الشرق الأوسط الكبير وثورات الربيع العربي (بين فوضوية الطرح ومنهجية التطبيق)
التاريخ: الأحد 28 ايلول 2014
الموضوع: اخبار



  دراسة من اعداد : شيركوه حسن    

الشرق الأوسط : هي منطقة جغرافية تشمل بلدان غرب أسيا وشمال إفريقيا . 
 تطل منطقة الشرق الأوسط على البحر الأحمر, والخليج العربي, والبحر الأبيض المتوسط, وبحر العرب  . استخدم هذا المصطلح للإشارة للدول والحضارات الموجودة في هذه المنطقة الجغرافية , وللشرق الأوسط أهمية إستراتجية كبيرة بين المناطق المحيطة بها, كونها حلقة وصل وجسر بين دول وقارات العالم, أما الشرق الأوسط الكبير, فقد أطلق اصطلاحاً من قبل مراكز الدراسات الأمريكية, ومراكز صنع القرار, في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي السابق,  وبالتحديد في العقد الأخير من القرن العشرين, والذي يهدف إلى إعادة رسم الخارطة الجيوسياسية للمنطقة على ضوء الواقع الجديد, حيث سيطرة القطب الواحد على المقدرات العالمية, متمثلةً بالولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من بعدها, وبروزها كقوة عظمى ساعية لإعادة تشكيل التوازنات في العالم  في ظل النظام الجديد, حاملة عدة مفاهيم قديمة جديدة, كمفهوم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة .


من اجل ترسيخ هذه المفاهيم شاركت في عدة حروب, وساهمت في تشكيل بعض التغيرات, ففي أوروبا كان حرب البلقان في كوسوفو, كما استقلت بعض الجمهوريات عن الاتحاد السوفيتي السابق, وكذلك حدثت بعض المتغيرات الجيوسياسية في عدد من بلدان أوروبا الشرقية مثل تشيكوسلوفاكية, ودمج الألمانيتين الذي أعقب هدم جدار برلين, والتي كانت البداية المدوية لكل هذه المتغيرات, أما في منطقة الشرق الأوسط والتي هي الهدف الأساس لتلك المتغيرات, لانها كانت ساحة الصراع المفتوحة والبديلة للقوى العالمية في مرحلة الحرب الباردة, ونوعية الصراع الموجود فيه, والمبني على أسس قومية, وطبيعة الصراع العربي الإسرائيلي, وتوفر الثروات والموارد الطبيعية فيها .  
 بالرغم من أن القوى العالمية الجديدة دشنت عهدها الجديد شرق أوسطيا, بحربين كبيرتين نسبياً   (العراق وأفغانستان), إلا  أنها لاقت صعوبات وعوائق جدية بداية الأمر, حال دون تنفيذ مشروعها, في إعادة صياغة توازنات المنطقة وفق المعطيات الجديدة في النظام العالمي, تعود لذهنية شعوب المنطقة, المخترق والمشوه نتيجة نشر ثقافة الاستبداد والتي كرستها الأنظمة العسكرية الشمولية في المنطقة, والتي استعانت بالأحزاب القوموية ذات الشعارات الشوفينية (البعث نموذجاً) . 
 فلم تكن حادثة الشاب والطالب التونسي (البوعزيزي) سوى مطية وانطلاقة مكملة لتنفيذ المشروع الشرق أوسطي, تحت شعارات براقة كالتحرر من نظم الاستبداد, والعدالة, والديمقراطية, ولم تكن سرعة سقوط نظام بن على سوى إحدى الفصول المعدة سلفاً, لتشجيع شعوب باقي البلدان على القيام (بثوراتهم) على الحكام, سميت فيما بعد بثورات الربيع العربي, حيث امتدت إلى مصر فليبيا واليمن, لتنتقل فيما بعد إلى سوريا, والتي تحول فيها الربيع العربي المنشود إلى خريف, دون أن نتجاهل مفاعيل الحالة العراقية . قبل الخوض في تفاصيل الحالة السورية سرداً وتحليلاً وامتداداتها المباشرة في العمق العراقي  لابد أن نعود إلى الحالات السابقة لنعيد على أنفسنا صياغة اسئلة مهمة .
  • هل تحقق لشعوب تلك البلدان الديمقراطية والحياة الحرة الكريمة .
  • هل تخلصوا من نظم الاستبداد وحكم العسكر .
  • هل البديل (( المنتخب)) هو البديل الافضل .
 ففي الحالة التونسية, ورغم السقوط الماراثوني لنظام بن علي, إجراء الانتخابات النيابية, إلا إن الشعب التونسي والذي كان الأداة الأساس للثورة, والتي رفعت شعارات الحرية والديمقراطية, لم يحقق من الأهداف المعلنة لثورته سوى إسقاط النظام الفاسد ل بن علي, لكنه لم يأت بالبديل الديمقراطي المنشود, ولازالت البلاد تعاني من حالة عدم الاستقرار النسبي, المترافقة وحالة الفوضى الخلاقة . 
 اما في الحالة المصرية, على الرغم من تشابهها الشكلي والحالة السابقة في الانطلاقة والأسلوب والممارسة, إلا أنها اختلفت في طريقة المعالجة, حيث كانت أكثر دموية ووحشية من سابقتها, وما الحادثة الدموية الشهيرة ( بحادثة الجمل ) والتي هاجم فيها أنصار مبارك المتظاهرين العزل, وبطريقة بدائية بشعة وأمام مرئ العالم اجمع, من خلال النقل المباشر للحدث ومن موقع الحدث, على شاشات الفضائيات, حيث كان المهاجمون وبطريقة تعيد المتلقي والمشاهد إلى عصور الجاهلية وغزواتها, راكبين الجمال والأحصنة, حاملين السكاكين والسيوف وبنادق الصيد, والتي أدت إلى سقوط العديد من الضحايا بين قتيل وجريح, والتي لم تكن سوى مقدمات وتهيئة المتابع لاستقبال حالات أكثر دموية, على الطريقة الداعشية وفق النموذج السوري والعراقي فيما بعد, ليؤدي الى تدخل العسكر اللذين اجبروا مبارك على التنحي, ومن ثم الإشراف على انتخابات رئاسية أنتجت مرسي ذي الخلفية الاسلاموية, والذي كان سجيناً سياسياً في عهد سلفه مبارك, والذي قام فيما بعد بعزل قادة العسكر, الذين كانوا السبب الرئيس الثاني بعد إرادة المتظاهرين في توليه السلطة, إلا انه فشل في إدارة البلاد وكسب رضى الثائرين, لممارساته القمعية المنطلقة من قناعاته الاسلاموية السياسية, والمرتكزة على فكره الشمولي والاستبدادي, والتي أدت إلى تزايد نقمة الثائرين عليه .  
استمرت مظاهرات التحرير, إلى أن تدخل العسكر من جديد بقيادة السيسي للانقلاب علي مرسي (( المنتخب )), وعلى حكمه حيث تم اعتقاله وعدد من قيادات حزبه الأخوان المسلمون, ولتجري فما بعد انتخابات ديمقراطية المظهر, شكلية المضمون, ليُنَصبَ السيسي من خلالها وبغطاء شرعي شعبوي ودولي رئيساً للبلاد والعباد, ليكمل بذلك وفي هذه المرحلة دورة الحلقة, وليسدل الستار عن الفصول الأخيرة للملف المصري, وبعد كل تلك التضحيات والخسائر البشرية والاقتصادية من خلال حكم العسكر من جديد, فمصر من العسكر إلى العسكر مع تغيير واجهة اللوحة .  
يلاحظ إضافة إلى انقسام المجتمع المصري ذاتياً على أسس سياسية, ظهر في هذه المرحلة حالة انقسام أخرى, وهي الانقسام الديني من خلال مهاجمة عدد من كنائس الأقباط واحرقها, بالرغم من اشتراك الأقباط في الحالة الثورية .  اما في اليمن فلم تختلف الحالة كثيراً عن الحالتين السابقتين, إلا في إطارها الشكلي البسيط وفي طريقة التعاطي والمعالجة, ولم يكن ذلك إلا في إطار خصوصية كل بلد, وموقعة الجيوسياسي والعقلية التي تدار بها الحكم , فكانت المظاهرات المليونية السلمية في ساحات التحرير, وانقسام العسكر بين مؤيد ومعارض لعلي عبد الله الصالح, وتعالي الصيحات الدولية لعبد الله الصالح بضرورة التنحي, ومن ثم  تشكيل لجنة خليجية وقيامها بمبادرة أدت إلى تنحي صالح, وانتقال سلمي للسلطة .  
 وعلى الرغم من مرور مدة ليست بقصيرة على تنحيه, إلا أن اليمنيون لم ينعموا حتى الآن بالاستقرار, ولازالت الصراعات قائمة, لا بل آخذة شكلاً أكثر عنفا ودموية, وخاصة بين القائمين على العملية السياسية, المتمثلة بعبد ربه منصور هادي والحوثيين من ذي قبل, ولا بد أن نستذكر أن ابرز ما ميز الحالة اليمنية عن الحالتين السابقتين, هو النشاط الملحوظ لجماعات القاعدة, وكذلك احتدام الصراع المذهبي السني الشيعي, ومهاجمة جماعة عبد الملك الحوثي, المدعومة من إيران على المراكز الحكومية في العاصمة صنعاء والاستيلاء عليها, والتي لا زالت مستمرة حتى الآن .  
اما في ليبيا, فقد تشابهت الحالة الليبية والحالات السابقة بداية, إلا أنها سرعان ما أخذت منحناً عنيفاً  قياساً بسابقاتها, وذلك لأسباب عدة أهمها طريقة تعاطي نظام ألقذافي العائلي مع الثائرين عليه, والرد العنيف الذي انتهجه أعوان ألقذافي على طلبات الثوار السلميين, والتي سرعان ما حملوا السلاح للدفاع عن الذات, وسرعة مساندة وتدخل الغرب عسكرياً لصالح الثوار, بعد القرار الدولي المستصدر تحت الفصل السابع لحماية الليبيين المناهضين لحكم ألقذافي, والتي كانت السبب المباشر لإسقاط النظام.  
أن الثوار سرعان ما انتقلوا من مرحلة الثورة الشعبية, ضد نظام حكم مستبد, رافعين شعارات الحرية والكرامة, إلى مرحلة جديدة, هي مرحلة تدمير الثورة والثوار, بعد تدمير البلد خيرات ومقدرات, من خلال صراعات جانبية مفتعلة للاستيلاء على السلطة والجاه, مستغلة طبيعة الانقسامات العشائرية والمناطقية والعقائدية لشعوب ليبيا .  
 ولم تكن طريقة إخراج اعتقال ألقذافي, والاعتداء عليه ومن ثم قتله المهين, والمنافي لأبسط قواعد حقوق الإنسان, بالرغم من كل جرائمه البشعة, إلا بداية تمرد الثوار على أخلاقيات الثورة, وبدل الانتقال إلى البناء الخلاق او اعادة البناء, انتقل الليبيون إلى التدمير الخلاق متجاوزين الفوضى الخلاقة .  
وفي سوريا, اختلفت الحالة عن سابقاتها من حيث شكل وأسلوب إدارة الصراع,  من قبل الأطراف النافذة والمتحكمة بالحالة, بالرغم الانطلاقة المشابهة للحالات السابقة, طريقة التظاهر, انطلاقة التظاهرات السلمية, شعارات المتظاهرون, والتي أخذت منحاً تصاعدياً بدأً من المطالبة بالإصلاح وانتهاءً بالمطالبة بإسقاط النظام بكافة أركانه ومرتكزاته, وتسمية أماكن التظاهر كسابقاتها بساحات التحرير, إلا أنها تمايزت عن غيرها في بعض الجزئيات البسيطة, فمثلاً كانت الشرارة الأولى في تونس اثر الاعتداء على الشاب بوعزيزي, أما  في سوريا فكتابة عدد من أطفال درعا, بعض الكتابات المستنسخة عن الثورات السابقة, والتي تدعوا إلى إسقاط النظام السبب في اندلاع الشرارة الاولى للثورة .  
حيث قامت الاستخبارات السورية, وبالتحديد فرع الأمن السياسي في درعا, والذي كان يتزعمه ابن خالة الرئيس السوري, باعتقال الأطفال وتعذيبهم بشكل وحشي في السجون, وعلى الرغم من تدخل الأهالي ووجهاء درعا ومحاولاتهم الإفراج عن أطفالهم, إلا إن مساعيهم قوبل بالرفض, لا بل تم إهانتهم, فكان السبب المباشر لازدياد الاحتجاجات الشعبية, والتي أخذت تتوسع لتشمل كافة المناطق السورية, انطلاقاً من درعا وصولاً إلى عامودا وباقي المدن, هذه المدينة الكوردية الثائرة, والتي أُسقط فيها تمثال للرئيس السوري السابق حافظ الأسد والد بشار الأسد وللمرة الثانية, حيث  اسقط نفس التمثال وفي نفس الموقع للمرة الأولى في آذار 2004 على اثر الانتفاضة الكوردية العارمة.  
الانتفاضة التي بدأت من قامشلو, على اثر خلاف افتعلته السلطة, بين جمهور فريقي كرة القدم الفتوة الديري والجهاد القامشلوكي, والذي قتل على أثرها مجموعة من الشباب الكورد, نتيجة استخدام أجهزة الأمن السوري الرصاص الحي على جمهور نادي الجهاد ذات الغالبية الكوردية, متسببة في مقتل عدد من الشباب والتي كانت السبب المباشرة لانطلاق الانتفاضة , لتشمل كافة المناطق الكوردية في سورية حيث عرفت فيما بعد بانتفاضة قامشلو.  
إن شمولية التظاهرات لكافة المناطق الكوردية, وانحسار تواجد النظام في تلك المناطق إلى مربعات أمنية في المحافظات الثلاث الحكسة الرقة وحلب, إلا إنها لم تمتد إلى المناطق ذات الغالبية العربية في سوريا, كي تتحول إلى تظاهرات شعبية ذي طابع وطني شامل, تهدف إلى إسقاط النظام,  والسبب الرئيس في ذلك يعود إلى نجاح السلطة حينها في اللعب على الوتر القومي, بتجييش الشعور القومي العربي السوري ضد الانتفاضة الكوردية مستغلة سقوط نظام صدام حسين القوموي في العراق قبل عام, وبروز وتعاظم دور إقليم كردستان العراق  كحالة جديدة لم تستوعبها المنظومة الفكرية القوموية العربية, إضافة إلى أسباب أخرى لسنا بصدد ذكرها الآن لكي لا نخرج كثيراً على موضوع دراستنا.  
وبالعودة الى حالة الثورة القائمة, بالرغم من انتشارها وتمددها في كافة المناطق السورية, ومشاركة كافة فئات المجتمع السوري فيها القومية, الدينية, والاجتماعية, إلا إنها واجهت بعض الانتكاسات والعقبات, التي ساهمت في إطالة أمد الصراع, وتغير منحاها السلمي, فبالرغم من الانطلاقة السلمية للثورة السورية, إلا أن النظام استطاع تحريفها باتجاه العسكرة باعتباها الساحة الأفضل بالنسبة له, كي يتمكن وباستخدام القوة المفرطة من قمع الثورة أو على الأقل إطالة أمد الصراع, مراهناً على متغيرات قد تحدث لصالحه.  
فبعد نشره لمخطط من تأليف أجهزة استخباراته متكامل الفصول, سمي حينها (مخطط بندر بن سلطان الشيطاني للتأمر على سوريا) ليتولى فيما بعد التلفزيون السوري من إخراج بعض حلقاته, خلال نشر عدة لقطات تبين بعض الملتحين أو الملثمين حاملين أسلحة فردية خفيفة وبدائية وبنادق الصيد وهم يهاجمون المتظاهرون, ويطلقون النار عليهم من اجل تسويق رواية النظام (الجماعات السلفية) على الشعب السوري والرأي العام العالمي.  
نتيجة لاستخدام العنف المفرط, اضطر الثوار إلى حمل أسلحة دفاعية خفيفة للدفاع عن المتظاهرين, والتي كانت بداية وقوع الثوار في شرك النظام, إلا  أن النظام لجأ إلى استخدام السلاح الأثقل فالأثقل, كي ينقل الثورة مرحلة بعد أخرى بالاتجاه العنف المفرط في مواجهة المتظاهرين.  
وبسبب السياسات المتبعة من قبل دوائر صنع الحدث والقرار العالمي, والتي اكتفت بالدعم الشبه اللفظي للثورة, وكذلك التصريحات الصادرة من بعض الدول الإقليمية وخاصة تركيا وقطر, والتي كانت قوية في بداياتها, حيث وصلت إلى درجة مطالبة النظام بالتنحي, إلا إنها تراجعت بعد أن أوصلت الشعب السوري وكذلك الثورة إلى مرحلة الاستعصاء السياسي, مع ازدياد يومي في عدد الضحايا من المدنيين نتيجة اشتداد المعارك على الأرض والاستخدام المفرط للقوة من قبل النظام, وصلت إلى درجة ارتكاب العديد من المجازر في معظم المناطق السورية, ومع تراخي قبضة النظام العسكرية نتيجة انهيار معنويات الجيش وانشقاق الكثير من الجنود والضباط الذين رفضوا قتل أهلهم, مما اضطر النظام إلى الاستعانة بالميلشيات الطائفية اللبنانية والعراقية والإيرانية, واستقطاب  التكفيريين من الخارج وإطلاق سراح من كانوا في السجون, وتجميعهم تحت مسميات عديدة منها جبهة النصرة وداعش, ليقوموا فيما بعد وبمساعدة استخبارات النظام بثورة مضادة, بعد أن سلحوا من مخازن ومستودعات الجيش من خلال معارك وهمية, لم تكن إلا عمليات استلام وتسليم مترافقة مع تصفية بعض العناصر المشكوك بولائها من الطرفين .  
تعاظم دور هذه الجماعات وخاصة داعش فيما بعد, ليقوم بادوار ومهمات مزدوجة في سوريا والعراق, والتي جاءت بالضد من مصالح الشعبين السوري والعراقي وشعوب المنطقة بكافة مكوناتها الدينية والعرقية, لا بل حتى الفئات التي من المفترض انها تمثلهم كانت الاكثر تضرراً من تصرفاتهم.  
وما يستوجب الإشارة إليه هنا, أن كل هذه التحركات حدثت أمام أنظار الجميع من قوى دولية وإقليمية, وخاصة بعد تعاظم نفوذها اثر سيطرتها على مناطق شاسعة في سوريا انطلاقاً من محافظتي الرقة ودير الزور السنيتين, وتوجهها واجتيازها للحدود العراقية السورية, واستيلائها على الموصل ومناطق أخرى, المدينة التي تعد من اكبر مدن السنة في العراق وثاني اكبر مدينة عراقية, واستحواذها على عتاد ثلاث فرق عسكرية للجيش العراقي, اثر انهيارها وتفككها السريع أمام هجوم داعش, الامر الذي يدعو إلى التأمل لا بل التوقف عند مجموعة من الأسئلة التي تطرح نفسها وبقوة .  
كيف تنهار قوة عسكرية قوامها ثلاث فرق عسكرية مجهزة بكافة أنواع الأسلحة,  أمام قوة مهاجمة صغيرة وقليلة التسليح في غضون ساعات, وطريقة إدارة القوة المهاجمة أسلوب الحرب الالكترونية الحديثة تفتقر أليها حتى القوات التقليدية والجيوش الرسمية في المنطقة,  والتي تفوق إمكانيات الملتحين وحاملي السيوف ولابسي الجلابيات القصيرة, مستغلة طريقة تعامل حكومة المالكي المذهبية مع المناطق ذات الغالبية السنية,  لتنتقل فيما بعد الى مهاجمة شنكال ومناطق اقليم كوردستان الامنة, والتي نأت بنفسها من الوقوع اتون الصراع المذهبي في المنطقة, لتكون شنكال وكردستان بداية النهاية لداعش ومن بعدها كافة المنظمات العنفية مثل النصرة وغيرها, والتي على ما يبدو انها انجزت المهام الموكلة اليها بالنسبة الى قوى القرار العالمية, وبدأت تتجاوز الخطوط الحمر المرسومة لها, فبعد ان استقطبت الجهاديين والتكفيرين من كافة اصقاع الارض, بالإضافة الى ايصال الصراع المذهبي في المنطقة الى مرحلة اللاعودة, وكذلك التدمير الممنهج الذي انتهجته في المناطق التي سيطر عليها, مما اضطر الغرب وفي مقدمتها صانعة النظام العالمي الجديد امريكا الى رفع 
الكرت الاحمر في وجهها, والبدء بالهجوم عليها بدأً من كوردستان, والتي كانت ذات دلالات واضحة بان كوردستان وفي هذه المرحلة هي محمية دولياً   .  رغم كون الشعب الكوردي من الشعوب الأصيلة في المنطقة بتعداد سكان يتجاوز الأربعون مليوناً, إلا أنهم لم ينالوا أي من حقوقهم القومية لا بل قسمت أرضهم بين أربع دول هي تركيا العراق إيران وسوريا, نتيجة اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت المنطقة وفق أسس نظام عالمي جديد  راعى مصالح دول الحلفاء الخارجة منتصرة من الحرب العالمية الأولى, حيث بقي الكورد مضطهدين خلال كل تلك المرحلة رغم الثورات العديدة التي قاموا بها في سبيل انتزاع حقوقهم القومية, هذه الثورات التي أرهقت كاهل الأنظمة الغاصبة لكوردستان فاكتسبوا نتيجتها بعض الاستحقاقات القومية, والتي اتسمت بالوقتية لحين استعادة الانظمة المركزية لهذه الدول أنفاسها لتتراجع فيما بعد عن وعودها واتفاقاتها السابقة مع الكورد (العراق نموذجاً) .  
إلا انه وبعد انتهاء حقبة الحرب الباردة, وانهيار المنظومة الاشتراكية المتمثلة بالاتحاد السوفيتي السابق, وجنوح العالم نحو أحادية القطب المتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية, والتي عمدت إلى إعادة صياغة التوازنات الدولية على أساس نظام عالمي جديد, وفق جدلية القطبية الأحادية,  وتسريب مشروع الشرق الأوسط الكبير, المعد في دوائر صناعة القرار العالمي والبدء بتنفيذه على مراحل فيما بعد, بدء نجم الكورد يسطع من جديد وخاصة بعد حرب الخليج الثانية, حيث استصدر ولأول مرة قرار من هيئة الأمم تخص حماية الكورد العراقيين, في مناطق الحماية الآمنة شمال خط عرض 36 وذلك بعد الهجرة المليونية لهم, وان كان تحت اعتبارات ودوافع إنسانية, لتتحول فيما بعد إلى قاعدة ارتكاز ومطبخ لصياغة القرار الكوردستاني, وان كان تعاطي الحركة التحررية الكوردستانية معها دون المستوى المطلوب وذلك لأسباب ذاتية بنيوية وفكرية.  
 تباين تعاطي الكورد مع الأحداث التي رافقت ثورات الربيع العربي, حيث أخذت بعض أطراف الحركة الكوردستانية تجنح إلى كسب استحقاقات حزبوية أو فئوية ضيقة,  من خلال استمالتها إلى إحدى طرفي الصراع في المنطقة دون معرفتها أو تجاهلها لماهية الصراع وطبيعته, غير مستدركة بأن ما يحدث ليس إلا تنفيذاً لمراحل مشروع الشرق الأوسط الكبير, والذي يتجاوز حدود وإمكانيات دول المنطقة وشعوبها, والمستندة إلى المعادلة الثنائية الحامل سنية شيعية, وان ما يحدث في الواقع ليست إلا إحدى فصولها .  
إن تصارع الإخوة الأضداد في المنطقة (أنظمة وشعوب ) في الحقيقة لا تتعدى كونها أدوات تنفيذها, فالكل يسعى إلى كسب اكبر قدر من استحقاقات هي لمرحلة قادمة قد تمتد لعقود تارة بالممانعة وأخرى بالمواربة .  
الا ان مواقف الاحزاب الكوردستانية المتباينة تأتي ايضاً لأسباب ذاتية, تعود الى الخلفية الفلسفية والايديولوجية لتلك الاحزاب, وهي تنقسم الى احزاب تائهة بين مرتكزاتها القومية, ومنطلقاتها الاممية, وممارساتها الفوضوية, والتي تضر احياناً بالمصالح القومية لشعب لم يتخطى بعد عتبة الكينونة القومية, فتاتي ممارساتها اليومية وفق النظرية الميكافيلية, فالغاية لديهم تبرر الوسيلة لتظهر ممارساتهم بعيدة عن الحسابات القومية, ولذلك نراها تصب في خانة احدى حاملي الصراع,  وان حققوا مكاسب وقتية تأتي في سياقات توزيع المهام والادوار التكتيكية المحددة , في ظل تداخل المشروع الرئيسي مع المشاريع الثانوية الاقليمية المتعددة والمتضاربة, الجاهدة لكسب استحقاقات من خلال محاولة صياغة وتحريك اللاعبين الاساسين والثانويين, تصل احياناً الى درجة التوافق والتشابك في ذات اللحظة بين الاضداد الهائمين على اطراف الصراع  .  
واحزاب تبحث عن ذاتها المتفككة في معادلة البقاء, ولأجل البقاء نراها متخبطة ذات اليمين وذات الشمال, تتعلق بكل قشة عائمة, علها تنقذها من مصير تخشى هي ذاتها على ذاتها من الضياع, فبعد رحلة شاقة دون التجدد ارهقها النضال . 
 واحزاب ناشئة تبحث لذاتها عن موطئ قدم في الصراع, فهي من الصراع والى الصراع وللصراع ولدت في ساحة من اجل الوجود هي احوج الى اللاصراع .  
اضافة الى الاحزاب الكوردستانية الرصينة, ذي النزعة القومية والتي  تلتزم بها منهجاً , منطلقاً من ارثها التاريخي القومي, فهي تعمل في اطار هذه القاعدة فهي من كوردستان المنطلق ولكوردستان الهدف تبقى ملتزمة, تنأى بنفسها عن منزلقات الصراع المذهبي ملتزمة خط الاعتدال السياسي, الديني, والقومي, قادرة ونتيجة لعلاقاتها الدولية الواسعة وادراكها لماهية اللحظة التاريخية وطبيعة الصراع, ان تحافظ على مسافات محددة مع كل الاطراف ملتزمة بتقاربها او تباعدها وفقاً لتقاطعها او تضاربها والمصلحة القومية لشعب كوردستان, منطلقةً بالنظرية القائلة ( في السياسة لا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة بل مصالح دائمة ) فهي وفق هذه المنطلقات تلتزم ومسارات الامن القومي الكوردستاني, وهي لها الضمانة, الا انها لم تكن حصينة كفاية من الوقوع  في بعض الاخطاء التكتيكية نتيجة ضغط اطراف الصراع .  
اما في سوريا فطبيعة الحركة الكوردية مختلفة وما ذكرنا سابقاً, فهي تأخذ منحاً تبعياً لجزئيات الحالة الكوردستانية, رغم محاولاتها سابقاً بالتمايز لنفسها كونها تمثل جزءاً مهماً من كوردستان ارضاً وشعباً, إلا إنها فشلت لأسباب ذاتية وموضوعية تتعلق بمنشأ هذه الاحزاب, وطريقة تشظيها, وتعاطي الاحزاب الكوردستانية معها, واخرى تتعلق وطبيعة النظام وطريقة تعاطيه والملف الكوردي ككل والملف الكوردي السوري بشكل خاص, فانقسمت هذه الاحزاب على ذاتها منذ انطلاقة الثورة السورية انطلاقاً لخلفياتها الكوردستانية وخطوطها المرسومة, فاوقعت نفسها في ذات الخطأ التاريخي دون ان تستدرك وجوديتها الكلية او تلاشيها تكون بتعاطيها الايجابي مع الاخر الكوردي المختلف وجزئيات الحالة .  
 فاخذ احد اطرافها يتمدد بعد ان كان يلفظ انفاسه, نتيجة لممارسات السلطة وعقليته الرافضة لوجود الشعب الكوردي ككل ولوجوده كمنظومة, لنسجه اي النظام علاقات اقليمية مبنية على اساس مصالح الدول والانظمة الحاكمة قبل انطلاقة الثورة, الا ان انطلاقة الثورات العربية عموماً والثورة السورية بشكل خاص, وتأثيرها المباشر على المواقف الدولية والاقليمية كل وفق قراءته للمتغيرات انطلاقاً من مصالحه, اثر في ترتيب العلاقات في المنطقة والتي كانت السبب المباشر في محاولة النظام اعادة احياء العلاقات القديمة مع بعض الاطراف الكوردستانية, اضافة الى طبيعة الصراعات الكوردستانية,  وكذلك مشروع السلام الكوردي التركي واستحقاقاتها اللاحقة, وكذلك تغاضي الاطراف الدولية لما يحدث على اعتبارها ترتيبات مؤقتة ترتبط استمراريتها من عدمه وحالة الحل النهائي لمفهوم المشروع, إضافة الى محاولات حاملي الصراع في المنطقة لاستمالة الكورد كقوة بشرية وجغرافية في المنطقة,  كل تلك الاسباب واسباب اخرى ساهمت في تمدد وانتشار طرف معين على الارض دون سواه .  
 وهناك ايضاً اطراف متخبطة سياسياً, اتكالية, لا تسير وفق مشروع سياسي واضح,  ذي برنامج يومي, لذا لا نراها ذي تأثير فعلى على الارض, رغم امتلاكها قاعدة جماهيرية كبيرة مستفيدة من جدلية العلاقة الكوردستانية, فبالرغم من انتهاجها نهج الاعتدال الكوردستاني نظرياً, الا انها لم تستطع التخلص من حالتها العدمية التائهة في المربعات السورية, لذا نراها تتخبط بين المستحقات النظرية ومتطلبات الفعل, علها تنتظر لحظة تاريخية, كونها مقادة من شخصيات هرمة سياسياً, لم ولن تستطيع فهم متغيرات متسارعة, لمرحلة تتطلب التفاعل مع اسلوب الادارة الحديثة والتي تعتمد التكنولوجيا اداة لها فتجاوزهم الزمن رغم تعلقهم بها . هذا اضافة الى احزاب طفيلية, غير مرئية ناشئة نتيجة  تشظي الحركة, لا تمتلك ادنى مقومات استمراريتها , تعيش على الفُتات, تعرض بضاعتها هنا وهناك, لتمد في عمرها يوماً بعد يوم .       
   مما تقدم نستطيع القول إننا نعيش مرحلة انتقالية لحالة تغيير حقيقية وعميقة في البنى الفكرية المجتمعية, وإعادة لصياغة خارطة جيوسياسية في المنطقة قد تختلف نتائجها والأهداف والممارسات المعلنة, والآخذة شكل ثورات ترفع شعارات الكرامة والحرية لشعوب ذاقت الويلات, في ظل أنظمة شمولية مستبدة خلقت بممارساتها مقدمات موضوعية لحالة ثورية شعبية ساعية للتخلص من هذه الأنظمة .  
فبرزت ومن جملة ما برزت في تلك السياقات نجم الأحزاب الاسلاموية, والتي كانت ممنوعة من ممارسة العمل السياسي العلني في ظل حكم هذه الأنظمة, مما اكسبها تعاطفاً جماهيرياً لشعوب تعيش حالتها الثورية, غير قادرة على التمايز لانسياقها لحالة عاطفية تجهد للخلاص من أنظمة طالما استغلتها ولعقود, تحت شعارات ويافطات قوموية,  ولضبابية الرؤية المستقبلية لديها نتيجة لتقاطع المشاريع الآنية والاستراتيجية المتداخلة كحالة فعل طبيعية لحالة الثورات المدعومة شعبياً والثورات المضادة المدعومة من قبل الأنظمة ودوائر الاستخبارات الإقليمية والدولية,  واختلاطها في بعض حالاتها مرتكزة على الفوضى الخلاقة الممنهجة من قبل دوائر القرار العالمية وبالتوافق مع بعض أنظمة المنطقة, والتي لم تدرك بعد حتمية زوالها,  والمتناحرة من اجل البقاء أو على الأقل لإطالة عمرها قدر الإمكان علها تجد مخرجاً لبقائها, فهي مستعدة للتعامل مع الشياطين من اجل بقائها, لان الحالة بالنسبة لها هي حرب وجود من عدمه .  
وصلت الحالة إلى خلق ونشوء منظمات عنفيه جديدة, أو إعادة إحياء القديمة منها والحاملة لمفاهيم اقصائية, وتقويتها تسليحاً وتدريباً وتمويلاً بين ثنايا العلن والخفاء,  لتمارس التدمير الخلاق لكل مرتكزات الحياة والتعايش البشرية والاقتصادية والعسكرية والبنيوية, في حالتي ما قبل وما بعد إسقاط الأنظمة والحالتين الليبية وكذلك السورية خير شاهد على ذلك, فلكل دور ومهمة لها محدداتها الزملكانية , وليست ( داعش ) إلا إحدى نماذجها لننتقل وفي مراحل لاحقة قد تبدو بعيدة بعض الشيء إلى مرحلة البناء الخلاق أو إعادة البناء, بعد أن نكون قد مررنا بمرحلتي الفلترة الخلاقتين الفوضى والتدمير لكل مرتكزات سايكس بيكو, فبعد نسف مفهوم عدم التدخل على اساس السيادة الوطنية, نرى الجماعات العنفية تتجاوز لتلغي الحدود الدولية, ثم تمارس التدمير لكافة مقومات الدفاع الوطنية, والتي تنطلق على انقاضه مشروع الشرق الأوسط الكبير الهادف الى تفكيك المنظومات الشرق اوسطية واعادة تركيبها, وفق مقتضيات المنظومة العالمية الجديدة  بعيداً عن كل شعارات الربيع العربي, فالشرق الأوسط الجديد يستند على ثنائية شيعية سنية متماثلة, قد تمتد من باكستان وأفغانستان إلى الصومال والسودان مروراً بإيران وتركيا وكل ما يعرف بدول المنطقة ومنظوماتها القائمة, هذه الثنائية التي تتصارع بالأساس في ظل مشروع التجديد ساعية لكسب اكبر قدر من الاستحقاقات الذاتية.   
و إن ما يعرف بالمشروع الإيراني المضاد للمشروع الأمريكي إلا محض خيال, فالايرانين لا يمتلكون لا القدرات ولا المؤهلات العسكرية والاقتصادية, وحتى العلمية تخولهم لطرح مشاريع عالمية تنافس مشاريع أمريكية في هذه المرحلة, إضافة إلى انه لم يكن لهم نفوذ في المنطقة في المراحل السابقة, وان اندفاعهم لخلق أقاليم شيعية ابتدأ من العراق وليس انتهاءً باليمن تأتي في سياقات النظام الجديد ومشروعه على حساب الأقاليم السنية . إن هذه الأقاليم السنية الشيعية ستبقى مبعثرة, لا نفوذ لها لافتقارها إلى مرتكزات القوة العسكرية والاقتصادية, نتيجة لانشغالها بصراعات مذهبية ستمتد لعقود قادمة, بعد أن يُسدل الستار على الصراعات القومية التي كانت ابرز سمات  النظام العالمي القديم, وستعيش إسرائيل الدولة اليهودية والمؤسسة على أسس دينية في استقرار, بعد أن خاضت أخر حروبها في غزة أو حربها ما قبل الأخيرة,  لتنعم بسلام ونفوذ جيوسياسي يفوق حجمها في المنطقة لتبقى قاعدة التحكم بالمنطقة ومقدراتها مستقبلاً, إلى جانب اقاليم أخرى منها كوردستان تلك الدولة الناشئة في حدود التاريخ والجغرافيا, وضمن مشروع الشرق الأوسط الكبير, الدولة القومية المرتكزة على قواعد العدالة الإنسانية, لتبقى هذه الأقاليم  نماذج يهتدى بها, تعيش خارج دائرة الصراعات المذهبية الشيعية السنية في المنطقة, هذا إن كان الكورد أهلاً لها, واستطاعوا جمعاً تجاوز خلافاتهم الايدولوجية والفكرية, والالتفاف حول خط الاعتدال, والالتزام بمسارات الامن القومي الكوردستاني, بعيداً عن منزلقات الصراع القائم  . 
 واخيراً بقي ان ننوه الى ان هذه الثورات الشعبية في البلدان العربية لم تأتي تباعاً, فأن اي حالة لم تنتظر نتائج سابقتها لتبدأ, بل جاءت متداخلة في التوقيت, كما انها لم تأت متحالفة مع بعضها, وان طبيعة الثورات الحديثة تختلف عن الثورات الشعبية التقليدية, حيث العامل الذاتي هي الحاسم لصيرورة الثورة, ويكون العامل الخارجي ذو تأثير ثانوي, الا ان الثورات الحالية هي على العكس, فأن العامل الذاتي لا يتعدى كونه مسير من العامل الخارجي المتحكم بمنهجية الحركة لذا كان عنوان دراستنا (فوضوية الطرح ومنهجية التطبيق )     .        






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=18092