سوريا.... بوادر حل سياسي وإعادة تموضع
التاريخ: الأحد 02 شباط 2014
الموضوع: اخبار



  دلدار قامشلوكي

منذ بدء الاحتجاجات قي سوريا واصرار النظام على الخيار الأمني – العسكري، وممارسته أفظع الأساليب – في قمع المتظاهرين والمعارضين السوريين، بلغت - كما تؤكدها وثائق منظمات حقوق الإنسان - مستويات عالية من جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية، فتحولت سوريا إلى مسرح للعمليات العسكرية، واشتدت التدخلات الإقليمية في الوضع الداخلي تحت أنظار المجتمع الدولي الذي كان يعمد إلى إدارة الصراع، ويبتغي من تسعير القتال، وازدياد الاستقطاب الطائفي في سوريا ليعكس استقطاباً على المستوى الإقليمي، رسم المستقبل السياسي لسوريا وإعادة تقسيم مناطق النفوذ، ورسم خارطة المنطقة برمتها استناداً لتلك الاستقطابات،


فقد تميزت المرحلة التالية للحراك السلمي بإزدياد تدخل الدول الإقليمية في مجريات الأحداث، وزيادة نفوذها وتأثيرها في طرفي الصراع (السلطة والمعارضة) كنتيجة لحاجة كل طرف منهما إلى مزيد من الدعم بكل أوجهه في معركة لي الأذرع، وصراع الإرادات، والقتال المستميت من أجل الصمود والبقاء، بعد أن اتخذت الأحداث منحى البقاء أو الفناء بالنسبة لكل منهما، فقد قامت الكثير من هذه الدول بتزويد أحد طرفي النزاع بالأسلحة والمعدات الحربية بشكل مباشر أو غير مباشر، وتقديم الدعم المادي والمعنوي، فضلاً عن قيامها بزج الجماعات الطائفية المتشددة لتحارب في سوريا سواء مع النظام أو ضده، ولتقوم هذه الجماعات بأفظع الجرائم باسم الدفاع المشروع عن المقدسات، وعن الطائفة، وعن إخوة الدين ........الخ.
بعد اتفاق القوى العظمى (5+1) مع إيران بشأن ملفها النووي، وما تلاه من تفعيل الاتفاق الأمريكي – الروسي السابق (جنيف واحد) القاضي بضرورة جر المتخاصمين للجلوس على طاولة المفاوضات عبر (جنيف اثنان) بغية ايجاد حل سياسي يحفظ مصالح جميع القوى، ويبحث في آليات إيقاف العنف والقتال، أنتج حدوث تيارين داخل الإئتلاف السوري المعارض على خلفية الموقف من مؤتمر جنيف، وانسحاب الكثير من أعضائه منه، وطلب الدول العظمى من كل "المقاتلين الأجانب" مغادرة سوريا، مما يستدعي بالضرورة وقف دعم التيارات المتشددة، ووضع حد لعبور الإرهابيين إلى داخل سوريا ليتم في نهاية المطاف تشكيل تحالف داخلي سوري بدعم دولي لمحاربة الإرهاب، طرات تبدلات لافته على سلوك ومواقف العديد من القوى الفاعلة في الوضع السوري الداخلي، تظهر ملامحها من بوادر انقسام "الحلف السني" الذي ضم سابقاً تيارين متعارضين (التيار الإسلامي - العروبي، والتيار السلفي – الجهادي) إلى تكتلين على خلفية تطورات "الربيع العربي" وتداعياته في أكثر من مكان، ويبدو ذلك جلياً من انهيار التوافق السعودي – القطري حول الوضع السوري والمصري، والمعارك التي جرت مؤخراً بين الجيش الحر وداعش في أكثر من مكان، وما شهدته الأيام الماضية من مناوشات بين القوات العسكرية التركية وداعش عبر الحدود السورية – التركية، وقصف الطائرات التركية لبعض مواقع الأخيرة وقوافلها العسكرية داخل الأراضي السورية كبوادر لانتهاء "شهر العسل" بينهما، ترافقاً مع كشف فضائح الفساد في أعلى هرم السلطة التركية مع اقتراب موعد إجراء انتخاباتها البرلمانية، وما سربته بعض وسائل الإعلام منذ مدة – بعد صفقة السلاح الكيماوي السوري - من طلب حكومي سوري رسمي بتدخل أمريكي عسكري بالتنسيق مع الجيش السوري النظامي لضرب مواقع المليشيات التابعة للقاعدة، ولعل اللافت للنظر كشف مسؤولين في الاستخبارات الاسرائيلية لخارطة تبين أماكن سيطرة داعش وأخواتها وتوزع مجموعاتها داخل سوريا، وكذلك تسريبهم لمعلومات تبين تورط تركيا في إيواء الإرهابيين، والمتطوعين الجهاديين وتجميعهم في مناطق داخل تركيا، ثم عبورهم منها إلى سوريا. كل ذلك مقدمات - على ما يبدو - لاستعدادات تجري خلف الكواليس، وترافقاً مع مفاوضات جنيف، لمعالجة عسكرية - من نوع ما وغير مكلفة – للوضع المتأزم في سوريا (بتفويض من مجلس الأمن، أو بدونه) تحت مبررات مكافحة الإرهاب، درءاً لتداعيات ما قد تسببه مفاوضات جنيف من حدوث انقسام في النظام، وتحسباً لرفض بعض الأطراف أو الجماعات المقاتلة قبول الإلتزام بقرارات جنيف واستحقاقاته، أو انهيار المفاوضات الذي سيزيد من حدة القتال ورقعته ليشمل المحيط الإقليمي، وقد يخرجه من مجال التحكم والسيطرة الذي تميز بها طوال الفترة الماضية.         
يبدو أن العديد من الجهات تتخلى عن (انبهاراتها)، وباتت تراجع شبكة علاقاتها التي نسجتها من مقتضيات صيرورة العسكرة و العنف في سوريا، وحساباتها السياسية حسب مستجدات الأوضاع فيما يمكننا اعتباره إعادة (تموضع جديد للقوى) تحصيناً للذات مما سيفرزه مؤتمر جنيف من نتائج، قد تنهي المرحلة الأساسية من "الحرب بالوكالة" في سوريا – في حال نجاحه، أو بداية لمرحلة جديدة من حرب أشد فتكاً وضراوةً – في حال فشله، وتحسباً للحل السياسي المنشود والمرتقب، ولعل أبرز تلك المراجعات زيارة رئيس وزراء تركيا لإيران بعد أن توترت علاقات الدولتين إلى مستويات شديدة على خلفية مساهمتهما الفعالة والمباشرة في الحرب في سوريا، وما رافقت تلك الزيارة من تصريحات تصب في خانة إعادة ترميم علاقاتهما وتطويرها، والتشاور وتنسيق المواقف مجدداً فيما يخص الوضع السوري كحد أدنى، وإبرام تركيا وإيران لاتفاقات تجارية هامة، وربما أمنية – غير معلنة - فيما يبدو إحياءاً للإتفاقات الأمنية السابقة في مواجهة تطور وضع القضية الكردية في سوريا التي باتت الظروف مهيئة – فيما لو تم حسن استثمارها - لأن تبرز على الساحة المحلية والدولية كقضية أساسية، من غير الممكن تجاهلها أو القفز عليها حين التفكير بإيجاد حل سياسي متوازن للوضع السوري يحقق الاستقرار.
لا بد لنا أن نتساءل هنا هل سيتخلى بعض كردنا عن نجاحاتهم الظاهرية و(انبهاراتهم)؟! هل ستفكر القوى والتيارات الكردية العاملة على الساحة السورية أيضاً بمراجعة حساباتها وشبكة علاقاتها؟؟ هل ستتمكن – بعد اتفاق المتخاصمين وجلوس المتحاربين على طاولة واحدة - من أن تترك جانباً خلافاتها الصغيرة مقارنةً مع الخلافات العميقة الجذور للجهات والدول آنفة الذكر، وإعادة (التموضع) مجدداً بما يخدم القضية الكردية في سوريا التي عنوانها الأبرز – كما تؤكدها فلسفة أحمدي خاني -  اتفاق الكرد ووحدتهم؟؟؟. 
   31/1/2014م  







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=16945