كوردستان محمية ..... يا سيادة الجنرال
التاريخ: الأحد 05 تشرين الاول 2014
الموضوع: اخبار



توفيق عبد المجيد 
 
مرة يقولون " لولا إيران لسقط إقليم كوردستان ، وأخرى بقولون "لولا الجنرال قاسمي ومعه سبعون جندياً لسيطر تنظيم الدولة على أربيل ، وقالوها بعد سقوط بغداد وكابول " لولا طهران لما سقطت كابول وبغداد " مع تحفظي على مفردة " سقطت " فقد أوردتها كما جاءت ، ما قصدته في هذه المقالة هو الدور الإيراني في تلك الأحداث بدءاً بكابول ومروراً بالموصل وبغداد ، وليس انتهاء  بصنعاء ، دون أن يبلغ هذا الخط البياني لذلك الدور نهايته ، في استراحة قصيرة لينطلق من جديد ونحو عاصمة أو عواصم أخرى إذا لم ينكسر أو يستدار للخلف ، ليرتد إلى مصدره ، فيدخل مرحلة الانكفاء والانزواء والسبات .


وباستعراض موجز للأحداث العاصفة بدءاً بالموصل وسقوطها السهل بيد تنظيم داعش في عملية مريبة ومشكوك فيها ، باتت معروفة للقاصي والداني ، ولن يطول بنا التفكير كثيراً حتى ندرك كيف سقطت هذه المدينة ، ولم اختيرت ، ومن هي الأطراف المشاركة في احتلالها والمغزى من تلك العملية التي يبدو أنها محبوكة باتقان لتحقق أهداف خبيثة ، يأتي في مقدمتها خلط الأوراق من جديد في بغداد لإرباك العملية السياسية أو إحباطها ليستمر المالكي رئيساً للحكومة ، ومن ثم لتكون الموصل مركز انطلاق  لإنجاز بقية الأهداف التي قد لا تتحقق إذا لم يثبت المالكي . 
ولتنفيذ المخطط المبرمج وإكمال بقية حلقاته ، أوعز الجنرال سليماني إلى قطعات داعش المنفلتة من عقالها ، وبعد أن سلمت لها كل أسلحة الجيش العراقي الذي تحاشى الاشتباك معها وانسحب من ميدان المعركة بأوامر بات مصدرها معروفاً ، لتتوجه نحو شنكال المسالمة الآمنة وترتكب الفظائع والجرائم ، فتم الإيعاز إليها بعد أن بلغت مشارف بغداد التي صار سقوطها قاب قوسين أو أدنى ، ومسألة وقت ، ووصلت حدود المدن الشيعية ، لتغير مسارها بتكويعة خاطفة نحو كوردستان وفق خطة رسمت ورتبت منذ زمن لعل من أولى بنودها حرمان البيشمركة من السلاح وتزويد داعش بأحدث أسلحة الجيش العراقي المنهار ، كما لا يخفى – وللأسف - على المتتبع لسير الأحداث بعض الاصطفافات والتخندقات من قبل قوى كوردستانية حاولت الاصطياد في الماء ، لتكون أربيل هي الهدف التالي رغم أنه لم يكن في مخطط هذه القوات الوصول إليها ، بل لإثارة البلبلة بين السكان وترهيبهم من أعمال وممارسات سبق وارتكبتها ، ثم لتقصف من هناك مراكز هامة وبنى تحتية كمطارها ومحطات الكهرباء ومصافي تكرير النفط لينقطع الإقليم عن العالم في نيتة مبيتة ومرسومة ، ومن ثم إحلال إصابة المدينة بالشلل التام ، ولا أستبعد انتقال الجنرال – حامي العواصم من السقوط – من بغداد إلى هولير مع خبرائه ليكون قريباً من مسرح العمليات ويوجهها بالريموت كونترول . 
لم تتأخر الاستجابة الأمريكية كثيراً ، وهنا أسقط في يد الجنرال سليماني ومن معه لأن القيادة الحكيمة في أربيل استوعبت قواعد اللعبة ومارستها بشكل أسقط كل آمالهم وتطلعاتهم ، ولم تنس أن تقدم الشكر للإيرانيين كأول دولة ساعدت بالسلاح والخبراء ، فلم يستنجد الإقليم بهم كي يأتوا بجيوشهم الجرارة للهيمنة على (هولير ودهوك) البعيدتين كل البعد في كل العراق عن هيمنتهم خلافاً لبقية المحافظات العراقية وللعراق ككل، ومن ثم إرغام القيادة في كوردستان لتنضم لحلفهم غير المقدس والموصوف عالمياً بـ (محور الشر) لكن كان الفشل الذريع بانتظارهم ، والفضل يعود للقيادة الحكيمة التي فهمت غباء هؤلاء في إدارة هذه اللعبة المكشوفة ، كما استوعبت المقاصد والنوايا والأهداف الخبيثة من ورائها ، وفي عين الوقت  فهمها الأمريكان الذين دخلوا على الخط بشكل سريع وغير متوقع لإيران والكثيرين غيرها . 
يبدو أن الجنرال سليماني الذي استطاع بمقاتليه السبعين أن يرد الغزاة عن هولير وفي تجاهل وإنكار تامين لبطولات البيشمركة واستبسالهم ودفاعهم المستميت والمشهود له عالمياً عن كل كوردستان ، كان يعتمد على جيش جرار من (جنود لم تروها) فاستطاع بهم أن يلحق الهزيمة بالغزاة ويردهم على أعقابهم ، بعد أن خسر كل أوراقه ، وأطيح بالمالكي ، كما خاب أمله في أن يكون لاعباً يعتمد عليه في التحالف الدولي ، ولم يستطع التحكم في سياسة الإقليم والهيمنة على قرارته (وخرج من المولد بلا حمص) كما يقول المثل العامي ، ليتظاهر بالتصدي لقوى هو أحد صناعها ، فيحقق أهدافاً خبيثة على حساب دماء الأبرياء ، وتراجع دوره للخلف كثيراً ، وحشر في زاوية ضيقة لا يحسد عليها . 
28-9-2014 
  






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=18129