مؤتمر جنيف الثاني بين النجاح والفشل
التاريخ: الثلاثاء 21 ايار 2013
الموضوع: اخبار



  نالين قنبر

اتفقت واشنطن – موسكو على استئناف عملية مؤتمر جنيف الذي عقد في 30/ حزيران / 2012 في سويسرا، ورد في وثيقته قبل سنة تقريبا الانتقال السياسي للسلطة في سوريا وذلك بتشكيل حكومة انتقالية تتمتع بصلاحيات تنفيذية، وتعين ممثلين من المعارضة السورية والنظام معا، اضافة الى نقاط اخرى تتعلق بوقف اطلاق النار من قبل الاطراف المتصارعة، اطلاق سراح المعتقلين، وصول  الامدادات الانسانية الى الداخل السوري، تخصيص موارد مالية لاعمار البلاد....


 اكد كوفي عنان المبعوث الاممي العربي الى سوريا في كلمته اثناء افتتاح جلسة مؤتمر جنيف الاول على، ان الازمة السورية تفاقمت، قد تشمل المنطقة، ويفجر ازمة دولية اذا لم نتوصل لحل. ودعا اللاعبين الدوليين للتقارب والاتفاق حول كيفية الخروج من الازمة السورية. بعد حوالي سنة تتفق واشنطن – موسكو على اسئتناف عمل مؤتمر جنيف، ويبذل الآن كثير من الجهود في المشاورات والمباحثات الدولية والاقليمية  لإنجاح هذا المؤتمر المنتظر تحت شعار الحل التفاوضي السياسي بين قوى المعارضة والنظام.

السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا يتم استئناف عملية مؤتمر جنيف الاول رغم عدم تنفيذ بنود وثيقته من قبل اي طرف؟ هل سيشهد المؤتمر المنتظر ولادة صحية؟ ما هي دواعي هذا الاتفاق بين  القوى الدولية؟ هل سيعقد المؤتمر في موعده المحدد؟ ... الكثير من هذه التساؤلات مطروحة.
للاجابة عن هذه التساؤلات لا بد من العودة الى نقطة البداية، اي الى وثيقة جنيف ونقاطها الستة - وقد جئنا على ذكرها هنا- هذه الوثيقة كانت ناقصة لا تحدد شكل النظام الذي تتبناها وتراها مناسبا للشعب السوري، كما افتقرت وتجاهلت اعطاء ضمانات لمكونات المجتمع السوري، خاصة الكورد والمسيحيين والدوروز .... اي كانت مجرد وثيقة لترطيب الاجواء بين المعارضة والنظام بعيدا عن انصاف الشعب السوري بكافة مكوناته الوطنية فيما يستحقه، بعد الدمار الذي يعيشه يوميا في سبيل العيش الكريم ضمن دولة ديمقراطية تعددية. ومن جانب آخر، كان النظام والمعارضة على ثقة بحسم المعركة عسكريا على ارض الواقع ولم يتحقق ذلك،  النظام لم يتمكن من تحقيق الانتصار على المجموعات المسلحة – الجيش الحر- وبالتالي هذه المجموعات هي الأخرى لم تتمكن من اسقاط النظام، هذا ما دفع الطرفين الى استنزاف طاقاتهما البشرية والمادية دون الحاق الهزيمة او تحقيق النصر. اضافة الى امر هام وهو ترك دور بشار الاسد مغلقا وغير واضح في الوثيقة، مما دفعت  بقوى المعارضة لرفض الحوار او التفاوض بوجود الاسد كرئيس للبلاد. كما ارادت بعض الدول: اقليمية ودولية في تصعيد العنف في سوريا لإضعاف النظام والمعارضة معا، كي تتمكن من فرض شروطها لضمان مصالحها كما تريد، والسبب الاهم انقسام المعارضة وفقدان مصداقيتها في كثير من الاوقات، وعدم وقف الدعم الشامل من قبل المحور الروسي- الايراني لنظام بشار الاسد.
يستمر النظام السوري بعد مرور حوالي سنة على مؤتمر جنيف في ممارسة القمع باستخدام الادوات والاساليب المتعددة بدءا من الاعتقالات انتهاء باستخدام الاسلحة الثقيلة واستخدام الغاز الكيماوي في سبيل المحافظة على تماسكه بالسيادة الوطنية، وقوى المعارضة لم تتمكن من تجاوز حالتها في الانقسام، وعدم لعب الدور المطلوب منها، ولم يتمكن الجيش الحر من سد الطريق امام المجموعات المتطرفة التي تلحق الضرر بالثورة جراء ابتعادها عن مهامها الوطنية. ولكن اهم ما يبرز على ارض الواقع هو مقاومة  مجموعات مسلحة ملتزمة بالدفاع عن الشعب السوري بمختلف اطيافه الوطنية، وتقوم بواجباتها القتالية وتقدم تضحيات ثمينة في سبيل التحرر من النظام الاستبدادي في البلاد.
ان واشنطن – موسكو وحلفاؤهما، توصلوا الى اتفاق حول عقد مؤتمر دولي (جنيف الثاني)، من اجل ان يفرض كل طرف مصالحه على الطرف الآخر، اضافة الى تجاوز المأزق الذي تعيشه هذه الدول وبعض الدول الاقليمية أمام الرأي العام، فواشنطن صرحت أن استخدام السلاح الكيماوي هو خط احمر، ووعدت بتسليح المعارضة. ورسيا في موقف حرج فهي متهمة بشراكتها مع نظام الاسد، وكذلك ايران اصبحت جادة في مخاوفها، لذا الجميع يريدون اللعب على عامل الزمن حتى يتمكنوا من تهيئة اوضاعهم بما يخدم مصالحهم في المنطقة. اي كانت الغايات والرغبات في عقد هذا المؤتمر، لا بد من بعض الخطوات لتحقيق النجاح فيه: أولا اعادة النظر في وثيقة جنيف الاولى، خاصة تحديد شكل النظام الذي ستسعى اليه الحكومة الانتقالية المرتقبة في سوريا، والشكل الانسب يكون في نظام ديمقراطي تعددي في البلاد، اضافة الى اعطاء ضمانات واضحة وشفافة للقوميات والاقليات الاخرى في المجتمع السوري، خاصة حق الشعب الكوردي في ادارة اقليمهم ضمن دولة فيدرالية تعددية. العمل على توحيد المجموعات المسلحة التي تقاتل على ارض الواقع وتحويلها الى جيش وطني ملتزم بمشروع سياسي واضح يهدف الى بناء نظام ديمقراطي تعددي في البلاد، ويحمل مسؤولية الدفاع عن الشعب السوري بمختلف مكوناته الوطنية ضد الظلم والاستبداد، وحماية الثروات والمقدرات الوطنية من السلب والنهب.
العوائق التي قد تعرقل مجريات المؤتمر الدولي المنتظر – جنيف 2- هي الاختلافات في الرأي، فالنظام لا يقبل التفاوض على السيادة الوطنية ويعتبر وجود بشار الاسد كرئيس منتخب في البلاد جزءا من السيادة الوطنية، وقسم من المعارضة ترفض الحوار بوجود الاسد. اضافة الى احتمال عدم التزام الجيش الحر الذي يقاتل على ارض الواقع  بالقرارات التي ستتخذ مالم يكن هناك حل سياسي حقيقي يضمن حقن دماء السوريين ، فمظاهر العنف وصلت الى التوحش، تجاوزت كل الاعراف وتقاليد الحروب في المجتمعات الانسانية. ان توفرت شروط حل سياسي حقيقي، من خلال إعادة النظر في وثيقة مؤتمر جنيف الاول سيكون مؤتمر جنيف الثاني خطوة تمهيدية لتجاوز الازمة السورية، ولكن حتى هذه اللحظة لا يُعرف تماما مغزى صفقة واشنطن – موسكو الذي ادى لاتفاقهما على عقد مؤتمر دولي حول الازمة السورية، مما يجعل التكهن بفشله او نجاحه قابلا للمتابعة ومفتوحا على احتمالات قريبة وبعيدة المدى.  
15/ 5/2013








أتى هذا المقال من Welatê Me
http://www.welateme.net/erebi

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.welateme.net/erebi/modules.php?name=News&file=article&sid=15575