البيشمركة يصنعون تاريخ الكورد
التاريخ: الخميس 07 اب 2014
الموضوع: اخبار



 إبراهيم اليوسف  

  يبدو أن مخطط غزو ما يسمى ب" تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش) لمنطقة "شنكال" التي يقيم فيها أهلنا الإيزيديون كان له أكثر من بعد، بالإضافة إلى أن قيامه بمحاولة احتلال آبار النفط في منطقة" زمار" ضمن مخططه في وضع -اليد- على منابع النفط، من أجل امتلاك مقدرات منطقة الشرق الأوسط- بشكل كامل- وفق الوهم الذي تأسس عليه، وإن كان تأسيسه- في الأصل- يخدم مخطط سادته الذين توجهه أصابعهم المتوارية المعروفة، سواء أكان ذلك على نحو إقليمي، أو إسلامي، أو دولي.
   وحقيقة، فإن أهلنا الإيزيديين في شنكال تعرضوا لعدد هائل من "الفرمانات"، أي المجازر التي جاءت في إطار استهداف هويتهم وديانتهم، وقد بلغ عددها اثنين وسبعين فرماناً،


وقد اعتبرنا أن موجة تهجير الإيزيديين، بسبب التضييق عليهم، في وطنهم، من قبل آلة العنف والاستبداد، منذ سبعينيات القرن الماضي، بمثابة الفرمان الثالث والسبعين، لنكون أمام الفرمان الرابع والسبعين الذي تم على أيدي (داعش) الذي تتحدث الأنباء الواردة عن إعدامه للعشرات من أبنائه الذين رفضوا إعلان الولاء له، وتغيير دينهم التاريخي، الذي يعد امتداداً لديانة كوردية عريقة، هي أول ديانية توحيدية في التاريخ كما أشرت إلى ذلك في دراسة خاصة قبل حوالي عشرين سنة.
   ثمة مخطط كبير للمنطقة، له أهدافه القريبة والبعيدة، وله أدواته وبيادقه الذين ينفذونه، وهو في بعده التكتيكي لا يخرج عن إطار ما يسعى النظام الإيراني إليه من فرض أذرعته الأخطبوطية، وهو سعي ظهر إلى العلن بعد أن وجد نظام إيران أن ما فرضه على طاولة الحوار العالمي في ما يتعلق بضرورة صون وحماية النظام السوري، إنما تحقق، ما دعاه إلى أن يستزيد في مواصلة مهمته، ومن البديهي أن تخوفه من الكورد يأتي في رأس قائمة النظام الإيراني، وكان لابد من فتح الطريق، واعتبار شنكال معبراً مهماً ضمن مخططه، وهوما تسكت عنه الدول العملاقة التي تراقب الدور الداعشي، ولا تتدخل، إن لم تكن هناك مؤسسات تابعة له، وراء تغذية داعش، وهوما أرجحه بشكل شخصي عبر قراءاتي، بمعنى أن كل ما يتم في منطقتنا ليس إلا تحصيل حاصل، من أجل الحفاظ على مصالح بعض الدول الكبرى في منطقتنا.  
  ما يؤلمني أن المثقف الكوردي الذي لم يستطع ممارسة طوره الطليعي، على امتداد ثلاث سنوات ونيف من عمرالثورة السورية، وظل إلا قلة قليلة، إما في قوقعة صمته، أو يعيد صياغة أطروحات السياسي، من دون أن ينقدها، بل يقبل أن يؤدي دوراً ببغاوياً، مطالب الآن أن يقول" كلمته" في مواجهة مايتم، لأنه ليس عبارة عن "مزحة" بل إن هناك مخططاً لابتلاع أخضرنا، ويابسنا، ومن بين ما هو مطلوب منه، وأد خطاب الفتنة، وتشويه صورة الكوردي- زوراً- من قبل الكوردي، هذا المنهج الذي يتبع من ضمن سياسات فرض الذات، وإقصاء الآخر، وكأن تحرير الأوطان هو عبارة عن نزهة دموية قصيرة المدى، ولابد من تطويبها بدمغة "أيديولوجية" أو "حزبية"، وهو عقل كارثي ابتلينا بتعبات سوءات ما يقدمه، لاسيما منذ بداية الثورة السورية، ما جعلنا نخسر ليس جزءاً من علاقاتنا- كمثقفين كورد- بل تم تقسيم الشارع، وإخضاعه لثقافة دخيلة عليه. رغم عنصر الغدر- ولا أقول المباغتة- الذي قام به داعش، وهو يواجه أهلنا الإيزيديين، إلا أن بيشمركتنا البواسل الذين تدربوا في مدرسة البارزاني الأكاديمية، البادئون بصناعة تاريخنا الكوردي، استطاعوا أن يواجهوا هؤلاء الغاشمين، وأن يذودوا عن كرامة أهلهم، وألا يقبلوا أن تكون المرأة الكوردية مجرد سبي، بين أيدي هؤلاء المجرمين الذين فطموا على دماء الأبرياء، باعتبارهم، شذاذاً، جوابي آفاق، منبوذين، ظلاميين، مأجورين، مجردين من كل حس إنساني.
   بيشمركة إقليم كوردستان هم أنموذج رفيع عن حماية الكوردستانيين- جميعاً- ولهذا فإننا نجد كيف أن مئات الآلاف من المكونات الكوردستانية لجأت إلى الإقليم، واتخذته قبلتها، ووجهتها، وملاذها، ووطنها الدائم، رغم أننا نجد أن أعداء التجربة الكوردستانية  لايريدون لها الاستمرار، ويحاربونها بكل حقدهم، وعبركل أدواتهم..!  
  وهنا، فإنه ليلفت نظري أمر جد مهم، وهو أن الإعلام الكوردستاني مطالب بأن يكون في مستوى ما يحدث، لاسيما أن أية محاولة من قبل أي طرف كوردي لتشويه صورة الآخر، إنما هي محاولة لتشويه صورة الذات، بل إن أية محاولة لاعتبار البطولة وقفاً على طرف دون آخر، إنما يدخل في إطار المخطط الذي ينفذه داعش ميدانياً، وبكل وحشية، ولذلك، فإن اختلافات وجهات نظرنا يجب ألا تقود إلى تضخيمها، وقد أبهجتني إحدى الفضائيات الكوردستانية، قبل أيام، وهي تعرض حتى آراء مدسوسة، ضد توجهاتها الافتراضية، دون أن تسيء إلى الجهة المغرضة، بعكس منبرآخر، في المقابل، فاجأنا حقاً بخطابه التزويري غيراللائق بتضحيات الشهداء الذين يقدمهم من يمثله، ويبدو أن هناك خللاً لابد من تصحيحه. 
  إذ من الضروري أن يتم إسناد مهمة إدارة الوسائل الإعلامية الكوردستانية إلى من لا يعانون من أية أحقاد تجاه أهلهم، بل إلى من يرون رسالتهم الوطنية فوق حزبيتهم.  وإذا كان مثل هذا الكلام، يقال، عن الإعلام، في الحالات اليومية، العادية، أو كما يقال في "فترات السلم" فإن للإعلام لاسيما المرئي منه دوراً جد خطير في زمن الحرب، ويجب أن تتم ممارسته بمسؤولية كاملة، بل أن أية حرب إعلامية كوردية/كوردية، هي مسيئة لمن يمارسها، قبل من تستهدفه، وهوما يجب أن ننتبه إليه، ونحن نمر في أخطر مرحلة في تاريخنا الكوردي، ونحتاج إلى لم الجهود، لابعثرتها، إلى الوفاق لا الشقاق، لأن أمامنا عدو واحد لن يرحمنا جميعاً في نهاية المطاف.






أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=17807