الكرد والإسلام (خصام أم وئام؟)*
التاريخ: الأربعاء 11 نيسان 2007
الموضوع: اخبار



محمد قاسم (ابن الجزيرة )

 كثيرا ما نشتكي من السيكولوجية العروبية باعتبارها انفعالية لا تراعي معايير المنطق والموضوعية في فهم الأمور وتحليلها، ومن ثم الحكم عليها، واتخاذ الموقف منها،وهي شكوى في محلها..!! فماذا نقول عن حال السيكولوجية الكردية (أو الكردوية إذا جاز التعبير)..؟
بملاحظة كم غزير من كتابات – تختلف في سويتها التعبيرية ومستوى نضجها الفكري- دأبت على تبني ما يشبه عقيدة هي : ربما تقليد، أو رد فعل، أو أيديولوجيا، أو خواطر خاصة أو انطباعات خاصة أو..أو  الخ.(وهي جميعا متكئة على مرتكزات نفسية"انفعالية" ).


ولعل أهم هذه الكتابات هي تلك التي تحاول تناول العلاقة بين الكرد والإسلام، ومن ضمنها الموقف السلبي من شخصيات ورموز  كردية مسلمة تاريخية. من أهمها- ربما-السلطان المظفر صلاح الدين الأيوبي..رحمه الله.
ومن الملاحظ ان هذا النزوع اللاديني يظهر أكثر لدى بعض السياسيين (الحزبيين) ولدى بعض المثقفين باسم العصرنة (أو التقدم) وتكاد لدى البعض أن تشبه الموضة حتى. وكذلك يظهر لدى بعض الذين ينزعون إلى الفوضى و التفلت من الضوابط بشكل عام، والضوابط الدينية (الأخلاقية) تحت تأثير نوازع نفسية خاصة.أو تحت تأثير تربية خاصة لم تترافق مع مستوى علمي متوازن...
وليست المشكلة في شخص اعتقد أمرا ما،- وليكن الإلحاد مثلا - أو التوجه العلماني في التفكير(التأثر بتطور العلم في طبيعة الاعتقاد) ولا المشكلة في شخص باحث في قضايا العقائد والأديان.. ومن ثم اعتناق ما توصل إليه بحثه – أخطأ أم أصاب-..(فكما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: إذا اجتهد القاضي وأصاب فله أجران،وإذا اجتهد واخطأ فله أجر واحد).
أين المشكلة إذاً..؟
المشكلة في أولئك الذين يفتقرون إلى مستوى معقول من ( الوعي المسؤول) ولا يحسنون تشخيص الأمور بناء على منهج علمي موضوعي، ولكن : 
*- إما أنهم يقلدون الغير..ويرون في التظاهر ببعض الآراء حالة عصرية (متقدمة). 
*- وإما أنهم ينطلقون من ردود الفعل تجاه حال الاضطهاد، التي تعرض الكرد لها، من إدارات سياسية، تعلن الإسلام منهجا لها(تركيا حزب العدالة والتنمية مثلا، إيران نظام الملالي مثلا، العراق موقف علماء المسلمين  مثلا، سوريا موقف الإسلاميين عموما ..وفي الدول الإسلامية الأخرى، المواقف المترددة، أو الصامتة تجاه اضطهاد الكرد في البلاد التي يسكنونها – سواء في كردستان المقسمة إلى أربعة أجزاء. أو خارجها - كالأفغان والباكستانيين والاندونيسيين و الماليزيين إضافة إلى العرب..الخ
*- وإما أنهم ينطلقون من رد الفعل من سلوكيات متجاوزة من رموز إسلامية كردية على الصعيد الداخلي..(سلوك بعض المشايخ و الملالي والحجاج ومن يزعمون الانتساب إلى الرسول تحت اسم السياد..   
 باختصار كل الذين يعرضون أنفسهم باسم الإسلام ولا يلتزمون منهجه بشكل كاف ومقنع قياسا إلى نهج الإسلام نفسه.
*- وإما أنهم يعتقدون أن البعد عن السلوك الإسلامي قد يوفر لهم تعاطفا غربيا(أوربيا أو أمريكيا..) ويعتقدون ان سبب حرمان الكرد من تكوين دولة على غرار دول العرب أو غيرها في المنطقة ..قد يكون موقف الغرب منهم إثر هزيمته أمام صلاح الدين الأيوبي، (إضافة إلى الخشية من الكرد كقوة في المنطقة قد لا تتوافق كثيرا مع مصالحه الاقتصادية. لما يتميز به الكرد من قابليات فردية واجتماعية عقليا وذكائيا، يمكن أن يساهم في تطور سريع لهم) ،والأمثلة ماثلة أمامهم عبر شخصية محمد علي باشا(الذي تؤكد بعض المصادر على أنه كردي الأصل ).وسابقا صلاح الدين الأيوبي وعائلته وغيرهم..فضلا عن أسماء شهيرة في ميدان الدين والعلم والسياسة..الخ.
*- أو غير ذلك من العوامل المحتملة والمؤثرة.
نحن هنا لا نناقش مسألة حقوق الناس فيما يعتقدونه، دينيا أو سياسيا أو غيره ذلك
فلكل فرد الحق في ممارسة حريته واعتناق ما يشاء ..وقد كفل هذا الحق جميع الشرائع الأرضية – المتفق عليها- والسماوية .. ولكننا نريد الإشارة إلى الحالات التي يتجاوز البعض فيها، حدود حريتهم، عندما يسيئون إلى مشاعر الآخرين (المتدينين) والمفروض أن اعتقادهم يندرج تحت حرية المعتقد التي يفترض أنهم يتمتعون بها مثل غيرهم. 
 نريد الإشارة إلى أولئك الذي يغلّبون اجتهادا تهم ويعتبرونها المصدر الذي يجب أن يُعتمد.. متجاوزين حقوق غيرهم في الاجتهاد مثلهم أو الاعتناق مثلهم- أي اعتناق كان-..(يعطون لأنفسهم حقوقا يمنعونها عن الآخرين، وهذا هو معنى الإجحاف تماما).
والملاحظ ان سلب الحرية في هذا الشأن يبرز أكثر لدى أصحاب الاتجاهات الأيديولوجية السياسية.. أو الذين يتعاملون مع السياسة.. من موقع المقلد لرؤسائهم.إضافة إلى بعض الذين يتمسحون بالثقافة وليس لهم دراية بمنهج الثقافة، المنطقي والعلمي أساسا(المنهج العلمي للبحث) .فضلا عن المنهج الأخلاقي..!
ومن هؤلاء: أحدهم-سبب هذه الكتابة- والذي أباح لنفسه ان يشتم المؤمنين وخاصة المسلمين منهم ،باعتباره ينتمي إلى الإسلام .وقد كتبت عن ذلك دون إشارة إلى اسمه وكتابته هذه تزين الصفحة الأولى من إحدى المواقع الكردية.ويبدو أنها شعار لا مقالة فحسب.
 كما يرد في خطابات سياسية (حزبية) بعض هذه الأفكار التي تحشد إرضاء للسلطة التي- باسم العلمانية.. والثورة..والعصرنة.. وغيرها- ضيقت الخناق – في مرحلة معينة- على المسلمين. ومن حسن الحظ أنها الآن متساهلة قليلا – ربما لتغير الظروف وتحت رؤية سياسية جديدة- ربما ، للحاجة لسبب ما، إلى رضا الإسلاميين أو المسلمين. وهذا هو عيب السياسة العالمثالثية ومنها العربية (متغيرة مزاجيا بين حاكم وآخر،بين نظام وآخر"وهي أنظمة غير ديمقراطية في كل الأحوال" تتحكم فيها عوامل ذاتية وأيديولوجية- قد لا تكون صحيحة ولكنها تعامل بنوع من القدسية- وباسم هذه الأيديولوجيات الخاطئة على الأغلب تمارس مختلف الممارسات الخارجة عن المنطق والقانون والأخلاق..مع الشعوب والأفراد.وعلى الرغم من أنني لا أنكر ان بعض الفرق الإسلامية تتبنى اتجاهات عنيفة لا تتوافق مع منهج الإسلام نفسهز.ولكن ذلك لا يبرر أن تعمم صفاتها على كل المسلمين، فالإسلام – إضافة إلى أنه معتقد- هو ثقافة ومعاملة ونمط حياة بشكل أو بآخر.
والسؤال: لماذا هذا الأسلوب الذي هو – دوما – تعبير عن نقص في التفكير وفي وفهم معنى الديمقراطية التي ينادون بها صباح مساء..وفي الموقف منها أيضا؟!
المفاهيم الكلية (الرؤى المتكاملة ) لا تتجزء مزاجيا، وإنما يمكن ترتيب الأوليات أحيانا تحت ضغط ظروف معينة..
أما ان يعطي البعض لأنفسهم الحق في شتم الآخرين والتقليل من شأن معتقداتهم وتزييف الحقيقة باسم الحقيقة فذلك ما لا نتمناه لأحد أن يفعله..
* العنوان مستوحى من عنوان كتاب للصحفية المصرية من أصل كردي (درية عوني) وعنوانه (كرد وعرب خصام أم وئام)
.............يتبع
 







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=1874