أكراد لبنان تحت سقف الشرعيّة.. فمتى ينصفون؟!
التاريخ: السبت 21 نيسان 2007
الموضوع: اخبار



  رمضان فتاح (*)

شكل لبنان المركز الرئيسي للأكراد المهاجرين منذ بداية القرن الماضي كما شكل لغيرهم من شعوب وجماعات، ملاذاً نشدوا به الأمن والحرية والرغيف، وكان لبنان كعادته واحة رجاء، ورحباً سمحاً فعاش الأكراد في شماله وساحله وجبله وعاصمته مقدمين له واجب الدفاع عنه في كل مناسبة والعمل على إنمائه بكل الامكانيات المتوافرة


حتى غدا لبنان للأكثرية الساحقة من الأكراد الذين وفدوا إليه الوطن الأم ولا وطن لهم سواه فدافعوا عن وحدته وسيادته ورفضوا حمل السلاح إلا في سبيل دحر العدوان والدفاع عن أرضه والذود عن سياجه. كما رفضوا الاقتتال بين أبناء الوطن الواحد ودعوا إلى التسامح والمحبة ونبذ الخلافات عن طريق الحوار الديموقراطي البنّاء وإلغاء السلاح ودعم المؤسسات الشرعية خاصة الجيش اللبناني الذي لا يمكن بناء وطن إلا بجيش واحد موحّد قادر في أي وقت على مسك زمام الأمور والاعتماد عليه لتوحيد الأرض والشعب معاً.
وقد كانوا وما زالوا دعاة سلام ومحبة مجسّدين أرفع معاني المواطنية الصالحة البعيدة عن التعصب المذهبي والطائفي، أو المطامع الشخصية أو الفئوية، والساهرة باستمرار على تطوّر لبنان وإنمائه مهما كلف ذلك من تضحيات وجهد عاملة مع قطاعاته الخدماتية بالأيدي العاملة النشيطة والمخلصة رغم كل الخسائر التي منيت بها بالأرواح والأموال والممتلكات في كل مراحل التاريخ اللبناني ومحطاته الهامة إلا ان هذا العطاء لم يقابل مع الأسف إلا بالنزر اليسير من الاعتراف لا بل سدّت آذان المسؤولين عن بعض المطالب التي هي حق مكتسب من حقوقهم.
فلا رعاية ولا اهتمام، بل تجاهل لشريحة واسعة، واهتمام لشرائح أخرى أقل عدداً وعطاء، من الأكراد للبنان الوطن، الشعب والمؤسسات.
لقد شكل دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري رحمه الله، الرافعة الحقيقية لأكراد لبنان. فشعروا بعهده بالأمان، والأمن والطمأنينة. فلجأوا إليه بعد أن كانت قد سدّت في وجههم جميع المنافذ للوصول أقله إلى رفع الصوت. فكان مرسوم التجنيس في العام 1994، وكانت رعايته الأبوية، وتبنيه لمعظم المطالب المحقة بعد هذا المرسوم.
لقد كان الرئيس الشهيد من خيرة المستمعين إلى المطالب الكردية فتبناها، وسعى إلى تنفيذها وكان آخرها الموافقة على اعتماد نائب من المواطنين الأكراد ليكون على لائحته، لكنه كان يصطدم بمعارضة بعض القوى البيروتية للأسف الشديد. وعندما اقتنع بالفكرة. وحان وقت تنفيذها خسرناه بطلاً قومياً ومناضلاً شهيدا.
ولقد رعى بكل محبة احتفالاتنا القومية والوطنية، وساعد عدد كبير من مؤسساتنا الأهلية والجمعيات، في وقت كان يجابهنا في الماضي، حصار خدماتي، وإنمائي لجميع مؤسساتنا الكردية اللبنانية من قبل العديد من المسؤولين في الهيئات البيروتية النافذة.
لأنه. وبحسب بعض الآراء. لم يئن الأوان بعد لتحقيق هذه الرغبة الجامحة لدى الأكراد.
ففي حكومة الرئيس كرامي وفي عهد الوصاية طلب رئيس حزب "رزكاري" الأستاذ فيصل فخرو موعداً للقائه فأعطي بعد 20 يوماً، وكنت برفقته، فطالبه بتعيين مواطن كردي في مجلس النواب لاستكمال عقد الـ128 نائباً، بعد مؤتمر الطائف. فهمس الرئيس عمر كرامي بصوت خافت، ولم يكن أحد في الغرفة غيرنا. مقترباً منّا قائلاً: أظنك،. تمزح. فرد عليه مباشرة. لا إنني لا أمزح. بل أنا جدّي في مطالبتي. فردّ الرئيس كرامي ناهرا. لقد قلتها أمامي وسأعتبر أنني لم أسمع. ولكن لا تذكرها أمام أحد غيري!!"، وانتهى اجتماعنا العاصف بالدهشة والاستغراب.
هناك فرق كبير في التوجه، إنه احتضان وتبنّ لفئة أقله ان الرئيس الشهيد الحريري كان مدركاً تماماً انها تستحق ان تنال حقوقها كاملة في مؤسسات الدولة لكنه كان يصطدم بعقبات دونها عقبات. وكنا نعذره. لأننا كنا نسمع مباشرة رأي الآخرين بنا. وبمطالبنا.
وهناك فرق كبير. بين استقباله. وقبوله. واحتضانه. وبين الرافض. الناهر. لمجرد الكلام والسؤال وحتى القبول بنا من ضمن الطائفة الواحدة. بكل أسف.
وليس أدلّ على ذلك سوى الحاجة إلى الرعاية التي يحتاجون لها أسوة بغيرهم من الأقليات الاثنية في لبنان، والتي نالت حظوظاً كبيرة من التنمية، والبناء صنعت مجتمعاً من خلال المؤسسات المدنية التي تعمل من خلالها بدعم من الدولة ورعايتها!! فتحول أطفالنا لقمة سائغة للتشرد ضمن أكواخ في أحياء شعبية غير صحية، يسيرون إلى غدهم، نحو المجهول الرهيب الذي لا يحسدون عليه وهم بطبيعة الحال ليسوا أقل عدداً من غيرهم من بقية الأقليات في لبنان الذين يبلغون أكثر من مائتي ألف مواطن لبناني من أصل كردي بعضهم يتوزعون في الدول الأوروبية سافروا طلباً للزرق وتحسين أوضاعهم بعد الأحداث الأخيرة المؤلمة في لبنان، والأكثرية الساحقة تعيش في لبنان، وعلى الأخص في بيروت، مركز القرار حيث يشكلون قوة اقتصادية وإنمائية تصبّ في مصلحة لبنان، التي لا مصلحة غيرها عندهم. إن انعدام وجود مؤسسة تربوية تهتم بتعليم الأطفال، فلا مركز حضانة، ولا مؤسسات خدماتية أو صحية، أو ثقافية، إلى جانب الحرمان من كل أنواع المساعدات العينية التي تساهم في تقوية مؤسساتنا الكردية، لتصبّ كلها في جدول تقديم المعونات للجميع دون تفرقة ولا تمييز، أو تمايز طائفي أو مذهبي أو قومي!!.
إن استمرار تهميش هذه الفئة الكبيرة، لا يخدم مسيرة السلم الأهلي ولا يساهم في تحقيق المساواة، والعدالة الاجتماعية التي ننشد ونسعى بكل طاقاتنا لتحقيقها، ووضعها موضع التنفيذ.
نحن لا ننكر مطلقاً جهود دار الفتوى، وأيضاً احتضانها إلى جانب الرئيس الشهيد لأكراد لبنان. هذا الشعب الفقير، الذي كان دوماً يتطلع إلى مَن يأخذ بيده أسوة ببقية الطوائف القومية.
وعتبه في هذه المرحلة بالذات. وفي المراحل السابقة على اخوانه في الوطن والدين، والعرق. والدم. ان هذه المعونات لم تكن ذات قيمة تخوله الانتقال إلى مواكبة اخوانه في الوطن. فكانت معظم مبادراته لا بل أكثرها فردية حققت له نقلة نوعية. وكشفت امكانية اعتماده اقتصادياً وإنمائياً على جهوده الفردية. فكيف إذا كانت هذه المبادرات بمشاركة وطنية مثلما حصل في الانتخابات الاختيارية في العام 2005. وانتخبت ثلاثة مخاتير من الأكراد اللبنانيين. وفشلت في إيصال عضو في المجلس البلدي. وآخر في المجلس النيابي. وتحضرني بعد هذا حادثة أخرى مع دولة الرئيس سليم الحص. في أثناء عهد الرئيس أمين الجميل. والحكومتين الشهيرتين.
حيث أشار رئيس حزب "رزكاري" فيصل فخرو المعروف بوطنيته، ورئيس جمعية الأرز رمضان فتاح إلى دولة الرئيس سليم الحص. بالموافقة على مرسوم التجنيس. الذي كان مشتعلاً في ذلك الوقت، وكان البحث به بالتداول لإقراره. فأخبرناه بأن الرئيس الجميل يوافق شرط موافقتكم لإنهاء هذا الملف. وبادرنا دولة الرئيس بأنه يريد موافقة سماحة المفتي الشهيد حسن خالد. فأبلغناه بموافقته وانه لا يمانع. فاتصل بسماحته من منزله فلم يلاق اعتراضاً بل ألحّ على دولة الرئيس بالقبول.
وعندما وجد أنه أمام خيارين أحلاهما مر.
فاجأنا بقوله: كيف أوقع على المرسوم! فربما يكون مقدّمو الطلبات من الأموات. فاستغربنا لسؤاله وبادرناه يا دولة الرئيس. وهل خلصوا الطيبين. حتى نسجّل أموات!!.
ولم يهدأ لنا بال. ولم تستقر أمور أبناء شعبنا. ولم يكن باستطاعة أولئك الذين ينتقدون دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري رحمه الله ان يتكلموا قبل المرسوم كما يتكلمون اليوم بكل صفاقة. إلا حين توقيعه في العام 1994 وأصبحوا لبنانيين في الصميم. والغالبية العظمى منهم لا ينكرون هذه الحقيقة. ويدينون بالشكر لموقعيه الراحلين فخامة الرئيس الهراوي ودولة الرئيس الحريري.
إننا ندعو الاخوة في الدولة إلى الكشف العلني عن حرمان فئة لبنانية من أبسط حقوقها، لإنصافها لتواكب مع بقية الطوائف، والأقليات المذهبية التواصل الحضاري الذي ننشده، لا طائفياً ولا مذهبياً، وإنسانياً على قاعدة لنا حقوق وعلينا واجبات، جنباً إلى جنب مع جميع فئات الشعب اللبناني الحبيب.
إننا نتطلع اليوم ليكمل رئيس كتلة المستقبل النيابية النائب سعد الحريري ما بدأه والده الرئيس الشهيد تجاهنا ويكون عوناً لمسيرة شعبنا والملاذ الأخير، والأمل المنشود لأبناء شعبنا إلى رفع الحرمان والغبن، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والإنسانية بإيصال هذه الفئة إلى مراكز مرموقة تستطيع ان تبني ذاتها لتساهم جنباً إلى جنب بتقديم واجباتها مستقبلاً، كما تقدمها حاضراً، وقدمتها ماضياً دون منّة أو خجل كسائر اللبنانيين.
نسأل الله أن يجنّب لبنان الحبيب الفتن والمآسي والأحزان والحروب، وأن يعزز الوحدة الوطنية، ويصبح لبنان كما عهدناه منذ عهد الاستقلال سيداً، حراً، مستقلا. لا ميزة بين أبنائه إلا بمقدار ما يقدمونه من خدمات وتضحيات إلى وطننا الحبيب لبنان.

(*) من جمعية الأرز الكردية
--------
جريدة المستقبل / السبت 21 نيسان / العدد 2592






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=1958