كنعان إيفرين خارج صلاة أردوغان
التاريخ: الثلاثاء 12 ايار 2015
الموضوع: اخبار



ابراهيم محمود

أما عن حياته ومماته فلن أكتب إلا هذه العبارة: لقد عاش كنعان إيفرين العسكري التركي ورئيس الجمهورية التركي ما بين 17 يوليو 1917- 9 مايو 2015. ما عدا ذلك: بدءاً من مسقط رأسه حتى مدفنه، ومروراً- طبعاً – بنوعية دراسته ورتبه العسكرية وحبه الاستثنائي والمتشدد لتركيا ونياشينه لإرهاب من حوله، فيمكن ذلك من خلال الانترنت.
ماذا يمكنني الكتابة هنا ؟: 


1-لقد ولِد إيفرين التركي وأُشبِع بالتركية بالطورانية كما أريد له وكما أراد هو، ويعني ذلك أنه من السخرية بمكان، القول بأنه مات في صمت، أو بحذر، بعيداً عن حزن تركي خاص على رحيله، هذا المعمّر قرناً تقريباً، كما هو الوضع السياسي التركي الخاص. فلتركيا أهواؤها، كما كانت أمزجة سلاطينها، ويمكن لأي سياسي تركي معبَّأ بالكاريزما العسكرية أن يطيح بغيره، ولكنه لا يذمه، بما أنه ينتمي إلى خانته، وحباً بسمعة تركيا، ما بعد 1924 خصوصاً .
2- التحفظ على موت إيفرين لا يعني أن تركيا وكسلطة سياسية أهملته، بقدر ما أنها تنزع قناعاً وتثبت آخر أو تبقي آخر، فما يهم هو بقاء تركيا قوية: سليلة الامبراطورية العثمانية، وقابليتها على أداء أدوار مختلفة لتكون في واجهة المنطقة .
3- من أراد فهم " اللعبة "، ويا لها من لعبة سينمائية رهيبة،  بالنسبة للتاريخ التركي الحديث، وهو حديث زماناً وليس من حيث المضمون كما هو مرتجى، ربما ما عليه إلا أن يتتبع خطاطة التاريخ التركي وكيف يجري تقليد الثبات في السلطة، بمعنى الحفاظ على المكانة الكبرى لتركيا، كما هو مفهوم " العمق الاستراتيجي " لأحمد داود أوغلو. إنها فتنة إدارة السلطة والسياسة المناسبة لها، من خلال التعامل مع المنتمين إلى تركيا الجغرافيا وتركيا الحدود والاثنيات طبعاً .
4- مثلما أن إيفرين كان يهمه إفهام من حوله أنه مستعد لسفك دماء مئات الألوف عند اللزوم وقد " فعلها " وإضافة سجون جديدة وتعريض مئات الألوف للتعذيب فيها عند اللزوم أيضاً، وقد " فعلها "طبعاً، طالما أن في ذلك ما يضمن سلامة وحدة تركيا كما أريد لها من " فوق "، حيث النياشين العسكرية تلمع، هكذا يمكن النظر في التالين من بعده، وهم يلوّحون بالعصا الغليظة والمميتة عند اللزوم، وبالخطب المفخَّمة لاحتواء الملايين عند اللزوم، وللكرد فيما تقدم النصيب الأوفر من الموت والتشوهات والتهديد والوعيد حتى اللحظة، ولهذا فإن تشييع جنازته وفق تنظيم عسكري " من قبل الجيش " ليس أكثر من وفاء لما قدَّمه من أجل تركيا ضد الساعين إلى تجزئتها أو زعزعة قناعة التركي بأنه ليس وحيداً في البلاد، والجيش رسمي، والمعني به هو المعني بأمور الدولة ومن ثم الحكومة .
5-  وأن لا يُصلَّى عليه من قبل كل من أردوغان في جامع قريب منه، أو أي جامع يهم " عسكره "، أو رفيقه في حزبه: داود اوغلو، لا يعني أنه مصنَّف كافراً، أو من الملحقين بنار جهنم، ولا يعني الصمت رفضاً له، إنما هو قناع آخر من الأقنعة التركية الكثيرة بنسبها العثمانلي، وما أكثرها للضرورة، والضرورات تبيح المحظورات: الضرورة على الملأ، هي في إظهار مدى تحول تركيا سياسة وحكومة، والمحظور هو ترك ستار بينهما، تأكيداً على مدى التحول ذاك، وتحديداً بالنسبة للكرد قبل غيرهم. فالمسلم أخو المسلم، فكيف إذا كان من النوع التركي وله أرشيف " جهادي " خاص باسمه ؟
6- وما هو جدير أكثر للتثبيت، هو أن كنعان إيفرين الذي لم يكن مسلماً كما هو المسلم: أردوغان كمثال حي، كان تركياً يرى في تنحية الإسلام المتخوَّف منه جانباً، بما سياسته مثمرة، مثلما أن أردوغان مسلم، ولكنه تركي في الصميم، ولا يقل مرتبة عن إيفرين، وما يظهره هو ومن معه مما هو إسلامي، حباً بتركية تصله في الحال بإيفرين .
7- ويبقى سؤال في السياق: تُرى أي عبرة يمكن تعزيزها هنا للتاريخ ؟ إنها قدرة تركيا على الجمع بين حبل وحبل، كما هو مقتضى السياسة، هي مرونها وشدتها في آن، هي في هذا العمق المترجم لتاريخها ومكرها بالمفهوم السياسي.
ولعل أردوغان يدرك جيداً مثل هذه اللعبة، وهذا ما يخفى على الكثيرين من القريبين منه، أو لا يريدون تسميته .
إنما، هل حقاً أن إيفرين رحل، وليس هناك من يهتم بأمره، وقد انقطع كل أثر له ؟ هذا السؤال مطروح على الذين لما يزالوا يرون في فرض القوة بزيهم العسكري، أو وهم في مواقع مدنية، سوى أنهم يتحركون في هيئة العسكري الذي يمكنه التلويح بأي سلاح ضارب ومدمر ومروّع.. بمعنى: الهيام بالقيافة العسكرية كسلطة احتياطية، أو تعزيزها في النفوس، ولا بد أن نسبة من كردنا هنا وهناك، يعنيهم هذا الهوس العسكري، وفي إملاء الأوامر، واعتبار أمن الكردي محال على ما هو عسكري، وأن الحرص على سلامة البلاد ينطلق من العسكري ويرتد إليه.
دهوك







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=19124