كُردستانيات 30- من مسئول سياسي كردي مشارِك في مؤتمر جنيف إلى زوجته
التاريخ: الأثنين 25 ايار 2015
الموضوع: اخبار



 ابراهيم محمود

زوجتي العزيزة والأكثر من عزيزة
لا بد أنك رأيتِني على الشاشة البيضاء وسمعت صوتي، وأنا في حاضرة سويسرا: جنيف، ولا بد أنك أخبرت جاراتك عنّي، خصوصاً اللواتي ينتمي أزواجهن إلى أحزاب أخرى، أغيظيهن قدر ما تستطيعين، ليعلمنَ من منا على صواب. نعم، يا زوجتي الكردية العزيزة، ما كان لي أن أكون ما أنا عليه لولا فضل هذه التي نسمّيها بالثورة، ونسمّيها ثورة سورية، لنتمكن من البقاء أكثر، ومن كان يتوقع منا أنه في يوم ما سيشار إليه بالبنان؟ ليكن دعاؤك صباح مساء كي تدوم هذه الثورة، فلولاها لما تمكنّا من الظهور والانتشار، وقد تجاوزنا حدود البلاد وأبعد منها .


بفضل هذه المهام، تجمَّع لدينا مال لم نكن نحلم به حتى الأمس القريب، يا لهذه الثورة المباركة التي منحتنا الكثير، ولعلَّها ستمنحنا المزيد ثم المزيد، فالمتوقع عن أنها لن تشهد نهاية لها في المدى المنظور، وذلك أقصى ما نتمناه، وبالتالي آمل عليك ألّا تعيري انتباهاً إلى من يريدون استثارتك، أو حتى استفزازك، فأنت على بيّنة من هؤلاء. إنهم حانقون وهم يحسدوننا على ما حقّقناه. تمالكي أعصابك، واقتصدي في الكلام، أو لا تردّي عليهم، فإهمالهم أفضل جواب .
قابلت الكثير ممن أعرفهم من أهلنا ومعارفنا، وقد اتصلوا بي كونهم تابعوني من خلال الأخبار الخاصة والعامة، وقد فرح رفاقي كثيراً بمقدَمي، واعتبروا مجرد حضوري المؤتمرَ هذا انتصاراً، وزيادة في أسهم حزبنا، وأقاموا لي حفلة صغيرة، أما عن الهدايا فلا تسألي، فأنا لا أعرف كيف سأنقلها كافتها إلى البيت، إلى جانب هداياي الخاصة لك وللأولاد الأحبّة.
نسيت أن أخبرك أنني حاولت الاتصال بكثيرين ممن لديهم مفاتيح لأبواب لا تُفتَح بسهولة، وهي درجات، وإذا فُتحت ستكون ضربة الحظ العمري الكبرى، وأريد طمأنتك على أنني ثبتُّ قدمي كثيراً. إنها العلاقات يا زوجتي، وفن اتخاذ القرار في الوقت المناسب، وكيفية التخاطب مع أولي الأمر. ثمة وجوه لا يُهتمُّ بها، تبدو عادية، ولكنها واقعاً، تتحكم بمراكز القرار الأكثر خطورة، وأي خطوة تتطلب دراية وعناية، وقد اكتشفت أموراً فاجأتني، بصدد الذين أمضينا معاً عقوداً من السنين رفاقَ حزب واحد، ثم تشعبت بنا سبل الحزبية والمواقع، وكل دأبهم أن يكونوا هم في الواجهة، سوى أنني بإمكاناتي التي تعرفينها أزحتهم من طريقي، وهذا يرفع من رصيدي الحزبي، ويزكّيني للمشاركة في ندوات ومؤتمرات ولقاءات أخرى، وهي تجر غيرها وغيرها وبمقاييس مختلفة في كل مرة  طبعاً ..
أووه ، كان علي أن أذكر لك منذ البداية أنني أخذت صوراً تذكارية كثيرة جداً، مع أشخاص ذوي مكانة واعتبار وفي أكثر من جهة، وفي المقدّمة: ديمستورا، لقد صافحته، نعم، صافحته.. أرأيت كيف أن أحلاماً مستحيلة تكون، وإذا بها وقائع فعلية؟ هناك أكثر من لقطة لي معه، وقد تحدثت إليه شخصياً، كما تحدثت إلى غيره، سوف تدهشك الصور التي حصلت عليها بالتأكيد .
وأريد أن أطمئنك على أن ابننا أصبح الآن خارجاً وفي المكان الذي أردناه بفضل هذه العلاقات، إلى جانب راتب مغر ٍ، وكذلك ابنتنا فهي الآن تعمل في الجهة التي أردناها براتب مغر بالمقابل، أما عن أخي فقد تابعت أمره، وهو يمارس عمله في المنظمة الدولية ذات الصلة بشئون اللاجئين، أما عن أخيك فافرحي وأي فرح،  لقد أصبح هو وعائلته في الدولة التي تمنّاها، وقد أعطيَ بيتاً  وجرى الاهتمام به وبأفراد عائلته كثيراً، أما عن الذين أرسلتِ إلي أسماءهم على موبايلي الشخصي، فسوف أهتم بأمرهم، لأن مجرد إيصالهم إلى ما يريدون يدر علينا مبلغاً وفيراً من المال طبعاً.
زوجتي العزيزة :
إنني أصل ليلي بنهاري، إذ بين المهام الحزبية وتوصيات الرفاق، والاهتمام بأمور اعتيادية  ولكنها لازمة من أجل أهداف أبعد، وإظهار الشخصية اللافتة للأنظار، ودوام اليقظة والقدرة على المناورة، لا أشعر بالوقت إذ يمضي سريعاً .
نعم، لقد حقّقنا الكثير، إنما بجهود خارقة، وعلي أن أبقى بكامل قوتي ويقظتي، لأستطيع الارتقاء أكثر فأكثر، وكل أملنا أن نستمر على هذا المنوال، فما كان يُسمى بالوطن حتى الأمس القريب، ويا لبؤسه، تداعى ويتداعى وضعه باضطراد، سوى أن علينا أن نشدد على أن لدينا وطناً، وشعباً، وقضية، وحدود علاقات، لنتمكن من إعداد أنفسنا لكل ما يُعَد علينا، ونحن نصدّق كل ما يقال لنا، ولا أحد منا يعلم، أي أحد، إلى أين نحن سائرون، وهذا في مصلحتنا، بما أننا في أمان جميعاً .
أريد أن أحيطك علماً زوجتي العزيزة بما أراه وأسمعه وأتحسسه، وهو أن ما يجري على أرض الواقع شيء، وما يجري بثه إعلامياً شيء آخر، حتى على صعيد أقرب المقربين إلينا، إذ إن كلاً منهما ينافس الآخر، وإن كان بادي التماسك وحتى إظهار الود، لكنه عملياً، لا شيء يوقفه لحظة شعوره أن ما سيقدِم عليه سينفعه. ومن جهة أخرى، كثيراً ما أحاول ضبط نفسي، ومنعها من الضحك أو حتى الابتسام، في مقابلة تلفزيونية أو لقاء صحافي أو حوار بعيد عن الأضواء، والالتزام بتقديم الجواب المطلوب، لأن ثمة من يحصي حتى أنفاس المرء، وكلماته، وحركاته، وبالتالي تكون الجدّية من أساسيات المهنة أو أي عمل في هذا المجال الذي حللنا فيه، وعلي أن أصدّق كل ما أسمع وأرى وأعاين ظاهراً، حتى لا يأخذني النظر إلى ما وراء المرئي والمسموع، حيث تكون هناك الطبخة الفعلية، والذين يشرفون عليها، والذين يوقّتون لها، والذين يحددون أساليب توزيع محتوياتها وكيفية تسميتها، حتى بالنسبة إلى شخص مندَب من قبل ما يُسمى بـ" الأمم المتحدة " هو ديمستورا لا يحل ولا يربط، إنما له دور لا يمكنه تعدّيه، أرأيت تناقضاً أكثر من هذا التناقض ؟ إنها لعبة كبيرة وأي لعبة، ومرحى لمن ينخرط فيها ويعيشها، ليحسّن أداءه. إنها أمور كنت ملماً بها، لكن، ليس بالطريقة هذه، ولا بهذه الصورة. كل شيء يجري بجدية تامة: المظاهر الأنيقة، والخطوات المتسقة، والنظرات الحصيفة، والحركات المقتصَد فيها، وطريقة القيام والجلوس، وأثناء تناول الطعام، وحتى الذهاب إلى غرفة النوم، لأن كاميرات المراقبة لا توفّر شيئاً .
زوجتي العزيزة
مشتاق إليك كثيراً، وإلى الأولاد بالتأكيد، وسوف  آتي إلى البيت قريباً، إن سنحت لي الفرصة، وستجدين معي أنت والأولاد المتبقين، ما يسعدكم جميعاً، وحينها سوف أسمِعك ما يفرحك، ويضحكِك بصدد المفارقات التي نتعامل معها هنا وهناك، وما يخصنا عائلياً قبل كل شيء .
دهوك
 






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=19204