كيف يعدم الكردي ذاته - الجزء الأخير
التاريخ: السبت 14 تشرين الثاني 2015
الموضوع: اخبار



د. محمود عباس
 

(شنكال نظفت ولم تتحرر، ومثلها بحيرة سموقيا والهول والقادم من أرض كردستان، والشعب الكردي يحتاج إلى سنوات وربما عقود لتحرير كرامة الوطن، حيث الألاف من نسائنا الإيزيديات السبايا، وأطفالنا المجندون اليوم تحت أعلام داعش، الألاف من الإيزيديين الذين لا تعرف مراقدهم أين هي الأن. نظفت من الأشرار، ولم تتحرر من عاهات القوى السياسية الكردستانية، فمع كل بقعة أرض ينظفونا من الأنجاس، تتزايد صراعاتهم، وتثقل تصريحاتهم، معظمها لتقزيم الكردي الأخر، والتباهي كطفل أوقع بصديقه أرضاً، متناسين أن الأعداء وحدهم المستفيدون، وتبين أنهم بشكل أو آخر يخدمون أجندات القوى المستعمرة لكردستان والمتربصة باحتلالها بأساليب أكثر عصرية. 


والأبشع في هذه الصراعات الجموع المؤيدة لهذه الأحزاب، والتي جندت للمعارك الكلامية بين بعضهم، بهم يقسمون الشعب، ويجهزونه لصراع قد يتطور إلى حيث لا يحمد عقباه. أخوتي قادة القوى الكردستانية السياسية، كم هي ثمينة صمتكم الأن، ولتقم القوى العسكرية بمهماتها لتنظف الوطن من الأشرار، وليتها كانت قوات كردستانية، وليست تابعة لأحزابكم والتي على أكتافهم تتصارعون، لكان هناك التحرير، فكراً وأرضاً، ولأقترب الشعب من غايته، وعادت ثقتهم بذاتهم وبحركتهم، ولربما حدث نزوح عكسي إلى الوطن)
  على هذا المنحى ستكون الانتصارات الكردية الجارية، آنية، ولن تكون كردستانية بقدر ما هي خدمات لقوى كبرى لها مصالحها. وصيت اسم البيشمركة وقوات الحماية الشعبية، في الإعلام العالمي، والأروقة السياسية والدبلوماسية العالمية، تتصاعد ومصالح الأخرين، وتدعم كقوات تقدم خدمات للعالم والتي على أطرافها تظهر مصالح الكرد.
   هل سألت الأحزاب أو قادة هذه القوات ذاتها يوما، ماذا ستكون عليه مصير هذه القوات بعد انتهاء الخدمات الدولية هذه؟ ولو فرضنا جدلاً أن القوى الكبرى ساندت قيام كردستان فيدرالية في غربي كردستان على منطق الحزب الواحد والقوة العسكرية العقائدية الانفرادية، هل ستكون كردستان حضارية ديمقراطية، أم سيطرة وطغيان، وسيادة فردية؟ مثلها مثل الإقليم الفيدرالي، مغطاة بمفاهيم ونشر ثقافة ديماغوجية مثلما نشرتها الأحزاب الشمولية في أوطان عديدة، وأدت إلى نتائج كارثية.
  تبينت وعلى مر التاريخ، أن الحكومات والسلطات التي بنيت عن طريق سيطرة الحزب الواحد، وفرض مفاهيمه أو أيديولوجياته على الشعب، وتطبيع الجيش وتحويلها إلى قوة عسكرية عقائدية مؤدلجة، تتبع الحزب دون الوطن، لم تدم سوى عقود، وكانت النتائج كارثية للشعوب، ليس فقط المتواجدة ضمن سيطرة الحزب الشمولي، بل وفي الجوار، كالنازية في ألمانيا، والفاشية في إيطاليا، والبعث في سوريا والعراق، والشيوعية في الاتحاد السوفيتي، بخلاف ما أدى إليه فرض إيديولوجية أو مفاهيم بسلطة قوية لتكوين وطن أو دولة، وتبعتها تكوين الحزب أو الهيئة السياسية للحفاظ على الوطن والشعب قبل إيديولوجيات الأحزاب، كمعظم الدول الحضارية الحالية التي شكلت جيوشها ليكون الدفاع عن مصالح الشعب والوطن من أولوياتها، ومعظم الأحزاب تسخر خدماتها للجيش وليس العكس، فالأحزاب تزول وتظهر والجيش يبقى مادام الوطن باق.
 كثرت الأسئلة أو عرضت لخلق الحيرة، حول كيفية الدمج بين بيشمركة غربي كردستان وقوات الحماية الشعبية، يتناسون غاية وجود القوتين، والبعض يتحير في كيفية تغيير قوة عسكرية عقائدية، إلى قوة كردستانية تنتمي إلى الوطن والشعب، ويشكك البعض في سهولتها، بل وحتى السياسيين من الطرفين غير مقتنعين ببلوغها، لأن الطرفان يصران على إبقاء انتماء القوتان للحزب، ولا قدرة لهم على تقبل غيرها، فهم من مخلفات ثقافة السلطات الشمولية، ولا يقتنعون بإمكانية تكوين مغاير.
  لاشك لهذه الحيرة مقبرة، إذا كانت النيات وطنية وصادقة، ومن السهل دمج القوتين، فأفرادها من أبناء الشعب ذاته، وينتمون إلى نفس المجتمع، وأبناء عائلات عانت وتعاني معاً، فقط يحتاجون إلى أن تزيح الأحزاب السياسية سيطرتها عنهم، عندها من السهل للخبراء العسكريين نقل القوة العسكرية من نمط عسكري واحد إلى قوى متنوعة، خاصة ومشاة ومدرعة، وغيرها والتي للمختصين العسكريين تسمياتهم، ولكل قوة أعلامها، وأن تكون مرتبطة بهيئة عسكرية تستهدف الدفاع وحده، وتمنع عنها الحوارات السياسية، وهذا واقع يعرفه معظم القوات العسكرية غير العقائدية، والتي تمثل الأمة والوطن، فلماذا لا يسمح لبيشمركة غربي كردستان، أبناء تلك القرى المستهدفة من قبل الأشرار، ولغيرهم من الشباب المشاركة في الدفاع، دون أن يفرض عليهم أسم الحماية الشعبية؟ تغيير الاسم لا يغير أهدافه ولا حبه للوطن ولن يغير من ماهيته، ستبقى خدماته لكردستان قادم، ويجب أن لا يكون الاسم والانتماء عائقا، وقد شاهدنا وتحت إملاءات خارجية، كيف تشكلت منهم قوات، تحت اسم الجيش الديمقراطي السوري، ويؤملون منه أن يكون البديل عن الجيش السوري الأسدي والحر معا، وهي فكرة خرجت من الأروقة السياسية العسكرية الروسية والأمريكية، ولا ناقصة فيها بقدر ناقصة عدم قبول الطرف الكردي الآخر.
خاتمة.
 بدون منطق الحوار، واستمراريته، ومن ثم تفعليه بصدق، والتحرر من الإملاءات الإقليمية، وتقبل الرأي الأخر، وعرض الذات على الأخرين كمحاور، ودراسة مصلحة كردستان على بنية مصالح الدول الكبرى الجارية في المنطقة، ستكون أغلبية الانتصارات الكردية آنية، وستزول بزوال الحاجة، والحوار يجب أن يشمل كل الأبعاد والمجالات، السياسية والثقافية والعسكرية، ولتكن الاختلافات موجودة، ولنتعلم منطق قبول الأخر كنقد، ولا بد من التخلص من عدمية خطأ الذات، فللأخر رأي وله وجهة نظر، فالكردي للكردي ليس بعدو، بل قوة مختلفة في الرأي والدرب، لكن الغاية واحدة، والتكتيكات مختلفة، ويجب العمل على أن لا تكون الاستراتيجية متضاربة إلى حد الصراع والعداوة، ولا شك العدو سيكون متربصاً ومتبصراً لمثل هذه اللقاءات وسيرفضها، وسيعمل المستحيل  لعدم حدوثها، فلا بد للكردي أن يتخلص مرة في تاريخه من نزاهته مع العدو، ويعمل بمقدار خبث العدو وتلفيقه لبلوغ غايته، إنها السياسة والحرب، وكلاهما خدع، من المنطق الديني والدنيوي، بدونها ستتهاوى ثقة الشعب إلى الحضيض، وسيحتاج إلى عقود وربما أجيال كاملة لاستعادة ثقته بذاته وبحركته.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
10- 25 -2015
نشرت في جريدة بينوسا نو العدد (42) الناطقة باسم رابطة الكتاب والصحفيين الكرد في سوريا.
 







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=19907