رسالة ضرورية
التاريخ: الأحد 28 حزيران 2015
الموضوع: اخبار



مصطفى جمعة

على مدى يومي الخميس والجمعة ، تعرضت كوباني إلى هجمة بربرية شرسة من قبل التنظيم الإرهابي الظلامي (داعش) راحت ضحيتها المئات من الشهداء والجرحى من أبنائها الميامين . 
مجزرة مروعة ، وكارثة إنسانية ، ترقى إلى مستوى التطهير العرقي البغيض ، المدانة دوليا عبر مواثيقها ومبادئها وأعرافها . ونطالب ، هنا ، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ككل ، بفرض الحماية على شعبنا ، وإنقاذه من المجازر التي تقع بحقه ، من جانب داعش ، أو ، من الشوفينية التي مورست من الأنظمة المتعاقبة .


هذا الحدث الاجرامي الداعشي ، تجاه الناس العزل في كوباني الكردية ، لا تعبر فقط عن فاشية وعنصرية وظلامية الجهة الفاعلة ؛ بل هو تعبير عن مدى المؤامرة الهائلة على الشعب الكردي أينما كان ، تقف وراءها جهات عديدة لها مصلحة في إدامة الصراع الداخلي في سوريا من جهة ، وإلى الصراع الكردي – العربي من جهة أخرى . وما يجري الآن في الحسكة وجه آخر لفكرة ضرب الكرد بالعرب أو العكس .
لقد أفرزت العملية الداعشية في كوباني ، حقائق على الأرض ، أهمها :
1-  يتساءل الجميع عن كيفية وصول كل هذه السيارات المدججة بالعناصر والسلاح والكميات الوافرة من الذخيرة ، الى كوباني ، عبر نقاط تفتيش وحدات الحماية ، دون أن يشتبه بها ، هل هناك تواطؤ ؟ هل تخترق داعش خطوطنا وحماياتنا وسيكولوجيتنا ؟ هل مناطقنا بعد التحرير ستكون عرضة للإنتهاك كما جرى في كوباني ؟ ولماذا يقال بأن داعش قد عبر من معبر مرشد بنار ثم يجري نفي ذلك في الوقت نفسه ؟ مع وجود أسئلة كثيرة أخرى لا نريد الإشارة لها حفاظا على توجهاتنا في وحدة الصف الكردي في هذه المرحلة الدقيقة من إرهاصات الصراع الذي يدفع به العنصريون العرب ضد الشعب الكردي ، وليس حزبا بعينه . 
أفترض أن خللا جسيما تسود المنظومة الأمنية والعسكرية لقوات الحماية الكردية ، سببها الأساس ، الفلسفة العقيمة ( فلسفة الأمة الديمقراطية) والعناصر الغريبة عن المنطقة ، وغربة هذه الوحدات - بما تحمل من سياسة وفلسفة - عن المجتمع ، لتفردها وتسلطها ، وعدم قبولها للآخر ، السياسي والاجتماعي والثقافي ، إلا إذا كان جزءا من منظومته .
2-  داعش قوة إسلامية سياسية تستند في توسعها وبنائها الهرمي على عقيدة الجنة والنار ، وسبايا الدنيا ، وحوريات الآخرة ، وتستغل سيكولوجية الشعب البسيط ، والحاضنة الشعبية في مناطق توجدها ، وتمارس تكتيكات ميدانية ، تنجح فيها في غالب الأحيان للأسباب السابقة ، وموصل والأنبار وتدمر ، علامات على ذلك . ولا أعتقد أن هذه التكتيكات من بنات أفكارها ؛ بل هناك غرف عمليات مخابراتية أمنية ، لها تشعبات كثيرة ، في إطار مشروع وأجندات إقليمية ، تصب معظمها في محاربة الشعب الكردي ، بهدف النيل من صعود وتقدم القضية الكردية . وما يجري في الحسكة ، وإصرارها على احتلال تلك المدينة ، ليس فقط بهدف توسيع مناطق سيطرتها ونفوذها ؛ بل إن ذلك يفتح أمامها عمليات التواصل المباشر مع معظم المناطق الكردية ، وتنفيذ مهمة قتال الشعب الكردي ، باعتبار أن داعش تخدم مخططات وأجندات إقليمية .
3-    أربع دول إقليمية لها مصلحة أكيدة في إفشال التوجه الكردي نحو حق تقرير المصير . 
برأيي هناك مشروع إقليمي له امتدادات دولية ، يرى في التوجه الكردي نحو حق تقرير المصير ، كارثة على مصالح هذه الدول ، باعتبار نجاح القضية الكردية ، وصعود الكرد كقوة عسكرية واقتصادية في المنطقة ، تحدث تغييرات هائلة وبنيوية في الشرق الأوسط ، ولهذا فإن المؤامرة على الكرد ستستمر بأساليب وتكتيكات مختلفة ، بغض النظر عن "نجاحها" أو فشلها بقوة بيشمه ركتنا الأبطال ، وحكمة الرئيس مسعود البارزاني ، وصمود شعبنا في وجه الإرهاب الموجه بشكل خاص تجاه شعبنا وقضيتنا . وتعثر وتعقيد العلاقات بين الحكومة المركزية في العراق وحكومة إقليم كردستان ، وما جرى في برلمان كردستان ، والتصريحات المشكوكة بشأن كردستان روج آفا ، والأصوات العنصرية مؤخرا ، كلها دلائل باتجاه التصعيد ليس إلا .
لقد فتحت المجزرة في كوباني ، الباب أمام الكثير من التساؤلات ، والمواقف الواجب اتخاذها ، لتقوية البنية الداخلية لتكون عصيا على الاختراق مرة أخرى ، وهذا الأمر يتطلب القيام ببعض الخطوات الضرورية والملحة ، حول ترتيب البيت الكردي ، ووحدة الصف ، على أسس بعضها مقر سابقا في اتفاقيات بين المجلسين الكرديين ، وآخرها اتفاقية دهوك برعاية الرئيس مسعود بارزاني ، أو الوصول إلى تفاهمات جديدة . وأرى أن الخطر محدق بكردستان سوريا ، بدءا من عفرين ومرورا بكوباني وانتهاء بديركا حمكو ، ولا تستطيع قوة واحدة ذات منهجية غير معروفة وملتبسة عند معظم أبناء شعبنا ، أن تنفرد بمصير روج آفا ، وأقترح الآتي كحل ، لهذا الوضع :
1-  إما تفعيل اتفاقية دهوك ببنوده الثلاثة ، وقبول الشراكة الحقيقية بين المجلسين ، واللذين يضمان معظم مكونات الحالة السياسية الكردية في كردستان سوريا ، أو الاتفاق على شكل جديد من التفاهم ، ولكن أيضا بهدف تحقيق الشراكة الكاملة ، درءا للأخطار القادمة ، الداهمة على مناطقنا . رغم أنني وحسب خبرتي لا أتوقع أن تقبل ب ي د بأية شراكة ، لأسباب يعرفها الجميع . هم دائما يريدون الاستفادة من الأطر والهيئات واللجان المشتركة بين المجلسين لتسويق أجنداتهم ، وتركيز تفردهم وتسلطهم وهيمنتهم على كل شيء . وإذا ما تم رفضهم لاتفاقية دهوك ، أو تفاهم جديد ، فإنهم يتحملون المسؤولية الكاملة أمام الشعب والتاريخ .
2-  على المجلس الوطني الكردي في اجتماعه القريب ، تبني قوة بيشمه ركة روج آفا ، كقوة كردية جاهزة تريد أن تدافع عن كوردستان سوريا ، وتنال أيضا شرف الشهادة في هذا السبيل . وعلى الدوائر العسكرية والأمنية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي أن تقبل بذلك ، درءا للصراع الكردي الكردي ، واقتتال الأخوة . نحتاج إلى مواقف جريئة وقرارات سياسية مهمة من المجلس الوطني الكردي في اجتماعه القادم .
3-  حزبنا ، الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا ، بني على أساس مشروع سياسي واضح ، ليتحول إلى قوة سياسية جماهيرية ، يلبي رغبة وطموح من يلتزمون به ، ويرتبط بمتطلبات الحالة السياسية الكردية ، بما يؤدي إلى تحسين وتفعيل الوضع ، وتقوية دور المجلس الوطني الكردي - مع الاحترام الشديد لدور وفعالية وتوجهات الأحزاب الحليفة الأخرى – ولكن ، يبدوا ، أننا لم نكن على مستوى المسؤولية ، بسبب كلاسيكية عملنا ، ومع ذلك ، يتوجب علينا مرة أخرى ، أن نأخذ دورنا وفعاليتنا ، وسرعة حركتنا ، في مواجهة الحالة الراهنة ، وندفع باتجاه صيانة مكاسب شعبنا ، والعمل على خلق أرضية الخروج من التفرد وسيطرة الأمر الواقع ، وعدا ذلك نبقى ، ويبقى الجميع في حالة الترهل والانتظار ، دون فائدة . 
في 28-6-2015 
مصطفى جمعة
عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني - سوريا







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=19368