استقالة الإبراهيمي والنفق المسدود للأزمة السورية
التاريخ: الأحد 25 ايار 2014
الموضوع: اخبار



فؤاد عليكو

بالتأكيد لم تأتي استقالة الإبراهيمي من فراغ وهو الدبلوماسي المخضرم في السياسة الدولية ويشهد له بالنفس الطويل والدبلوماسية الهادئة وحل العديد من القضايا الدولية المعقدة، ولا نعتقد بأنه قد قصر في أداء واجبه المهني كوسيط لا بل كان من مصلحته أن ينهي مشواره الدبلوماسي  الطويل بإيجاد مخرج للأزمة السورية ويضع حداً لحقن الدماء والدكتاتورية في سوريا بآن واحد، لكن تعقيدات الأزمة وتشعباتها الإقليمية والدولية حالت دون ذلك، على الرغم من أن الطريق كان ممهداً له من خلال المبعوث السابق للأمم المتحدة كوفي عنان والذي لا يقل كفاءة عن الإبراهيمي وعالماً بدهاليز السياسة الدولية من خلال تبوئه رأس الدبلوماسية الدولية (الأمم المتحدة) طيلة ثمانية أعوام


 وقد توج جهوده بتوقيع اتفاقية جنيف1 في 30/6/2012م والتي كانت تعتبر القاعدة الأساسية لتحرك الإبراهيمي، وبعد جولات مكوكية لمختلف الدول المعنية بالأزمة السورية وأطراف الصراع تخللتها فترات سبات متقطعة بين حين وآخر استخدم النظام خلالها السلاح الكيميائي ضد الشعب السوري في عدة مناطق سورية عدا عن استخدامه لكل الأسلحة الفتاكة الموجودة بحوزته من طائرات وصواريخ وبراميل متفجرة .... إلخ، ولم يحرك المجتمع الدولي ساكناً إلا طلب نزع السلاح الكيميائي بعد التهديد العسكري الأمريكي المباشر وتم تلبية الطلب الأمريكي وقيد الجريمة أو الجرائم المرتكبة ضد مجهول ، وهذا ما يؤكد تواطئ المجتمع الدولي تجاه الأزمة السورية وتوجيه دفة الصراع لصالح النظام، تحت عناوين وذرائع واهية (خطر الإرهاب) وكأن لسان حالهم يقول لن نتدخل لصالح المعارضة ضد النظام مهما كان بشاعة قمعه وتدميره.

ويبدو أن الإبراهيمي قد خضع بالوعود الروسية - الأمريكية من خلال تشجيعه بالدعوة لعقد جنيف2 والإيحاء للعالم أجمع بأن هناك تفاهماً مشتركاً بين القطبين مطبوخاً تحت الطاولة وأنهما سوف يتدخلان في اللحظة المناسبة لطرح مشروعهم للحل على المفاوضين، خاصة إذا تذكرنا الضغط الأمريكي الكبير الذي مارسه على الائتلاف الوطني وتهديدهم للائتلاف بأن جنيف2 سيعقد معهم أو بدونهم ومن يتخلف عن الحضور سيتحمل مسؤوليته وسيصبح خارج الحلبة السياسية السورية وكأن لسان حالهم يقول بأن الاتفاق على حل الأزمة جاهز، مما تسبب هذا الموقف الأمريكي الضاغط إلى انقسام حاد في صفوف المعارضة سياسياً وعسكرياً بين مؤيد للحضور ومعارض له لم يندمل جروحه بعد، واستغل النظام هذا الانقسام في صفوف المقاومة للقيام بتكثيف هجومه العسكري في مناطق استراتيجية حساسة كالقلمون وريف دمشق وحمص وبنتيجتها خسرت المعارضة هذه المناطق عسكرياً مما دفع بالكثير من المراقبين بأن هناك تساهلا دوليا مع النظام من أجل حشر المعارضة في زاوية ضيقة ترغمها على قبول الحل الروسي - الإيراني والتي تتلخص بحكومة وحدة وطنية  وتحت عباءة النظام على غرار ما حصل مع قدري جميل وعلي حيدر لا أكثر، خاصة وأن الإبراهيمي لم يزد شيئاً على مشروع كوفي عنان بقدر ما كان محاولة منه لوضع النقاط الست لعنان موضع التنفيذ العملي من خلال وضع الآليات اللازمة عبر جنيف2 وكان رهانه الأساسي على التفاهم الروسي/الأمريكي كبيراً إلا أنه شعر بالإحباط خلال اجتماعه معهما و لوحظ بعدم وجود أي تصور مشترك لهما، عندها اجتمع بالأطراف المتفاوضة وأخبرهم بأن الجلسات قد تأجلت إلى أجل غير مسمى رغم الطلب الروسي/الأمريكي لتحديد موعد آخر لاستئناف الجلسات إلا أنه رفض ذلك ولمح حينها بالاستقالة  كنوع من التهديد على أمل أن يبحث القوتان المؤثرتان عن مخرج للأزمة فيما بعد، لكن وبعد مضي أكثر من ثلاثة على إنهاء الجلسات لم يتغير شيء في الموقف الدولي لا بل تراجع الاهتمام بالملف السوري خاصة بعد دخول الأزمة الأوكرانية على خط الصراع  الروسي/الأوربي الأمريكي ورد فعل بوتين السريع في احتلال جزيرة القرم من خلال فبركة الاستفتاء ودخول الجيش الروسي الى الجزيرة والتهديد باجتياح المناطق الشرقية من أوكرانيا عسكرياً إذا استمر الغرب بفرض عقوبات اقتصادية على روسيا مستغلاً موقف أوباما المتردد إزاء الأزمات الدولية (لنا حديث في المستقبل عن ذلك)، وبالتالي لم يبق أمام الإبراهيمي أية فرصة للنجاح فكانت الاستقالة الحل الأمثل له كي لا يبقى شريكاً في الدم السوري المراق يومياً إلى ما لانهاية وسط صمت دولي مريب. ولو كان هناك بصيص أمل لتقدم عملية السلام لما استقال، لذلك جاءت الاستقالة كرسالة قوية على فشل المجتمع الدولي في الوقوف في وجه هذا النظام الذي يمارس سياسة التدمير والإبادة بحق الشعب السوري وبدعم روسي /يراني مباشر، مما دفع بالسعودية ودول صديقة أخرى إلى توجيه اللوم إلى أمريكا والأوربيين لعدم وقوفهم الى جانب الثورة السورية بشكل جدي مما دفع بالرئيس الأمريكي الى زيارة السعودية وتأكيده بأن أمريكا لن تتخلى عن أصدقاءها تلا ذلك توجيه دعوة لقيادة الائتلاف لزيارة أمريكا لعدة أيام والاجتماع مع الرئيس الأمريكي والطاقم القيادي في البيت الأبيض بالإضافة الى الشخصيات المؤثرة على القرار الأمريكي ومنح الصفة الممثلية الرسمية لمكتب الائتلاف في واشنطن مع تقديم مساعدات كبيرة للثورة، لم يعرف بعد، هل تشمل هذه المساعدات العسكرية أيضاً؟... ثم أعقب ذلك اجتماع للمجموعة 11 لأصدقاء سورية المؤثرين في لندن في 14/5 2014 كل ذلك مؤشرات إيجابية على تغيير ما في السياسة الأمريكية قد تنعكس إيجابياً على أداء المعارضة، وتكون بمثابة رسالة قوية الى روسيا بسبب تعنتها في أوكرانيا وسوريا مفادها بأن الغرب سوف يتحرك بمعزل عن الأمم المتحدة تجاه هاتين الأزمتين، مما قد يدفع بروسيا الى تليين موقفها ومن ثم البحث جدياً على مخرج للأزمة السورية وتنفيذ بنود جنيف1 كما هو منصوص دون تفسيرات مواربة والتي تصب جميعها لمصلحة النظام، فهل جاءت استقالة الإبراهيمي بمثابة جرس إنذار للمجتمع الدولي بضرورة البحث عن حل للأزمة او دخول المنطقة برمتها إلى المجهول، هذا ما ستوضحه الأيام والشهور القادمة.







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=17513