السقوط الحر لإنسان غير حر
التاريخ: السبت 31 تشرين الاول 2015
الموضوع: اخبار



 إبراهيم محمود

عندما يسقط أحدهم من الطابق الثلاثين وأعلى منه، حيث تنعدم شروط السلامة الصحّية، ويتناثر أجزاءً في ارتطامه بالأرض، تكون حريته رهن لقمة الخبز بيد من لا يرى أبعد من أصابع تحصي ملايينه المتراكمة، وتكون الجاذبية الأرضية بريئة من كل جرْم يمكن ضبطه هنا.
عندما يسقط أحدهم سقوطاً حراً على الأرض مغمياً عليه بعد أكثر من اثنتي عشرة ساعة من العمل المرهق، تكون الجاذبية الأرض هنا أيضاً معفاة من المساءلة، وحده رب العمل المستعبَد بهواه ومدى هواه هذا، يُسأل عن الزمن المهدور عنده.


عندما يسقط أحدهم في الطريق ميتاً وبغتة، وهو في سقوطه الحر، لأن قهر كرديته أفقده رشده وتوازنه، لا يعود الطريق محل السؤال عما جرى، إنما من لم يتردد في تعنيفه وطرده، وربما إسماعه كلمات نابية تنال حتى من شرفه " الأنثوي " بالذات.
عندما يسقط أحدهم طريح الفراش فجأة، وهو يشعر انهياراً كاملاً في قواه العضوية، تكون جملته العصبية براء من كل تهمة يمكن تحميلها بها، إنما من سعى جاهداً وعلى مدى سنوات وسنوات في امتصاص طاقته، ومنحه القليل القليل من الراحة.
عندما يسقط أحدهم على الأرض وهو الجالس في كرسيه، وقد تسمَّر فيه ساعات طوالاً محكوماً بأوامر" رب عمله "، لا ذنب للجماد إن آذاه، إنما من فقد الحد الأدنى من الروح الإنسانية في تقدير القريب من حاملها، وهو واقف فوق رأسه.
عندما يسقط أحدهم على الأرض مثقَلاً بأعباء رب العمل، عاجزاً عن استقامة جسمه، لا يُسأَل الحِمْل عن إثم مرتكب، إنما المستعبَد بالمال، ومن يتساهل معه قانونياً، حيث تعرَب الحرية بتصريف اللاحر هنا.
عندما يسقط أحدهم تحت وطأة شعار أو هتاف، وهو يردّده على مدى ساعات انتظاراً ليوم موعود من قبل القيّم على مصيره، وهو ينظّر للحرية وثمنها، يحال الشعار أو الهتاف جانباً، ويخضع مستثمرهما للمساءلة حتى تحريره من وهمه الذي تلبَّسه مذ أبصر النور الخارجي وليس الداخلي.
عندما يسقط الكردي سقوط حراً على طرقات مدينته ذات الاسم الكردي، أو أمام دوائر تعنى به، أو على حدود غير المنسوبة إليه إلا تجاوزاً، أو خارج بلده الذي يحمَّل صفة الكردية مؤقتاً، أو يحال شهيد كرديته رغم أنفه، ويهلَّل لموته العبثي وهو موجَّه من قبل العابثين باسمه ولقبه ومصيره ومصير عائلته.. لا تكون الكردية مذنبة لتحاكَم، إنما الذين ثبَّتوا في السقوط الحر هنا وهناك من يقصيهم عن كل حرية، ليستمروا متعهدي ما يعلي شأنهم محصَّنين من كل سقوط حر، ربما يظهر مما تقدم، أن واهب الحرية الخاص، مذ وجِد كونه وكائناته، مارس خلطة بين السقوط الحر ومن يموت مصادراً من حريته، حرصاً على محتكري كل أشكال الحرية، حتى بالنسبة للسقوط الحر ذاته..
أرأيتم لكَم نحن الكرد حيث تقاسمتنا الدول التي تقاسمت كردستان، والدول التي تقاسمت " شعوب كرد كردستان " في مشرق الأرض ومغربها، وبحار الأرض الباردة والحارة، وصحاراها وغاباتها، ومافياواتها ووكلائهم وكلاء وكلائهم...الخ، لكم نحن جلّابو شهرة ومتفوقين على شعوب الأرض كافة، فكيف لو أننا بلغنا كرديتنا الموحدة في كردستان موحدة؟!
دهوك- في 31-تشرين الأول، 2015 






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=19847