التحالف الدولي لا يهدف الى انهاء داعش
التاريخ: الأحد 01 اذار 2015
الموضوع: اخبار



كاوا عيسى

يبدو ان التجربة السورية المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، تتميز بخصوصيات وحالات متفردة، لم يشهد لها التاريخ السياسي المعاصر مثيلا يشابهها او يقترب منها يمكن القياس عليه او الاستدلال به لفهم وتحليل بعض ما يجري على الارض السورية، بهدف استشفاف الحلول او النتائج التي قد تتمخض عنها الازمة في سوريا.
فاذا تناولنا جزئية معينة من الحالة السورية الراهنة الآن، الا وهي قيام التحالف الدولي ضد تنظيم داعش بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، والمتكون من اربعين دولة قريبة وبعيدة، والمتشابكة مع الوضع السوري بنسب متفاوتة، تتواتر بين من يعتبر الوضع في سوريا تهديدا لامنه القومي الخاص، وصولا لبعض الدول المشاركة رمزيا في هذا التحالف بهدف تسجيل موقف وتأكيد حضورها امام الاسرة الدولية كمحارب للارهاب من جهة، ودعم مصالحها المتداخلة مع بعض الدول في المنطقة من جهة اخرى.


فالبنظر الى آلية عمليات هذا التحالف القائمة على اساس غارات القصف الجوي لتحركات مقاتلي وآليات داعش ومقراتها، نصل بسهولة الى نتيجة تفيد بانعدام وجود استراتيجية حقيقية لهذه العمليات ولهذا التحالف ككل للتخلص من داعش وانهاء وجودها، حيث لايمكن فهم وجود تحالف دولي بمشاركة هذا العدد الكبير من الدول، وقيامهم بمحاربة تنظيم عسكري محلي لا يرقى في احسن الاحوال الى حالة افشل الجيوش في المنطقة واكثرها ضعفا، وذلك على الرغم مما يشاع اليه بين الفينة والاخرى عن قوة هذا التنظيم عسكريا وماليا، فمن الواضح ان تكوين هذا التحالف اساسا بني على حصر عملياته بالقصف الجوي المحدد والغير مؤدي الى حدوث تغيرات في الاوضاع القائمة سواء بانهاء داعش او سقوط النظام في دمشق، وكأن الهدف الاساسي لهذا التحالف هو قيام الدول المشاركة فيه بالتناوب على عمليات القصف للحفاظ على ثبات حالة الفوضى في سوريا وترسيخ التوازنات القائمة على الارض بغطاء جوي.
لاشك ان المواقف الاقليمية من هذا التحالف تتباين بشدة وفي اتجاهات عدة، ففي حين نجد عدم وجود توجه واضح الهدف لدى الدول العربية من هذا التحالف، فاننا نرى ان ايران تؤكد على الدوام رغبتها بالمشاركة في التحالف اذا كان الهدف من محاربة الارهاب يصب في صالح النظام، ومن جهة اخرى نجد ان تركيا تشترط مشاركتها في التحالف بضرورة القضاء على نظام الاسد عن طريق التدخل البري الشامل واقامة مناطق عازلة لايواء اللاجئين السوريين داخل سوريا وتكون محمية بحظر للطيران.
وفي السياق ذاته يبدو ان الخاسر الاكبر من عمليات هذا التحالف هو الشعب السوري، المبعد تماما عن نقاشات التحالف وآلياته واهدافه، والسبب الرئيس لهذه الخاسرة وهذا الابعاد هو عدم وجود قيادة وطنية موحدة وقوية للمعارضة تستطيع تمثيل الشعب السوري وفرض نفسها كلاعب اساسي في الساحة السورية والدولية، واخضاع القوى الثورية المسلحة على الارض لارادتها السياسية.
فغياب مثل هذه القيادة يعود الى العديد من الاسباب التي يمكن ان نذكر منها، ضعف التجربة السياسية والتنظيمية، اضافة الى النرجسية السياسية المبالغ فيه، وغياب شبه تام لثقافة المجتمعات المدنية والمستدامة، اضافة الى تشتت الكتائب والوحدات العسكرية المسلحة، والذي عمق من تشتتها قيام التيارات السلفية والجهادية والاسلامية عموما، برفع شعارات دينية سياسية لا تمت بصلة الى الاهداف الحقيقة للثورة السورية، كما ان قيام بعض الدول بالتواصل مع المعارضة المسلحة مباشرة وليس عبر القيادة السياسية كالائتلاف الوطني السوري مثلا، اضر كثيرا بهذه القيادات السياسية.
ومما يزيد من مآسي السوريين هي المناوشات التي تحتدم بين المعارضين السورين على رئاسات ومناصب وهمية عمليا، في حين عدم وجود اهتمام باية افكار او طروحات او وثائق متفق عليها سابقا تضمن مستقبل سوريا والشعب السوري وتحفظ لهم وطنهم وكرامتهم.
ان التحالف الدولي في سوريا لم يشرك اي سوري في نقاش آليات واهداف هذا التحالف سواء من جانب النظام لانه لا يعترف بشرعية سلطتها، او من جانب المعارضة التي لا يتم النظر اليها بعين الاعتبار والجدية وفق ما هو واضح في كافة المناسبات.
وهكذا نصل الى حقيقة مفادها ان، غياب الارادة الدولية وغياب الاهداف الواضحة المعززة بآليات وأدوات فعلية، بالاضافة الى تشتت المعارضة السورية لن يؤدي لا الى انهاء داعش ولا حتى الى اسقاط النظام السوري، الذي اذا استمر الوضع على هذه الحالة سيظل يتآكل من الداخل الى ان يتهاوى وتنتهي معه الدولة السورية تماما، ويصبح عندها الوضع السوري ازمة دولية عميقة ومستمرة لعقود قادمة.






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=18776