السلطة السورية خط أحمر
التاريخ: السبت 27 ايلول 2014
الموضوع: اخبار



د. محمود عباس
  
 كوباني على مرمى قذائف صنيعة السلطة السورية، أشرار داعش، وكذلك كل غرب كردستان، ومعها مناطق واسعة من سوريا، يخلفون المجازر والدمار البشري ورائهم، سكتت عنهم تركيا، ولا تتدخل سلطة بشار الأسد إلا لغاية الإيحاء للعالم بانها تحارب الإرهاب، وقف الشعب الكردي مدهوشا ومتحيرا في كثيره، من النفاق الدولي الإقليمي، مضطر أن يستند على ذاته وإمكانياته العسكرية الشحيحة، وصراخه الداخلي، والتمعن في آلامه. أعلى سطح الخلافات الكردية-الكردية الكثير من التناقضات والتقاربات الاضطرارية، ومن عمق المآسي الجارية، ظهرت بوادر تقارب وتكاتف ما، إلا ما ندر. 


 تهجير وشهداء، صراع مع الأشرار والمجرمون، لايزال يجري على أطراف المدينة الصامدة، بتغطية مبطنة لانتقادات سياسية وتكتيكية كردية – كردية، وصمت حول الاستراتيجيات المتضاربة، وربما لأول مرة، البعض المخالف من الكردي يقبل الأخر دون عرض الأسئلة الشكوكية والنقاشات السفسطائية، مثل من المذنب؟ حيث السكوت أمام شبح المجازر الأثنية، وعداوة السلطة والمنظمات التكفيرية وفرح الأعداء وصمت القوى الكبرى وعلى راسها أمريكا، الصمت الذي يستمر ومنذ سنوات أربع، مع خطوط حمر عديدة تمزقت وأزيلت ألوانها، وغيبت فيها القضية السورية عامة، وبينها القضية الكردية. 
   لم يعرف السيد باراك أوباما خطاً أحمراً أكثر وضوحا من الفاصل بين طائرات الحلف الأمريكي والقصر الجمهوري لبشار الأسد، فالقضية واضحة، بدون تحليل أو شرح، معروفة أسباب عدم سقوط قذائف الحلف المتكون على جغرافية السلطة، والاتفاق الدولي المسبق بين طرفي التضاد في الصراع السوري، واضح معالمه لكل متمعن، وللسبب نفسه، وبناءً على الاتفاقية ذاتها، توجهت البارجة الروسية، لترسي قريبة على شواطئ سوريا، للاطمئنان على سلامة السلطة. 
  لم يتطرق إلى هذه التغريبة السياسية وسائل الإعلام العالمية، والذين يتعرضون إليها مجموعة من المعارضة السورية، وهم بدورهم يبرزونها بانتهازية فاضحة، بتشويه لمفاهيم الثورة والذين يدافعون عنها، ومعظمهم من الذين اندرجوا ضمن الثورة كمعارضة مشبوهة لهم غايات ذاتية، منهم لدعم السلطة بشكل غير مباشر، ومنهم من يتكالب على السلطة، وهؤلاء اغلبهم من التيارات الإسلامية المتطرفة الذين لا يعرفون منطقا إلا الاستبداد الديني-القومي المنتشر حديثا بين المجتمع الإسلامي، فكان بينهم من أبدى حسرات وأسقط دموع على دولة الخلافة، وعلى شخص البغدادي. 
  ولم يظهر حتى اللحظة، رد فعل مناسب من المعارضة الحقيقية ضد هذه الشريحة الانتهازية والمنافقة، التي لم تتوانى ومنذ بداية الثورة على رفع شعار ضد التدخل الخارجي، وعارضوها اكثر من معارضة النظام، رغم إدراكهم التام بانها اقصر الطرق التي ستؤدي إلى إسقاط سلطة الأسد، ومعظمهم يرفضونها اليوم بمطلقه ضد المنظمات الإرهابية، وتحت حجج مبهمة، أوضحها، شراسة الغرب ضد الأرض الإسلامية، إلى أن اصبحنا نقرأ سطور بعد الحملة الجارية ضد منظمة داعش والنصرة،  تقول بأنها حروب صليبية تظهر من جديد ضد العالم الإسلامي، ولو ظهر صلاح الدين ثانية وشاهد مجازر داعش وشرور التيارات الظلامية وبشاعة السلطة السورية وما آلت إليه الدول الإسلامية لشد مع صليبيي اليوم، ضد هذا الفساد الديني التكفيري. 
   ونحن هنا ولا شك لا نتحدث عن معارضة الداخل (معارضة السلطة للسلطة) هيئة التنسيق والتي تنجرف مع أبعاد السلطة وقراراتها، ولو كانت تنسقها بأغلفة مغايرة، بل نتحدث عن تلك المعارضة التي تجد ذاتها المسؤولة عن الثورة، وتطالب بتغيير السلطة وليس أسقاط النظام، فهذا الشعار الأخير،  هم أكثر الناس ضدها، لأنهم من ضمن هذا النظام الفاسد الذي  يجب أن تسقط، وستؤدي نجاح الثورة في القادم من الزمن إلى إزالتهم، حتى ولو طال الزمن، فللثورات عمر، قبل بلوغ الغاية والهدف، والسورية منها ليست باستثناء، رغم كل الفساد والمنافقون المارون على صفحتها، ويبقى السؤال محيرا، هل نجاح الثورات تستحق كل هذه التضحيات؟ 
 داعش منظمة مرتبطة بالنظام وتخدمها، وهي من القذارات التي خلقتها لتشويه الثورة، والمجتمع، والدين في بعضه، والإثباتات تجاوزت كل الشكوك، ولا شك إنها مجموعات تخدم أجندات دول أخرى مع هذه، إما للتغطية على الخدمة الرئيسة لها، وإما لظروف تفرضها ولا بد لاستمراريتها، كما تفعلها مع تركيا، وعلاقاتهما المتبادلة مع دول الخليج السنية، السرية والعلنية، وبالطريقة نفسها تركيا تخدمها وتقدم مساعدات لوجستية لها، لضرب الكرد وأبعادهم القومية. 
 وما يحدث في كوباني وجنوب قامشلو وفي الحسكة وعفرين، تندرج ضمن هذه الخدمات المتبادلة، وعلى الأغلب أن أمريكا والدول المساندة لها تدرك هذه الحقائق، مع ذلك تغاضت مؤقتاً أو بشكل دائم عن رفض تركيا الانضمام إلى الحلف المتكون ضد داعش، علما إنها تعرف بأن وجود هذه المنظمة و أخواتها وباءً عليها وعلى الدول الأوروبية، ومن عدم الحكمة وبمنطق الأمريكيين ذاتهم، أن يتهاونوا عن رؤية الانتماء الحقيقي والرئيسي لداعش والمنظمات المرافقة لها، ويدركون أن عملية القضاء على داعش لن يكون وسوف لن يتم إلا بالقضاء على السلطات الشمولية، المنبع الذي يستمدون منه قوتهم واستمراريتهم، وعليه فلا يمكن التغاضي عن سلطة الأسد تعبث بالوطن، بكل الطرق، وترسم تكتيكا يصرف عليه المليارات للقضاء على أطراف من المنظمة، وترك أطراف أخرى كالتي تخدم مصالح تركيا من جهة والسلطة السورية من جهة أخرى، وبهذه الطريقة تكون أمريكا قد صرفت المليارات وبقي الوباء كما هو عليه، تهاجم الأقليات والإثنيات الدينية، وأكبر مثال على ذلك ، هجماتها التي لم تنقطع على كوباني وجنوب قامشلو رغم الضربات الجوية التي شملت الكثير من جغرافية هذه المنظمة، ولم تشمل حتى اللحظة ما تهم تركيا والسلطة السورية، ولا تزال المنطقة الكردية والعديد من المناطق الرئيسة الأخرى من سوريا والمسيطرة عليها داعش بشار وإيران وتركيا ودول الخليج، وربما البعض سيتحير كيف يمكن أن تكون منظمة سنية الشكل في خدمة هؤلاء المتصارعين جميعا معا، ولكن هذه هي الحقيقة، من حيث الواقع والخفايا التي كانت غير مبانه حتى قبل شهور. 
 المنظمة لن تقضى عليها إلا بتجفيف منابعها الفكرية الصادرة من العالم الإسلامي المتطرف بشكل خاص، وعلى رأسهم السعودية ودول الخليج، ولن تحجم مجازرها وخطرها عن العالم إلا بإزالة خالقيهم ومشرفيهم من على الساحة وعلى رأسهم السلطة السورية الشمولية وأئمة ولاية الفقيه، ولن تقطع دابرهم وتنشف مصباتهم إلا بتحجيم مداخل الإسناد والدعم وعلى رأسهم الحكومة التركية الإسلامية الحالمة بالخلافة العثمانية. 
د. محمود عباس 
الولايات المتحدة الأمريكية 






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=18084