ,مثلما كان يبرر لقانون الطوارئ ,فالمبررات لاتنتهي, بل يجب اقحام المرأة في كل المجالات وأن لانتذرع و ننتظر حصولها على شهادات الدكتوراه..... وهنا نتذكر انه لكل مشكلة آلاف الحلول... اذ أننا من المفروض أن نعمل بروحية فريق عمل تكاملي وهذا من شأنه تقويم أي نقص وكما انه من شأنه أن يقضي على التفرد بالرأي في اتخاذ القرار.
يجب ان نضع أكثر من مرآة واحدة من أجل تجسيد الحقيقة ومن ثم التعامل معها. وللنظر الى ما حولنا.. فان سيرة الدول المتقدمة (على الرغم من استمرارعملية الاستغلال فيه للمرأة) تبين دورا أكبر للمرأة في مواكبة التقدم فيها , حيث تجاوزت فيها نظرة المجتمع للمرأة لجنسها كونها من أجل المتعة وراحة الرجل, بل هي للبناء أسوة به. ومن باب أن لكل مشكلة آلاف الحلول وغالبا لعطالة في ذاتنا فاننا نتمسك على الأغلب بحل واحد تلك التي تناسب ميولنا العاطفية وطبيعتنا الانانية.. دعونا نضع العجينة بيد المرأة التي عجنته ولندعها تخبز ونسلم اليها قدرنا الذي بات مجالا للعبث في أيدي ذكوريتنا منذ مئات القرون دعونا نجربها مدة قرن واحد فقط , دعونا نساعدها على تحقيق البناء كما هي في النشوء, أوعلى الأقل دعونا نعطيها حقها المغتصب , بتمثيلها العادل وبوجودها كانسان , نعم لكل شيء ثمنه, وثمن تحرر المرأة دون شك كما هو باد في الغرب هو تفسخ العلاقة العائلية النبيلة , وسوقية العلاقات الزوجية وانهيار العلاقات الاسرية التقليدية, مقابل الازدهار الاقتصادي والتطور التقني وعالما أكثر أمنا, ان انعتاق المرأة اصبح أمرا لامفر منه وقد تتأخرنا في تحقيق ذلك كثيرا ولابد من القبول به , وان العناد في مقاومة هذا الفعل سيؤدي بنا الى مزيد من العبودية وبالتالي الى الاضمحلال .
(مرة كنت في صدد مشكلة اجتماعية وسياسية والموضوع كان يتطلب التوسط لمن يلزم للالتقاء ب محافظ الحسكة وقتها "صبحي حرب" ومن الوجهاء الذين رأيتهم مناسبا لمثل هذه المهمة وقتها وقع اختياري على السيد "عدي ميزر المدلول", طلبت منه ان يرافقنا الى المحافظ كواسطة خير: قال لن أقوم بمثل هذه المهمة دون موافقة الشيخ "عدنان حقي" وعلى شرط ان يتقدمنا اليه.... وعندما ذهبنا واياه الى المرحوم الشيخ "عدنان حقي" .. لم يتجرأ الشيخ على القدوم معنا..... خوفا من سوء تعامل المحافظ المذكور... وبعد النقاش والمداولة في الموضوع والاصرار على متابعة المهمة . جواب السيد عدي كان : "يا شيخ ليش انت مغلب حالك وايانا كل هل المقدار .. والله العظيم الشيخ آكل همنا كلياتنا أكثر منا نفسنا.... ولما هو نفسه تخلى عن هذا الموضوع .... لعاد اتركنا من ها السيرة و روح لبيتك واترك الموضوع على الله" . واعتذر عن متابعة المهمة معي.! ).
ونحن أيضا نعتقد اننا نهتم بالمرأة ونمثلها بالنيابة أكثر من حرصها هي على نفسها , وهكذا نتوهم اننا نمثلها أكثر من نفسها وهذا ليس صحيحا البتة. اعطوها حقها فلتمثل هي نفسها لعلها تنقذنا من الوهم والجحيم الذي نحن فيه.... ختاما هل نحن نعترف حقيقة بحقوق الانسان أم انه شكلي ووهمي .. ولمسايرة التيار...... لدي كامل الايمان لو ان الرئيس الروسي "بوتين" كانت امرأة لما لعبت بقدر شعبها وزجته في أتون الحرب السورية يقتل الابرياء دعما لطاغ , ولما كان يفتخر بأسلحة الدمار الشامل ويهدد بها الجيران والدنيا بين الحين والآخر ويلعب ويراهن على متابعة سياسة حافة الهاوية مع العالم ولكل من يختلف مع مصالحه وتطلعاته الامبراطورية .. كما اني على ايمان لو أن طاغية دمشق "بشار الأسد" كانت امرأة فانها كانت ستسلم السلطة في البلاد بعد المسيرة المليونية الأولى عندما نادوا :الشعب يريد اسقاط النظام... لأن طبيعة المرأة مسالمة ولا تؤمن بالعنف لأنها تدرك عناء الولادة والتربية وقيمة الحياة , فشتان بين من يعطي الحياة كالمرأة وبين من يأخذها كالطاغية "الأسد".
فهل سيكون عصر الكومبيوتر و الانترنت فاتحة خير علينا ويحرر المرأة من نير ووصاية المفهوم الذكوري, أم اننا سنستمر نتذرع بالمبررات وخلق الظروف المناسبة لكي نتابع استراتيجيتنا الغريزية تاريخيا, دون البحث في أسباب ومعالجة ما أصابنا , علينا ان نصلح ما بأنفسنا أولا ونتخلى عن أنانيتنا وحب الظهور.
أنجيلا ميركل (المستشارة الالمانية) واحدة من العديد من النسوة التي أثبتت جدارة المرأة في تحمل دفة القيادة ولواحدة من أقوى اقتصاديات العالم في بلد مثل ألمانيا منذ "كونراد آديناور 1963", ونحن لانزال نؤكد على تطلعنا في مشروع تمكين المرأة وننتظر الوقت المناسب لذلك........ فمتى سنبدأ العمل باليدين.؟
معذرة , فانما ذكرناه هي الصورة النمطية للمرأة ولكن قد يبدو فيه بعض المبالغة في وصف ايجابية المرأة, اضافة الى وجود بعض من الاستثناءات والتي لا تشكل القاعدة, أمام الاستخدام المبالغ والأزلي للمفهوم الذكوري في كبح امكانيات المرأة...... ولنعلم أن انهاء عبودية المرأة يعجل في تحررنا.....!
31/12/2015. 
دراسة وتقديم م.عاصم عمر . 
كاتب, معلق ومحلل سياسي






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=20123