كُردستانيات 12- وعندما .. وعندما
التاريخ: السبت 02 ايار 2015
الموضوع: اخبار



 ابراهيم محمود   

 " إن دغدغة عواطف الجمهور ورغباته لَأشدُّ إقناعــــــاً من أي احتكام إلى العقــل "
 أفلاطــــــون  

 عندما تظهر علامة إبداعية لدى شخص ما في الغرب، تتسارع إليه الجهات المختصة ونظيراتها، وبنوع من التنافس والريادة، وهي تركّز عليه تشجيعاً واحتفاء وانتظاراً منتظماً للحظة الكبرى التي  يصبح إبداعه حقيقة يُروَّج لها من قِبل أعلى الجهات المعنية هذه. لم لا ؟ أليست الأمم ، الشعوب، برموزها في الإبداع وهو وحده المدخل إلى التاريخ الفعلي ؟


وعندما تتراءى بوادر إبداعية لدى شخص ما في  الشرق ، والكرد ذوو النسَب الشرقي، جرّاء وضعهم شديد الخصوصية، هم في الواجهة، تتحفظ الجهات المختصة ومرادفاتها، وهي تظهِر مخاوفها من أن يكون أي تجلٍّ إبداعي لديه نحساً، وخطراً يتهددها، فتسعى بكل السبل: من ردع وتهميش ووضع تحت المراقبة بدءاً من أقرب المقرّبين إليه في البيت وفي المدرسة وفي الشارع، إيحاءً وصراحة أن ما يحاول إظهاره يؤذي أهله ومجتمعه وحتى شخصه، والأحفظ له بالسلامة بالتالي، هو في عدم التفكير بذلك حرصاً عليه. لم لا ؟ أليست الأمم ، الشعوب، هي بما تعارفت عليه من أسلاف يبقونها في أمان، وعادات وتقاليد، تحافظ على استتباب الأمن ؟ 
  عندما  تنكشف حالة معينة من قبل شخص ما في مسألة علمية في الغرب، تركّز عليه الجهات المعنية الأضواء، بقدر ما تعرض عليه خدماتها وما يحتاجه ليتمكن من الإحاطة به، لأن ليس من مكتشَف إلا ويكون مرتداً إلى المجتمع، وهذا يرتبط بالعامل الفلسفي والمؤسسات المتخصصة بذلك كذلك، وعندما يظهر ما يقابل الحالة عينها من قبل شخص ما في الشرق ،  والكرد معنيون بما تقدَّم، سرعان ما نتلمس إجراءات لا تخفي تحفظها، عنفها، وحتى تهديدها ووعيدها، لأن ليس ذلك من شأنه زعزعة المكانة التي يحتلها القيّم على المجتمع، وذلك لحساب من يتم تسليط الأضواء عليه، فنكون إزاء جبهة معارضة ومكثّفة وإبقاء الأمور على حالها . 
  عندما يجري تنافس بين معنيين بأهل الأدب أو العلم أو الفن في الغرب، يكون ذلك بمثابة حدث تاريخي، تتفرغ له هيئات حكومية ونصف حكومية وأهلية، وتكون متابعة دقيقة لها حتى من ناحية أولي الأمن ومن هم في المراكز العليا في الدولة، لأن أي نتيجة جديدة، تحوَّل إلى رصيد علمي، أدبي، فني، فكري، حضاري...الخ، لصالح المجتمع، الدولة، الشعب...الخ،وعندما  تكون هناك علامات من هذا القبيل في الشرق، وليس الكرد استثناء، كما تقدم مجدداً: أولاً، يصار إلى تطويقها والتعرف إلى المعنيين بها، ومن هم الذين يقومون بها واتجاهاتهم السياسية وغيرها، وما الغاية من كل ذلك. ثانياً، سيكون المركّزين عليها من ليسوا أهلاً، كما يجب طبعاً، لتقييم ما يحدث، عدا عن أنهم مكلَّفون بذلك، من قبل جهات لا يعنيها من كل حدث ثقافي أو سواه، إلا ما يخص جوانب خارجة عن مفهوم " تحفيز المجتمع على الانبناء من الداخل "، الأمر الذي يعني إفشال المحتوى أو تفريغه من مضمونه، وصدمة من يتحمسون لتقديم ما يفيد بلدهم، كونهم يشعِرون " أولي الأمر" بنوع من المبادرة الشخصية أو الاستقلال الذاتي في التحرك، وهذا غير مقبول بالتأكيد، فالموجود يغطّي كامل الوجود، ولا قيمة للوجود كما يظهر إلا عبر الموجود . 
  عندما تسمَّى مناسبات مختلفة على مستوى الدولة، أو المجتمع، أو الشعب، تكون الرموز الثقافية في الواجهة، لأنها هي التي تمثّل رهان كل هؤلاء في الغرب،  الغرب الذي أمسى في حكم كيان سياسي واحد، وهو قارة، وعندما يتم تذكر المقابل، فإن من النادر جداً التذكير برمز ثقافي، أو من يكون صاحب فعالية ثقافية، إلا من باب التباهي وفي وضعية خاصة، ويكون الحضور الواجهاتي استعراضياً كما هو مفهوم المجتمع، وكل ما ينتمي إليه، والترحيب يخص من لهم مراتب حزبية وحسب القِدم، والكلمة الأولى للرتب السياسية الأولى...الخ، إذ في المجتمع التقليدي، حيث الأسلاف من نوعية معينة، هم الذين يؤكدون صحة ما هو مطلوب، لا حكم إلا للوجاهات، ويبقى الدور الوحيد غالباً، لأهل الفعاليات الثقافية أو الأدبية، أن يبرِزوا مدى انتمائهم وولائهم لمن يديرون أمور الدولة والمجتمع، ومن خلال كلمات أو قصائد مناسباتية، لأن كل شيء مناسباتي وتبعاً للمطلوب، وكما يأتون في " الأخير " يبقون في " الأخير" وفي الأماكن المحدَّدة لهم، والنتيجة، أن المجتمع  والذي لا يعدو أن يكون مجرد اسم اعتباطي، أو نكرة غالباً، يأتي في " الأخير " مقارنة بالمجتمعات الأخرى في الغرب....!






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=19072