مبادرة بدرالدين قد تخرج الكتلة الصامتة عن صمتها
التاريخ: السبت 15 اب 2015
الموضوع: اخبار



خوشناف سليمان

وجه الكاتب والسياسي الكردي صلاح بدرالدين، نداء من أجل عقد مؤتمر وطني كردي سوري، نشر على مواقع النت والتواصل الاجتماعي يدعو فيه الى إجراء حوار للإنقاذ! بداية، كرهي الشديد للمجاملات لايعطيني الحق بالإستغناء عن توجيه كلمة شكر وإِطراء الى صاحب المشروع التوحيدي، الى السياسي الكردي الشهير صلاح بدرالدين، الذي عانى الكثير في مسيرته الكفاحية الزاخرة بالتضحيات وعذاب السجون وتقديم الخدمات الجليلة للشباب الكردي في فترات غابرة. وكذلك فأن هذا الثّناء لن يثنيني عن أداء واجب النقد، والرأي المغاير، الذي اعلم انه يحترمه. السؤال الجوهري هو هل ثمة فائدة ترجى من وراء المحاولات، الرامية الى توحيد الصف الكردي من خلال عقد المؤتمرات؟ وهل هناك فائدة عملية من مؤتمرات، طالما تستعرض المشاريع ولا تنفذ بنود الإتفاقيات على ارض الواقع؟ لقد فشلت حتى الآن كل سابقاتها مثل، هولير 1 و 2 ومؤتمر دهوك والمرجعية، ولم تحقق نتائج ميدانية، بل يمكن القول بأن الأزمة الحالية في كردستان الغربية هي نتيجة طبيعية لتلك المؤتمرات المكوكية.


 تساؤلات وإستفسارات قد تبدو متشائمة للوهلة الاولى، ولكنها تثير الكثير من المخاوف لدينا، حيث يمكن إدراكها بإجراء تحليل خاطف لطبيعة وممارسات سلطة الأمر الواقع في روج آفا، المتمثلة في حركة تف دم والقوى التابعة لها. PYD وفرض سلطة الأمر الواقع: تترسخ في المناطق الكردية، الخاضعة لسيطرة حركة (تف دم) وملحقاتها، حالة من الترويج والوعى السياسى، التي توّلد نزعة سياسية تفتك بوحدة الصف الكردي وتجدّد دورة الاستبداد وسلطة الحكم الشمولى للحزب الواحد. وهي سلطة مستبدة وإقصائية مدمرة تحجب الديمقراطية وتهدر حقوق الإنسان، لا تتحمل رأي مغاير او حزب معارض أو إعلام مناوئ، تعلو لديها موجات الدعاية السياسية التخويفية فوق أى صوت للعقل والحكمة.
 فنحن نعيش إذن فى زمن الرأى الواحد والحزب الواحد والزعيم الواحد. وقد ساهم الوضع الناشئ في إيصال المنطقة إلى حافة الإنحطاط السياسي والخراب الاقتصادي، الناشئة من جراء أخطاء السلطة وجرائم النظام وتوابعه من الثورة المضادة. وقد منح هذا المناخ لسلطة "الإدارة الذاتية الديمقراطية" ولحفنة من المؤيدين والموالين لها، امتيازات ومزايا خاصة، وتنكرها للأغلبية الساحقة. في العصور الوسطى ابتدع بعض الكهنة في اوروبا، ما يسمى بصكوك الغفران، كانوا يبيعون بها للناس قطع في الجنة، وكانوا يعتقلون المناوئين منهم ويحاكمونهم بتهمة الهرطقة. الآن، تعتمد الكهنة السياسيين-المستبدين على تلك الظاهرة ويتخذون منها نافذة يمنحون من خلالها صكوك الصفاء لمن يساندهم ويحجبونها عن مخالفي الرأي. الكهنة- السياسيين يتنعمون بالسرور، اما الرعية فيصمتون ويتهاتفون في الطاعة العمياء! طالما الحال على ماهو عليه، حيث إنعدام ثقافة الحوار، وازدياد سطوة سلطة الاستبداد، فما هي فرص نجاح مثل هذا المؤتمر في حال انعقاده؟ الطاولة الكردية المستديرة رغم كل التحفظات ورغم تعارض وتناقض المصالح والطموحات، يجب الإشارة الى وجود إيمان وأمل بضرورة إجراء حوار صريح ومسؤول، وضرورة تطبيق قواعد التفاهم البنّاء مع الطرف الآخر، لإيجاد تفاهمات أو الحد الأدنى من الحلول، تساعد على بناء وتعبيد طريق التواصل. يجب أن ندرك، أنه كلما كانت الخلافات عميقة، كلما ازدادت صعوبة التحاور، وازدادت بالتالي الحاجة الى تقنيات جديدة للتواصل المثمر. لقد بات الجميع يؤمن بأن الحوار هو المسلك الوحيد للخروج من حالة التفتّت الكردية. ولقد أثبت التاريخ بأن أفضل حوار هو ذاك الذي يبدأ بالطاولة المستديرة، الجسد الذي يساوي بين المجتمعين. تاريخيا، فكرة الطاولة المستديرة مستمدة من حدث تاريخي متصل بسيرة احد ملوك انكلترا، الذي أعدّ مائدة مستديرة جلس حولها مائة من الفرسان وهم يهتفون ” الكل للواحد، والواحد للكل “ دلالة على إخلاصهم واستعدادهم للدفاع عن المملكة حتى الموت!! وكلنا مازلنا نتذكر مفاوضات المائدة المستديرة أثر إنهيار منظومة الدول الإشتراكية، والتي اتسمت بمجملها بروح وثقافة التسامح والتوافق في عملية البناء الجديدة. فقد تخلّت قيادة نظام الحزب الواحد في تلك البلدان آنذاك وبمحض إرادتها عن دورها القيادي، وانخرطت بنفسها في وضع قوانين التحول الديمقراطي السلمي وإجراء سلسلة من المباحثات مع المعارضة، تم على أثرها تخليها عن مفاهيمها الإيديولوجية المرتبطة بالعقيدة الشيوعية وإستبدالها بتسميات مدنية كإشارة حسن النية. فيما بعد وبالتشاور مع المعارضة جرت انتخابات ديمقراطية تعددية، تلتها جولات جديدة للتحاور، للإتفاق على ضرورة تعديل الدستور وإصدار قانون الأحزاب والتحضير لإجراء انتخابات برلمانية حرة وتعديل قانون العقوبات وملحقاته ووقف الأعمال العنفية على أسس سياسية. حدث هذا قبل أكثر من ربع قرن من الزمن، حيث سقط عالم بأكمله ليستنهض مكانه عالم جديد. رغم تشابه أسباب التغيير، إلا ان للحالة الكردية خصوصياتها. خصوصية، تتسم بالدمار والقتل والتشرد، وتنعدم فيها الإدارة الكفوءة ويسودها الخواء السياسي، حيث تتباعد الاطراف والقوى الكردية بشكل مخزي متجهة نحو الهلاك. وهو أمر يهدد الوجود الكردي على هذه البقعة الجميلة من أرض الوطن. هذه الحالة الكارثية تفرض علينا العودة الى العقل والحكمة في تبني فكرة الطاولة الكردية المستديرة للتحاور والإجماع، وبحث مواضيع الإدارة السياسية والاقتصادية والأمنية، حسب بنود جدول أعمال معدة مسبقا، بشرط توفر النية الصادقة للتوصل إلى اجماع توافقي حول القضايا المصيرية، تشارك فيها الشخصيات السياسية والثقافية والحقوقية ورجال الدين والوجهاء وممثلي كافة القوى والأطراف المتواجدة على الساحة، تحت عنوان (كوردايتي يجمعنا). يجدر في هذا السياق التنويه بضرورة وجود ضوابط وقواعد معينة تحـكـم مسار وآلية عمل المائدة المستديرة. منها، عدم الخوض في نقاش القضايا العقيمة التي تثير الريبة، عدم الإساءة للأشخاص والجنس والعرق والدين والعقيدة، ان تكون الردود للفكرة المطروحة، وأن لا تكون موجهة للأشخاص أو لرد أعتبار أشخاص آخرين، أن تكون مائدة كردية مستديرة تديرها عقول مستنيرة ذات ضمائر حية ونفوس نقية وقلوب تقية، تكون فيها الوجوه متقابلة والاطراف متنازلة ومتسامحة، تناقش قضايا الخلاف والحلول وتساهم في خلق أطر جديده للتنظيم وتسعى لبناء الثقة وعدم التهرب من الأزمات بأفتعال غيرها. على هذه الخلفية، اعتقد ان المبادرة الحسنة الصادرة من السياسي الكردي صلاح بدرالدين من أجل عقد مؤتمر تحاوري كردي سوري للإنقاذ، ستخدم من حيث الجوهر منحى الإجماع ووحدة الصف الكردي المنشود، وهي كذلك دعوة موجهة الى الكتلة الكردية الصامتة بالخروج عن صمتها المميت.
 







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=19557