«ورقة الكرد» تسيل لعاب روسيا وغازهم يؤرقها
التاريخ: الأربعاء 30 كانون الأول 2015
الموضوع: اخبار



صلاح بدرالدين

  طوال التاريخ عانت شعوب التحرر الوطني وخاصة المستضعفة منها من استثمار – الكبار – لقضاياها المشروعة اما بإطالة أمدها لتحقيق المزيد من المكاسب ومقايضتها بمسائل أخرى في أماكن مختلفة مع القوى المواجهة المتنافسة على النفوذ ونهب مقدرات الشعوب واما بترك مصائرها للمجهول واستغلالها للمزايدات اللفظية القومية والآيديولوجية والأخلاقية أو بنعتها بكل الصفات السلبية من انفصالية وارهابية وحجب الشرعية الوطنية عنها كذريعة لإدامة الاستبداد والحفاظ على الأمر الواقع والتحكم بالسلطة الى ما لا نهاية قاطعة الطريق على ارادة التغيير الديموقراطي والاصلاح والتطوير .


 الى جانب " الورقة الكردية " التي   قيل عن استغلالها الكثير من جانب القوى الدولية والاقليمية منذ أكثر من قرن وحتى الآن برزت " الورقة الفلسطينية " في العقود الأخيرة وتحديدا منذ قيام دولة اسرائيل وانبثاق منظمة التحرير وصعود النضال الفلسطيني حيث بدأ النظام العربي الرسمي وتحت الضغط الشعبي والتعاطف الجماهيري الواسع الى استثمار القضية الفلسطينية كورقة حتى في الأمور الداخلية والصراعات السياسية ضد الخصوم وفي الحالتين يعود سبب استثمار الورقتين من جانب الآخرين الى ضعف البنية الاجتماعية للحركتين الوطنيتين الكردية والفلسطينية والافتقار الى عوامل المقاومة والصمود اضافة الى تجاهل المجتمع الدولي لحقوق الشعبين وحجب الدعم عنهما .   
 المداعبة الروسية المستجدة " للورقة الكردية "  
  منذ بدايات الانتفاضة الثورية السورية ودخول روسيا الاتحادية طرفا في اللعبة الدولية حول سوريا من بوابة تقديم كل أنواع الدعم العسكري والدبلوماسي والسياسي الى جانب ايران  للنظام المستبد الحاكم  بدأت بالبحث عن قنوات سورية غير حكومية لتعزيز تواجدها في صفوف منظمات وأحزاب وتيارات محسوبة على المعارضات المرضية عنها من أوساط نظام الأسد بشكل خاص بعد أن لفظتها قوى الثورة وردت مندوبيها على أعقابهم في أكثر من مناسبة ومن جملة من انفتحت عليهم الدوائر الروسية الدبلوماسية – الأمنية حزب الاتحاد الديموقراطي حيث استضيف ممثلوه مرارا الى موسكو وأصبح في قائمة – لافروف – بشكل دائم كطرف ( معارض ! ) مرشح للمشاركة في وفد المعارضة السورية للتفاوض مع وفد النظام كما أقره اجتماع فيينا 2 .  
 لقد شكل التقرير المفصل الذي عرضته قناة روسيا 24 الرسمية المقربة من الرئيس الروسي فلادمير بوتين، قبل أيام  عن"  الورقة الكردية"  في الصراع الروسي -التركي وذلك ضمن برنامج"  الحقائق " نموذجا ساطعا لحقيقة المفهوم الروسي الانتهازي للقضية الكردية وخصوصا في تركيا حيث أكد التقرير أن القضية الكردية هي أكثر ما تسبب الألم للرئيس التركي رجب طيب اردوغان ، وتعتبر من أهم نقاط الضعف والألم الدامي لنظامه ويتوقف الأمر على كيفية تعامل روسيا مع الورقة الكردية على حد تعبير التقرير .
كما اشار التقرير أيضا الى ان الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي- السوري - اعرب عن أستعداده للتنسيق مع روسيا  لهذا يجب على روسيا أن تسرع الخطى لجذبهم إلى جانبها بأسرع وقت قبل أن يفعلها الأمريكان ،هذا مهم جدا و يجب أن تكون هذه الخطوة من أولويات روسيا في هذا الوقت الحساس، لكن يجب على روسيا أن لا تنسى إن الكرد حلفاء لأمريكا ولكنها  لا تسمح لهم بتخطي نهر الفرات غربا لكي يوصلوا كوباني بعفرين و ذلك إرضاء لحليفتها تركيا .
    وذكر التقرير أن الكرد في سوريا قدموا مؤخرا طلبا لفتح سفارة لهم بموسكو و هم يؤيدون العملية العسكرية الروسية ضد الارهاب في سوريا والمقصود هنا حسب المفهوم الروسي ومن دون الافصاح علنا عن علاقات – ب ي د – مع النظام السوري هو أن هذا الحزب الى جانب جماعات سورية أخرى هم ضمن صفوف أصحاب الموقف الذي يعتبر كل من يعارض نظام الأسد سياسيا وعسكريا هم من الارهابيين طبعا مع هامش من حرية ممارسة التكتيكات عندما تقتضي الحاجة واللعب بالتعابير والمصطلحات عندما يتطلب الأمر التستر على الأسرار وتزييف الحقائق  .
  اللعبة الروسية با " الورقة الكردية " باتت مفضوحة من أول الطريق فإضافة الى محاولة استثمارها ضد تركيا لحين حل الخلاف معها من دون أية اشارة الى القضية الكردية كمسألة شعب مكافح من أجل الحرية ليس في تركيا فحسب بل في العراق وايران وسوريا فان السياسة الروسية ترمي الى تعميق الخلاف واثارة الفتنة الكردية – الكردية وتأليب جماعات – ب ك ك – ضد حكومة وشعب اقليم كردستان العراق وعلاقاته المميزة المتطورة مع تركيا منذ عقود التي تصب لصالح الطرفين وقد رافق الاثارة الروسية للفتنة الكردية التركية الداخلية اثارة اعلامية مضللة باتهام الاقليم بنقل نفط داعش الى تركيا عبر معبر ابراهيم الخليل مما حدا بحكومة الاقليم الى تقديم مذكرة شديدة اللهجة الى الحكومة الروسية عبر قنصليتها بأربيل والمطالبة بإجراء تحقيق دولي لتعرية الادعاءات الروسية الباطلة .
   لم يعد خافيا أن الطغمة الروسية الحاكمة تستخدم كل آلتها العسكرية المدمرة ضد الشعوب الآمنة في أكثر من بلد وخصوصا في أوكرانيا وسوريا وتعادي الدول والحكومات وتصفي الخصوم والمنافسين بمختلف الطرق بما في ذلك السموم  واليورانيوم القاتل في سبيل تحسين شروط بيع الغاز في الأسواق العالمية وتخاصم البعض من أجل قطع الطريق على منافستها في تجارة الغاز وأمام ذلك لا نستغرب قيامها باي اجراء لا قانوني ومناف حتى لشرعة حقوق الانسان وميثاق الأمم المتحدة من أجل تحقيق نزعاتها التجارية الربحية على صعيد طرق الامداد وأسواق العرض والطلب ولاشك أن جزء من معاداتها لاقليم كردستان العراق يعود الى امكانية تصدير النفط والغاز الكردستاني الى الأسواق التركية والعالمية. 
  لاشك أن الرأي العام الكردي في مختلف المواقع يقف الى جانب الاقليم الكردستاني العراقي ليس لأنه نتاج عقود من النضال وثمنا لدماء الشهداء والضحايا وتجسيدا لمبدأ حق تقرير مصير الشعب الكردي في جزء من وطنه بل  لمواقف قيادته الشرعية المنتخبة الثابتة ضد الارهاب وانتهاجها سبيل العقلانية والاعتدال تجاه القضايا الداخلية والخارجية وبنفس القدر فان الغالبية الساحقة من الكرد تستهجن المواقف الروسية الانتهازية ليس بخصوص القضية الكردية فحسب بل تجاه ثورات الربيع عموما والثورة السورية على وجه الخصوص ووقوفها الى جانب الطغاة المستبدين






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=20086