كأن التاريخ يعيد نفسه
التاريخ: الأحد 15 ايلول 2013
الموضوع: اخبار



علي جعفر

في شباط العام 1963 يصل البعث العراقي إلى سدة الحكم بانقلاب عسكري، ويقوم بارتكاب مجازر ومذابح ضد الوطنيين العراقيين؛ عرباً وكورداً، شيعة وسنة، إيزيديين ومسيحيين. ولكن كان نصيب الشيوعيين العراقيين فيها حصة الأسد. هذا إلى جانب استئناف العمليات العسكرية في حزيران نفس العام ضد الكورد. وتدخل كل من تركيا وإيران بالاتفاق مع الطغمة الحاكمة الجديدة في بغداد على الخط وتحشيد قواتهما على حدود جنوب كوردستان بهدف التدخل والقضاء على الثورة الكردية. وبخلاف القوات التركية والإيرانية، أرسل النظام البعثي السوري، توأم البعث العراقي، كتيبة مشاة مع عتادها من جيشه بقيادة العقيد فهد الشاعر ودخلت بتاريخ 10/6/1963 إلى عمق أراضي جنوب كوردستان، وهاجمت إلى جانب الجيش العراقي الثوار الكورد.


ماذا حصل؟
تحرك السوفيت على عجل، وأوعز إلى حليفتها دولة جمهورية منغوليا لاثارة ( سياسة الإبادة الجماعية إزاء الشعب الكردي في العراق ) على جدول أعمال الأمم المتحدة. وأصدرت الحكومة السوفيتية آنذاك بياناً نددت فيه  بتجدد الأعمال العسكرية في كردستان، وبجرائم النظام ضد الشعب العراقي. وسلم وزير خارجيتها أندريه غروميكو سفراء العراق وإيران وتركيا وسوريا نسخاً من بيان الحكومة السوفياتية، الذي طالبهم فيها بالوقف الفوري لمشاركة قواتهم في الحرب ضد الكورد لأنها تهدد الأمن والسلم في الشرق الأوسط. ليس هذا فحسب، بل حشد السوفيت مئات الآلاف من جنوده على طول حدوده مع كل من إيران وتركيا، رداً على انتشار القوات التركية والإيرانية، وهدد علناً كلاً من تركيا وإيران بغزو أراضيها فيما إذا أقدمت جيوشهما على دخول الأراضي العراقية.
من جهتها تقدمت جمهورية منغوليا الشعبية في 2 تموز 1963 بطلب مناقشة القضية الكوردية في الأمم المتحدة. لكن بعد تدخل واحتجاج كل من: جمال عبد الناصر وتركيا وإيران سُحب (الاقتراح)، - الذي عملياً لم يوضع على جدول مناقشات الأمم المتحدة - وبإيعاز من الاتحاد السوفيتي أيضاً. فيما بعد توضح بأن السوفيت لم يكونوا جادين في تهديداتهم، وأن الأمر  كان تخويف النظام العراقي لوقف مجازره بحق أنصارهم من الشيوعيين العراقيين ليس إلا.
في 21 آب عام 2013 يقوم النظام السوري بضرب شعبه في الغوطتين قرب دمشق العاصمة بالسلاح الكيماوي المحرم دولياً. تطلق الولايات المتحدة الأمريكية تهديداتها بضربة عسكرية للنظام السوري، وترسل بعض قطعات اسطولها البحري إلى مياه البحر الأبيض المتوسط القريبة من سوريا. تتدخل روسيا، وريثة (السوفيت) لانقاذ النظام السوري، وتقدم اقتراحاً بوضع ترسانته الكيماوية تحت المراقبة الدولية، ريثما يتم تدميرها، وتنضم سوريا لمعاهدة حظر السلاح الكيماوي. وتجرى المباحثات بين الولايات المتحدة والروس، ويتوصلون إلى اتفاق. ويتبين بأن أمريكا ليست جادة في تهديداتها للنظام السوري، وأن الأمر لا يتعدى هذه المرة أيضاً إلا مسرحية جديدة، لاعبها هذه المرة الولايات المتحدة الأمريكية لرفع خطر الكيماوي عن حليفتها إسرائيل، الرابح الأكبر من هذه المسرحية.  
من كل ذلك، ماذا نفهم؟ نفهم أن الدول العظمى، رغم تشدقها ليل نهار بقيم الحرية والديمقراطية والمساواة  والعدالة، لا تهمها المأساة الإنسانية الكبرى التي يعيشها الشعب السوري منذ عامين ونصف العام. لا يهمها سقوط أكثر من مائة وعشرين ألف قتيل، جلهم من الأطفال والشيوخ والنساء. لا يهمها تشريد الملايين في الداخل السوري والخارج، والدمار الهائل الذي لحق ويلحق بالبنية التحتية لسورية. لا يهمها سجن مئات الآلاف من السوريين.  
ما يهمها هو أمر واحد فقط؛ مصالحها الآنية والاستراتيجية.
  
المانيا
16/9/2013     







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=16192