حلم المدنية و صراع الطائفية
التاريخ: الثلاثاء 16 تموز 2013
الموضوع: اخبار



  هوزان إبراهيم

بدأت الثورة السورية بشعارات السلمية و الدولة المدنية لإسقاط  نظام البعث و أسرة الأسد و هيمنة القبضة الأمنية , فعمت المظاهرات كافة أنحاء البلاد و شارك السوريون فيها بمئات الآلاف , إلا أنها تحولت شيئاً فشيئاً إلى صراع مسلح  حيث تم تشكيل لواء الضباط الأحرار و من ثم  الجيش السوري الحر من الجنود و الضباط المنشقين عن جيش النظام و ذلك بغرض حماية المتظاهرين السلميين , و من ثم تدفق المتطوعون المدنيون للمشاركة إلى جانب المنشقين في القتال ضد النظام و هنا تحول الجيش الحر من مرحلة الدفاع إلى الهجوم إثر تنامي قوته .


و قد أصر النظام منذ بدء الثورة على القمع الوحشي و ارتكاب المجازر في المناطق ذات الأغلبية السنية و ذلك لتحويل مسار الثورة المطالبة بالحرية إلى صراعٍ طائفي  يهدد المنطقة بأكملها , ليظهر كآخر قلاع العلمانية في المنطقة و السد المنيع في مواجهة التطرف الإسلامي , و مما زاد في تأجيج هذا الصراع هو المشاركة العلنية لمليشيا حزب الله إلى جانب قوات النظام في ضرب معاقل الثوار بحمص و ريفها بحجة حماية المراقد الشيعية , بعدما ما كانت تخفي انخراطها في أي أعمال قتالية مع النظام  فيما مضى .

كل هذه العوامل أدت إلى توفير بيئة خصبة للتطرف الإسلامي على الأراضي السورية و التي باتت نقطة جذبٍ للمتشددين الإسلاميين من كافة أنحاء العالم , بدءاً من جبهة النصرة التي تم الإعلان عن تشكيلها أواخر عام 2011 و سرعان ما تنامت قوتها نتيجة الدعم الهائل الذي كانت تتلقاه من حيث السلاح و العناصر المدربين  لتصبح أقوى المجموعات المقاتلة ضد النظام , و بدأت بتكتيك العمليات التفجيرية و حققت الكثير من الانتصارات لتبسط سيطرتها على جزء كبير من المناطق المحررة , و ظهرت بعض الجماعات السلفية الأخرى كأحرار الشام و التي أعلن قائدها العام عن أن الشكل المثالي الذي يطمحون إليه في سوريا المستقبل ألا و هو الخلافة الإسلامية في أفغانستان , و أيضاً صقور الشام و غيرها التي انضمت إلى جبهة تحرير سوريا الإسلامية  , و من بعدها ظهرت الدولة الإسلامية في العراق و الشام و التي تباينت المواقف حول اندماج جبهة النصرة معها أم لا و من ثم تم الإعلان أن عملهما منفصل و قد وصلوا لدرجة تكفير بعضهم البعض نتيجة الخلاف حول المرجعية و المبايعة .

 و بدأت فصول  فرض الإسلام المتشدد في المناطق المحررة و تطبيق الشريعة عنوةً على المجتمع السوري الذي عرف بتسامحه , و بدأت هذه الجماعات من النصرة و دولة العراق و الشام بالتكشير عن أنيابها لتدمير البنية التحتية للمشروع الوطني المتمثل بالجيش السوري الحر و ذلك بعمليات اغتيالٍ للقادة الوطنيين و كل من يعارض توجههم , مطالبين في بعض المناطق باقي المجموعات بتسليم سلاحها و الانضواء تحت رايتها و حدثت مواجهات عنيفة إثر ذلك , و تكشفت صلات النصرة بالنظام السوري من خلال إمداده بالنفط من مناطق سيطرتها مقابل مبالغ بملايين الدولارات و غيرها في الكثير من الحوادث , و أخيراً و ليس آخراً إعلان حركة طالبان عن انخراطها في الصراع على الأراضي السورية بناءاً على طلبٍ من دولٍ عربية على حد زعمهم , و قد أعلنت أنها قد بدأت دراسة الوضع في سوريا منذ 6 أشهر من خلال ما يسمى خلية رصد الجهاد , و سيبدأ مقاتلوها بالتوافد لمحاربة المد الشيعي و إعلان الخلافة الإسلامية الراشدة على أرض الشام .
و المعطيات تشير إلى إطالة أمد الصراع و ذلك من خلال لعبة الشد و الجذب من الدول الداعمة بالنسبة للتسليح , إضافة إلى تبديد جهود الجيش الحر بين محاربة النظام و الجماعات المتشددة في آنٍ واحد من حيث وقوعه تحت ضغوطٍ دولية لمحاربة المتشددين أولاً كشرطٍ لازم للحصول على السلاح لمواجهة النظام , كل هذا يؤدي إلى  أن سوريا ماضيةٌ في طريق لا رجعة فيه من تفكك في بنية نسيجها المجتمعي نتيجة الصراعات الحاصلة و التي هي عبارة عن حرب عالمية تدار بالوكالة على أرضها , و أكثر الخاسرين هو   الشعب من خلال 100 ألف شهيد و ضعفهم من الجرحى و المعتقلين و ملايين النازحين بين الداخل و الخارج و تدمير عشرات البلدات و المدن , و تبدد حلم الدولة المدنية الذي كان أساساً في قيام الثورة لصالح مستقبلٍ غامض لا يستثنى منه أي احتمال .







أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=15913