ملامح انحلال الدّولة السورية
التاريخ: الثلاثاء 08 تشرين الاول 2013
الموضوع: اخبار



  كلمة جريدة آزادي *
كتبها صبري رسول
 
لا أودّ الحديث عن انحلال الدَّولة السّورية الآن، لأنَّ مجرد الشّعور بذلك يولّدُ مخاوفَ كثيرةً، والحديث عن سقوط الدولة مؤلمٌ ومرير، فلا أحد يريد إسقاط الدّولة وما لها من مؤسسات، لأنّ ذلك إسقاطٌ للشّعب وإسقاطٌ لإمكانية بناء الدولة السّورية من جديد، وإسقاط النظام ومرتكزاته وتفكيك البنية الأمنية له لا يعني إسقاط الدولة، لأنّ انهيارها ضربٌ موجعٌ للتعايش السّلمي بين مكوّنات الشّعب السّوري المختلفة، القومية والدينية.


النّظام يدفع الأمور بهذا الاتّجاه منذ بداية الأزمة، مستخدماً كلّ الأوراق التي يملكها «إقليمياً وداخلياً» أو تلك التي يتحكّم بها، ولن يتردَّد في تحريكها، وكلّ ورقة في وقتها المناسب، عندما تتهيَّأ الظروف المناسبة لها؛ ومن أهمّ هذه الأوراق ورقة الطّائفية، حيث بدأتْ ملامح الحرب الطّائفية تتوضّح في الأشهر الأخيرة، مع زيادة وتيرة العنف المفرط بحقّ المدنيين، ونجحَ النّظامُ في زرع الكراهية «القومية» بين مكوّنات الشَّعب السّوري، فحرّض العربَ على الكرد، والكرد على العرب، والكراهية الطائفية بين أبناء البلد الواحد، وذلك بتحريك أدواته، مستفيداً من ثلاثة أمورٍ:
عدم توفّر الرؤية الواضحة لشكل النّظام والدّولة، وطبيعة ذلك النّظّام لسوريا المستقبلية، فبات كلّ فصيلٍ يدعو إلى سوريا الجديدة وفق ذهنيتها القومية أو الدينية، فالكرد رفعوا شعار الدولة الاتحادية في مؤتمرهم الثاني تاريخ10/1/2013بينما رؤية الائتلاف تتجه نحو إسقاط النّظام أولاً وثمّ البحث عن حلّ القضية الكردية في الوقت المناسب حسب رسالة معاذ الخطيب إلى المجلس الوطني الكردي، وأما موافقة الائتلاف للوثيقة السياسية بين بينه وبين المجلس الوطني الكردي خطوة إيجابية يمكن البناء عليها.  
 2-انقسامات المعارضة على الأرض، وعدم اتفاقها على برنامج متكامل، حيث تنطلق قراءتها من إرثٍ متراكم في مصنعٍ منغلق، جزءٌ منه يمجّد العروبوية، وجزءٌ آخر يسعى إلى إعادة إنتاج عصور الخلفاء، ولا يتقبّل الآخر.
3-إيقاظ الشّعور الاستعلائي القومي في بعض المناطق، لإحساسهم بأنّهم سيخسرون امتيازاتهم ومكاسبهم لصالح أبناء القومية الأخرى المطالبة بحقوقهم، فبدأ شرخٌ آخر في المجتمع السّوري.
هذه العوامل ساعدت النّظام على فتح ثغرات واسعة في جسم المعارضة، وتغيير اتّجاه السّمت الجغرافي لبعض المتشددين (دينياً وقومياً) وشحْنِهم ضدّ الكرد، منذ دخولهم سري كانية (رأس العين) وهجومهم على المناطق الكردية الأخرى، مما غيّر المزاج العام الكردي نحو الجيش الحرّ، فاختلطت الأوراق، وتاه النّاس عن الاتّجاه الصّحيح.
قد لا نجدُ في التَّاريخِ مثالاً، يوازي ما يقوم به النّظام من التَّدمير المُمَنهج والقتلِ البربري، فلا نجد في صفحات التّاريخ مدينةً تعرّضَت للتدمير الهائل كما يحصل في سوريا، حتى هولاكو كان أكثر رحمة وإنسانية، وبغداد« قديماً وحديثاً» لم تتعرّض للدّمار الذي حصل في المدن السورية.
تقاعسَ المجتمعُ الدّولي عن تلبية مستلزماتٍ إنسانية عاجلة للسوريين، وتقاعسَ عن حماية الشعب السّوري من القتل المنهجي، وأصدقاء سوريا تقاعسوا كذلك، ولم تنظر البشرية المتحضّرة إلى الشّعب السّوري حتى بعين الشّفقة؛ العجزُ المثيرُ للمجتمع الدّولي المتمثل بالأمم المتحدة ومؤسساتها، منحَ ترخيصاً للنّظام ليزجّ بالجيش السّوري في حربٍ تدميرية، وتمادَى في القتل أكثر بعد فشل كل المبادرات، (الجنرال الدّابي، كوفي عنان، الأخضر الإبراهيمي) وشجَّع على استخدام الأسلحة الكيماوية، حتى باتت مناطق عديدة في سوريا الآن مشاعاتٍ تابعة لعدة قواتٍ تسيطر على الأرض، كما ظهرت معارك جانبية بين المعارضات العسكرية، خرجت من مسار الثّورة العامة ضد النّظام، وأصبحت مناطق واسعة مرتعاً للقوى الظلامية، ولم يعد لمؤسسات الدّولة الوظيفة الموكلة لها، سوى أختامٍ في أدراج مغبرة. كثير من تلك المؤسسات فقدت قدرتها على تقديم الخدمات، وإن لم تفقد القدرة فهي رهينة إشاراتٍ معينة حسب سير المعارك، لأنها فقدت السيطرة على الأرض. وقرار مجلس الأمن الأخير حول تفكيك الأسلحة الكيماوية يحقّق المصالح الدولية ولن يحلّ ألأزمة، فما يحدث الآن على الأرض يدفعُ باتّجاه انحلال الدّولة، وانتشار مشاعات مختلفة (سلطات أمر الواقع) لعدة قوات عسكرية غير موحّدة، كلٌّ يسعى إلى مكاسب جانبية مؤقتة في انتظار مجهولٍ قادمٍ.

العدد (454) من جريدة آزادي  التي يصدرها الاعلام المركزي لحزب آزادي الكردي في سوريا

لقراة مواد العدد انقر هنا








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=16323